كيف يتم بناء السدود؟ وكيف تمنع تسريب الماء بعد 100 عام من إنشائها؟

4 دقيقة
كيف يتم بناء السدود؟ وكيف تمنع تسريب الماء بعد 100 عام من إنشائها؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ namtipStudio

تعتبر السدود من أهم النقلات النوعية التي ساهمت في تقدم الحضارة البشرية، فمن خلالها استطاع الإنسان أن يطوع الأنهار والينابيع لإعلاء منسوبها أو اختزان المياه للفصول الجافة، وكل هذه الأمور لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا مع استخدام تقنيات متطورة، إذ يصل طول بعض السدود الكبرى لمئات الأمتار. لكن كيف تُبنى هذه السدود؟ وكيف يتم منع تسريب الماء من خلالها؟ تابعوا معنا في هذا المقال.

عندما نتكلم عن السدود فأول ما يتبادر إلى أذهاننا اسم سد مأرب، لكن هناك سدوداً أخرى موجودة في الوطن العربي وتعتبر من أقدم السدود الكبرى في العالم، وأقدمها سد جاوا في الأردن حالياً، ويرجع تاريخ بنائه إلى 5000 عام مضت، ويبلغ ارتفاعه 4.5 متر، ويمتد لنحو 25 متراً، وما يميزه هو وجود تدعيم لإحدى جهاته، لكنه اندثر ولم يعد يعمل منذ زمن طويل على عكس سد قطينة في مدينة حمص بسوريا، والذي يعتبر من أقدم السدود العاملة في العالم، إذ تم إنشاء السد في عهد الفرعون المصري سيتي بين عامي 1319-1304 قبل الميلاد، وتم توسيعه لاحقاً، ويبلغ ارتفاعه 7 أمتار وامتداده 20 متراً.

اقرأ أيضاً: لماذا يضاف الكلور إلى مياه الشرب؟ وكيف يضاف بشكل آمن؟

كيف تُبنى السدود؟

بناء السد هو عملية معقدة تتطلب الكثير من القوى العاملة والمواد الخام والموارد، ولكن يمكن توضيح عملية بناء السدود من خلال الخطوات البسيطة التالية:

  1. تحويل المياه: وهي الخطوة الأولى لبناء السد، إذ يتم تحويل مسار المياه من منطقة النهر حيث سيتم بناء السد إلى منطقة أخرى، أو كتحويلة تحرف مسار المياه جانباً وتعيدها لمسارها بعد انتهاء عمليات الإنشاء، ومن الممكن القيام بذلك عن طريق القنوات العميقة، وهناك طرق لا تتطلب تحويل كامل مياه النهر بل تعتمد على تحويل معظمه بحيث تبقى كمية قليلة لا تؤثر على سير البناء. غالباً ما يتم القيام ببناء السدود في فصل الصيف حيث يكون منسوب المياه أقل ارتفاعاً.
  2. تشييد أساس السد: عند بناء الأساس للسد يجب تكديس الصخور الأثقل أولاً بشكل متين لتشكيل قاعدة أساس ثابتة.
  3. تجميع الهيكل الرئيسي: يجب في هذه الخطوة التأكد من عدم وجود صخور سائبة على مجرى النهر الجانبي والسفلي، ويتم فيها صب أساس خرساني كتيم لمنع تسريب المياه من حواف السد.
  4.  بناء السد الفعلي: تستخدم معظم مشاريع بناء السدود الخرسانات الإسمنتية المسلحة بالفولاذ غير القابل للصدأ لجعل السد مرناً عند التعرض لتدفقات المياه المختلفة.
  5. إعادة تحويل المياه: حيث تتم إعادة تحويل المياه لمجراها بعد بناء السد للارتفاع اللازم، فيملأ الخزان خلف السد، ومن ثم يتم اختبار فاعلية بوابات السد وتقييم أدائه.

اقرأ أيضاً: ماذا سيحدث لمستوى المياه إذا نزل كل البشر إلى المحيط دفعةً واحدة؟

ما تصنيفات السدود؟

لا يوجد نوع واحد من السدود، لذا تصنف السدود تبعاً لما يلي:

  • حسب وظيفة السدود

يصنف البعض السد تبعاً للوظيفة الرئيسية الخاصة به، فعلى الرغم من أن السدود تحقق عدة فوائد، لكن يمكن تحديد نوعها بحسب الهدف الأساسي الذي بنيت لأجله، ومنها الأمور التالية:

  • تأمين مياه الشرب والاستخدامات الصناعية، ويدعى هذا النوع سد تخزين.
  • الوقاية من الفيضانات، وتدعى سدود تحويلية، تحجز مياه الفيضانات مؤقتاً.
  • سدود خزانات مياه الري، وتستفيد من مياه الأمطار بشكل رئيسي.
  • توليد الطاقة الكهرومائية، وتدعى هذه بالسدود التحويلية.
  • تحسين الملاحة الداخلية عن طريق رفع أو خفض منسوب المياه على مجرى النهر لتأمين حركة القوارب.
  • عمل بحيرات ترفيهية.
  • لبناء المناجم وتصريف الخامات.

