في مطلع شهر أغسطس/ آب من عام 2023، توفيت المؤثّرة الروسية زانا سامسونوفا (Zhanna Samsonova) جوعاً وإرهاقاً نتيجة إصابتها بعدوى شبيهة بالكوليرا تفاقمت أعراضها بسبب نظامها الغذائي المتطرف. زانا، التي عاشت حصرياً على الفاكهة والخضروات النيئة، زعمت أنها لم تتناول شيئاً سوى الفاكهة وبراعم بذور عباد الشمس وعصائر الفاكهة طوال السنوات الأربع الماضية، وإن لم يكن هذا متطرفاً بما يكفي، فقد ادّعى أحد أصدقائها أنها لم تشرب الماء منذ 6 سنوات، وغالباً ما كانت تمتنع عن الطعام والشراب لعدة أيام.
والسؤال الآن، هل النظام الغذائي المتطرف جداً هو فقط ما يكون مضراً للصحة؟ في الواقع، لا. وإليك الوجه المظلم من الحميات الغذائية الأكثر شهرة.
اقرأ أيضاً: الخبراء يصنّفون أفضل الأنظمة الغذائية وستفاجئك خياراتهم!
الوجه المظلم للحميات الغذائية الأكثر شهرة
مخاطر حمية الكيتو
حمية الكيتو أشهر من نار على علم، وهي نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات وعالي الدهون يُستخدم عادةً لفقدان الوزن. في الحالة الطبيعية، يُوصى بأن يحصل الإنسان على 20-35% من السعرات الحرارية اليومية من الدهون، لكنها تصبح 75% في حمية الكيتو، بالإضافة إلى 5% فقط من السعرات الحرارية من الكربوهيدرات، ونحو 15% من البروتينات. يؤدي تقييد الكربوهيدرات وزيادة تناول الدهون إلى وضع الجسم في حالة استقلابية تُسمّى الكيتوزية؛ حيث يصبح الجسم فعّالاً في حرق الدهون للحصول على الطاقة.
وعلى الرغم من بعض الإيجابيات التي قد تحققها حمية الكيتو من خسارة الوزن، وتعزيز الشبع، وتقليل الدهون في منطقة البطن، وتحسين الأداء الرياضي عند البعض، وخفض نسبة السكر في الدم وتحسين بعض المؤشرات الصحية في حال الالتزام بتناول الدهون الصحية، فإن لها بعض المخاطر التي ينبغي أن تكون على دراية بها، مثل:
- إنفلونزا الكيتو: نظراً لاستنفاد مخازن الكربوهيدرات في الجسم وتحوله إلى استخدام الدهون مصدراً للطاقة، فقد يواجه الشخص أعراضاً شبيهة بالإنفلونزا تشمل: الصداع والدوخة والتعب والغثيان والإمساك. يرجع هذا جزئياً إلى اختلال توازن الشوارد التي تحدث عندما يتكيّف الجسم مع الحالة الكيتوزية. غالباً ما يشعر معظم الناس بتحسنٍ في غضون أسابيع قليلة، لكن من الضروري مراقبة هذه الأعراض، والحرص على شرب كمية كافية من الماء وتناول الأطعمة الغنية بالصوديوم والبوتاسيوم والشوارد الأخرى.
- حصوات الكلى: قد يسبب تناول كميات كبيرة من البيض واللحوم والجبن والأطعمة عالية المحتوى بالدهون ارتفاعاً في نسبة الأحماض في الدم والبول، ما يزيد عبء العمل على الكلى وإجهادها لإزالة الأحماض المتراكمة، ويفاقم خطر الإصابة بالحصوات وخطر تطور مرض الكلى المزمن مع الوقت. بالإضافة إلى أن نظام الكيتو قد يقلل من كمية السترات التي تُفرز في البول التي ترتبط بالكالسيوم في الحالة الطبيعية مانعة تكوّن الحصوات. بالتالي، يؤدي انخفاض مستوياتها إلى زيادة خطر الإصابة بالحصوات.
اقرأ أيضاً: تطول حمية الكيتو: الإفراط في اللحوم الحمراء يسبب سرطان الأمعاء
- الإمساك ومشكلات الجهاز الهضمي: بسبب تقييد تناول الفاكهة والخضروات النشوية والحبوب الكاملة، فإن حمية الكيتو غالباً ما تكون منخفضة الألياف، ما يؤدي إلى الإمساك وآثار سلبية على صحة الجهاز الهضمي. بالإضافة إلى أن الألياف تغذّي البكتيريا المفيدة الموجودة في الأمعاء، التي تؤدي دوراً أساسياً في المناعة وتحسين الصحة النفسية وتقليل الالتهاب.
