دليلك الشامل لعلاج لدغة ثعبان

5 دقائق
علاج لدغة الثعبان
حقوق الصورة: عثمان خليل عبر بيكسابي

للثعابين سمعة سيئة في أذهاننا، فكثيراً ما نسمع- سواء في الروايات أو في الحياة الواقعية- عن حوادث تعرّض أصحابها لهجومٍ مميت بسببها؛ لكن لدغات الثعابين السامة أقل شيوعاً مما تعتقد. 

يقدر الباحثون أن هناك ما بين 3 إلى 5 آلاف شخصٍ يتعرضون للدغات الأفاعي سنوياً في الولايات المتحدة. في الحقيقة؛ من الصعب تقدير العدد الدقيق، لأن هناك الكثير من حوادث اللدغ البسيطة التي لا تتطلب علاجاً، وحتى أعلى التقديرات تذهب إلى 8000 لدغة سنوياً؛ أي أقل من لدغةٍ سامة لكل 37,500 شخص سنوياً، كما تعد الوفاة بسبب لدغات الأفاعي نادرةً أكثر؛ حيث يبلغ متوسطها خمس حالات سنوياً في الولايات المتحدة.

يقول «ويليام هايز»؛ أستاذ علم الأحياء في قسم علوم الأرض والبيولوجيا في جامعة لوما ليندا: «يقترب احتمال الوفاة بسبب لدغة ثعبان من واحدٍ بالألف؛ وهذا احتمالٌ كبير نسبياً». كان هايز يقود السيارة إلى العمل عندما تحدثت إليه، وقد حذرني أنه قد يُضطر إلى قطع الاتصال إذا ما رأى أفعىً ذات أجراس (الأفعى المجلجلة) ميتةً على الطريق لأن عليه التحقق منها، ثم سيحاول معاودة الاتصال بي لاحقاً.

مثل هايز؛ كنت محباً لاستكشاف هذه الزواحف التي لا تمتلك أرجلاً. لقد كانت لي ذكرياتٌ رائعة عن الرحلات الاستكشافية في غابات أوهايو؛ حيث كنت أبحث عن ثعابين الرباط وأراقب بذهولٍ مشهد ثعابين الفأر وهي تحاول ابتلاع الضفادع بجانب البرك. حتى عندما عضني ثعبان رِباط على معصمي، لم أشعر بهذا الخوف والألم - كانت أمي هي من خافت جداً وهرعت مذعورةً وضمدت جرحي.

لماذا شعرت أمي بالخوف الشديد؟ يقول هايز: «هناك نظريتان أساسيتان تحاولان تفسير سبب ذعر الكثير من الناس من الثعابين؛ حيث يفترض علماء الأحياء التطورية وجود خوف فطري متأصل في نفسنا»، بينما يعتقد هايز أن السبب يعود إلى التكييف الشرطي على الأرجح، ويضيف: «لقد تعلمنا أن نخاف منها. في الواقع؛ تسيء وسائل الإعلام إلى الثعابين عند تصوير مدى خطورتها». لقد سئم هايز وزملاؤه من هذه الصورة المحرفة الرديئة التي تنقلها وسائل الإعلام حول هذه الزواحف؛ لكن الكثير منا ما يزال يشعر بالخوف الشديد بمجرد رؤية الثعابين.

وربما يكون سبب خوفنا منها وجيهاً. إن حدث وتعرضت لعضّة ثعبانٍ سام، فالعواقب وخيمة. بالرغم من ندرة الوفاة بسببها؛ إلا أنها يمكن أن تُحدث ندبةً دائمةً وتضر الكلى والمفاصل، وقد تصل تكلفة علاجها إلى أكثر من نصف مليون دولار؛ إذ تتطلب معظم اللدغات ما يقرب من 14 إلى 70 حقنةٍ من مضاد السم؛ تصل قيمة كلّ منها إلى 10,000 دولار. يقول هايز: «قد يؤدي العلاج بمضادات السم إلى إفلاسك».

