كيف نحافظ على الكتلة العضلية مع التقدم في العمر؟

3 دقيقة
كيف نحافظ على الكتلة العضلية مع التقدم في العمر؟
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: إيناس غانم.

مع التقدم في العمر، يعاني العديد من الأفراد فقداناً تدريجياً في الكتلة العضلية والقوة، وهي حالة تُعرف بالساركوبينيا (Sarcopenia). يؤدي ذلك إلى ضعف الحركة، وزيادة خطر السقوط، وتراجع جودة الحياة عموماً. لحسن الحظ، تشير أدلة علمية عديدة إلى أن تمارين المقاومة، مثل رفع الأثقال أو استخدام الأشرطة المطاطية، تعد من أكثر الوسائل فعالية للحفاظ على الكتلة العضلية وتقويتها.

على الجانب الآخر، عندما نمارس هذه التمارين، تنمو العضلات المستهدفة "المشاركة" مباشرة وتزداد حجماً بسبب التضخم العضلي. لكن ماذا عن العضلات "غير المشاركة"؟ وفقاً لدراسة حديثة، قد يزداد حجم العضلات المشاركة على حساب العضلات غير المشاركة، خاصة عند نقص التغذية. في هذا المقال، نتعرف إلى طريقة جديدة لتجنب فقدان العضلات مع تقدم العمر، وإلى أبرز أسباب فقدان الكتلة العضلية، ونصائح للحفاظ عليها وتقويتها.

اقرأ أيضاً: مع تقدمنا في العمر: فقدان العضلات سبب لكثير من المشاكل الصحية

دراسة جديدة تسلط الضوء على ديناميات العضلات خلال التدريب وتأثيرات التغذية

نشرت هذه الدراسة دورية الطب والعلوم في الرياضة والتمارين الرياضية (Medicine & Science in Sports & Exercise)، وشملت 21 مبتدئاً في برنامج تدريب على تمارين المقاومة استمر 10 أسابيع، واستهدف عضلات الذراعين والساقين باستخدام تمارين لمفصل واحد. تناول المشاركون خلال البرنامج الطعام بحرّية، وسجلوا استهلاكهم للطاقة والبروتين يومياً.

قاس الباحثون حجم 17 عضلة مشاركة و13 عضلة غير مشاركة باستخدام تقنيات تصوير ثلاثية الأبعاد، وبحثوا عن علاقة هذه التغيرات باستهلاك البروتين ومدخول الطاقة.

وجد الباحثون أن العضلات التي تم استهدافها في التمارين جميعها زاد حجمها بمعدل تراوح بين +2.2% إلى +17.7%. بينما انخفض حجم بعض العضلات غير المشاركة، مثل العضلة المقربة الكبيرة (adductor magnus) وعضلة النعل (soleus)، بنسبة -1.5% و-2.4% على التوالي. كذلك، حافظ المشاركون الذين كان مدخولهم من الطاقة والبروتين كافياً على حجم العضلات غير المشاركة بصورة أفضل مقارنةً بمن كان مدخولهم أقل من مصادر الطاقة.

استنتجت الدراسة أن نقص التغذية قد يدفع الجسم إلى إعادة تخصيص موارده؛ حيث تضطر العضلات غير المشاركة إلى "التضحية" بحجمها لدعم نمو العضلات المشاركة. فحتى مع ممارسة التمارين، يزيد نقص البروتين أو السعرات الحرارية احتمالية فقدان الكتلة العضلية. في حين يرتبط استهلاك مصادر الطاقة الكافية، وبالأخص البروتين، إيجابياً بالنمو الكلي للعضلات وتغيرات حجم العضلات غير المشاركة.

بالإضافة إلى ذلك، تشير نتائج الدراسة إلى أن التمارين التي تستهدف عضلات معينة تؤدي إلى زيادة حجمها على حساب العضلات غير المستهدفة؛ ما يؤكد أهمية تصميم برامج تدريب تغطي العضلات الأساسية جميعها.

