هل شعرت يوماً بألم خفيف أو ضغط في وجهك، خاصة حول أنفك وعينيك وجبهتك؟ إذا كان الأمر كذلك، فربما تكون قد واجهت مشكلة في الجيوب الأنفية. الجيوب الأنفية هي مساحات صغيرة في جمجمتك تساعد على تصفية وترطيب الهواء الذي تتنفسه. لكن في بعض الأحيان، يمكن أن تُصاب بالعدوى، ما يسبب الألم والانزعاج. فما الذي يسبب التهاب الجيوب الأنفية؟ وكيف يمكن تمييزه عن الحساسية ونزلات البرد؟ وما الذي يمكن فعله لتخفيف آلامها؟ لنتابع في هذا المقال.
ما هي الجيوب الأنفية؟
الجيوب الأنفية هي تجاويف مملوءة بالهواء في الجمجمة العظمية، وتشمل 4 أزواج (8 جيوب):
- جيبان أماميان فوق العينين في الجبهة.
- جيبان غرباليان وجيبان وتديان بين العينين وخلف الأنف.
- الجيبان الفكيان، وهما الأكبر ويقعان تحت العينين وخلف الخدين.
ترتبط الجيوب الأنفية بالتجويف الأنفي من خلال فتحات ضيقة. يُبطن تجويف الأنف والجيوب الأنفية بغشاء مخاطي، يحتوي على أهداب صغيرة. تحمل هذه الشعيرات الإفرازات المخاطية التي ينتجها الغشاء المخاطي لتنظيف نفسه، وبحيث يعوق مسببات الأمراض والملوثات من الدخول.
بعبارة أخرى، يمكن القول إن الجيوب الأنفية إلى جانب تجويف الأنف تعمل بمثابة نظام تكييف الهواء الداخل إلى الجسم؛ إذ تنظفه وتدفئه وترطبه، تحضيراً لدخوله الجهاز التنفسي السفلي.
التهاب الجيوب الأنفية
في الحالة الطبيعية، يحتوي تجويف الأنف على ملايين البكتيريا، لكنها لا تشكّل خطراً حتى في حال تسللها إلى الجيوب الأنفية، لأنها تُصرّف مع الغشاء المخاطي. لكن في حال انسداد تصريف الجيوب الأنفية، يتراكم المخاط بسبب استمرار الغدد بإفرازه، ما يشكّل بيئة مثالية لنمو البكتيريا وتكاثرها بأعداد كبيرة، مسببة العدوى، فيبدأ الجهاز المناعي باستجابة الالتهاب.
أسباب تهيج الجيوب الأنفية
يمكن أن تتسبب عوامل مختلفة في انسداد الجيوب الأنفية، بما في ذلك:
- المهيجات البيئية: يمكن للملوثات البيئية الحمولة مع الهواء، مثل مسببات الحساسية، من حبوب طلع وذرات غبار، أن تؤدي إلى تراكم الغشاء المخاطي.
- عدوى الجيوب الأنفية: يمكن أن يحدث الالتهاب بسبب عدوى فيروسية أو بكتيرية.
- نزلات البرد: يمكن أن يحدث التهاب الجيوب الأنفية، وتراكم المخاط فيها، كأحد أعراض الإصابة بنزلات البرد.
- أسباب تشريحية: مثل انحراف الحاجز الأنفي أو نتوء عظم الأنف أو الزوائد اللحمية الأنفية (زوائد صغيرة تشبه العنب في بطانة تجويف الجيوب الأنفية).
اقرأ أيضاً: كيف نُميّز بين التهاب اللحمية والتهاب الجيوب الأنفية؟
أنواع التهاب الجيوب الأنفية
يمكن تصنيف التهاب الجيوب الأنفية بناءً على مدة استمراره إلى:
- حاد: تستمر أعراضه أقل من شهر (4 أسابيع)، وتتضمن احتقان الأنف وضغطاً في الوجه، وتراجع حاسة الشم. عادة ما يكون سببه عدوى فيروسية كما في نزلات البرد.
- تحت الحاد: يحدث عندما تستمر الإصابة ما بين 4-12 أسبوعاً (1-3 أشهر).
- المزمن: عندما تستمر الإصابة أكثر من 12 أسبوعاً. غالباً ما يكون سببه عدوى بكتيرية.
- المتكرر: ويحدث عندما تتكرر الإصابة أربع مرات أو أكثر خلال عام واحد، بحيث تستمر الأعراض في كل مرة أقل من أسبوعين.
علامات وأعراض التهاب الجيوب الأنفية
غالباً ما تتشابه أعراض التهاب الجيوب الأنفية مع الحساسية ونزلات البرد. لكن عادة ما تستمر أعراض نزلات البرد أسبوعاً قبل أن تختفي ببطء. بينما تتضمن الحساسية، العطس والحكة، لكنها لا تسبب ألم الوجه الذي يسببه. أمّا أعراض التهاب الجيوب الأنفية، فإنها تسوء بعد 7-10 أيام، وتتضمن:
- سيلان مخاط أصفر مخضر من الأنف.
- التنقيط الأنفي الخلفي للمخاط (أسفل الحلق).
- انسداد الأنف.
- ضغط الوجه، هو ألم حول الأنف والعينين والجبهة. عادة ما تزداد حدته لدى تحريك الرأس أو الانحناء.
- ألم في الأسنان والأذن.
- حمى.