كيف تتجنب لدغة ثعبان

يمكنك طبعاً تجنب أي تواصل مع الطبيعة خلال الأوقات التي تنشط فيها الثعابين - خلال موسم التزاوج حيث تكون درجات الحرارة معتدلة ربيعاً أو في الخريف؛ لكن ذلك إجراء مبالغٌ به نوعاً ما. بدلاً من ذلك؛ اعمل على تنمية احترامٍ صحي للثعابين واتبع بعض القواعد البسيطة.

علاج لدغة الثعبان
حقوق الصورة: موهان موليبلتو عبر أنسبلاش

 ابقَ بعيداً عن أماكن نشاط الثعابين

إذا كنت تتنزه أو تقضي بعض الوقت بالعمل في الخارج، في منطقة تكثر فيها الثعابين، فعليك الحذر منها. على سبيل المثال: يجب على البستانيين والمتنزهين أن ينتبهوا إلى الموضع الذي تخطو فيه أقدامهم وتصل إليه أيديهم.

لقد وجدت شخصياً هذه النصيحة مفيدةً مرةً واحدةً على الأقل. في فبراير/شباط عام 2016، ذهبت للتنزه خارج مدينة بريزبن بأستراليا - وهي موطن ثمانيةٍ من أخطر عشر ثعابين في العالم. عندما رأيت ثعباناً بنياً شرقياً ساماً ملقىً على بعد بوصات من حذائي، كنت أعلم أنه يتعين عليّ أن أتراجع وأبقى ساكناً جداً، وأنتظر إلى أن يعبر الثعبان الممر قبل أن أتابع مسيري. ظل قلبي يخفق بشدة عدة دقائق بعد ذلك؛ ولكن ما فعلته كان الخطوة الأولى الصحيحة (حرفياً) لضمان سلامتي وفقاً لما قاله هايز للأطفال وهو يعلمهم كيفية التعامل السليم مع هذه الزواحف: «تراجع خطوتين للوراء عندما تراها»، فالثعابين يمكن أن تلدغ من مسافة حوالي نصف طول جسمها، فطالما كنت على بعد عدة أمتار، لن تؤذيك؛ لكن ذلك لا يعني أن الثعابين تريد أن تعضك مطلقاً، فهي مهتمةٌ بالهروب سريعاً أكثر من اهتمامها بالانقضاض على مفترسيها المحتملين.

لا تثر خوف الثعابين

من الغريب حقاً أن معظم ضحايا الثعابين هم من الذكور، ففي المستشفى الملحق بجامعة هايز، كان 80% من الضحايا من الأولاد والرجال؛ ولكن ذلك ليس لأن الثعابين تستهدف الذكور دون الإناث، المشكلة هي أن الذكور يميلون أكثر للعبث مع الزواحف. يقول هايز: «ترتبط لدغات الأفاعي بأخطر مادتين كيميائيتين في العالم؛ التستوستيرون والكحول».

على سبيل المثال: 45% من تلك اللدغات المذكورة أعلاه تحدث لأن شخصاً ما يتفاعل مع الأفعى أو يحاول لمسها أو وخزها بالعصا، بينما 20% من اللدغات مرتبطة بالكحول. في الحقيقة؛ من السهل تجنب هذه الحوادث - سواء من خلال الحفاظ على مسافةٍ بينك وبين أي ثعبانٍ تراه، وعدم التجول في حالةٍ من السّكَر.

اقرأ أيضا: علاج حبوب بداخلها سائل أبيض.

احمِ بشرتك في حال احتمال تعرضك للدغة ثعبان

علاج لدغات الثعابين
حقوق الصورة: تانر فينس عبر أنسبلاش

إذا كنت تمارس رياضة المشي لمسافات طويلة في الربيع والخريف، فقم بالتحقق من المنطقة التي ستذهب إليها. إذا كانت الثعابين شائعةً هناك، فارتدِ ملابس واقية. لا يتطلب ذلك ارتداء أية ملابس باهظة الثمن، فقط نفس الملابس المعتادة التي يجب أن يرتديها المتنزهون؛ ولكن مع أكمام وسراويل طويلة، وأحذية متينة تغلق على كامل القدم.

