العلماء يكتشفون نجمين زائفين يعودان إلى مرحلة مبكرة من عمر الكون

4 دقيقة
العلماء يكتشفون نجمين زائفين يعودان إلى مرحلة مبكرة من عمر الكون
يبيّن هذا الرسم التوضيحي نجمين زائفين يندمجان. اكتشف فريق من علماء الفلك زوجاً من النجوم الزائفة الآخذة في الاندماج التي تعود إلى الفترة بعد 900 مليون سنة من الانفجار العظيم باستخدام تلسكوب سوبارو وتلسكوب جيميني الشمالي الذي يمثّل نصف مرصد جيميني الدولي الذي تدعمه جزئياً مؤسسة العلوم الوطنية الأميركية ويديره المختبر الوطني لأبحاث علم الفلك البصري بالأشعة تحت الحمراء التابع لمؤسسة العلوم الوطنية. هذا ليس فقط أبعد زوج من النجوم الزائفة المندمجة يُكتشف على الإطلاق، ولكنه أول زوج ثبت أنه يعود إلى فترة من عمر الكون تحمل اسم "الفجر الكوني".

على الرغم من اتساع الفضاء، لا تزال المجرات تتصادم ويندمج بعضها بعضاً وتتداخل معاً أيضاً. اكتشف فريق دولي من علماء الفلك مؤخراً أبعد زوج من النجوم الزائفة يُكتشف على الإطلاق. يندمج هذان المركزان المجريان معاً، ويتحرك كل من الغبار والغاز فيهما تجاه ثقب أسود مركزي فائق. مثل النجوم الزائفة جميعها، يبعث الزوج كميات هائلة من الضوء، لكن هذا الثنائي الديناميكي يعود إلى الفجر الكوني. وُصِفت النتائج في دراسة نشرت في مجلة رسائل مجلة الفيزياء الفلكية (The Astrophysical Journal Letters)، وهي تُسلّط الضوء على هذه الأجسام الكونية الغامضة.

ما هي النجوم الزائفة؟

كوننا آخذ في التوسّع منذ نحو 14 مليار سنة، وهي عملية بدأت بعد الثواني الأولى من الانفجار العظيم. كان الكون في وقتٍ مبكر من عمره أصغر بكثير، وكانت المجرات التي تشكلت أكثر عرضة للتفاعل والاندماج بعضها مع بعض.

اقرأ أيضاً: علماء الفلك يستخدمون النجوم الميتة لرصد الأمواج الثقالية وفهم تاريخ المجرة

اندماج المجرات هذا هو سبب تشكُّل النجوم الزائفة، وهي مراكز مجرية شديدة السطوع يتحرك فيها كل من الغاز والغبار تجاه ثقب أسود فائق في المركز. على الرغم من اسمها، تصدر هذه الثقوب السوداء المركزية العملاقة كميات هائلة من الضوء.

من المتوقع أن يعثر علماء الفلك عند النظر في الماضي إلى بداية الكون على عدة أزواج من النجوم الزائفة القريب للغاية بعضها بعضاً، التي تقع في مجرات تندمج معاً. مع ذلك، لم يكتشف هؤلاء أي دليل على وجود هذه المجرات المندمجة في تلك الفترة من عمر الكون، وذلك حتى وقت نشر الدراسة الجديدة.

ما هي حقبة إعادة التأيّن؟

استخدم الفريق في الدراسة الجديدة بيانات من تلسكوب جيميني الشمالي الأرضي في هاواي. أثبت الباحثون أن الزوج من النجوم الزائفة الذي اكتشفوه يعود إلى مرحلة تحمل اسم "الفجر الكوني"، التي امتدت عبر الفترة بين نحو 50 مليون سنة إلى مليار سنة بعد الانفجار العظيم. هذه هي الفترة التي بدأت فيها النجوم والمجرات بالتشكل وامتلأ الكون المظلم بالضوء أول مرة.

يُطلق العلماء على أول 400 مليون سنة بعد الانفجار العظيم الكبير اسم "حقبة إعادة التأيّن"، وهي تقع ضمن مرحلة الفجر الكوني. انتشر الضوء فوق البنفسجي الصادر عن النجوم والمجرات والنجوم الزائفة الأولى في الكون خلال هذه الحقبة. تسبب الضوء أيضاً في هذه الحقبة بعملية تسمى "التأيّن"، التي تنطوي على تجريد ذرات الهيدروجين في الكون المبكر من إلكتروناتها.

وفقاً لعلماء الفلك، كانت حقبة إعادة التأين، بعمليات تجريد ذرات الهيدروجين التي حدثت فيها، حقبة حاسمة في تاريخ الكون؛ إذ إنها مثّلت نهاية العصور المظلمة الكونية وبداية فترة تشكّل البنى الكبيرة والرائعة التي تمكننا رؤيتها من الأرض اليوم.

رصد الضوء الأحمر

يبحث علماء الفلك عن النجوم الزائفة التي تعود إلى حقبة إعادة التأيّن لفهم الدور الذي أدته هذه النجوم في هذه الحقبة المبكرة والقديمة من عمر الكون.

قال عالم الفلك في جامعة إهيميه في اليابان والمؤلف المشارك للدراسة، يوشيكي ماتسوكا، في بيان صحفي: "تكشف لنا الخصائص الإحصائية للنجوم الزائفة في حقبة إعادة التأيّن الكثير من المعلومات، مثل تلك المتعلقة بمراحل عملية إعادة التأيّن وأصلها وتشكّل الثقوب السوداء الفائقة خلال الفجر الكوني والتطور المبكّر للمجرات المضيفة للنجوم الزائفة".

