كيف يتم التنبؤ بحالة الطقس؟ ولماذا تختلف دقة التنبؤات؟

4 دقائق
التنبؤ بحالة الطقس
حقوق الصورة: أندري في بي/ شترستوك.

تحدث ظواهر الطقس المتطرفة في جميع أنحاء العالم بشكل متكرر، فتشهد بلاد عواصف رعدية ماطرة، وتشهد أخرى ارتفاعاً شديداً في درجات الحرارة قد يسبب حرائق الغابات. لتجنب أضرار -أو تخفيف حدة ضرر- هذه الحالات الجوية غير العادية، تساعدنا تنبؤات الأرصاد الجوية بالاستعداد لمواجهتها. لكن كيف يتم التنبؤ بحالة الطقس؟ ولماذا تختلف دقة هذه التنبؤات؟ إليك الإجابة.

أسباب التغيرات الجوية

قبل أن نتمكن من التنبؤ بحالة الطقس، يجب أن نفهم كيف يتغير الطقس. بدايةً، تحاط الأرض بالغلاف الجوي الذي يتكون في غالبيته من النيتروجين والأكسجين وبخار الماء. يلعب بخار الماء الدور الأكبر في تغيرات الطقس، وعندما ينقل الهواء بخار الماء من مكان إلى آخر يتسبب في تغير درجة الحرارة والرطوبة وغيرها من متغيرات الحالات الجوية. 

عندما يكون الهواء بارداً، يعني أنه رطب وكثيف، ولا يمكنه تحمل المزيد من الرطوبة. أما الهواء الدافئ فيكون أقل رطوبة وكثافة ويمكنه تحمل المزيد من الرطوبة. عندما تلتقي تيارات الهواء البارد والدافئ تتسبب في تلبّد السماء بالغيوم وهطول المطر الذي يحمله الهواء البارد.

من الأسباب الأخرى لتغيرات الطقس وهطول المطر «الحمل الحراري»، فمع ارتفاع الهواء الدافئ الرطب إلى طبقات الجو الأعلى، يبرد الماء وتتكاثف الجزيئات المحمولة في الهواء، وتُحمل إلى أعلى حتى تتجمع وتثقل، ومن ثم تتساقط على الأرض على شكل أمطار.

إذا تكاثفت قطرات الماء في الجو، ولم تحصل على المزيد من الرطوبة من الهواء أو الأرض، فسوف تتلاشى مع مرور الوقت. أما إذا كان هناك المزيد من الهواء الدافئ والرطوبة فتتشكل الأعاصير.

كيف يتم التنبؤ بحالة الطقس؟

التنبؤ بالطقس هو تطبيق التكنولوجيا وما وصل إليه العلم حتى الآن للتنبؤ بالحالة المستقبلية للغلاف الجوي في موقع معين. وللتنبؤ بالطقس القادم، يجب معرفة حالة الطقس الآن، لنعرف كيف سيتغير في المستقبل القريب، مع الاستعانة بخبراء الأرصاد الجوية لإعطاء تنبؤ أكثر دقة.

معرفة حالة الطقس الحالية

من أجل معرفة ما سيكون عليه الطقس، يجب أولاً معرفة حالته الآن بدقة. من أجل ذلك، يجمع خبراء الأرصاد الجوية أكبر قدر ممكن من المعلومات حول الطقس الحالي وحالة الغلاف الجوي مثل درجة الحرارة والضغط والرطوبة وسرعة الرياح، وذلك على مدار 24 ساعة في اليوم في جميع أنحاء العالم. يمكن جمع هذه البيانات بالاستعانة بالرادارت الأرضية ومناطيد الطقس والطائرات والأقمار الصناعية وعوامات المحيطات وغيرها، لمعرفة ما يحدث في الغلاف الجوي الآن. 

