لماذا تتحمل الدلافين الطعم الحار؟

3 دقائق
لماذا تتحمل الدلافين الطعم الحار؟
استخدم الصيادون جميع الاستراتيجيات لمنع الدلافين والثدييات البحرية الأخرى من مهاجمة شباكهم، وكانت الشباك المُطعمة بالكابسيسين آخرها. بيكساباي

يبحث الصيادون في جميع أنحاء العالم بيأس عن طريقة موثوقة لمنع الدلافين من سرقة صيدهم. تقلل عملية سرقة الدلافين للأسماك من شباك الصيد دخل الصيادين، ولكن هذه العملية تعرض الدلافين أيضاً للإصابة بسبب شباك الصيد. تشتمل الأساليب المقترحة للفوز بمعركة الذكاء هذه استخدام أجهزة إصدار الضوضاء والتمويه العاكس، ولكن لم تثبت هذه الأساليب نجاحاً يُذكر.

لذلك يحاول الباحثون في اليونان البحث عن حلول مبتكرة جديدة لتكون بمثابة رادع مثالي يمكنه إخافة الدلافين وإبعادها عن الشباك. توصل الباحثون أخيراً إلى فكرة تطوير شباك صيد مغطاة براتنجٍ يحتوي على نسبة قليلة من مادة الكابسيسين، وهو المركب الكيميائي الذي يعطي للفلفل طعمه الحار جداً.

اقرأ أيضاً: 8 من أذكى الحيوانات على كوكب الأرض

حيوانات كثيرة تكره الطعم الحار خلافاً للدلافين

قد تبدو فكرة ردع الحيوانات المفترسة عن طريق دس الطعام الحار لها غير منطقية إلى حد كبير، لكن هذه الطريقة أثبتت جدواها عند تجربتها مع حيوانات أخرى مثل الغزلان والسناجب والأرانب والقوارض، وقد وجد الباحثون أيضاً أن بعض الحشرات والطيور تكره هذه المادة على ما يبدو.

ومع ذلك، وبعد 5 أشهر من اختبار الصيد بالشباك المطعمة بالكابسيسين، وجد فريق البحث الذي شاركت في قيادته عالمة الأحياء البحرية بجامعة أرسطو في سالونيك في اليونان، ماريا غاراغوني، أن فكرتهم لم تنجح، حيث لم تُظهر الدلافين قارورية الأنف أي نفور من هذه الشباك.

على الرغم من النتيجة المخيبة للآمال، تقول غاراغوني إنها ذُهلت بمدى براعة الدلافين في سرقة شباك الصيد. بدأت غاراغوني في التعاون مع الصيادين لدراسة مشكلة سرقة الدلافين للصيد في بحر إيجه منذ عقد من الزمن، ومع ذلك، ما زالت براعة هذه الحيوانات تذهلها في كل مرة. تقول غاراغوني موضحةً: «عندما تأتي الدلافين لسرقة الصيد من الشباك، فإن الأمر لا يقتصر على تمزيق الشباك وسرقة الأسماك فحسب، بل إنها تقوم عادةً بمناورات منهجية في الشباك إلى أن تأكل حتى الشبع».

اقرأ أيضاً: توثيق سلوك غريب يتبعه بعض أنواع الأسماك للتخلص من الطفيليات

سرقة الدلافين المنهجية لأسماك شباك الصيادين

وتضيف: «كانت الصدمة الأولية بالنسبة لي رؤية ذلك يحدث في الوقت الفعلي. في المرة الأولى التي تفاعلت فيها الدلافين مع الشباك المُطعمة بالنكهة الحارة، لم يستغرق اثنان منهما سوى 15 دقيقة لإحداث 217 ثقباً في شبكة الصيد.

بعد ذلك تحتفل الدلافين بالنصر. تخرج الدلافين الصغيرة، بعد أن تملأ بطنها بالأسماك التي سرقتها، إلى السطح وتقوم بالقفز في الهواء كما لو أنها تحاول هضم هذا الطعام الجديد. سيكون هذا المشهد مستفزاً جداً لنا عندما ندرك أن مصدر رزقنا بات في بطونها. لكن بالطبع كان ذلك مذهلاً بالنسبة لي».

ولكن هل يعني ذلك أن الدلافين يمكن أن تتناول الفلفل الحار دون مشكلات ويمكنها الفوز، على سبيل المثال، في مسابقة تناول الطعام الحار؟ تقول عالمة الأعصاب بجامعة مونبلييه في فرنسا والمتخصصة في تواصل الثدييات البحرية، أوريلي سيليريه، والتي لم تشارك في الدراسة، إنه من السابق لأوانه تأكيد هذا الأمر. في حين أنه من المعروف أن العديد من الحيتانيات، بما فيها الدلافين قارورية الأنف، تفتقر إلى أربعةٍ من الأذواق الخمسة الأساسية- لا يمكنها تمييز سوى الطعم المالح- لكن بمقدورها تمييز الطعم الحار عبر مجموعة مختلفة من الخلايا الحسية من خلال عملية "التحسس الكيميائي" (chemesthesis).

اقرأ أيضاً: بالفيديو: ماذا يحدث عندما تتعارك الحيتان القاتلة مع أسماك القرش الأبيض الكبيرة؟

لا تزال هذه العملية، والتي تنبّه إلى أحاسيس مثل الألم والحرارة، غير مفهومة جيداً في هذا النوع. وتضيف سيليريه أن الحيتان المسننة الأخرى تبدو فعلاً أنها تمتلك القدرة على اكتشاف الكابسيسين، ولكننا ما زلنا لا نعرف الكثير حول هذا الأمر.

لماذا تتحمل الدلافين الطعم الحار؟

ربما يكون هناك عامل آخر يؤدي دوراً في قدرة الدلافين على تحمل الطعم الحار؛ ذكاء الحيتانيات الحاد. في الواقع، تشتهر الدلافين بمجموعة متنوعة من استراتيجيات التغذية الذكية، مثل اصطياد الأسماك عبر إثارة حلقات من الطين حولها تُضطرها للقفز من الماء لتتلقفها الدلافين على الفور أو إنهاك الفريسة من خلال رميها عالياً في الهواء بالقرب من السطح. إن ميل الدلافين الطبيعي للابتكار، إلى جانب حقيقة أنها آكلةٌ غير انتقائية، يساعدها في البقاء، ولكن ذلك مسؤول جزئياً عن وضعها في مواجهة الصيادين واعتبارها أعداء لهم. ربما اكتشفت الدلافين ببساطة طريقة سهلة لاقتحام الشباك الحارة دون تعرضها للاحتكاك الشديد بها.

لم تردع شباك الصيد المغطاة بالكابسيسين الدلافين، ولكن من المثير للاهتمام أن الكابسيسين أثّر على حيوان آخر. لقد تسبب حيوان آخر لم يعرف نوعه، ربما سلحفاة بحرية أو فقمة أو سمكة قرش، في إحداث ثقوب كبيرة في الشبكات غير المعاملة بالكابسيسين ولم تقترب من الشبكات المعاملة به.

اقرأ أيضاً: آلية مناعية جديدة تُكتَشف في الأسماك الرئوية

قام فريق البحث بتعليق البحث حول الكابسيسين في الوقت الحالي، لكن غاراغوني تأمل في أن يكون بحثهم هذا بمثابة نقطة انطلاق للباحثين الآخرين للتغلب على الدلافين. وتقول غاراغوني إنه حتى الدراسات الفاشلة يمكن أن تقدم أدلة مفيدة وتثير أسئلة جديدة.

المحتوى محمي