- صداع.
- تعب.
- رائحة فم كريهة.
- طعم مزعج في الفم.
- سعال.
اقرأ أيضاً: هل يتسبب الجو البارد في الإصابة بنزلة برد؟
عوامل خطر التهاب الجيوب الأنفية
يزيد بعض العوامل من خطر الإصابة بالتهاب الجيوب الأنفية، مثل:
- التهاب الأنف التحسسي أو حمى القش.
- تليّف كيسي.
- الأمراض التي تمنع الأهداب من العمل بشكلٍ صحيح.
- التغيرات في الارتفاع (الطيران أو الغوص).
- الأورام الحميدة الأنفية.
- اللحمية الكبيرة.
- التدخين.
- الربو.
- ضعف جهاز المناعة بسبب فيروس نقص المناعة البشرية أو العلاج الكيميائي.
- هياكل الجيوب الأنفية غير الطبيعية.
اقرأ أيضاً: يمكن لعدوى الجيوب الأنفية أن تصل إلى دماغك ولكن لا داعي للذعر
تخفيف أعراض التهاب الجيوب الأنفية
تُعد عملية الري الأنفي خط الدفاع الأول لتخفيف أعراض التهاب الجيوب الأنفية. على وجه العموم، يمكن تخفيف حدة الأعراض بالحفاظ على نظافة الممرات الأنفية، وهو ما يمكن تحقيقه عبر بعض التقنيات، مثل:
- رذاذ الأنف: هو حقن محلول ملحي في فتحتي الأنف عدة مرات في اليوم للمساعدة على إزالة المخاط الزائد وترطيب الأغشية. الوقت الأنسب لتطبيق ذلك هو في الصباح والمساء.
- الكورتيكوستيرويدات الأنفية: هي بخاخات دوائية يمكنها تخفيف التورم. ومن الأمثلة عنها الفلوناز وبوديزونيد وموميتازون.
- مزيلات الاحتقان: هي حبوب أو أقراص يمكن الحصول عليها دون وصفة طبية، وتساعد على تخفيف الاحتقان المرافق لالتهاب الجيوب الأنفية. لكن ينبغي ألّا تُستخدم أكثر من بضعة أيام، لأنها قد تسبب بعد ذلك ازدياد الحالة سوءاً وهو ما يُعرف باحتقان الارتداد.
- أدوية الحساسية: في حال كانت الحساسية سبب التهاب الجيوب الأنفية، قد تساعد مضادات الهيستامين على التخفيف من الأعراض. ومع ذلك، تجنّب استخدامها إذا لم تكن مصاباً بالحساسية، لأنها تجعل المخاط سميكاً ويصعب تصريفه.
- مسكنات الألم: مثل الأسبرين والأسيتامينوفين.
اقرا ايضاً: ألم لا يتوقف: إليك كيفية التخلص من صداع الجيوب الأنفية
الوقاية من التهاب الجيوب الأنفية
يمكن لعدة ممارسات أن تقيك من التهاب الجيوب الأنفية، بالإضافة لقدرتها على التخفيف من حدة الأعراض في حال الإصابة بها، مثل:
- شرب الكثير من الماء: لتخفيف المخاط وإبقائه رخواً.
- استنشاق البخار: إمّا في حمام ساخن وإمّا بوضع رأسك فوق قدر ماء مغلي، وتغطيته بمنشفة، مع مراعاة وجود مسافة أمان تحميك من الحروق.
- تجنّب البيئات الجافة: لمنع جفاف الغشاء المخاطي، يمكن استخدام أجهزة ترطيب منزلية.
- رفع الرأس في أثناء النوم: لمنع تجمع المخاط في الجيوب الأنفية.
هل يمكن استخدام المضادات الحيوية لعلاج التهاب الجيوب الأنفية؟
نظراً إلى أن الفيروسات غالباً ما تكون سبب التهاب الجيوب الأنفية، فإن المضادات الحيوية لا يمكنها علاج الالتهاب. وفي حالات العدوى البكتيرية، فإنها غالباً ما تختفي من تلقاء نفسها. لكن إذا طالت مدة الأعراض أو زادت حدتها، ينبغي استشارة مقدم الرعاية لتحديد شدة الالتهاب والمضادات الحيوية التي تحتاج إليها.
إذا كانت حالتك تستلزم استخدامها، فينبغي اتباع كورس كامل من المضادات الحيوية حتى بعد تحسن الأعراض، لأن إيقافها قد يكون سبباً في عودة العدوى.
متى يمكن اللجوء للعلاج الجراحي لالتهاب الجيوب الأنفية؟
يمكن اللجوء للعلاج الجراحي الطفيف التوغل لتقليل عدد وشدة التهاب الجيوب الأنفية عندما يكون سبب التهابها تشريحياً، مثل انحراف الحاجز الأنفي، وهو اعوجاج في القسم الذي يفصل تجويف الأنف الأيمن عن الأيسر، أو نتوء عظم الأنف، أو الزوائد اللحمية الأنفية في بطانة تجويف الجيوب الأنفية، أو الممرات الأنفية الضيقة خلقياً، أو الأنسجة السميكة بسبب سنوات من العدوى.
إذاً، تختلف كل حالة التهاب جيوب أنفية عن الأخرى في الأسباب والشدة والأعراض، لذا ينبغي دائماً مناقشة خيارات العلاج المتاحة والمناسبة لك مع الطبيب المختص.