كيف ينجح الممثلون في البكاء واستثارة المشاعر عند الحاجة؟

4 دقيقة
كيف ينجح الممثلون في البكاء واستثارة المشاعر عند الحاجة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/New Africa

ملخص: يتمتع الممثلون بالقدرة على استحضار الدموع لأداء مشاهدهم التمثيلية التي تتطلب البكاء، وهي موهبة لا يمتلكها الجميع، لكن لها أساس علمي قد يساعد إدراكه على إتقانها. بداية، يمكن تصنيف الدموع إلى 3 أنواع أساسية هي، الدموع القاعدية التي تحررها العين لتنظيف القرنية والحفاظ على ترطيب العين، والدموع الانعكاسية التي تفرزها العين نتيجة التعرّض للمواد المهيجة، والدموع العاطفية التي نذرفها عندما نشعر بمشاعر قوية. من أهم التقنيات التي يلجأ الممثلون لها لاستحضار الدموع أولاً، الاستدعاء العاطفي؛ أي استحضار الدموع (العاطفية) من خلال تذكر التجارب الشخصية والعواطف المرتبطة بها، حيث تخزن أدمغتنا الذكريات سواء السعيدة منها أو الحزينة، جنباً إلى جنب مع المشاعر التي شعرنا بها في ذلك الوقت. ثانياً، تعبير الوجه الحزين، مثل الجفون المتدلية والشفتين المتجهتين للأسف، حيث قد يتمكن من خداع الجهاز الحوفي في الدماغ، والمسؤول عن الإثارة العاطفية، لإنتاج الدموع. ثالثاً، التحديق ومنع العينين من الرمش، لتحفيز إفراز الدموع القاعدية. 

في كل مرة أشاهد فيها الممثل السوري خالد تاجا يبكي صديقه الذي توفي في مسلسل "الفصول الأربعة"، ويقول جملته الشهيرة "زعلان من حالي لأن دائماً بعد الموت بكتشف إني ما اطلعت منيح بعيون اللي ماتوا، ما شبعت منن" أذرف الدموع وتنهمر على وجنتي كمن يشاهده للمرة الأولى، ولربما أثار مشهد بكاء ماثيو ماكونهي في فيلم (Interstellar) بعد سماع رسالة ابنته المؤثرة تلك الدموع لديك أيضاً. إنه أداء أوسكاري من كليهما، لكن كلا المشهدين شاهدتهما من أمام شاشتك، بينما كانت أجواء تمثيلهما مختلفة عمّا شاهدته. على سبيل المثال، لا يسمع الممثل الموسيقى التصويرية المؤثرة التي تسمعها، إلى جانب وجود عدة كاميرات موجّهة إليه، وعيون تترقب أداءه من خلف الكاميرات.

فكيف يتمكن الممثل من إثارة تلك المشاعر، سواء في نفسه أو فينا عندما نشاهده؟ وكيف يستطيع استحضار دموعه التي أثّرت في كل مَن شاهدها؟ إليك التفسير العلمي لتلك الدموع.

اقرأ أيضاً: 8 حيل منزلية بسيطة لتجنب ذرف الدموع عند تقطيع البصل

الطبيعة المعقدة للدموع

بالنسبة للجميع ترتبط الدموع والبكاء بالحزن، لكنها عامة استجابة طبيعية لمشاعر ووظائف دماغية مختلفة، ويمكن تصنيفه وفقاً لسببه إلى 3 أنواع من الدموع:

  • الدموع القاعدية: هي الدموع التي تحررها العين لتنظيف القرنية (الطبقة الخارجية الشفافة للعين)، والحفاظ على ترطيب العين، وتحميها بسبب خصائصها المضادة للبكتيريا. كما قد تفرزها العين لدى الجلوس وقت طويل أمام الشاشات، والتعرّض للرياح.
  • الدموع الانعكاسية: هي الدموع التي تفرزها العين نتيجة التعرّض لبعض المواد المهيجة والجزيئات الغريبة، مثل الغبار أو الأبخرة الكيميائية المهيجة أو العطور القوية، أو رذاذ الفلفل أو رائحة البصل، كما قد تحدث بسبب السعال أو التثاؤب.
  • الدموع العاطفية: هي الدموع التي نذرفها عندما نشعر بمشاعر قوية، مثل الحزن أو الفرح أو الألم أو الإحباط. تحتوي الدموع العاطفية على تركيزات من هرمونات التوتر، مثل هرمون قشر الكظر، ومسكن إنكيفالين، ما قد يساعد على تخفيف التوتر، لذا غالباً ما يشعر الأشخاص بتحسن بعد البكاء. وعلى عكس النوعين السابقين، يمكن للفرد حبس الدموع العاطفية طواعية، والتوقف عندما يريد ذلك.