التنبؤ بالطقس القادم

تحتوي مراكز التنبؤ بالطقس على أجهزة حاسوبية عملاقة، يُدخِل الخبراء المعلومات عن حالة الطقس الحالي فيها، فتعالج المعلومات لتقدم توقعاتها بحالة الطقس القادم وتغيراته بناءً على معرفة حالة الطقس الحالية. وكلما توفرت معلومات أكثر حداثة ودقة لنماذج الحاسوب، كان التنبؤ أفضل.

يتم تشغيل نماذج الحاسوب هذه عدة مرات في اليوم، ما يسمح لعلماء الأرصاد الجوية بمحاكاة ما يحدث في الغلاف الجوي، والتنبؤ بما سيحدث في الأيام القليلة المقبلة، وتستطيع بعض النماذج التنبؤ بما سيحدث خلال الساعات المقبلة.

دور خبراء الأرصاد الجوية

يعمل خبراء الأرصاد الجوية على مدار الساعة للتحقق من التنبؤات الحاسوبية، ويجرون التعديلات على التوقعات عند الضرورة قبل تقديمها للناس، إذ يعرف الخبراء المنطقة التي يتنبؤون بحالتها الجوية جيداً، ويمكنهم معرفة الخطأ الكامن في النماذج الحاسوبية.

اقرأ أيضاً: لماذا يصعب التنبؤ بالطقس؟

الأقمار الصناعية والتنبؤ بحالة الطقس

التنبؤ بحالة الطقس
حقوق الصورة: آيغور زه/ شترستوك.

الأقمار الصناعية هي أهم الأدوات والأجهزة التي يعتمد عليها خبراء الأرصاد الجوية للتنبؤ بالطقس. من هذه الأقمار، ثلاثة أنواع تديرها الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي «NOAA»:

الأقمار الصناعية الثابتة بالنسبة إلى الأرض «GOES-R»

الأقمار الصناعية الثابتة بالنسبة إلى الأرض «GOES-R» هي سلسلة من الأقمار، تدور على ارتفاع 35 ألف كيلومتر تقريباً فوق سطح الأرض، وتوفر صورة لما هو عليه الطقس الآن. المقصود بأن القمر "ثابت بالنسبة إلى الأرض" هو أن دورانه متزامن مع  دوران الأرض، هذا يعني أنه يمكن لهذه الأقمار جمع صور شبه مستمرة لمنطقة معينة، وبالتالي إمكانية توفير معلومات محدّثة حول الطقس الحالي. تساعد هذه المعلومات في معرفة احتمال حدوث عاصفة ما، على سبيل المثال.

الأقمار الصناعية التي تدور في مدار قطبي «JPSS»

تدور الأقمار الصناعية التي تدور في مدار قطبي «JPSS» على ارتفاع 800 كيلومتراً تقريباً فوق سطح الأرض. تنتقل من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي، مارّة بخط الاستواء حوالي 14 مرة يومياً. ولأنها تدور أثناء دوران الأرض، يمكن لهذه الأقمار الصناعية أن تغطي كل جزء من الأرض مرتين كل يوم. تراقب هذه الأقمار الغلاف الجوي للأرض بأكمله بدقة عالية، بالإضافة إلى السحب والمحيطات، يساعد هذا خبراء الأرصاد الجوية على التنبؤ بدقة بالتنبؤات طويلة المدى- حتى 7 أيام قادمة. 

توفر الأقمار الصناعية التي تدور في مدار قطبي المعلومات الأكثر فائدة للتنبؤ بالطقس على المدى الطويل، إذ تقدم قياسات تساعد خبراء الأرصاد الجوية بتوقع أنماط الطقس الموسمية. وتستخدم أدوات معينة لقياس الطاقة المنبعثة من الأرض والغلاف الجوي. وتجمع هذه الأقمار معلومات أساسية للنماذج التي تتنبأ بالطقس القاسي مثل الأعاصير والعواصف الثلجية قبل أيام. المعلومات التي تجمعها ضرورية أيضاً لتقييم المخاطر البيئية مثل الجفاف وحرائق الغابات وسوء نوعية الهواء والمياه الساحلية الضارة.

