أصبحت صيحة مزامنة الدورة الشهرية رائجة على منصات التواصل الاجتماعي، نظراً للترويج لها من قبل العديد من المؤثرين، وهي ممارسة روتينية تتضمن تعديل النظام الغذائي والتمارين الرياضية وعادات نمط الحياة لتتماشى مع مراحل الدورة الشهرية المختلفة للنساء. فما هي تفاصيل هذه الصيحة وهل هي فعالة وفقاً للعلم؟
اقرأ أيضاً: أبرز 7 خرافات حول الدورة الشهرية
ما هي مزامنة الدورة الشهرية؟
تعد مزامنة الدورة الشهرية من الممارسات الشائعة بين النساء، وتنص على تعديل عادات الحياة اليومية بناءً على التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال مراحل الدورة الشهرية. قد تختار النساء ممارسة تمارين خفيفة مثل اليوغا في أثناء الحيض، بينما يفضلن تمارين القوة خلال المرحلة الجرابية التي تكون بها مستويات هرمون الإستروجين مرتفعة، كما قد يتناولن أطعمة غنية بالحديد أو البروتينات لتعويض النقص المحتمل بهذه العناصر بسبب النزيف خلال الأيام الأولى من الدورة.
على الرغم من شيوع هذه الممارسة، فإن الأبحاث العلمية حول فعاليتها لا تزال محدودة، ومعظم النصائح المتعلقة بمزامنة الدورة الشهرية تعتمد على تجارب شخصية منتشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي أو دراسات غير دقيقة، ما يجعلها موضوعاً مثيراً للجدل بين العلماء والمتخصصين في الصحة، لأن تجربة كل امرأة مع الدورة الشهرية تختلف عن الأخريات، فهناك من يشعرن بالتعب الشديد في أثناء الحيض أكثر من غيرهن، وقد يختلف عدد أيام الدورة الشهرية قليلاً من أنثى لأخرى، ما يجعل مزامنة الدورة ممارسة فردية وشخصية. لذا قد تشعر بعض النساء بفوائد واضحة عند تعديل عاداتهن اليومية وفقاً لمزامنة الدورة الشهرية، بينما من الممكن ألا تلاحظ أخريات أي تغيير يذكر.
اقرأ أيضاً: هل يؤثر الصيام المتقطع في الدورة الشهرية؟
ما هي الأدلة العلمية حول مزامنة الدورة الشهرية؟
دحضت دراسة أجراها باحثون من جامعة ماكماستر ونشرت في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2024 الفكرة التي تنص على أن مراحل الدورة الشهرية تؤثر في نمو العضلات لدى النساء اللواتي يمارسن تمارين المقاومة، والتي تروج لها مناصرات مزامنة الدورة الشهرية. حيث راقب الباحثون دورات الحيض عند عدة مشاركات بصحة جيدة مدة 3 أشهر، ثم قاموا بقياس تخليق بروتينات العضلات بعد ممارسة تمارين مقاومة شديدة في مرحلتين مختلفتين من الدورة الشهرية.
لم يلاحظ الباحثون أي اختلافات ذات دلالة إحصائية في تخليق بروتينات العضلات بين المرحلتين الجرابية والأصفرية من الدورة الشهرية، وخلصت الدراسة إلى أن النساء يمكنهن التدرب بفعالية في أي مرحلة من مراحل دورتهن الشهرية دون القلق بشأن تأثير التقلبات الهرمونية على نتائج التمرين.
في الوقت ذاته، أشارت دراسة من جامعة كامبريدج أُجريت في عام 2023، إلى أن النظام الغذائي قد يؤثر في أعراض الدورة الشهرية تبعاً لمحتوياته من الفيتامينات كفيتامين د والمعادن مثل الزنك، وهذا قد يشير إلى دور النظام الغذائي في تخفيف شدة أعراض الدورة الشهرية. لكن ثمة حاجة إلى المزيد من الأبحاث لفهم العلاقة بين التغيرات الهرمونية وأنماط الحياة الغذائية والأنشطة المختلفة.
اقرأ أيضاً: كيف تؤثر ممارسة الرياضة في الدورة الشهرية؟
التحديات والمخاوف المتعلقة بمزامنة الدورة الشهرية
على الرغم من الشعبية المتزايدة لمزامنة الدورة الشهرية، هناك تحديات ومخاوف يجب أخذها في الاعتبار قبل اعتماد هذه الطريقة، ومن أبرزها ما يلي:
- لا توجد أدلة علمية قاطعة تدعم الفوائد المزعومة لهذه الممارسة، وقد يؤدي الاعتماد على نصائح غير موثوقة إلى تصميم أهداف غير واقعية أو حتى نتائج عكسية على المستوى الصحي.
- قد تشجع مزامنة الدورة الشهرية النساء على تأجيل القرارات المهمة أو تقليل جهودهن في مراحل معينة من الدورة الشهرية، ما قد يؤثر سلباً في ثقتهن بأنفسهن.
- لا تعتبر كل النساء قادرات على الاستفادة من مزامنة الدورة الشهرية، فهناك نساء مصابات بحالات مثل متلازمة تكيس المبايض أو بطانة الرحم واللواتي قد لا يلاحظن أي تأثير واضح من هذه الممارسة.
- يجب على النساء اللواتي يعانين اضطرابات في الدورة الشهرية أو أعراض شديدة لآلام الطمث استشارة الطبيب قبل تجربة مزامنة الدورة الشهرية، فمن المحتمل أن تكون هذه الأعراض ناتجة عن حالات صحية كامنة تحتاج إلى علاج طبي.
- قد تساعد الأبحاث الجديدة المستقبلية على فهم كيفية تأثير التغيرات الهرمونية على الجسم بصورة أفضل، ما يفتح المجال أمام تصميم برامج مزامنة للدورة الشهرية تناسب الصحة الشخصية لكل شابة أو سيدة. لكن حتى ذلك الحين، من الأفضل النظر إلى مزامنة الدورة الشهرية على أنها ممارسة اختيارية تعتمد على التجربة الشخصية لكل امرأة، وعدم اعتبارها استراتيجية صحية معتمدة على نحو موثوق.
اقرأ أيضاً: ما الفرق بين ألم الدورة الشهرية وألم المراحل المبكرة للحمل؟
يشارك المختص في أمراض النساء والتوليد، الدكتور المصري أحمد عزت، مجموعة من المعلومات حول آلام الدورة الشهرية في مقطع فيديو تثقيفي عبر قناته على اليوتيوب، لزيادة التوعية حول هذا المجال.