اكتشاف كوكب خارجي عملاق بكثافة حلوى غزل البنات يحيّر العلماء

3 دقيقة
اكتشاف كوكب خارجي عملاق بكثافة حلوى غزل البنات يحيّر العلماء
رسم توضيحي للشكل المحتمل للكوكب الخارجي واسب-39 بي. هذا الكوكب هو عملاق غازي ساخن ومنتفخ مثل الكوكب الخارجي واسب-193 بي. وكالة ناسا، وكالة الفضاء الأوروبية، وكالة الفضاء الكندية، جوزيف أولمستد (معهد مراصد علوم الفضاء)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ما تزال "كواكب حلوى القطن" المنخفضة الكثافة لغزاً كونياً محيراً لعلماء الفلك. على الرغم من أن الكوكب الخارجي دبليو أيه إس بي-193 بي أو واسب-193 بي (WASP-193b)، أكبر بنسبة 50% من كوكب المشتري الغازي العملاق، فإن كثافته أقل بسبع مرات من كثافة هذا الكوكب. وفقاً لدراسة نُشرت بتاريخ 14 مايو/أيار 2024 في مجلة نيتشر أسترونومي (Nature Astronomy)، تضاهي هذه الكثافة المنخفضة للغاية كثافة حلوى غزل البنات الخفيف والمنتفخ. قال باحث ما بعد الدكتوراة في جامعة لييج في بلجيكا والمؤلف المشارك للدراسة، خالد بركاوي، في بيان صحفي: "واسب-193 بي هو ثاني أقل الكواكب المكتشفة كثافة حتى الآن بعد كوكب كيبلر-51 دي الأصغر حجماً بكثير".

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تتوصل إلى تقدير أدق لألوان كوكبي أورانوس ونبتون

كوكب بكثافة أقل من كثافة حلوى القطن

وفقاً لفريق الدراسة، تجعل الكثافة المنخفضة للغاية هذا الكوكب حالة شاذة للغاية من بين الكواكب الخارجية المكتشفة حتى الآن، التي يتجاوز عددها 5 آلاف كوكب. قال بركاوي: "تجعل الكثافة المنخفضة للغاية هذا الكوكب حالة شاذة للغاية من بين الكواكب الخارجية المكتشفة حتى الآن، التي يتجاوز عددها 5 آلاف كوكب. لا يمكن التنبؤ بهذه الكثافة المنخفضة للغاية باستخدام النماذج القياسية للعمالقة الغازية المشعّة، حتى في ضوء الافتراض غير الواقعي المتمثل في تمتع الكوكب ببنية خالية من النواة".

يبعد كوكب واسب-193 بي نحو 1,200 سنة ضوئية عن الأرض، ورصده العلماء في البداية ضمن برنامج البحث عن الكواكب الواسع الزاوية برنامج "واسب" (WASP) في عام 2009. استخدم علماء هذا التعاون الدولي للمؤسسات الأكاديمية مرصداً روبوتياً في نصف الكرة الشمالي وآخر في نصف الكرة الجنوبي. اعتمد كل مرصد على عدة كاميرات واسعة الزاوية لقياس سطوع آلاف النجوم عبر السماء. رصد مرصد واسب الجنوبي انخفاضات دورية في سطوع النجم واسب-193 (WASP-193) تحمل اسم "حالات العبور".

كانت هذه الانخفاضات الدورية في السطوع متوافقة مع مرور كوكب أمام النجم كل 6 أيام وربع. قاس علماء الفلك بعد ذلك كمية الضوء التي حجبها الكوكب مع كل عبور أمام نجمه، ما مكّنهم من تقدير حجمه. استخدم فريق الدراسة الجديدة البيانات الرصدية التي جمعها مرصد التلسكوب الصغير لرصد الكواكب والكواكب المصغّرة العابرة الجنوبي، ترابيست الجنوبي (TRAPPIST-South) ومرصد البحث عن الكواكب الصالحة للسكن الحاجبة للنجوم الفائقة البرودة الجنوبي، سبيكيولوس الجنوبي (SPECULOOS-South) في تشيلي، لقياس إشارة كوكب واسب-193 بي في أطوال موجية مختلفة والتحقق من أنه كوكب بالفعل.

كوكب لا تستطيع نظرية تشكيل الكواكب تفسير وجوده

استخدم الباحثون أيضاً البيانات التي جمعها مقياس الطيف الباحث عن الكواكب ذات السرعة الشعاعية المرتفع الدقة، هاربس (HARPS) ومقياس الطيف كورالي (CORALIE) لقياس كتلة الكوكب. بينت هذه القياسات جميعها على نحو مفاجئ أن كوكب واسب-193 بي يتمتع بكثافة منخفضة بصورة مذهلة؛ إذ تبلغ كتلته نحو 0.14 ضعف من كتلة المشتري أما حجمه فيبلغ نحو 1.5 ضعف من حجم المشتري. يعني ذلك أن كثافة هذا الكوكب تبلغ نحو 0.059 من الغرام لكل سنتيمتر مكعب. على سبيل المقارنة، تبلغ كثافة حلوى غزل البنات نحو 0.05 من الغرام لكل سنتيمتر مكعب، في المقابل تبلغ كثافة الأرض 5.51 غرامات لكل سنتيمتر مكعب.

اقرأ أيضاً: كيف تساعدنا دراسة الأجرام السماوية الغريبة على اكتشاف كواكب خارجية جديدة؟

قال عالم الكواكب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والمؤلف المشارك للدراسة، جوليان دي ويت، في بيان صحفي: "هذا الكوكب خفيف للغاية لدرجة أننا لا نستطيع حتى التفكير بمادة صلبة مشابهة. ما يجعل كثافة هذا الكوكب قريبة للغاية من كثافة حلوى غزل البنات هو أن كليهما يتألف بأغلبه من الهواء. هذا الكوكب منتفخ للغاية". يعتقد الفريق أن كوكب واسب-193 بي يتألف بأغلبه من الهيدروجين والهيليوم. من المرجح أن الغازين يشكّلان غلافاً جوياً متضخماً للغاية بسماكة أكبر من سماكة الغلاف الجوي العاصف للمشتري بمئات الآلاف من الكيلومترات. لا يعلم العلماء بالضبط سبب الانتفاخ الكبير لهذا الغلاف الجوي، لأنه يتطلب كميات كبيرة من الطاقة المخزّنة في أعماق باطن الكوكب.

قال عالم الفلك في معهد الفلك في الأندلس في إسبانيا والمؤلف المشارك للدراسة، فرانثيسكو بوثويلوس، في بيان صحفي: "لا نعرف كيف يجب أن نصنّف هذا الكوكب وفقاً لنظريات تشكّل الكواكب الحالية، لأن هذه النظريات لا تتنبأ بوجوده. نحن عاجزون عن تفسير تشكّل هذا الكوكب، ولكننا سنتمكن من تحديد مسار تطوره بدقة أكبر إذا رصدنا غلافه الجوي من كثب". يأمل الفريق أن تساعد القياسات التي سيجريها تلسكوب جيمس ويب الفضائي على كشف الآليات الكامنة وراء هذا المستوى العالي من التضخم، وسيستخدم هذه القياسات في الدراسات المستقبلية.