مرصد مناخ الفضاء العميق «DSCOVR»

يدور مرصد مناخ الفضاء العميق «DSCOVR» على بعد مليون و600 ألف كيلومتر من سطح الأرض. يوفر توقعات الطقس الفضائي، فهو يراقب كميات الطاقة الشمسية التي تمتصها الأرض كل يوم. ويجمع معلومات حول طبقة الأوزون والهباء الجوي في الغلاف الجوي للأرض، وهي عوامل مهمة في عمل تنبؤات جودة الهواء. 

تُدمج المعلومات التي تجمعها هذه الأقمار الصناعية في نماذج الطقس الحاسوبية، ما يوفر تنبؤات جوية أكثر دقة.  

اقرأ أيضاً: توقعات الطقس ليست مثالية، إلا أنها تتحسن

لماذا تختلف دقة التنبؤات الجوية؟

التنبؤ بحالة الطقس
حقوق الصورة: ماكرو فيكتور/ شترستوك.

تختلف دقة التنبؤات الجوية لعدة أسباب:

مساحة المنطقة

عادةً، تقسم النماذج الحاسوبية الكرة الأرضية إلى عدة مناطق جغرافية، كلما كانت هذه المناطق واسعة أكثر، كانت دقة التنبؤات أضعف، لكنها توفر صورة شاملة لتغيرات الطقس على نطاق واسع عبر جداول زمنية طويلة. يفيد ذلك مثلاً في معرفة حركة عاصفة كبيرة في إحدى الدول -أو حتى القارة بأكملها- على مدار أسبوع. أما المناطق الأصغر، فتوفر دقة أعلى، ويمكنها التنبؤ بالعواصف الأصغر.

النموذج الحاسوبي المستخدم

تعتمد جميع النماذج الحاسوبية على مبدأ واحد في تقديم تنبؤات الطقس. على الرغم من ذلك، تقدم تنبؤات مختلفة قليلاً عن بعضها بعضاً. فقد يتنبأ أحدها بهطول الأمطار في مكان ما في الساعة الحادية عشرة ليلاً، بينما يتنبأ آخر بالهطول بعد منتصف الليل.

اقرأ أيضاً: كيف يمكننا مواجهة حالات الطقس الشديدة؟

طبيعة الغلاف الجوي

من الأسباب الأخرى التي تزعزع دقة التنبؤات، الطبيعة الفوضوية للغلاف الجوي، إذ يمكن حتى للتطورات الصغيرة في المحيط أن يكون لها تأثير كبير على موقع وقوة تغيرات الطقس على اليابسة.

بالإضافة إلى ذلك، يستحيل مراقبة كل جزء من الغلاف الجوي لكونه واسع ومعقد، ولا يمكن مراقبته بشكل كامل، لذلك هناك ثغرات حتمية في المعلومات. لكن مع تحسن فهمنا للغلاف الجوي، ومع تطور التكنولوجيا، أصبحت التوقعات المستقبلية أكثر دقة.

على العموم، تبلغ نسبة دقة التوقعات حالياً لمدة خمسة أيام نحو 90%. والتنبؤات لسبعة أيام تكون صحيحة بنسبة 80%، والتنبؤ لمدة 10 أيام يعكس حالة الطقس بدقة تبلغ 50%.

مع تطور التكنولوجيا، وتحسن سرعة المعالجات، يمكن لخبراء الأرصاد الجوية الحصول على تنبؤات أكثر دقة لحالة الطقس في المستقبل. يستعين الخبراء أيضاً بنماذج الذكاء الاصطناعي، التي بات بإمكان بعضها التنبؤ بموعد ومكان هطل الأمطار بدقة مذهلة. ومازال علماء الأرصاد الجوية يواصلون سعيهم للحصول على توقعات مثالية أكثر.