يحميك هذا الزي من الاحتكاك مع نبات اللبلاب السام وتجنّب لدغات البعوض؛ ولكنه يساعد أيضاً في حمايتك من لدغات الأفاعي، فقد أظهرت الدراسات أن الثياب تقلل من كمية السم التي تحقنه الأفعى في الجسم؛ وبالتالي تقلل من خطورة الإصابة.

كيفية علاج لدغة الثعبان

ماذا لو تعرضت للدغة ثعبان رغم كل الاحتياطات؟ ربما سمعت عن ممارسات الإسعافات الأولية مثل وضع الكمادات الباردة أو الصدمات الكهربائية، وقطع وامتصاص السم عن طريق الفم أو من خلال استخدام مستحضرٍ متوفر في المتاجر، أو لفّ عصابةٍ فوق مكان اللدغة أو حتى صنع كماداتٍ من نبتة «رأس الثعبان». المشكلة هي أن ليس أيٌ من هذه العلاجات فعالاً، وغالباً ما تسبب المزيد من الضرر.

يقول هايز: «هناك علاج واحد مفيد حالياً؛ وهو الذهاب إلى المستشفى والحصول على مضادات السموم». كلما طالت مدة بقاء السم في جسمك، زاد الضرر الذي يمكن أن يتسبب به لأنسجتك، ولذلك كلما تلقيت العلاج مبكراً، كان ذلك أفضل، وبالتالي فإن أفضل الأدوات التي يجب الاحتفاظ بها معك هي التي ستوصلك إلى المستشفى في أسرع وقتٍ ممكن - أي الهاتف المحمول وصديق وفي وسيارة لنقلك.

إذا تعرضت للدغة ثعبان، فحاول التحقق منه، وإذا كان بالإمكان التقط صورةً له بالهاتف الذكي كي تتمكن من مساعدة الأطباء على التعرف على إذا ما كان ساماً أم لا؛ ولكن لا تتأخر أو تحاول تتبعه وتضيع مزيداً من الوقت، يجب أن يكون الطبيب الخبير قادراً على تحديد نوع الأفعى من اللدغة نفسها. سيساعد ذلك المستشفى على تحديد نوع مضاد السم الذي تحتاجه. بعد ذلك؛ قم بالترتيب للذهاب إلى المستشفى إما عن طريق الاتصال بوحدة الإنقاذ أو جعل صديقك يقود السيارة بسرعة عالية. يجب عليك الاتصال بالمستشفى مسبقاً حتى يكونوا مستعدين لوصولك.

لسم الأفعى فوائد أيضاً: الجانب المشرق من لدغة الثعبان

غالباً لن تحتاج لتلقي مضاد السم إذا ما تعرضت للدغة ثعبان. في الواقع؛ قد تصادف سم الأفعى بأشكالٍ أخرى في حياتك اليومية، فالكثير من الأدوية تُصنع من هذا السم، وهي تعالج مجموعةً متنوعةً من الأمراض؛ حيث يدخل في صناعة دواء «أجراستات» لعلاج ألم الصدر، وفي دواء «كابوتين» لارتفاع ضغط الدم، ومستحضر «سين آكي» لإزالة التجاعيد.

وقد يُستخدم سم الأفعى في جراحة الدماغ. يقود المرشح لنيل درجة الدكتوراه في جامعة لوما ليندا «زاكاي ترافيس» دراسةً حالياً حول سم الثعابين تحت إشراف الدكتور جون إتش جانغ في كلية الطب، وقد أثبتت نتائجهم أن البروتين الموجود في سم ثعبان «بابوان الأسود» يقلل من حوادث نزيف وتورم الدماغ التي تحدث بعد عمليات جراحة الأعصاب.

في الواقع؛ تساعد الفوائد العلاجية المنقذة للحياة التي يتمتع بها سم الثعابين على تخفيف النظرة العدائية تجاه الثعابين. يقول هايز: «إنها مخلوقاتٌ جميلة وفضولية، ولا ترغب بمواجهة أحد. أعتقد أنها تستحق معاملةً أفضل ومزيداً من الاحترام».

المحتوى محمي