اقرأ أيضاً: 

اكتشف العلماء من قبل نحو 300 نجم زائف من النجوم التي تعود إلى حقبة إعادة التأيّن، لكن لم ينتمِ أي منها إلى أزواج. اشتبه العلماء بوجود نجوم زائفة تنتمي إلى أزواج من قبل، ولكن وفقاً لفريق الدراسة الجديدة، كان التمييز بين هذه النجوم وما يمكن أن يرصده العلماء بسبب ظاهرة عدسة الجاذبية الناجمة عن نجم زائف واحد صعباً.

لاحظ ماتسوكا وفريقه وجود ضوء أحمر خافت في الصور التي التقطتها كاميرا هايبر سوبرايم (Hyper Suprime-Cam) في تلسكوب سوبارو في أثناء مراجعتها.

تُظهر هذه الصورة التي التقطتها كاميرا هايبر سوبرايم في تلسكوب سوبارو زوجاً من النجوم الزائفة في طور الاندماج. لفتت البقع الحمراء الخافتة انتباه علماء الفلك، وأكدت عمليات التحليل الطيفي اللاحقة باستخدام تلسكوب جيميني الشمالي أن هذه البقع هي نجوم زائفة. حقوق الصورة: المختبر الوطني لأبحاث علم الفلك البصري بالأشعة تحت الحمراء/مؤسسة العلوم الوطنية/الاتحاد الجامعي للأبحاث الفلكية/ترافيس ريكتور (جامعة ألاسكا في مدينة أنكوراج/المختبر الوطني لأبحاث علم الفلك البصري بالأشعة تحت الحمراء التابع لمؤسسة العلوم الوطنية) ودي دي مارتن (المختبر الوطني لأبحاث علم الفلك البصري بالأشعة تحت الحمراء التابع لمؤسسة العلوم الوطنية) وإم زاماني (المختبر الوطني لأبحاث علم الفلك البصري بالأشعة تحت الحمراء التابع لمؤسسة العلوم الوطنية). المختبر الوطني لأبحاث علم الفلك البصري بالأشعة تحت الحمراء/مؤسسة العلوم الوطنية/ترافيس ريكتور.

قال ماتسوكا: "لاحظت في أثناء فحص صور النجوم التي قد تكون زائفة وجود مصدرين متشابهي اللون وشديدي الحمرة أحدهما بجوار الآخر. كان هذا الاكتشاف محض صدفة".

لم يكن الباحثون متأكدين تماماً من أن ما رصدوه هو زوج من النجوم الزائفة في البداية. يشوش عادة العديد من مصادر الضوء الأخرى على ضوء النجوم البعيدة التي قد تكون من النجوم الزائفة، وتشمل هذه المصادر نجوم مجرة درب التبانة والمجرات الأخرى والمفعول العدسي التثاقلي. أجرى الفريق تحليلاً طيفياً لاحقاً باستخدام كاميرا ومرسام الأجسام الخافتة الطيفي في تلسكوب سوبارو ومرسام جيميني الطيفي للأشعة تحت الحمراء القريبة في تلسكوب جيميني الشمالي.

قال ماتسوكا: "ما تعلمناه من أرصاد مرسام جيميني الطيفي للأشعة تحت الحمراء هو أن النجمين الزائفين خافتان للغاية لدرجة أن رصدهما بالأشعة تحت الحمراء مستحيل، حتى باستخدام أحد أكبر التلسكوبات في الأرض".

حدث اندماج هائل

قدّر الفريق أن جزءاً من الضوء المرصود في نطاق الطول الموجي البصري لم يأتِ من النجمين الزائفين. بدلاً من ذلك، يأتي هذا الضوء من عمليات تشكُّل النجوم التي تحدث في المجرات المضيفة للنجمين الزائفين. اكتشف الفريق أيضاً أن الثقبين الأسودين في المركز كبيران للغاية؛ إذ تبلغ كتلة كل منهما نحو 100 مليون ضعف من كتلة الشمس. يشير ذلك، بالإضافة إلى وجود جسر من الغاز بين النجمين الزائفين، إلى أنهما يمران بحدث اندماج هائل.

قال ماتسوكا: "تنبأ العلماء بوقوع أحداث اندماج النجوم الزائفة في حقبة إعادة التأيّن منذ زمن طويل. وأثبتنا ذلك الآن أول مرة".

حقبة إعادة التأيّن بحد ذاتها هي مرحلة انتقالية بين مرحلة التشكل الأقدم للبنى الكونية والمرحلة الحالية التي نرصد الكون فيها الآن. يمكن أن تساعد دراسة بعض الأجسام البعيدة في الكون التي تعود إلى هذه الحقبة على توفير رؤى مهمة للعلماء حول عملية إعادة التأيّن وتشكُّل الأجسام الأولى في الكون. من المقرر أن يبدأ مسح التراث للمكان والزمان الذي سيجريه مرصد فيرا سي روبن التابع لمؤسسة العلوم الوطنية ووزارة الطاقة الأميركية في العام المقبل، وهو مسح سيستمر عقداً من الزمن ويمكن رصد المزيد من النجوم الزائفة الرائعة خلاله.

المحتوى محمي