لماذا يؤثر التغير المناخي في معدل نمو بعض أنواع الأسماك؟

لماذا يؤثر التغير المناخي في معدل نمو بعض أنواع الأسماك؟
تخوض أسماك المهرج الصغيرة قبل أن تكتسب ألوانها المميزة وتدخل مرحلة البلوغ رحلة عصيبة للعثور على شقائق البحر حيث ستقضي بقية حياتها. غيتي إميدجيز

تبدأ حياة أسماك المهرّج بمغامرة. في فيلم العثور على نيمو (Finding Nemo) الذي صدر في عام 2003، خاض نيمو رحلة مذهلة من الشعاب المرجانية إلى الأسر ثم عاد إلى موطنه. أما في الحياة الواقعية، فالمغامرة مختلفة؛ إذ تسبح يرقات سمكة المهرج الصغيرة الشفافة بعد وقت قصير من الفقس مدة تتراوح بين 10 و15 يوماً، وتسافر مسافة تصل إلى 35 كيلومتراً عبر المحيط المفتوح. هذه الرحلة هي أطول رحلة تجريها أسماك المهرّج في حياتها، وتكتسب هذه الأسماك الصغيرة في نهاية الرحلة لونها البرتقالي والأبيض المميز وتستقر على شقائق البحر، حيث تعيش لبقية حياتها.

اقرأ أيضاً: 10 حيوانات هجينة لم ترها من قبل

اضطراب مرحلة حساسة من حياة أسماك المهرّج

لكن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن التغير المناخي يمكن أن يتسبب باضطراب هذه المرحلة الحساسة من حياة أسماك المهرّج. لاحظ طالب الدراسات العليا في معهد أوكيناوا للعلوم والتكنولوجيا في اليابان، بيلي مور، وزملاؤه في التجارب المخبرية أن يرقات أسماك المهرج التي نشأت في مياه أكثر دفئاً بثلاث درجات مئوية من المعتاد تمر عبر مرحلة النمو المبكّر بسرعة أكبر.

كانت أجسام الأسماك التي نشأت في مياه بدرجة حرارة 31 درجة مئوية بدلاً من 28 درجة مئوية أطول بنسبة 16% في المتوسط بعد 18 يوماً. بالإضافة إلى ذلك، نمت لدى الأسماك التي نشأت في المياه الدافئة زعانف وأشواك زعنفية حوضية مكتملة -والتي يكتمل نموها في مرحلة رئيسية من تطور سمكة المهرج- قبل يومين من نمو هذه الأعضاء لدى الأسماك التي نشأت في ظروف أبرد.

يقول عالم البحار في معهد أوكيناوا للعلوم والتكنولوجيا والمؤلف المشارك للدراسة، تيموثي رافاسي، إن النمو الأسرع في عالم ترتفع فيه درجة الحرارة يمكن أن يؤثر سلباً في أسماك المهرج البرية. إذا نمت يرقات أسماك المهرج بسرعة كبيرة بسبب التغير المناخي، قد تصل هذه اليرقات إلى شقائق البحر في وقت لا يتوفّر فيه ما يكفي من الطعام. من الممكن أيضاً أن تعجز الأسماك التي تنمو بسرعة أكبر عن قطع المسافة نفسها سباحة، وإذا استقرّت بالقرب من مواقع تفقيسها وتزاوجت مع الأسماك القريبة، قد يلحق ذلك الضرر بالتنوع الجيني لأسماك المهرج.

اقرأ أيضاً: أكبر سمكة تعيش في حوض أسماك في العالم قد يتجاوز عمرها 100 عام

آثار سلبية وأخرى إيجابية لازدياد معدل نمو أسماك المهرج

مع ذلك، يمكن أن يكون ازدياد معدّل نمو الأسماك مفيداً. تشير عالمة البيئة البحرية في جامعة ميلبورن في أستراليا، إميلي فوبرت، التي لم تشارك في الدراسة الجديدة، إلى أن يرقات أسماك المهرّج التي تنمو بسرعة أكبر قد تقضي وقتاً أقصر في المحيط المفتوح حيث تكون أكثر عرضة للمفترسات.

في كلتا الحالتين، تعد أسماك المهرج خياراً ملائماً لدراسة عواقب التغير المناخي، لأن استيلادها في الأسر سهل على عكس العديد من الأسماك التي تعيش في الشعاب المرجانية. يمنح ذلك الباحثين الفرصة لدراسة دورة حياة هذه الأسماك بأكملها عن كثب، والإجابة عن أسئلة حول كيفية تأثير ارتفاع درجة حرارة المياه في الأسماك البرية في كل مرحلة من مراحل نموها. بالإضافة إلى ذلك، يقول رافاسي مازحاً: "الكل يحب أسماك المهرّج".

تمتّعت أسماك المهرّج التي ربّاها مور في المياه الدافئة باستقلاب أسرع، واكتشف العلماء ذلك من خلال قياس كمية الأوكسجين التي استهلكتها الأسماك في نفق سباحة صغير. يتوافق ذلك مع نتائج الأبحاث السابقة التي أجريت على أسماك المهرج، بالإضافة إلى البحث غير المنشور الذي أجراه رافاسي حول أسماك الهامور الصغيرة السن.

استند الباحثون في اختيارهم درجة الحرارة الأعلى في دراستهم إلى التوقعات المستقبلية حول آثار التغير المناخي التي ستظهر إذا تضاعفت انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون بحلول عام 2100. على الرغم من أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي تتوقع زيادة بمقدار 3 درجات مئوية في متوسط درجات حرارة المحيطات بحلول عام 2100 في ظل هذا السيناريو، فإن ارتفاع درجات الحرارة شائع بالفعل خلال موجات الحر التي تمر بها المحيطات.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن الاستفادة من تجربة حماية هذا النوع من الأسماك المهددة بالانقراض؟

حطّمت درجات حرارة المحيطات الأرقام القياسية في مختلف مناطق العالم عام 2023؛ إذ كانت درجة حرارة شمال المحيط الأطلسي الوسطية أعلى بأكثر من درجة مئوية واحدة من المعتاد. بينما يشهد بعض المواقع درجات حرارة أعلى؛ إذ ارتفعت درجات الحرارة بمقدار 10 درجات مئوية بالقرب من سواحل نيوفاوندلاند في شهر يوليو/حزيران من العام نفسه.

يقول مور: "ستستمر درجة الحرارة بالارتفاع، وسيزداد تواتر موجات الحر البحرية. لذلك، يجب علينا أن نكتشف تأثير ذلك في هذه الأسماك".

 

المحتوى محمي