هناك مادتان، إحداهما معروفة بقدرتها على تنظيف المسابح والأخرى بقدرتها على ترطيب البشرة الجافة، قد تساعدان على حماية المرجان وخفض مقاومة المضادات الحيوية والتلوث في المحيط. قد تمثّل عجينة مصنوعة من الكلور وزبدة الكاكاو علاجاً مستقبلياً للشعاب المرجانية الأطلسية التي تعاني مرض فقدان أنسجة المرجان الحجري (SCTLD). وصف الباحثون النتائج التجريبية في دراسة نشرتها مجلة آفاق في علم البحار (Frontiers in Marine Science) بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
ما هو مرض فقدان أنسجة المرجان الحجري؟
تواجه الشعاب المرجانية على مستوى العالم تهديداً كبيراً بسبب ارتفاع درجة حرارة المحيطات وتدهور المواطن والتلوث والأمراض. مرض فقدان أنسجة المرجان الحجري هو مرض شديد الفتك يصيب المرجان رصده الخبراء أول مرة عام 2014. وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، يصيب هذا المرض أكثر من 20 نوعاً من المرجان وينتشر في شعاب 18 دولة ومنطقة. يتجلى مرض فقدان أنسجة المرجان الحجري على شكل بثور تظهر على المرجان وتتلف الأنسجة الرخوة لهذه الحيوانات في النهاية، وهو خطير بصورة خاصة لأنه ينتقل بسرعة كبيرة وينتشر عبر العديد من المضيفين ويتسبب بمعدل وفيات مرتفع؛ إذ إنه يقتل المرجان عادة في غضون أسابيع أو أشهر من الإصابة.
اقرأ أيضاً: كيف يؤثر التلوث الضوئي على الشعاب المرجانية في البحر الأحمر والخليج العربي؟
المضادات الحيوية مثل الأموكسيسيلين هي العلاج الأكثر شيوعاً الذي يستخدمه علماء الأحياء البحرية لإيقاف انتشار مرض فقدان أنسجة المرجان الحجري. مع ذلك، يترافق استخدام هذه الأدوية بآثار جانبية مثل ازدياد مقاومة المضادات الحيوية، تماماً كما يحدث لدى البشر.
قالت عالمة الأحياء البحرية في جامعة قطر والمؤلفة المشاركة للدراسة الجديدة، غريتا إيبي، في بيان صحفي: "التلوث بالمضادات الحيوية هو مشكلة عالمية، لذلك نحن نعمل على تطوير علاج مختلف عن المضادات الحيوية من شأنه أن يبطئ أمراض فقدان الأنسجة".
الأموكسيسيلين مقابل الكلور
قارن فريق الدراسة الجديدة فعالية العلاجات المختلفة لمرض فقدان أنسجة المرجان الحجري من خلال استخدامها لعلاج الشعاب المرجانية المصابة في شعب هورسشو (Horseshoe Reef) بالقرب من جزر العذراء البريطانية. عالج الباحثون مجموعة من المرجان بالأموكسيسيلين، بينما عالجوا مجموعة أخرى بمعجون يحتوي على مزيج من الكلور وزبدة الكاكاو.
قالت إيبي: "المادة الفعالة في هذا المزيج هي هيبوكلوريت الصوديوم، وهو مطهّر نستخدمه عادة لقتل البكتيريا أو الفيروسات. مسحوق الكلور الذي استخدمناه في العلاج الذي طورناه هو نفسه المستخدَم لقتل الجراثيم في المسابح، بينما كانت زبدة الكاكاو مجرد وسيلة لإيصال المادة الفعالة؛ إذ إنها أتاحت لنا وضع الكلور على بثور المرجان".
منح الباحثون العلاجين مباشرة للمرجان وتحققوا من حالة الشعاب كل 4 أو 5 أسابيع. قاس الباحثون البثور ووصفوها في رحلات التحقق هذه، ثم استخدموا العلاج مجدداً عند الحاجة. بعد نحو 80 يوماً، بلغ متوسط نسبة الأنسجة المفقودة 17.6% في مستعمرات المرجان المعالجة بالكلور و1.7% في مستعمرات المرجان المعالجة بالأموكسيسيلين.
حل أفضل للمحيطات
على الرغم من أن العلاج بالمضادات الحيوية التقليدية كان أنجح في احتواء انتشار المرض، فن هذه الأدوية تترافق بآثار جانبية غير مرغوب فيها؛ إذ إنها قد تؤدي إلى ازدياد مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، واستخدام علاج مثل ذلك المعتمد على الكلور قد يساعد على خفض هذا الخطر.
قالت إيبي: "سيزداد خطر تعرّض أي كائن حي يعيش في هذا الوسط، من سرطانات البحر إلى الأسماك وحتى البشر، للبكتيريا التي أصبحت أكثر مقاومة للمضادات الحيوية".
بالإضافة إلى ذلك، قد يكون تأثير علاجات المضادات الحيوية في البيئة كبيراً أيضاً؛ إذ إنها قد تسمم الكائنات الحية الأخرى وتزيد مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، ما يجعل علاج الأمراض البكتيرية أصعب. معجون الكلور وزبدة الكاكاو قابل للتحلل الحيوي أكثر، إضافة إلى أن فعالية الكلور تزول على نحو طبيعي خلال 24 ساعة. تكلفة إنتاج هذا المعجون أخفض بكثير أيضاً لأن مكوناته متوافرة في متاجر المعدات والصيدليات.
قالت عالمة الأحياء البحرية في وزارة البيئة والموارد الطبيعية والتغير المناخي في جزر العذراء البريطانية والمؤلفة المشاركة للدراسة، أرجيل هورتون، في بيان صحفي: "إنتاج معجون المضاد الحيوي صعب وتكلفته مرتفعة غالباً بالنسبة لدعاة الحفاظ على البيئة الذين يعملون في جزر الكاريبي بتمويل ضئيل".
المقاومة الأعلى للمحيطات النظيفة
لم تستجب الشعاب المرجانية جميعها في الدراسة للعلاجات بالدرجة نفسها. بالنظر إلى أن عدد الأنواع المعروفة من المرجان يتجاوز 6 آلاف نوع، فهناك العديد من الأنواع التي تعيش في بيئات مختلفة لم تشملها الدراسة الجديدة. يأمل الفريق أن يتمكن العلماء من اختبار فعالية طرق علاجية مختلفة على أنواع مختلفة من المرجان في الدراسات المستقبلية.
اقرأ أيضاً: تعرف إلى الشعاب المرجانية وأهميتها في الحفاظ على البيئة البحرية
على الرغم من أن علاج الأمراض التي يعانيها المرجان مفيد، فإن العلاجات لا تقضي على هذه الأمراض في جماعات المرجان، تماماً كما أن علاج نزلات البرد لا يؤدي إلى إيقاف انتشارها بين البشر. قد تعمل العلاجات المعتمدة على آليات مباشرة أكثر على تخفيض أثر مسببات الأمراض في البيئة، لكن معالجة مستعمرات المرجان يدوياً وعلى نحو فردي كما فعل فريق الدراسة الجديدة ليس عملياً على المدى الطويل أو على نطاق واسع.
قالت إيبي: "الاستراتيجية الأفضل هي تحسين الظروف البيئية بطريقة تزيد قدرة الشعاب المرجانية على مقاومة الأمراض بنفسها، وقد ينطوي ذلك على إزالة التلوث من المياه وإعادة التوازن للنظام البيئي".