إنجاز سعودي: باحثون من جامعة الملك عبدالله يبتكرون تقنية جديدة في التحرير الجيني

إنجاز سعودي: باحثون من جامعة الملك عبدالله يبتكرون تقنية جديدة في التحرير الجيني
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Yurchanka Siarhei
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عند الحديث عن تقنيات التعديل الجيني في السابق، كانت تقنية كريسبر تجد طريقها إلى صُلب الموضوع بديهياً لأنها أحدث ما توصلت إليه علوم الهندسة الوراثية والتعديل الجيني وأكثرها أهمية. أمّا الآن، فهناك منافس آخر وهو تقنية (PNP-Editing) للتحرير الجيني التي توصل إليها باحثون من جامعة الملك عبدالله، حيث أشار أستاذ التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية عبدالمجيد فهد الرفاعي في تغريدة له، إلى أهمية هذه الطريقة الحديثة في التعديل الجيني وعن الآفاق المستقبلية لها في العلوم الجينية والهندسة الوراثية، فما هي تقنية (PNP-Editing) للتعديل الجيني؟

اقرأ أيضاً: باحث مصري ينجح في عكس الشيخوخة عن طريق إعادة تنظيم الجينوم

كيف يمكن أن نُعرّف تقنية التعديل الجيني PNP؟

استُلهمت فكرة التعديل والتحرير الجيني من آليات الدفاع الطبيعية التي تقاوم بها الخلايا البسيطة أحادية الخلية الأجسام الغريبة والعوامل الممرضة، وكان اكتشافها ثورة حقيقة في علم الوراثة؛ حيث تُتيح هذه التقنية القدرة على تحرير الجينوم من قالبه وتعديله وتغيير تسلسل أحماضه النووية بسهولة، ما يسمح بتعديل وظيفة الجين، ويجعل من هذه التقنية محطة مفصلية في العلوم الجينية، فاتحة باباً واسعاً للتطبيقات الوراثية بما في ذلك تصحيح العيوب وعلاج الأمراض الوراثية، ما يؤثّر إيجاباً بدوره في إخماد وتثبيط الجينات المرضية.

وخلافاً لبقية تقنيات التعديل الجيني، ركّزت تقنية PNP للتعديل الجيني على تبدل موقع أجزاء من الحمض النووي، عن طريق استخدام الأحماض النووية الببتيدية (PNAs) لتسهيل التعديل الدقيق لشريط الحمض النووي وتفكيكه، ما يمكّن بروتينات (pAgo) بدائية النواة من ربط الحمض النووي المفرد وإدخال فواصل مزدوجة الجديلة خاصة بالموقع بشكلٍ مستقل ودقيق.

ما خطوات تطبيق تقنية PNP التي توصل إليها باحثو جامعة الملك عبدالله؟

تجمع الطريقة التي طوّرها باحثو جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بين الأحماض النووية الببتيدية  (PNAs) وإنزيمات قطع الحمض النووي المعروفة باسم بدائية النواة والتي تُسمَّى (pAgos).

اقرأ أيضاً: علاج جيني يُلغي الحاجة لنقل الدم المتكرر عند مرضى الثلاسيميا

في البداية، قام الباحثون بفك روابط الأحماض النووية الببتيدية PNAs وجعلها تنزلق داخل حلزون الحمض النووي، لتقوم إنزيمات القطع (pAgos) بعد ذلك بربط الحلزون المفكك في تسلسلات مستهدفة محددة مسترشدة بأجزاء قصيرة من المادة الوراثية، وقطع كل شريط متعارض من الحمض النووي. ومن خلال مزاوجة هذين المكونين، استطاع الباحثون التوصل إلى نهجٍ جديدٍ أُطلق عليه اسم تقنية PNP للتعديل الجيني.

وعلى الرغم من أن هذا النهج يُشابه تقنيات تحرير الجينات الأخرى كتقنية كريسبر من حيث مبدأ العمل، فإنه يتميز بقدرته على العمل على مواقع جينية أكثر تنوعاً مقارنة بالتقنيات الأخرى، كما أنه يترك فواصل مستقرة في الحمض النووي المزدوج تقلل فرص وجود خطر على السلامة. وأبعد من ذلك، تفتح تقنية PNP مجالاً لاستخدام التحرير الجيني على العضيات الدقيقة مثل الميتاكوندريا ومصانع الطاقة في الخلية، نظراً للحجم الصغير للمحررات المستخدمة التي من شأنها أن تُطبق على الأجزاء تحت الخلوية. 

وقال  مجدي محفوظ، قائد الدراسة ومهندس العلوم الحيوية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بهذا الخصوص: “إن التكنولوجيا التي بنيناها تعمل بشكلٍ كبير على تحسين كفاءة ونشاط الفواصل المزدوجة القابلة للبرمجة التي يمكن استخدامها لتحرير الجينات”، مضيفاً أن تقنية PNP توفّر منصة مرنة وقابلة للبرمجة لمعالجة الجينات الخاصة بالموقع عبر أشكال مواد الحمض النووي جميعها، الأمر الذي يعتبر سبقاً في علوم الوراثة.

اقرأ أيضاً: تقنية كريسبر للتعديل الجيني تنجح في تخفيض مستويات بروتينات شاذة مسببة للأمراض في الدم

ميزات تقنية PNP التي تتفوق بها على تقنية كريسبر للتعديل الجيني

عند وضع تقنية PNP مع تقنية كريسبر وجهاً لوجه، نجد أن تقنية PNP توفّر بديلاً يساعد على التغلب على التحديات الرئيسية لتطبيقات التعديل الجيني الأخرى، مثل غياب الدقة. ففي تقنية PNP يتم الربط بين الموقعين على مقربة شديدة، ما يقلل من فرص أي نشاط خارج الهدف، كما تستخدم محررات PNP بروتينات ذات حجم أصغر مقارنة بالبروتينات المستخدمة في تقنية كريسبر، لهذا السبب يكون الوصول إلى الخلايا المستهدفة أكثر كفاءة في نظام تقنية PNP.

كما يغيب النقل الفعّال في تقنية كريسبر عبر الأغشية العضوية، ما يجعل تعديل الحمض النووي العضوي صعباً، وتغلب الباحثون في تقنية PNP على ذلك من خلال استخدام محررات مبرمجة تحمل شحنة أصغر بكثير ما يجعلها قادرة على تعديل الجينومات العضوية كتلك الموجودة في ميتاكوندريا الخلية، الأمر الذي بدوره يعزز دقة وخصوصية العمل ويؤدي دوراً في خفض السمية الخلوية.

اقرأ أيضاً: كيف نجحت «تقنية كريسبر» في كبح تكاثر فيروس نقص المناعة البشرية المسبب لمرض الإيدز؟

ومع أن تقنية التعديل الجيني PNP تحمل أملاً واعداً للعديد من المجالات الصحية والبحث العلمي بما في ذلك الطب المجهري، لا تزال هناك حاجة إلى إجراء مزيدٍ من التحسينات قبل أن يتم تسخير تقنية PNP للتعديل الجيني في التطبيقات السريرية.