اقرأ أيضاً: شيخوخة العضلات: ما هي التغيرات العضلية الهيكلية التي ترتبط مع التقدم بالعمر؟

لماذا نفقد الكتلة العضلية؟

يبدأ تراجع العضلات عادةً في العقد الثالث من العمر ويتسارع بعد سن الخمسين، بمعدل انخفاض يتراوح بين 3-8% لكل عقد. قد ترجع أسباب هذه الحالة إلى التغيرات الهرمونية، وانخفاض إنتاج الهرمونات خاصة التستوستيرون وهرمون النمو، إلى جانب انخفاض النشاط البدني، ونقص البروتين في النظام الغذائي، إضافة إلى أمراض مزمنة قد تسهم في تفاقم المشكلة.

إلا أن ممارسة تمارين المقاومة بانتظام، يمكن أن تحفز بناء البروتين العضلي وتقلل خسارة العضلات، حتى في الأعمار المتقدمة.

فمع أن التغذية عموماً تؤدي دوراً محورياً في دعم الكتلة العضلية، يعد البروتين العنصر الأساسي في بناء العضلات. ويختلف معدل استهلاك البروتين الموصى به باختلاف عوامل مثل العمر والحالة الصحية ومعدل النشاط البدني. لكن بصفة عامة، تشير التوصيات الغذائية العالمية إلى تناول 0.8-1 غرام من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم يومياً للشخص البالغ السليم.

علاوة على ذلك، يعزز توزيع استهلاك البروتين بالتساوي على وجبات اليوم تأثيره الإيجابي في العضلات. كما تعد الكربوهيدرات والدهون الصحية مصادر مهمة للطاقة اللازمة في أثناء التمارين، ما يحسن الأداء البدني ويسرّع تعافي العضلات.

خطوات عملية للحفاظ على العضلات

يمكن أن تساعدك الاستراتيجيات العملية التالية في الحفاظ على العضلات وتقويتها:

  • التدريب المنتظم: مارس تمارين المقاومة مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً، أو نحو 150 دقيقة من التمارين متوسطة الشدة أسبوعياً، مع التركيز على تنويع التمارين لتشمل عضلات الجسم العلوية والسفلية. ومن ثم يمكنك البدء بتدريبات خفيفة وزيادة الشدة بمرور الوقت. يؤكد المدرب الرياضي، فيصل الأسمري، أن ممارسة التمارين الرياضية مثل القرفصاء والضغط، ولو فترات قصيرة سواء مرة أم مرتين في عطلة نهاية الأسبوع، قد تحقق فوائد صحية كبيرة وتزيد قوة العضلات، دون الحاجة إلى جدول رياضي مكثف. موضحاً أنها تحسن قوة العضلات، ويسهل دمجها في الجدول اليومي، وتشجع الشخص على الاستمرارية في التمرين بمرور الوقت، وتحسن المزاج والصحة النفسية.
  • النظام الغذائي المتوازن: تناول وجبات متوازنة تشمل البروتين، والكربوهيدرات، والدهون الصحية مع التركيز على مصادر غنية بالبروتين عالي الجودة مثل اللحوم الخالية من الدهون، والأسماك، والبيض، ومنتجات الألبان. وينبغي للبالغين الأصحاء، حسب نصائح المختصين، أن يكون ما يتراوح بين 10% و35% من السعرات الحرارية اليومية التي يحصلون عليها مصدرها البروتين، إضافة إلى الدهون الصحية مثل زيت الزيتون والمكسرات.
  • التخلص من العادات السلبية: تجنب الجلوس فترات طويلة، وحافظ على النشاط اليومي مثل المشي أو ركوب الدراجة.
  • الدعم بالمكملات الغذائية: قد تساعد مكملات البروتين والأحماض الأمينية من يعانون صعوبة في تلبية احتياجاتهم الغذائية اليومية.

اقرأ أيضاً: «الساركوبينيا»: ما سُبل الوقاية من فقدان العضلات الناجم عن التقدم بالعمر؟

يمكن للأفراد من جميع الأعمار، وخاصة كبار السن، الحفاظ على الكتلة العضلية وتقليل مخاطر ضمور العضلات من خلال الدمج بين ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والتغذية السليمة. فهذا النهج لا يحافظ على الكتلة العضلية فحسب، بل يحسّن نوعية الحياة ويقلل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة المرتبطة بالتقدم في العمر.

المحتوى محمي