شارك
الرئيسية
يقول أينشتاين: "المعدة الفارغة تصنع القرارات السيئة"، ويمكن أن يلخص بهذا القول تأثير الجوع على اتخاذنا القرارات الحياتية وتفكيرنا وقيامنا بواجباتنا، لكن حتى لو كنا جميعاً قد اختبرنا شعور الجوع، فنحن بحاجة لفهم آلية حدوثه، فعندما نفهم آلية عمل أجسامنا نستطيع التعامل معها بشكل أفضل وأكثر حكمة.
كيف يحدث الجوع في الجسم؟
يمكن تشبيه آلية حدوث الجوع بالجسم مثل السيمفونية التي تعمل بشكلٍ متناسق بعناصرها كافة، حيث يتم إرسال العديد من الإشارات المختلفة من المعدة للدماغ ومن الدماغ للمعدة، ويتم إطلاق عدة إشارات وهرمونات في فترات مختلفة قبل وأثناء وبعد الهضم لتنسيق عملية الجوع والشبع، ويمكن تلخيص كيفية حدوث الجوع بالنقاط التالية:
- يبدأ الجوع بعد استنفاد كل الطعام الموجود في المعدة، حينئذ تتحفز منطقة من الدماغ تسمى الوطاء، وهي منطقة صغيرة موجودة في منتصف الدماغ، تساعد على تنظيم وظائف الجسم مثل الحفاظ على دورة النوم وإفراز الهرمونات المهمة والحفاظ على ضغط الدم وغيرها من العمليات الفيزيولوجية.
- حينما تبدأ مستويات السكر في الدم والإنسولين في الانخفاض، تستشعر مستقبلات المعدة الفراغ، فتُفرز المعدة هرمون الجوع أي الغريلين.
- عندما يتلقى الوطاء الإشارة من هرمون الغريلين، فإنه يؤدي إلى إطلاق الببتيد العصبي الذي يحفّز الجوع وإنتاج أحماض المعدة لهضم الطعام.
- يسبب الغريلين تقلص عضلات المعدة والأمعاء للمساعدة على هضم الطعام، وفي حال كانت المعدة والأمعاء فارغة سيصدر صوت قرقعة البطن الذي يدل على الجوع.
اقرأ أيضاً: لماذا نشعر بالجوع أكثر في فصل الشتاء؟ وما دور هرمون الثيروكسين في ذلك؟
كيف يحدث الشبع؟
بعد تناول وجبة من الطعام، تقوم المستقبلات الموجودة بالمعدة بإرسال إشارات عصبية إلى الدماغ لكي تبلغه بأنها ممتلئة، وذلك عن طريق المركبات التالية:
- اللبتين: وهو هرمون يُنتج بواسطة الخلايا الدهنية في النسيج الشحمي، يرسل إشارات إلى الدماغ بوجود كفاية من الطعام.
- الببتيد البنكرياسي (PYY): وهو هرمون يفرز من الأمعاء الدقيقة بعد الأكل ويثبط إشارات الجوع.
- الكولسيستوكينين (Cholecystokinin): وهو هرمون يتم إطلاقه بعد تناول الطعام من الأمعاء الدقيقة، ويقلل من الشعور الجوع عن طريق إبطاء إفراغ المعدة.
ماذا يحدث للجسم عندما تبقى جائعاً لفترة طويلة؟
يمر الجسم بعدة مراحل خلال الجوع، وكلما ازدادت مدة الشعور بالجوع ازدادت الآثار الصحية السلبية على الجسم، ويمكن تقسيم مراحل الجوع حسب طول الفترة كما يلي:
-
خلال أول 6 ساعات من الجوع
يظل الجسم طبيعياً دون طعام أول 6 ساعات، حيث يقوم بالاستفادة من مصادر الطاقة المختزنة بالجسم، مثل الغليكوجين الذي يتحول إلى غلوكوز يغذّي الدماغ وأنسجة العضلات وكرات الدم الحمراء.
