هل تستهلك الكمية الكافية من البروتين لبناء عضلاتك؟

5 دقيقة
هل تستهلك الكمية الكافية من البروتين لبناء عضلاتك؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/BAHO-CG

عندما يتعلق الأمر بتضخيم العضلات، فإن النظام الغذائي غالباً ما يتمحور حول البروتين، لكن ما العلاقة بين تناول البروتين ونمو العضلات؟ وما هي كمية البروتين التي يحتاج إليها الجسم لبناء العضلات؟ سواء كنت رياضياً محترفاً أم شخصاً بدأ للتوّ رحلته في اللياقة البدنية، إليك ما تحتاج إلى معرفته.

لماذا يعد البروتين مهماً لنمو العضلات؟

يوفر البروتين اللبنات الأساسية لنمو العضلات، وهي الأحماض الأمينية، والتي تعد ضرورية لإصلاح أنسجة العضلات وبنائها. إذ تتعرض العضلات لتمزقات صغيرة بعد ممارسة التمارين الشاقة، وهو ما يُعرف بـ "انهيار بروتين العضلات" (Muscle Protein Breakdown) أو اختصاراً (MPB)، لذا تحتاج إلى البروتين لإصلاح هذه التمزقات.

تنتقل الأحماض الأمينية إلى مواقع التمزقات العضلية، وترتبط هناك ببروتينات العضلات الهيكلية وتشكل بروتينات عضلية جديدة. تُعرف هذه العملية بـ "تركيب البروتين العضلي" (Muscle Protein Synthesis) أو اختصاراً (MPS)، وينتج عنها إصلاح الألياف التالفة وبناء أنسجة عضلية أقوى.

تعتمد الزيادة في البنية العضلية على الموازنة ما بين عمليتي انهيار بروتين العضلات وتركيب بروتين العضلات، فإذا تجاوزت عملية تركيب البروتين مقدار انهياره، تنمو العضلات وتتضخم، لكن عندما يحدث العكس تفقد العضلات بنيتها. وفي حالة التوازن بينهما، يكون الجسم في حالة توازن تُعرف بالصيانة، لا يحدث فيها تضخم للعضلات أو هزال.

يمكن تعزيز عملية تركيب البروتين من خلال زعزعة التوازن لصالح تركيب البروتين العضلي، وهو ما قد يحدث بتأثير عاملين أساسيين هما: شدة التمارين الرياضية وتناول ما يكفي من البروتين.

اقرأ أيضاً: ما هو مقدار التمارين الرياضية التي يجب أن نمارسها حتى نحافظ على لياقتنا؟

تأثير شدة التمارين الرياضية في بناء العضلات

كلما زادت شدة التمرين، زاد تكسير العضلات الذي يحفز إصلاح الأنسجة، وزاد معه معدل تركيب البروتين العضلي.

يمكن قياس شدة التمرين بما يسمى "الحد الأقصى للتكرار الواحد" (One-repetition maximum) أو اختصاراً (1RM)، وهو الحد الأقصى للوزن الذي يمكنك رفعه في تكرار واحد. فإذا كنت تحمل 40% من الوزن الأقصى الذي يمكنك حمله في المرة الواحدة، فلن يتأثر معدل تركيب البروتين العضلي، أما إذا كنت تحمل أكثر من 60% من الوزن الأقصى الذي يمكنك حمله في المرة الواحدة، فسيتضاعف معدل تركيب البروتين بنحو 2-3 أضعاف. 

على سبيل المثال، إذا كنت تعتقد أن الوزن الأقصى الذي تستطيع حمله مرة واحدة هو 100 كيلوغرام، عليك أن تبدأ أولاً بتمارين التحمية، ثم تحمل 40 كيلوغراماً من 6 إلى 10 تكرارات، وفي هذه المرحلة لن يتأثر معدل تركيب البروتين العضلي، ثم زد الوزن حتى 60 كيلوغراماً وكرره ثلاث مرات، هنا ستيضاعف معدل تركيب البروتين بنحو 2-3 مرات. فإذا وصلت إلى وزن 100 كيلوغرام وكررته مرة واحدة وشعرت أنك لا تستطيع تكراره أكثر من ذلك، فإنك بذلك وصلت إلى الحد الأقصى للوزن الذي يمكن حمله مرة واحدة (1RM).

