باحثون يطورون علاجاً جديداً يعيد السمع لفاقديه خلال ساعتين فقط

3 دقائق
عكس فقدان السمع بتوليد خلايا جديدة في الأذن
حقوق الصورة: شترستوك.

يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من ضعف السمع وفقدانه، والذي غالباً ما يحدث نتيجة فقدان نوع من الخلايا في الأذن يُعرف بالخلايا المشعرّة. لذا، سعت شركة (فريكوينسي ثيريبيتيكس) "Frequency Therapeutics" للتكنولوجيا الحيوية، بالتعاون مع باحثين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد الأميركيَين، إلى تطوير علاج جذري لفقدان السمع باستهداف الخلايا المشعرّة، وهذا ما تمكنت منه من خلال العلاج بالطب التجديدي.

الخلايا المشعرّة في الأذن

هي الخلايا الموجودة في الأذن الداخلية والمسؤولة عن السمع، إذ يمتلئ الحلزون الموجود في الأذن الداخلية بالسوائل التي تلتقط الموجات الصوتية ما يسبب اهتزازها. بدورها، تلتقط الخلايا المشعرّة الحركة الاهتزازية عبر الأهداب المجسمة الحساسة لأدنى الحركات، والتي تطفو في السائل. تؤدي هذه الاهتزازات في الأهداب إلى تكوين إشارات كهربائية في الخلايا المشعرّة تنتقل عبر العصب السمعي إلى الدماغ حيث ينشأ الإحساس بالسمع.

تحتوي أذن الإنسان نحو 15 ألف خلية مشعرة ولكن، غالباً ما تتعرض هذه الخلايا للتلف إما نتيجة الضوضاء العالية أو الشيخوخة أو بتأثير بعض العلاجات الكيميائية، أو بسبب العامل الوراثي. يؤدي فقدان هذه الخلايا إلى فقدان السمع الحسي العصبي، ونظراً لأننا كبشر غير مبرمجين على إعادة تجديد الخلايا المشعرّة، فإن ضعف السمع في حالة فقدان السمع العصبي الحسي لا رجعة فيه.

اقرأ أيضاً: تخلص منها: إليك كيف تتجمع السوائل خلف طبلة الأذن 

العلاج التجديدي بالخلايا السلفية

استطاعت شركة (فريكوينسي ثيريبيتيكس) عكس فقدان السمع، واستعاضت عن الأجهزة السمعية أو الغرسات بآلية جديدة تدعى بالعلاج التجديدي بواسطة الخلايا السلفية، فما هي الخلايا السلفية؟

تشترك جميع الثدييات بنوعين من الخلايا الجذعية هما:

  1. الخلايا الجذعية الجنينية: والتي تنشأ في المراحل المبكرة لتكوين الجنين، وتشكل أصل جميع خلايا الجسم، حيث يمكنها التمايز إلى أي نوع من الخلايا.
  2. الخلايا الجذعية البالغة: مهمتها توليد الخلايا ضمن أعضاء معينة ومحددة فقط، مثل خلايا الجهاز العصبي أو كريات الدم أو الخلايا المشعرّة، وهي الخلايا السلفية.

إذاً، الخلايا السلفية في الأذن الداخلية هي مجموعة خلايا من نسل الخلايا الجذعية، وحالة وسطية بين الخلايا الجذعية والخلايا المتمايزة، وتستطيع أن تكوّن خلال المرحلة الجنينية في الرحم مجموعة الخلايا المشعرّة في الأذن، لكنها تتوقف عن العمل في مرحلة ما قبل الولادة.

لذا، صممت شركة التكنولوجيا الحيوية دواءً قادراً على إعادة تحفيز الخلايا السلفية لتشكل خلايا مشعّرة جديدة في الأذن. حققت التجارب نجاحاً باهراً لدى 200 مريضاً في الدراسة السريرية؛ من خلال تحسّن كبير في إدراك الكلام والتعرف على الكلمات، بعد حقنة واحدة من الدواء ولمدة عامين من الزمن. اليوم، تسعى الشركة لتطوير العلاج من خلال تجريبه على 124 فرداً بحيث تحصل على النتائج مع بداية العام المقبل.

اقرأ أيضاً: كيف يضرنا الاستماع إلى الأصوات العالية عبر سماعات الأذن؟

عكس فقدان السمع بتوليد خلايا جديدة في الأذن
تجدد الخلايا المشعرّة وتظهر باللون الوردي قبل وبعد تناول الدواء. حقوق الصورة: هينتون أيه إس، يانغ هود، شاردار أيه دي، لوز سي، أوليمر كي كي.