-
بعد مضي 6 ساعات من الجوع
يستنفد الجسم الغليكوجين المخزن، ما يجعلك تشعر بالجوع، ويبقى الجسم في مرحلة الكيتوزية حيث يحاول الجسم التعود على الصيام، فيقوم بتحطيم الدهون إلى أحماض دهنية طويلة السلسلة لا يمكن للدماغ استخدامها، لذا يبدأ الدماغ في استخدام الأجسام الكيتونية للتغذي وهي مشتقات قصيرة السلسلة من الأحماض الدهنية، لكنها لا تعد غذاءً مناسباً للدماغ، ما يسبب ضعفاً في الأداء الفكري.
اقرأ أيضاً: لماذا قد نشرب القهوة ثم ننام؟
-
بعد 72 ساعة من الجوع
يبدأ الدماغ في تكسير بروتين الجسم إلى أحماض أمينية يتم تحويلها بعد ذلك إلى غلوكوز يغذي الدماغ، ويظهر في هذه المرحلة فقدان واضح للدهون في الجسم مع انخفاض بالكتلة العضلية، وإيقاف الدورة الشهرية لدى الإناث لتقليل استهلاك الطاقة، وتضعف مناعة الجسم ما يجعله عرضة لجميع أنواع الأمراض.
-
بعد أسبوعين من الجوع
إن تمكن الشخص من الوصول للأسبوع الثاني دون طعام، سيستمر الجسم في استخدام جميع مصادر طاقة الجسم بشكلٍ تام، ويمكن للشخص الجائع أن يموت في غضون 3 أسابيع إذا لم يبدأ في الأكل.
ويحتاج الرجل إلى أن يكون مؤشر كتلة الجسم أكثر من 13، وتحتاج المرأة إلى أن يكون مؤشر كتلة الجسم أكثر من 11 للحفاظ على الحياة، وفي حال قل عن ذلك سيكون خطر الموت من الجوع وشيكاً.
ما الأطعمة الأكثر إشباعاً؟
يمكن لبعض أنواع الأغذية أن تزيد من شعور الشبع، ومنها ما يلي:
- البطاطس المسلوقة أو المشوية.
- البقول مثل الفول والبازلاء والحمص والعدس.
- منتجات الألبان قليلة الدسم.
- البيض، ويعد مصدراً ممتازاً للبروتينات والفيتامينات والمعادن.
- المكسرات، وهي غنية بالبروتينات والدهون غير المشبّعة.
- اللحوم والأسماك الخالية من الدهون.
اقرأ أيضأً: ما الفرق بين المحاصيل الشتوية والصيفية؟
ما الأطعمة التي تزيد من الشعور بالجوع؟
من أهم الأطعمة التي تزيد من شعورك بالجوع ما يلي:
- عصير الفواكه.
- الحبوب.
- الوجبات الخفيفة المملحة.
- المشروبات الخالية من السكر.
- السلطة.
ما الفرق بين الشهية والجوع؟
غالباً ما يتم الخلط بين الشهية والجوع، ويمكن التفريق بينهما من حيث السبب والآلية كما يلي:
- الشهية: هي الرغبة في تناول الطعام، وليست الحاجة لتناول الطعام، وغالباً ما ترتبط الشهية بالرغبة في تناول أطعمة معينة بناء على رائحتها ونكهتها ومظهرها وجاذبيتها، وقد يكون الشخص متخوماً بالطعام لكن لا تزال لديه شهية لتناول الحلوى مثلاً بمجرد رؤيتها أو السماع عن وجودها، فالشهية حدث فجائي ناجم عن مؤثر خارجي أو عاطفي.
- الجوع: هو حاجة فيزيولوجية للحفاظ على الطاقة والبقاء على قيد الحياة، وفي الجوع لا يركز الشخص على محتوى الطعام إن كان يحبه أو لا يحبه؛ بل يأكل طعاماً قد لا يفضّله في سبيل إشباع جوعه، وهو شعور تدريجي يزداد مع الزمن ولا يحتاج إلى وجود محفز خارجي.
اقرأ أيضاً: ما الذي يجعل طعم البيتزا لذيذاً؟
تختصر كلمة "جوع" ذات الأحرف الثلاثة جميع الآليات والعمليات الفيزيولوجية المرتبطة بالحاجة إلى الطعام في الجسم كما ذكرنا سابقاً، لذا في المرة القادمة التي ستقول فيها "أنا جائع"، تذكّر أن هناك مئات الآلاف بل الملايين من الخلايا التي تعمل بشكل متناغم لكي تشعر بالجوع والشبع بشكل دقيق ومضبوط.