في وقتٍ سابق من شهر يوليو/تموز عام 2024، توصّل باحثون من مستشفى ماس للعيون والأذن (Mass Eye and Ear)، إلى أن المرضى الذين تناولوا عقارات السيماغلوتيد المُستَخدمة لعلاج مرض السكري أو فقدان الوزن (مثل أوزمبيك أو ويغوفي)، كانوا أكثر عرضة للإصابة بنوع نادر من العمى يُعرف باعتلال العصب البصري الإقفاري الأمامي غير الشرياني (NAION)، مقارنة بمَن لم يستهلكوا العقار.
اقرأ أيضاً: تعرّف إلى أشهر أدوية فقدان الوزن وآثارها الجانبية
ما هو اعتلال العصب البصري الإقفاري الأمامي غير الشرياني (NAION)؟
اعتلال العصب البصري الإقفاري الأمامي غير الشرياني (NAION)، هو حالة مرضية تحدث عند فقدان البصر في إحدى العينين نتيجة لتلف العصب البصري الناتج من نقص إمداد الدم له، ويكون غير مؤلم.
وعلى الرغم من خطورته فإنه يُعدُّ من أنواع العمى النادرة، حيث يُصيب ما بين 2-10 أفراد من كل 100 ألف شخص. في المقابل يُعدُّ ثاني أنواع العمى الناجم عن تلف العصب البصري شيوعاً بعد الغلوكوما (الزرق في العين).
وفقاً لمدير خدمة طب العيون العصبي في مستشفى ماس للعيون والأذن، الطبيب جوزيف ريزو (Joseph Rizzo)، فإن حالة العمى الناتجة عن اعتلال العصب البصري الإقفاري الأمامي غير مؤلمة وقد تتطور على مدار عدة أيام قبل أن تستقر، وثمة احتمال ضئيل نسبياً للتحسن، كما لا توجد حالياً علاجات فعّالة له.
خلال صيف عام 2023، لاحظ أطباء مستشفى ماس للعيون والأذن، تشخيص إصابة 3 مرضى بهذا النوع من العمى في أسبوع واحد، وهو أمر غير معتاد لمثل هذه الحالة النادرة.
كان العامل المشترك بين المرضى الثلاثة هو أنهم يتناولون جميعاً أدوية السيماغلوتيد، ما دفع الأطباء للبحث في الموضوع على نحو أعمق لتحديد الرابط بين حالة العمى النادرة هذه وهذه الأدوية.
ما هو الرابط بين السيماغلوتيد واعتلال العصب البصري الإقفاري الأمامي غير الشرياني؟
في الدراسة التي نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأميركية لطب العيون (JAMA Ophthalmology)، حلل فريق من الباحثين سجلات نحو 16,827 مريضاً في مستشفى ماس للعيون والأذن، من المصابين بالسكري من النوع الثاني أو زيادة الوزن، والتي تعود إلى نحو 6 سنوات، أي منذ إطلاق عقار أوزمبيك في الأسواق، الذي يحتوي على السيماغلوتيد كمادة فعّالة.
تعود بداية استخدام أدوية سيماغلوتيد إلى عام 2017، حيث تم إطلاقه في الأسواق تحت الاسم التجاري أوزمبيك لعلاج مرض السكري من النوع الثاني، ثم وافقت إدارة الغذاء والدواء عام 2021 على استخدامه لإدارة الوزن، تحت العلامة التجارية ويغوفي.
قارن الباحثون بين المرضى الذين تناولوا أدوية السيماغلوتيد، وأولئك الذين عولجوا بأنواع أخرى من أدوية علاج مرض السكري أو السمنة.
وجد الباحثون أن المرضى المصابين بداء السكري من النوع 2، والذين وصف الأطباء لهم أدوية سيماغلوتيد، كانوا أكثر عرضة للإصابة باعتلال العصب البصري الأمامي الإقفاري غير الشرياني أكثر من 4 مرات. في حين كان المرضى الذين يعانون زيادة الوزن، ووصف الأطباء لهم أدوية سيماغلوتيد، كانوا أكثر عرضة للإصابة باعتلال العصب البصري الأمامي الإقفاري غير الشرياني، أكثر من 7 مرات.
اقرأ أيضاً: هل يكون دواء السكري أوزمبيك هو الحل السحري لإنقاص الوزن؟
الاستنتاجات والقيود والبحوث المستقبلية
على الرغم من أن نتائج الدراسة تُسلّط الضوء على عقار السيماغلوتيد للنظر إليه من زاوية جديدة، فإنه ثمة بعض القيود التي قد تعوق عملية تعميم نتائج الدراسة، ومنها:
- أُجريت الدراسة في مؤسسة متخصصة في أمراض العيون، أي أن الباحثين معرضون أكثر لرؤية أعداد أكبر من حالات التهاب العصب البصري الأمامي غير الشرياني.
- أظهرت السجلات فقط صرف الأدوية، وليس الالتزام بها.
- يُعدّ اعتلال العصب البصري الأمامي الإقفاري غير الشرياني نادراً، ما ينتج عنه صعوبة تحليل الإحصائيات.
هل ينبغي التوقف عن استخدام أدوية السيماغلوتيد؟
يمكن القول إن هذه النتائج مؤقتة، ولا بُدّ من المزيد من الدراسات المستقبلية في مجموعات سكانية أكبر وأكثر تنوعاً لتأكيد الارتباط. لكن ذلك لا يلغي ضرورة أن يأخذ الأطباء بعين الاعتبار هذه المعلومات في حال كان المريض يعاني مشكلات أخرى معروفة في العصب البصري مثل الغلوكوما، أو إذا كان ثمة فقدان بصري كبير سابق لأسباب أخرى.
ومع ذلك، أكدت الشركة المصنعة لأدوية السيماغلوتيد في الولايات المتحدة، نوفو نورديسك، أن نتائج الدراسة الجديدة ليست كافية لإثبات وجود علاقة سببية بين استخدام أدوية السيماغلوتيد ومرض اعتلال العصب البصري الأمامي الإقفاري غير الشرياني.
اقرأ أيضاً: هل أدوية تخفيف الوزن الجديدة آمنة على المدى الطويل؟
سابقاً، ربطت دراسة نشرتها دورية السكري والسمنة والتمثيل الغذائي (Diabetes, Obesity and Metabolism) بين استخدام الأدوية التي تحتوي على مادة السيماغلوتيد، التي تزيد إنتاج الإنسولين في الجسم بما يقلل من مستويات السكر في الدم، مع اضطرابات الرؤية، مثل حالات جديدة أو متفاقمة من اعتلال الشبكية السكري، أو تلف الأوعية الدموية في الجزء الخلفي من العين.