- نقص المغذيات: نظراً لتقييد العديد من الأطعمة خصوصاً الفاكهة والحبوب والبقوليات، فقد تفشل حمية الكيتو في توفير الكميات الموصى بها من الفيتامينات والمعادن، ما يؤدي إلى نقص المغذيات مع مرور الوقت.
- انخفاض قوة العظام: قد يسبب تكيّف الجسم مع الحالة الكيتوزية انخفاض كثافة المعادن في العظام، ما قد يؤدي إلى تدهور صحة العظام مع مرور الوقت.
- تفاقم خطر الإصابة بالأمراض المزمنة: على الرغم من أن الأبحاث العلمية لم تحسم هذا الجدل بعد، فقد بينت عدة أدلة أن الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات التي تركّز على الأطعمة الحيوانية تؤدي إلى ارتفاع معدل الوفيات بسبب أمراض القلب والسرطانات.
يذكر أن حمية الكيتو ليست آمنة لمَن يعاني أمراضاً تشمل البنكرياس أو الكبد أو الكلى أو الغدة الدرقية أو المرارة، ولا بُدّ من استشارة طبيب التغذية قبل البدء في أي نظام غذائي.
اقرأ أيضاً: قبل اتباع نظام الكيتو: تعرّف كيف يتأثر جسدك بهذا النظام الغذائي
مخاطر الصيام المتقطع
الصيام المتقطع نمط لتناول الطعام، يتم فيه التناوب بين فترات محددة من الصيام وتناول الطعام خلال اليوم أو خلال الأسبوع، إذ لا يُسمَح في فترة الصيام بتناول الأطعمة الصلبة أو التي تحتوي على السعرات الحرارية، وإنما يُسمح فقط بتناول المشروبات الخالية من السعرات الحرارية كالماء والمشروبات الخالية من السكر مثل القهوة السوداء والشاي وغير ذلك. وعلى الرغم من الفوائد العديدة التي يمكن أن يحققها الصيام المتقطع، فإن له العديد من السلبيات، مثل:
- مشكلات في الجهاز الهضمي: قد يؤثّر التقليل من تناول الطعام في بعض أنظمة الصيام المتقطع سلباً على عملية الهضم، ما يسبب الإمساك أو الإسهال أو الغثيان أو الانتفاخ.
- الانفعال وتغيرات المزاج: قد تسبب فترة الصيام الطويلة في هذا النظام انخفاض مستوى السكر في الدم، ما يسبب الشعور بالغضب والتهيج والقلق وضعف التركيز.
- اضطرابات النوم: عدم القدرة على النوم أو النوم أكثر من المعتاد من الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً المتعلقة بالصيام المتقطع.
- نقص المغذيات: في حالة الصيام لفترات طويلة جداً مع عدم تزويد الجسم بالعناصر الغذائية الكافية، فقد يُصاب الشخص بسوء التغذية.
- ضعف خصوبة المرأة: عند تناول السعرات الحرارية المقيّدة بشدة، مثلما هو الحال في الصيام لفترة طويلة جداً أو بشكلٍ متكرر، قد يتأثر الوطاء، ما قد يؤدي إلى تعطيل إفراز الهرمون المُطلِق لموجّهة الغدد التناسلية GnRH ويسبب تغيّرات هرمونية معقّدة عند المرأة تتجلى في نقص هرمون الإستروجين وفرط كورتيزول الدم وانخفاض مستويات الإنسولين في الدم وغيرها. ما يزيد خطر عدم انتظام الدورة الشهرية وضعف الإباضة وقد يسبب العقم، بالإضافة إلى آثار أخرى قد تطول الجهاز الهيكلي والجهاز القلبي الوعائي وبعض المشكلات العقلية وانخفاض في كثافة العظام.
اقرأ أيضاً: 7 أخطاء شائعة في الصيام المتقطع يمكن تفاديها
مخاطر الأنظمة الغذائية النباتية
تعتمد على تناول الأطعمة النباتية التي تشمل الفاكهة والخضروات والبقوليات والمكسرات والبذور، وتجنُّب تناول اللحوم والدواجن والأسماك. ولا بُدّ من الإشارة هنا إلى أن الأنظمة الغذائية النباتية لها عدة أنواع؛ منها ما يستبعد اللحوم والدواجن والأسماك ويسمح بتناول البيض ومنتجات الألبان والعسل، ومنها ما يسمح بتناول منتجات الألبان لكن لا يسمح بتناول البيض، ومنها ما يسمح بالبيض ولا يسمح بمنتجات الألبان.
