ما هو التوقيت المناسب لإضافة الملح إلى الطعام؟

4 دقائق
ما هو التوقيت المناسب لإضافة الملح إلى الطعام؟
هناك فرق كبير بين إضافة الملح بعد شي شرائح البرغر أو قبله. حقوق الصورة: روبن ستيكيل/ أنسبلاش.

يعلم أي شخص يطبخ (أو يجب أن يعلم) أن إضافة الملح يمكن أن تحسن نكهة الطعام. ولكن تبين أن إضافة القليل من الملح لا يؤثر على المذاق وحسب، بل وعلى قوامه أيضاً.

نظراً لأن الملح يؤثر على بينة البروتينات وكيفية احتفاظ الأطعمة بالرطوبة، فإن إضافة الملح في وقت مبكر من زمن الطهي يمكن أن يجعل بعض الأطعمة أكثر صلابة، وبعضها الآخر أكثر طراوة. كما يؤثر توقيت إضافة الملح الدقيق إلى بعض الخضراوات على كيفية طهيها وتحميرها. لحسن الحظ، فإن تعلم القليل عن كيفية تفاعل الملح مع المكونات المختلفة يمكن أن يساعدك في إدارة هذا التوازن الدقيق في الطهي.

كيف يؤثر الملح على اللحوم والبيض والبروتينات بشكل عام؟ 

البروتينات عبارة عن سلاسل طويلة من الأحماض الأمينية، وغالباً ما تأخذ شكلاً ملفوفاً أو متشابكاً. يمكن أن تغير الحرارة تركيب البروتينات كيميائياً عن طريق تغيير طبيعتها أو تفكيكها، وكذلك الملح، كما يقول كريس لوس، أستاذ علوم الغذاء ومدير الدراسات الجامعية في برنامج علوم الغذاء في جامعة كورنيل. «تفكك الحرارة البروتينات. وكلما زادت الحرارة زاد تفككها أكثر. في النهاية، تتشابك البروتينات في عُقد، وهذا ما يعطيها الصلابة».

لنأخذ الهمبرغر على سبيل المثال، إذا قمت بتمليح اللحم قبل وقت طويل من طهيه، ستبدأ عملية تفكك البروتين قبل شيه، وبالتالي سوف تتشابك البروتينات بسرعة أكبر عند وضع شرائح البرغر على الشواية وتسخينها.

ويقول لوس إن هناك أيضاً فوائد لتمليح البرغر قبل شيّه إذ أن عملية تشابك البروتينات تساعد شريحة الهمبرغر على التماسك أكثر من الخارج، ويصبح من غير المرجح أن تتفتت عند قلبها على الشواية. لذا في المرة القادمة التي تصنع فيها الهمبرغر، جرب إضافة الملح في وقت مبكر أو قبل وضعه على الشواية مباشرة، وانظر أيهما أفضل. 

بالنسبة للبيض، فإن تمليح البيض عند خفقه يمكن أن يجعل قوامه كريمي وسميكاً أكثر. تتغير طبيعة البروتينات بالطبع، ولكن الخفق يساعد عن طريق إضافة الهواء إلى الخليط.

يقول سمير أمين، الأستاذ المشارك في علوم الغذاء وقسم التغذية في جامعة ولاية كاليفورنيا بوليتكنيك، سان لويس أوبيسبو: «يغلف بروتين زلال البيض الذي تتغير طبيعته فقاعات الهواء صانعاً رغوة، وذلك ما يجعل البيض أخف وزناً وأكثر انتفاخاً».

إذا كنت تتساءل عن السبب في أن التمليح المسبق يجعل الهمبرغر أكثر صلابة، بينما البيض كريمي أكثر، فإن السر يكمن في الحرارة. يُشوى البرغر على نار عالية ولكن لوقتٍ قصير. أما عند طهي البيض، فيقول لوس: «تستخدم حرارةً أقل بكثير وتحركه بسرعة حتى لا يسخن أي جزءٍ منه كثيراً وتتعقّد البروتينات».

كيف يؤثر الملح على الخضار والفطر والأطعمة الأخرى التي تحتوي على نسبة عالية من الرطوبة؟

يؤثر الملح أيضاً على رطوبة الطعام عن طريق خاصية فيزيائية تُدعى «التناضح»، والتي تنطوي على انتقال الماء عبر الأغشية الرقيقة. أثناء هذه العملية، تنتقل جزيئات الماء من منطقة ذات كثافة مائية مرتفعة (تركيز مخفف للذوائب؛ الملح في هذه الحالة) إلى منطقة ذات كثافة مائية منخفضة (تركيز أعلى للذوائب)، عبر غشاءٍ نصف نفوذ. (يمكنك رؤية عملية التناضح أثناء حدوثها عن طريق تجربة حلوى الدببة المطاطية التي قدمتها بوبيولار ساينس).

يقول لوس في هذا الصدد: «من الناحية العملية، فإن ذلك يعني أنه عندما تملّح الخضار النيئة التي تحتوي على نسبة عالية من الماء، مثل الباذنجان أو الكوسا، فإنك تسحب الماء من داخلها إلى سطحها». لذلك فإن تمليح الخضروات، وتركها لمدة تصل إلى ساعة، ثم تجفيفها بلطف بمنشفة ورقية قبل الطهي، طريقة رائعة لضمان عدم فقدانها الكثير من الماء أثناء الطهي، فتتجنب بذلك أن تصبح رخوة كثيراً، وهو أمر كارثي إذا كنت ترغب في صنع الباذنجان بجبنة البارميزان أو نودلز الكوسا.