أي إن التمارين العضلية منخفضة الشدة لا تساعد على زيادة تركيب البروتين العضلي، وهو ما قد يكون السبب في أن بعض الأشخاص يمارس التمارين الرياضية بانتظام دون أن يلحظوا تغيراً في الكتلة العضلية.

اقرأ أيضاً: حتى لا تؤذي عضلاتك: أهم الممارسات المفيدة والضارة في تعافي العضلات

ما هي كمية البروتين اللازمة لبناء العضلات؟

يحفز تناول البروتين تركيب البروتين العضلي، لكنّ ذلك إلى حدّ معين، إذ يستفيد فيه الجسم مما يصله من الأحماض الأمينية الأساسية الضرورية لتركيب البروتين العضلي، ثم يحوّل الباقي إلى الكبد لتحويل الهيكل الكربوني منه إلى غلوكوز أو دهون، والمجموعات الأمينية إلى يوريا تُفرز مع البول.

عموماً، تبلغ الكمية الغذائية الموصى بها يومياً من البروتين (RDA) نحو 0.8 غرام/كيلوغرام من وزن الجسم، وهي الحد الأدنى المطلوب لمنع نقص البروتين، وليس ما يحتاجه الجسم لتركيب البروتين وزيادة كتلة العضلات.

أما بالنسبة للرياضيين والذين يمارسون رياضات التحمل أو القوة لبناء العضلات، فإنهم يحتاجون يومياً كمية أكبر من البروتين مقارنة بالأشخاص الذين يحافظون على كتلة عضلاتهم، حيث توصي أكاديمية التغذية وعلم التغذية (The Academy of Nutrition and Dietetics) بتناول ما بين 1.2-2 غرام من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم يومياً. 

على سبيل المثال، إذا كان وزن الرجل نحو 70 كيلوغراماً، ويمارس رياضة رفع الأثقال متوسطة الشدة، فإن كمية البروتين التي يحتاج إلى تناولها لبناء العضلات تعادل:

70 (وزن الجسم) × 1.7 (توصيات مدخول البروتين بالنسبة لنشاطه) = 119 غراماً من البروتين يومياً.

وفي دراسة نشرتها دورية المغذيات (Nutrients)، تَبين أن الأشخاص الذين يحاولون إنقاص الوزن مع الحفاظ على الكتلة العضلية، أو يسعون لزيادتها، يحتاجون إلى كميات أكبر من البروتين تتراوح بين 2.3 -3.1 غرامات لكل كيلوغرام من وزن الجسم. 

وفي حالات تقييد الطاقة (الصيام) أو الخمول المفاجئ كما يحدث نتيجة للإصابة، قد يكون تناول كميات أعلى من البروتين على مدار اليوم مفيداً في منع فقدان الكتلة العضلية الخالية من الدهون.

وفقاً للدراسة المنشورة في مجلة الجمعية الدولية للتغذية الرياضية (Journal of the International Society of Sports Nutrition)، ينبغي استهلاك نحو 0.4 - 0.5 غرام من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم في أثناء التدريب. وسطياً، تُعدّ كمية 20 - 40 غراماً من البروتين كافية، وهو ما يمكن الحصول عليه من وجبة واحدة من بروتين مصل اللبن، أو نحو 113 غراماً من البروتين الحيواني، أو كوب واحد من البروتينات النباتية المختلطة، مثل الأرز والفاصوليا.

اقرأ أيضاً: العلم وراء تناول البروتين بعد التمرين: هل هي ممارسة ضرورية؟

ما هو نوع البروتين الذي تحتاج إليه؟

لبناء كتلة العضلات على فعال، تحتاج إلى بروتينات عالية الجودة، تحتوي على الأحماض الأمينية الأساسية التي يحتاجها الجسم جميعها. على وجه التحديد تحتاج إلى ما يُعرف بالأحماض الأمينية المتفرعة السلسلة (BCAAs) وهي عبارة عن 3 أنواع من الأحماض الأمينية، هي الليوسين، والأيزوليوسين، والفالين. تؤدي هذه الأحماض دوراً حيوياً في تحفيز تركيب بروتين العضلات، على وجه الخصوص الليوسين. علاوة على ذلك، قد تساعد الأحماض الأمينية المتفرعة على:

  • تعزيز نمو العضلات.
  • تخفيف آلام العضلات.
  • تقليل الشعور بالتعب عند ممارسة التمارين الرياضية.
  • منع ضمور العضلات.