من المختبر إلى المرضى: عشر سنوات من العمل في الطب التجديدي

في عام 2012، حقق فريق البحث إنجازاً فريداً من نوعه من خلال إنتاج آلاف الخلايا المشعرّة بدءاً من الخلايا السلفية. كان ذلك الإنجاز نقطة البداية لتأسيس شركة (فريكوينسي ثيريبيتيكس) للعلاج التجديدي من قبل خريجي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد، حيث انطلقت الأبحاث من العملية الحيوية التي تنشط الخلايا السلفية في القناة الهضمية وتعيد تجديد بطانة الأمعاء البشرية كل بضعة أيام. أخذ الباحثون بعين الاعتبار أن هذه الخلايا غير نشطة في قوقعة الأذن على الرغم من وجودها فيها، فعمل الباحثان "روبرت لانجر" من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، و"جيفري كارب" في كلية الطب بجامعة هارفارد، على التحكم في الجزيئات الحيوية لإعادة برمجة وتنشيط الخلايا السلفية.

يأمل الباحثون في الشركة الحيوية الوصول السهل للعقار الجديد وانتشاره بما يشبه عمليات تصحيح النظر فيقول كارب: "لن أتفاجأ إن تمكنا في غضون 10 أو 15 عاماً، نظراً للموارد التي يتم تخصيصها في هذا المجال والتقدم العلمي الذي يتم إحرازه، من الوصول إلى النقطة التي سيكون فيها (عكس فقدان السمع) مشابهاً لجراحة الليزك، حيث يمكنك استعادة رؤيتك بالكامل في غضون ساعة أو ساعتين، كذلك أعتقد أننا سنرى نفس الشيء بالنسبة لفقدان السمع".

اقرأ أيضاً: ما هي أبرز مخاطر ارتداء سماعات الأذن؟ وكيف تحافظ على سلامة أذنك؟

مزايا الطب التجديدي

وفقاً لشركة (فريكوينسي) يتجاوز نهج العلاج بالطب التجديدي التحديات المرافقة للعلاج الخلوي والجيني من خلال مجموعة مزايا خاصة بها ومنها:

  • الدقة في استهداف تنشيط الخلايا السلفية في موقعها الصحيح.
  • الاستفادة من التكوين الطبيعي للأنسجة في الأعضاء مع وجود الخلايا السلفية.
  • تجنب عقبات توصيل الخلايا ودمجها في موقعها الصحيح داخل العضو المستهدف، من خلال آلية التنشيط باستخدام الجزيئات في المستحضرات الحيوية.
  • سهولة التصنيع، وتجنب الحاجة إلى إزالة الخلايا خارج الجسم وتنميتها.
  • لا حاجة لتغيير الجينات، بل هو إعادة تنشيط للجينات الأصلية.

يسعى باحثو الشركة أيضاً إلى تصميم علاج تجديدي لمرض التصلب المتعدد (MS)، بإعادة إنتاج مادة الميالين (النخاعين) من خلايا سلفية في الدماغ، حيث إنه مرض ناجم عن مهاجمة الجهاز العصبي لمادة الميالين المُغلِفة للألياف العصبية، ما يعيق عملية التواصل بين الدماغ وباقي أعضاء الجسم قد تنتهي بتلف الأعصاب. إلا أنه كآلية، مازال غير قادر على مواكبة السرعة التي يخسر بها المريض الميالين، لذا بقي التركيز في علاج مرض التصلب اللويحي حول قمع جهاز المناعة عوضاً عن إنتاج الميالين.

أعاد العقار الجديد لشركة فريكوينسي القدرة لمن يعانون فقدان السمع على التواصل بمن حولهم ومع محبيهم. يقول لانجر: "بعض أفراد التجارب السريرية لم يتمكنوا من السمع لمدة 30 عاماً، وللمرة الأولى قالوا إنهم يستطيعون الذهاب إلى مطعم مزدحم وسماع ما يقوله أطفالهم. من الواضح أنه يجب القيام بالمزيد من الأبحاث، ولكن مجرد حقيقة أنه يمكنك مساعدة مجموعة صغيرة من الناس أمر مثير للإعجاب بالنسبة لي".

المحتوى محمي