قد يختلف قوام الأنواع الثلاثة للدموع، لكن ذلك لا يمكن ملاحظته بصرياً، بل يمكن التمييز بينها من خلال المؤشرات الجسدية المرافقة لكل منها؛ إذ غالباً ما ترتبط الدموع العاطفية بتغيرات جسدية مثل احمرار العينين وتشنج الوجه، وتغير نبرة الصوت، وزيادة معدل ضربات القلب، وانخفاض معدل التنفس، بينما تفتقر الدموع الأساسية والانعكاسية لهذه الإشارات.

كيف يستطيع الممثل استحضار دموعه؟

تتوفر بعض التقنيات التي يلجأ إليها الممثلون لاستحضار دموعهم في المشاهد التي تستدعي البكاء وذرف الدموع، ومنها:

الاستدعاء العاطفي

الاستدعاء العاطفي، المعروف أيضاً باسم الذاكرة الحسية، هو تقنية تُستخدم في التمثيل لاستحضار المشاعر الحقيقية من خلال تذكر التجارب الشخصية والعواطف المرتبطة بها. يمكن تشبيه ذلك بتصفح ألبوم صور، حيث تكون الصور الأكثر إثارة للإعجاب هي تلك التي تستطيع إثارة مشاعرك.

في الواقع تُعدّ هذه التقنية فعّالة في إثارة الدموع العاطفية، لأنها تنطوي على مشاعر حقيقية، حيث تخزن أدمغتنا الذكريات سواء السعيدة منها أو الحزينة، جنباً إلى جنب مع المشاعر التي شعرنا بها في ذلك الوقت.

عندما يتذكر الممثل تلك الذكرى، يمكنه إعادة إحياء المشاعر التي عاشها، حيث تنشط المسارات العصبية المرتبطة بهذه المشاعر، وتُثير الاستجابات الفيزيولوجية ذاتها، بما فيها الدموع، ما يجعل أداء الممثل أكثر أصالة.

تعبير الوجه الحزين

عندما نشعر بالحزن، يرسل الجهاز الحوفي في الدماغ، والمسؤول عن الإثارة العاطفية، إشارات إلى الجسر أو ما يُعرف باسم "محطة الرسائل" في الدماغ، ثم ينقل الجسر هذه الإشارات إلى الجهاز الدمعي، المسؤول عن إنتاج الدموع.

يمكن أن يؤدي تعبير الوجه عن الحزن، مثل الجفون المتدلية والشفتين المتجهتين للأسفل والخدين المرتفعين، إلى تكثيف هذه الإشارات، ما يؤدي إلى إنتاج الدموع العاطفية.

اقرأ أيضاً: ما هي الدموع؟ وما وظائفها الأساسية؟

التحديق

هل تذكر مسابقة التحديق التي لعبتها مع صديقك في الطفولة، إنها تتضمن فتح العينين ومحاولة منعهما من الرمش. إن مهمة رمش الجفنين هي إبقاء العينين رطبتين، لكن فتحهما بهذه الطريقة يعرّضهما للجفاف، ما يحفّز الجسم على إفراز الدموع الأساسية.

يمكن للممثل زيادة تأثير الجفاف لتحفيز المزيد من الدموع من خلال الطلب من شخص آخر النفخ فيهما. في الأحوال كلها ينبغي ألّا تسمح بدخول أجسام غريبة إلى العينين، لذا يُفضل دائماً اتباع أسلوب التحديق في أماكن مغلقة.

قطرات العين

قد يستخدم الممثلون قطرات ترطيب العين، أو ما يُعرف بالدموع الاصطناعية. يمكن تقطيرها إمّا مباشرة في العينين أو على الجلد بالقرب من الزوايا الداخلية لكل عين، ما يخلق تأثير تدفق الدموع على الوجه.

هذه القطرات آمنة للاستخدام الجانبي، ولكن من المهم اتباع التعليمات الموجودة على الملصق أو الطبيب المختص.

منتجات المنثول

تتنوع منتجات المنثول، لكنها في المجمل تحتوي على مكون أساسي هو المنثول. يحفّز المنثول إنتاج الدموع عن طريق خلق إحساس بالبرودة عند وضعه بالقرب من العينين. أفادت دراسة نشرتها دورية طب العيون الاستقصائي وعلوم الرؤية (Investigative Ophthalmology & Visual Science)، بأن المنثول ينشّط مستقبلات (TRPM8) في خلايا القرنية الباردة، وهي مستقبلات حساسة للبرد في الجلد والأغشية المخاطية، ما يؤدي إلى زيادة إنتاج الدموع دون التسبب في الألم (الاستجابات المسببة للألم) عند تركيزات منخفضة.

المحتوى محمي