باحثون يطوّرون تكنولوجيا جديدة لشاشات اللمس تعتمد على الضغط

4 دقيقة
باحثون يطوّرون تكنولوجيا جديدة لشاشات اللمس تعتمد على الضغط
قد يستطيع المسافرون الذين يستخدمون الشاشات القابلة للتشويه يوماً ما استخدام تطبيقات الملاحة بتطبيق مستويات مختلفة من الضغط على الشاشة بأصابعهم.

قد يتمكن المهووسون بتصفّح الإنترنت في المستقبل من إضافة بعد مادي جديد إلى ترسانة طرق استعمال الهواتف الذكية. طور باحثون من جامعة باث مؤخراً شاشة لمس سيليكونية جديدة "قابلة للتشويه" ويمكن تغيير شكلها وصلابتها من خلال تطبيق مستويات مختلفة من القوة عليها. وصف الباحثون الشاشة الجديدة التي أطلقوا عليها اسم "ديفورملو" (DeformIO) في ورقة بحثية نُشرت في مجلة جمعية آلات الحوسبة (Association for Computing Machinery)، وهي تعتمد على الخصائص الهوائية وأجهزة الاستشعار لتحسس مستويات الضغط الناجمة عن الأصابع ثم تنهار حولها.

اقرأ أيضاً: كيف تعمل شاشات اللمس في الأجهزة المختلفة؟

على الرغم من أن هذه التكنولوجيا ما تزال ناشئة، فإن الباحثين المشاركين في تطويرها يقولون إنها يمكن أن تضيف يوماً ما طريقة جديد للإدخال إلى الأجهزة المحمولة يمكن استخدامها في مجموعة متنوعة من المهام، من التنقل في الخرائط الرقمية إلى ممارسة الألعاب و"الشعور" بصلابة المنتجات افتراضياً. قال أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة باث والمؤلف الرئيسي للدراسة، جيمس ناش: "على الرغم من أن ديفورملو ليست أول شاشة قابلة للتشويه، فإنها أول شاشة تعتمد على الخصائص الهوائية والاستشعار المضطرب. بتعبير آخر، تتيح ديفورملو للمستخدمين تحسس ارتجاع لمسي وطبيعي أكثر وأكثر ثراء في أثناء الضغط على السطح المرن".

كيف تعمل الشاشة القابلة للتشويه؟

اعتمدت المحاولات السابقة لتطوير شاشات لمسية تستجيب للضغط إلى حد كبير على الألواح القابلة لإعادة التكوين والدبابيس المرتفعة الموجودة أسفل سطح الجهاز مباشرة، التي تنخفض عند الضغط. وفقاً لما كتبه ناش وزملاؤه في الدراسة، تسبب هذا العامل الشكلي بمحدودية في استخدام الشاشات، لأنه أدى إلى تشكّل فواصل حادة بين المناطق في الشاشة التي يُطبّق الضغط عليها والمناطق التي لا يطبق الضغط عليها.

تتحسس شاشة ديفورملو العديد من مدخلات القوة في الوقت نفسه وعلى أجزاء مختلفة منها. تتيح هذه التقنية الجديدة للمستخدمين تجربة إحساس بالاستجابة اللمسية المستمرة في أثناء تحريك إصبعهم عبر الشاشة. تبلغ سماكة هذه الشاشة 3 ملليمترات، وتبلغ مساحة سطحها 140 ملليمتراً مربعاً. تمكّن الباحثون من تطوير هذا التصميم للشاشة من خلال الدمج بين الخصائص الهوائية و"الاستشعار المقاوم" لتحسس مستويات مختلفة من الضغط.

يشير مصطلح الاستشعار المقاوم إلى تقنية تُحوّل وفقها القوى الفيزيائية؛ أي تلك التي يطبقها إصبع المستخدم، إلى إشارات كهربائية يتحسسها الجهاز. تتيح هذه المدخلات لسطح الشاشة السيليكوني التحوّل ديناميكياً بين حالة صلبة وأخرى لينة اعتماداً على مقدار القوة التي يطبقها المستخدم. يستطيع المستخدمون تطبيق القوة على عدة مناطق من الشاشة في الوقت نفسه، وهي خاصية يدّعي الباحثون أنها تولد تدفقاً سلساً ومستمراً بين أجزاء الجهاز. يقول ناش إن هذه المرونة في اللمس توفّر في نهاية المطاف نوعاً جديداً من التفاعل مع الأجهزة دون التضحية بسهولة استخدام شاشات اللمس الزجاجية الحالية وسماتها التي ألفها المستخدمون. قال ناش: "توفّر ديفورملو فوائد الشاشات الزجاجية المستخدمة حالياً نفسها، التي تتيح للمستخدم التحكم بالجهاز من خلال تحريك الإصبع بسلاسة عبر السطح، لكنها توفر فائدة إضافية تتمثل في أنها تمكّن المستخدم من تطبيق القوة للتفاعل مع أجهزته على مستوى أعمق".

اقرأ أيضاً: دليل مبسّط لتخصيص الشاشة الدائمة في أشهر الهواتف الذكية

يمكن أن تضيف الشاشات القابلة للتشويه ميزات وسمات جديدة إلى الحوسبة اليومية

إذا أمكن استخدام الشاشات القابلة للتشويه في الأجهزة المحمولة الاستهلاكية الواسعة الانتشار، فإنها قادرة على إحداث تغيير كبير في طريقة تفاعل المستخدمين مع التطبيقات والخدمات المستخدمة يومياً. يتخيل الباحثون سيناريو يستخدم فيه مسافر مستقبلي شاشة قابلة للتشويه للتنقل بين أقسام مختلفة في خريطة رقمية. يستطيع المسافر في هذا المثال التنقل بسرعة بين الجزء من الخريطة المخصص لعرض الطريق إلى الجزء المخصص لعرض القمر الاصطناعي وبالعكس ببساطة من خلال تطبيق ضغط أكبر أو أصغر على الشاشة.