للأنظمة الغذائية النباتية العديد من الفوائد؛ إذ تساعد على خفض مستويات الكوليسترول وضغط الدم وتقليل السعرات الحرارية المتناولة، ما يقلل من خطر الإصابة بالسمنة وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري وربما السرطان. ومع ذلك، ثمة العديد من المخاطر المحتملة التي تنطوي عليها هذه الأنظمة، مثل:
- نقص فيتامين ب 12: فيتامين ب 12 هو فيتامين غير موجود في الأطعمة النباتية، وهذا يعني أن النباتيين لن يحصلوا على ما يكفي منه. ومع ذلك، يكون النباتيون الذين يتناولون الألبان والبيض أقل عرضة للإصابة بنقص فيتامين ب 12.
- نقص فيتامين د: قلة من الأطعمة غنية بفيتامين د بشكلٍ طبيعي، والعديد من هذه الأطعمة ليست نباتية. لذلك قد يعاني النباتيون نقصاً في هذا الفيتامين، خصوصاً الأشخاص الذين لا يتعرضون بما يكفي لأشعة الشمس أو لا يتناولون الأغذية المدعمّة بهذا الفيتامين.
- السكتة الدماغية: وجدت دراسة منشورة في المجلة الطبية بي إم جي (BMJ Journal) عام 2019، أن النباتيين لديهم معدلات أعلى للإصابة بالسكتة الدماغية والنزيف مقارنة بغير النباتيين. ونظراً لأن مستويات الكوليسترول منخفضة أساساً بين النباتيين، يُعتقد أن انتشار هذه الحالة مرتبط بنقص فيتامين ب 12.
- فقر الدم: قد يعاني النباتيون من فقر الدم إمّا بسبب نقص الحديد الناتج عن عدم تناول اللحوم وإمّا بسبب نقص فيتامين ب 12 وحمض الفوليك.
اقرأ أيضاً: النظام الغذائي النباتي ليس صحياً بالضرورة
مخاطر النظام الغذائي النباتي النيئ
تشبه هذه الحمية إلى حدّ ما النظام الذي عاشت عليه المؤثرة الروسية وماتت بسببه، وهي حمية فرعية من النظام الغذائي النباتي تتكون من أغذية نباتية غير معالجة، تكون إمّا نيئة تماماً وإمّا مسخنة على درجة حرارة منخفضة جداً وأقل من 40-48 درجة مئوية. قد يوفّر اتباع هذا النظام فوائد صحية عديدة؛ مثل إنقاص الوزن، وتقليل خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، وتحسين الهضم، وصحة القلب. ومع ذلك، فقد ينطوي على العديد من المخاطر خصوصاً في حال كان تخطيط الوجبات سيئاً، ومنها:
- نقص فيتامين ب 12: مثلما هو الحال مع الأنظمة الغذائية النباتية، فإن نقص فيتامين ب 12 يكون شائعاً جداً في هذه الحمية. يؤدي نقص فيتامين ب 12 إلى الإصابة بفقر الدم وتلف الجهاز العصبي والعقم وأمراض القلب وضعف صحة العظام. بالإضافة إلى ذلك، وجد أن هذه الحمية تسبب نقص الكالسيوم واليود وفيتامين د.
- ضعف العضلات والعظام: عدم تناول ما يكفي من البروتين يسبب ضعف كتلة العضلات، وعدم الحصول على ما يكفي من الكالسيوم وفيتامين د يسبب ضعف العظام.
- تسوس الأسنان: تزيد هذه الحمية من احتمالية الإصابة بتسوس الأسنان خصوصاً الأنظمة التي تحتوي على الكثير من الحمضيات والتوت.
- قلة الخصوبة: قد يسبب اتباع نظام غذائي نباتي خام في بعض الحالات انخفاض خصوبة المرأة ومشكلات في انتظام دورة الطمث.
لا يعني وجود بعض المخاطر أو السلبيات المرتبطة بالأنظمة الغذائية عدم اتباعها، وإنما ينبغي العمل مع متخصص في التغذية لمعرفة النظام الغذائي الأنسب لك وضمان حصولك على المغذيات الكافية، حتى تحقق الفوائد المرجوة دون أن تعرض صحتك للخطر.