بالنسبة للفطر، إذا كنت تريد تحميره بشكلٍ متساوٍ وإكسابه النكهة الترابية المميزة له، عليك تأجيل إضافة الملح إلى ما بعد مرحلة الطهي. من المهم للغاية بالنسبة للفطر عدم إضافة الملح إليه أثناء الطهي، وذلك كي تستفيد من الفوائد الكاملة لتفاعل ميلارد، والذي يحدث عندما تتفاعل السكريات والأحماض الأمينية في درجات الحرارة العالية عادةً، وذلك لإتاحة الفرصة لتكوّن المركبات والنكهات الجديدة المميزة للفطر. إنه ما يحدث لشريحة لحم مشوية بشكل مثالي أو شريحة خبز محمصة في الصباح. يحدث تفاعل ميلارد على الموقد في غضون دقائق، ولكن إذا قمت بإضافة الملح أثناء طهيه في المقلاة، فسوف تسحب الرطوبة منه، ما يمنع التفاعل عن طريق تبريد الفطر. 

يقول لوس: «عندما تقوم بسحب الرطوبة، يحدث التبريد بالتبخير. إذ عندما يتحول الماء إلى بخار، يتم إطلاق الطاقة، وتذهب كلها لإنجاز عملية تبخير الماء، الأمر الذي لن يكون عملياً إذا كنت تريد استخدام هذه الطاقة لتحمير طعامك».

يمكنك الاستفادة أيضاً من عملية التناضح التي يحفزها الملح عند سلق الدجاج. إذا كنت ترغب في قلي الدجاج أو تحميره للحصول على طبقة خارجية مقرمشة عن طريق تفاعل ميلارد، يمكنك تغطية الدجاج بالملح والتوابل وتركه مكشوفاً في الثلاجة لبضع ساعات قبل تجفيفه بالمناشف الورقية. تُدعى هذه العملية بـ "المعالجة بالملح" أو "التمليح"، والتي تسحب الرطوبة من داخل الدجاج إلى سطحه عن طريق عملية التناضح. ويقول لوس: «ثم يذوب الملح في الماء السطحي ليكوّن بذلك «محلول ملحي دقيق»، حيث يتم سحب هذا المحلول مجدداً إلى داخل اللحم ليتم بذلك تتبيل الجزء الداخلي جزئياً».

التوقيت هو جوهر هذه العملية، لذلك لا تقلل من وقت المعالجة المحدد في الوصفة إذا كنت ترغب في الحصول على نكهة التتبيل الكاملة. إذا كان لديك متسع من الوقت وترغب أن يكون الدجاج طرياً جداً، ولا بأس بالنسبة لك إذا كان الدجاج محمراً أو مقرمشاً بدرجة أقل من الخارج، يمكنك تجربة نقع الدجاج بالكامل في محلول ملحي لمدة ساعتين في الثلاجة والاستفادة من خاصية التناضح للسماح للملح والتوابل بالتغلغل في الدجاج أكثر، كما يقول لوس.

اقرأ أيضاً: دراسة علمية تكشف أضرار الملح وتطرح بدائلَ لتقليل الوفيات

هل يمكن تقليل كمية الملح؟

إذا كنت مضطراً لتقليل كمية الملح لتجنب المشاكل الصحية مثل ارتفاع ضغط الدم، وفي نفس الوقت المحافظة على نكهة الطعام، فإن لوس وأمين يقولان إنه يمكنك تأجيل إضافة الملح إلى حين الانتهاء من الطهي (ما لم يكن الملح يخدم غرضاً وظيفياً في تحضير الطعام مثل التخمير، وفقاً للوس).

ويقول أمين: «يمكنك استخدام كمية أقل من الملح وسيكون لها نفس التأثير».

يوضح لوس: «في الواقع، نحن نتذوق 20% فقط من الملح الموجود في الأطعمة، ومعظم الملح الذي نتذوقه موجود على السطح». لقد أجرى لوس تجربةً على البطاطا المهروسة، وتبين أنها تكتسب نفس الطعم المالح إذا ما أضفنا 40% من كمية الملح الموصى بها فقط أثناء طهيها، ومن ثم قمنا برش القليل فوقها عند الانتهاء.

ويقول أمين: «بالإضافة إلى ذلك، فإن تمليح الأطعمة السائلة، مثل الصلصة والحساء، في وقتٍ مبكر جداً من إعدادها، سيؤدي إلى زيادة الطعم المالح كثيراً عند أكلها، وذلك بسبب زيادة تركيز الملح مع تبخر الماء. بدلاً عن ذلك، من الأفضل إضافة الملح في نهاية عملية الطهي، وتذوقه حتى يصبح مناسباً تماماً». 

يختتم لوس: «من المهم أن تدرك أنه لا توجد "أفضل طريقة" لاستخدام الملح (أو أي مكون في هذا الشأن). قد تفضل الهمبرغر الأكثر صلابة، أو تحمير الفطر بدرجة أقل، ولكنك لن تعرف قبل تجربتها. الأمر كله متعلق بتجربة طرق مختلفة لاكتشاف طريقة إعداد الطعام التي تناسب ذوقك أكثر».

المحتوى محمي