اقرأ أيضاً: ما هي كمية الطاقة التي يمكن توليدها دون أن نفقد السيطرة؟

  • حسب البنية الإنشائية للسد

يمكن تقسيم السدود تبعاً لبنيتها الهندسية إلى الأنواع التالية:

سد الجاذبية (Gravity Dam)

سد الجاذبية (Gravity Dam)
حقوق الصورة: shutterstock.com/ TMP - An Instant of Time

وهي سدود كبيرة الحجم مصنوعة من الخرسانة أو الحجر، وتعد هذه السدود قادرة على حجز كميات كبيرة من المياه، وتدعى بهذا الاسم لأنها تعتمد على وزنها كعامل ثباتية، وتتحمل عدة أنواع من الضغوط كالأمواج والجليد والزلازل، ويظهر المقطع العرضي لهذه السدود بشكل مثلث مقطوع الرأس.

سد الدعامة (Buttress Dam)

سد الدعامة (Buttress Dam)
حقوق الصورة: shutterstock.com/ sanddebeautheil

وهو سد يعتمد على تدعيم طرف السد الذي يتعرض للجهد الأكبر، فيكون أحد الأطراف مستقيماً مقابلاً لخزانات المياه، والطرف الآخر مدعماً بالأعمدة الاستنادية فيظهر بشكل مثلث قائم تقريباً.

سد الوعاء (cofferdam)

سد الوعاء (cofferdam)
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Osaze Cuomo

ويكون بشكل حاوية جافة ضمن الماء، حيث يتم بناء جدران كتيمة ممتدة لأسفل النهر، وتُضخ المياه منها نحو الخارج، وتستخدم عادةً بشكل مؤقت لبناء الأرصفة أو الجسور أو القيام بأعمال أخرى.

السد القوسي (Arch Dam)

السد القوسي (Arch Dam)
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Loralya

وهو سد أقل سماكة من سد الجاذبية، يعتمد على وجود تقوس في بنية السد يعطيه مقاومة ميكانيكية تجاه ضغط الماء المحتجز، فيكون الطرف المقابل لمجرى الماء محدباً.

اقرأ أيضاً: كيف يتم التنبؤ بحالة الطقس؟ ولماذا تختلف دقة التنبؤات؟

كيف تُمنع السدود من التسريب؟

تتعرض السدود لعدة عوامل وضغوط تجعلها عرضة للتسريب، لكن البناء المناسب للسد والمتابعة الدورية له تقي من تخرب السدود وتعزز بقاءها لسنوات طويلة حتى 100 عام، وتتضمن إجراءات تشغيل السد وصيانته ومتابعته الرئيسية ما يلي:

  • الحفاظ على مرور الماء الخالي من الحطام غير الملوث لعدم التسبب بتآكل البوابات مع الزمن.
  • إبعاد الحيوانات التي تختبئ في السدود وتبني جحوراً ضمنها، لمنع إحداثها أضراراً في بنى السد وآليات التحكم به.
  • إزالة الحشائش والطحالب التي تسبب تآكل الحجارة وتحطمها مع الزمن.
  • التأكد من تشغيل البوابات والصمامات وجميع آليات التحكم في المياه.
  • مراقبة السد دورياً للتأكد من عدم وجود تصدعات أو شقوق في بنية السد.
  • الانتباه من تسريب السد من الجوانب الترابية وتمكينها لتكون كتيمة.
  • التجديد الدوري لواجهات السد التي تتعرض للماء، وإضافة طبقات عازلة تمنع التهتك.
  • منع نمو الأشجار على الضفاف القريبة من السد، لتفادي خطر التسريب من الجوانب.
  • استخدام مواد بناء معتمدة بالنسب الصحيحة، فبناء السدود لا يحتمل وجود توفير أو تهاون.

اقرأ أيضاً: ما هي أكثر الموضوعات التي تثير قلق الغواصين أو يتساءلون عنها؟

كما ظهر مما سبق، لا تعتبر عملية بناء السدود سهلة، بل يدرس مهندسو الإنشاءات الهندسية عدة سنوات اختصاص كي يعملوا في هذا المجال، ويستمر عملهم في مراقبتها وصيانتها الدورية طيلة فترة عملها. وعلى الرغم من أن القنادس الموجودة في الأنهار تلقب بمهندسي السدود الطبيعية، فإن الإنسان أيضاً برع في بناء السدود وتفنن في استخدامها عبر الزمن.

المحتوى محمي