يجادل الباحثون بأن المسافر نفسه يستطيع استخدام تكنولوجيا الشاشة القابلة للتشويه لإطلاق مقذوفات على الأعداء في لعبة في الهاتف وهو في طريقه إلى المطار. من ناحية أخرى، يستطيع مطورو التطبيقات تصميم برامج لاستخدام الشاشة بطريقة تضيف إحساساً لمسياً إلى الإجراءات البسيطة مثل حذف الملفات أو استخدام لوحات المفاتيح. عرض الباحثون في مثال آخر صورة لفرشة على الشاشة إلى جانب شريط تمرير يغير قوامها بين الليّن والصلب. عند إزاحة المؤشر إلى أقصى يسار شريط التمرير، أي في "اتجاه التليين"، تتشوه الشاشة بسهولة حول إصبع المستخدم، ما يحاكي القوام المرن لفرشة لينة. عند إزاحة المؤشر إلى أقصى يمين شريط التمرير؛ أي في اتجاه الإعداد الأكثر صلابة، تتصلب الشاشة ويصبح قوامها أشبه بقوام الشاشات المسطحة المستخدمة في الهواتف الحالية.

يمكن أيضاً استخدام شاشة السيليكون الجديدة في شاشات اللمس المخصصة للسيارات لتزويد السائقين بمزيد من المدخلات التي يمكنهم استخدامها دون الحاجة إلى إبعاد أعينهم عن الطريق فترات طويلة من الزمن. يتخيل الباحثون أنه في يوم من الأيام، قد يتمكن السائقون من استخدام الشاشة لضبط عناصر التحكم في درجة الحرارة أو الشعور مادياً بالبيانات الطبوغرافية في الخرائط الرقمية. قال ناش: "قد يحصل المستخدمون بذلك على كمية هائلة من المعلومات من الخرائط. على سبيل المثال، قد يحصل السائق من خلال الضغط على اسم مدينة في الشاشة على بيانات ديموغرافية فورية، كما قد يعرف بالضغط على اسم متجر ما إن كان يستقبل الزبائن من مستوى صلابته. سيتمكن المستخدم من التلاعب مباشرة بكائن رقمي كما يتلاعب بكائن مادي عادة".

اختبر الباحثون الشاشة من خلال استخدام ذراع روبوتية لقياس صلابة سطحها ودقة استشعارها للقوى ودرجة تحسسها للمس. أضاف هؤلاء قَطعاً ناقصاً مصنوعاً بتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد إلى نهاية ذراع الروبوت لمحاكاة إصبع الإنسان. بعد هذه الجولة من الاختبارات، استعان الباحثون بمراجعين لتحليل تجارب المستخدم المحتملة التي يصعب تحليلها باستخدام الروبوتات وحدها. كلّف الباحثون المراجعين بالضغط على نقطتين منفصلتين على الشاشة في الوقت نفسه بالضبط. بيّن هذا الاختبار أن المستخدمين يستطيعون التنقل بسلاسة بين عدة نقاط ضغط على الشاشة. بالمثل، تمكن المختبرون أيضاً من ملاحظة الحالات التي يصبح فيها قسم من الشاشة أكثر صلابة أو ليونة من قسم آخر. استطاع هؤلاء إجراء إيماءات التمرير والسحب المعروفة بمستويات مختلفة من صلابة الشاشة وبتطبيق قوى مختلفة.

قد لا يتقبّل الأشخاص المعتادون على استخدام الشاشات الزجاجية المنتشرة اليوم واجهات اللمس الجديدة.

يجدر الذكر أن الشاشة التي طورها باحثو جامعة باث ما تزال نموذجاً أولياً، ومن المحتمل ألا تصل إلى أيدي المستهلك العادي قبل عقد من الزمن على الأقل. حتى إذا عُولجت المشكلات الفنية وتلك المتعلقة بقابلية التوسع، ليس من المؤكد أن يقتنع مستخدمو الهواتف المحمولة العاديون بحالات الاستخدام الجديدة التي توفرها الشاشة القابلة للتشويه بما يكفي لاعتمادها والاستغناء عن شاشات اللمس الزجاجية المجربة والموثوقة.

اقرأ أيضاً: كيف تستخدم ميزة بُعد الشاشة في أجهزة آيفون للحفاظ على صحة عينيك؟

واجهات تصميم الأجهزة المحمولة الأقل حداثة، مثل الشاشات القابلة للطي والقابلة للتمرير، موجودة بالفعل منذ سنوات ولكن المستخدمين لم يعتمدوها بمستويات عالية، وذلك بخلاف المستخدمين المتخصصين. قد ينطبق الأمر نفسه على الشاشات التي يتطلب استخدامها غمس الأصابع في سطح يشبه الهلام. قد يعوق تطوير الشاشات القابلة للتشويه شركات تصنيع الأجهزة عن تركيزها في جهودها على جعل الأجهزة أقل سماكة.

قال عالم الكمبيوتر في جامعة باث، جيسون ألكسندر، في بيان صحفي: "نأمل أنه في غضون عقد إلى عقدين، يمكن أن تُطبق المفاهيم التي تجسدها هذه التكنولوجيا الجديدة في الهواتف المحمولة. ونحن نستكشف حالياً التطبيقات التي قد تكون الأنسب لها".