عموماً، لبناء كتلة العضلات على نحو فعال، تحتاج إلى بروتينات عالية الجودة توفر الأحماض الأمينية الأساسية التي يحتاجها الجسم جميعها، وهي غالباً ما تكون من مصادر حيوانية. ومن أهم هذه المصادر:

  • بروتين مصل اللبن: بروتين سريع الهضم غني بالأحماض الأمينية المتفرعة السلسلة (BCAAs). أفادت دراسة نشرتها المجلة الأميركية للتغذية السريرية (The American Journal of Clinical Nutrition) بأن تناول جرعة قدرها 40 غراماً من بروتين مصل اللبن زادت معدل تركيب بروتين العضلات بنسبة 56%، وأن تناول 20 إلى 40 غراماً من بروتين مصل اللبن بعد تدريبات المقاومة زاد تركيزات الفينيل ألانين والليوسين والثريونين، وهي الأحماض الأمينية الأساسية المرتبطة بنمو العضلات الهزيلة.
  • بروتين الكازين: بروتين بطيء الهضم، يوجد في الحليب ومنتجات الألبان، مثالي لتوفير إمداد ثابت من الأحماض الأمينية على مدار عدة ساعات.
  • بروتين البيض: البيض مصدر بروتين كامل، لأنه يحتوي على الأحماض الأمينية الأساسية جميعها. تحتوي البيضة تقريباَ على 6.28 غرامات من البروتين.
  • لحم الدجاج: مصدر خالٍ من الدهون للبروتين عالي الجودة، ومليء بالأحماض الأمينية الأساسية. كل 100 غرام يحتوي على نحو 16.5 غراماً من البروتين.
  • الأسماك: الأسماك، مثل السلمون والتونة، هي مصادر ممتازة للبروتين، بالإضافة إلى أحماض أوميغا 3 الدهنية الصحية.
  • لحم البقر الخالي من الدهون: يوفر بروتيناً عالي الجودة إلى جانب العناصر الغذائية المهمة مثل الحديد وفيتامين ب 12.

ينبغي التنويه إلى أن البروتين ضروري لبناء البروتين العضلي، لكن لا بد أيضاً من توفير طاقة كافية خاصة من الكربوهيدرات، لأنها تساعد على إعادة شحن مخازن الغليكوجين في العضلات، وتحفز إفراز الإنسولين الذي يساعد خلايا العضلات على امتصاص البروتين.

اقرأ أيضاً: بروتين نباتي أم حيواني؟ وما الفرق بينهما؟

أفضل وقت لتناول البروتين لبناء العضلات

أشارت دراسة نشرتها مجلة الجمعية الدولية للتغذية الرياضية إلى أن النافذة الابتنائية قد تمتد إلى الـ 5 - 6 ساعات المحيطة بالتدريب، وهي الوقت الأمثل لتعزيز المكاسب العضلية وتحقيق أقصى قدرٍ من المكاسب من صالة الألعاب الرياضية من خلال التغذية. علاوة على ذلك، أفادت الدراسة بأن تناول البروتين قبل ممارسة التمارين الرياضية يلغي الحاجة إليه بعد التمرين مباشرة.

كما أجرى باحثون من جامعة ماري هاردين بايلور (University of Mary Hardin Baylor) تجربة عشوائية، نشرتها مجلة بير جيه (PeerJ) تناول فيها المشاركون مكملات البروتين قبل التمرين وبعده، في مجموعتين منفصلتين. بعد 10 أسابيع من ممارسة تمارين القوة بانتظام، واستهلاك البروتين في الوقت المناسب، شهدت كلتا المجموعتين تغييرات مماثلة في تركيب الجسم والقوة؛ ما يعني أن البروتين فعّالٌ بالقدر نفسه سواء كان قبل التمرين أم بعده.

المحتوى محمي