ما هي مخاطر تناول أدوية البرد والإنفلونزا دون وصفة طبية؟

4 دقيقة
تعرّف على الأدوية الحساسة للحرارة وطرق حفظها
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Lunatta

يلجأ الناس خلال موسم البرد والإنفلونزا إلى الأدوية المتاحة دون وصفة طبية لتخفيف أعراض الاحتقان والحمى وآلام الجسم. ومع ذلك، لبعض هذه الأدوية تأثيرات ضارة في صحة القلب، فقد ترفع ضغط الدم، أو تزيد معدّل ضربات القلب، أو تسبب حوادث أكثر خطورة. ومن أكثر هذه العلاجات شيوعاً هي مضادات الاحتقان والأدوية المضادة للالتهابات غير الستيروئيدية. لكن كيف تؤثّر هذه الأدوية في صحة القلب؟ ومَن هم الأشخاص الأكثر عرضة للخطر؟ وكيف يمكن تناولها بأمان؟ إليك ما تحتاج معرفته.

اقرأ أيضاً: 8 أصناف من الأدوية الشائعة تسبب زيادة الوزن

تأثير مضادات الاحتقان في صحة القلب

يمكن لمضادات الاحتقان الفموية وأدوية الإنفلونزا والزكام المخفِّفة للاحتقان المتوفرة دون وصفة طبية، التي تحتوي على المادة الفعالة سودوإيفيدرين (Pseudoephedrine) أو فينيليفرين (Phenylephrine)، أن تؤثّر في الجهاز القلبي الوعائي. لماذا؟

لأن هذه المواد تسبب أساساً انقباض أو تضييق الأوعية الدموية المتورّمة في الممرات والجيوب الأنفية، ما يساعد على تخفيف الاحتقان والتورّم في الأنف المسدود. ومع ذلك، لا ينحصر مفعولها على الأوعية الدموية في الأنف؛ إذ قد تسهم في تضييق الأوعية الدموية في أنحاء الجسم جميعها، ما قد يؤدي إلى ارتفاع في ضغط الدم وتغيّرات في معدل ضربات القلب.

لكن، بالنسبة للأفراد الأصحاء ممن لا يعانون أمراض القلب والأوعية الدموية، فلا يمثّل الاستخدام قصير الأمد لأقل جرعات ممكنة من مضادات الاحتقان خطورة عادةً؛ إذ يقول مختص أمراض القلب في مركز العلوم الصحية في جامعة تكساس، وافي مومين (Wafi Momin)، إن تناول هذه الأدوية من حين لآخر أو عند الحاجة آمن عموماً للناس معظمهم.

ومع ذلك، إذا تم تناولها بصورة مستمرة كل 6 إلى 8 ساعات لعدة أيام، فقد تسبب تأثيراً مركباً، وهذا يعني أن تأثيرها في ضغط الدم ومعدل ضربات القلب يتراكم بمرور الوقت.

في حين ينبغي على مرضى القلب والأوعية الدموية تجنُّب مضادات الاحتقان الفموية، خصوصاً ممن يعانون قصور القلب أو ارتفاع ضغط الدم أو مرض الشريان التاجي، فقد يكون لهذه الأدوية آثار وخيمة حتى عند الاستخدام قصير الأمد بالنسبة لهؤلاء.

اقرأ أيضاً: لماذا لا تُختبر الأدوية التي توصف للأطفال مثل أدوية البالغين؟

تأثير مضادات الالتهاب غير الستيرويدية في صحة القلب

تستخدم مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أساساً لتسكين الألم والسيطرة على الحمى الناتجين عن نزلات البرد والإنفلونزا أو الصداع أو التهاب المفاصل وغيرها. أما المواد الفعالة الشائعة في هذه الأدوية فهي: ايبوبروفين (Ibuprofen)، نابروكسين (Naproxen)، سيليكوكسيب (Celecoxib)، ديكلوفيناك (Diclofenac).

تعمل هذه المواد عن طريق تثبيط إنزيم سيكلوأكسجيناز (COX)؛ المسؤول عن إنتاج جزيئات البروستاغلاندين التي تسبب الألم والالتهاب. ولكن، لهذا الإنزيم تأثيرات مهمة إضافية في أنحاء الجسم جميعها، وقد يسبب تثبيطه خطراً على صحة القلب.

على سبيل المثال، قد يؤثّر تثبيط أحد أشكال الإنزيم (COX-2) الموجود في بطانة الأوعية الدموية، سلباً في إصلاح الأوعية الدموية المتضررة واسترخائها، علاوة على أن تثبيط الإنزيم في الكلى قد يؤدي إلى احتباس السوائل، ما يؤثّر بدوره في ضغط الدم وأعراض قصور القلب. 

ووفقاً لإدارة الغذاء والدواء الأميركية (Food and Drug Administration)، فإنه من الممكن لمضادات الالتهابات غير الستيرويدية أن تفاقم خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، لدى كل من الأشخاص المصابين بأمراض القلب وغير المصابين بها، وممن يعاني عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والذين لا يعانون منها، ولكن مدى الخطر يتعلق بنوع الدواء والجرعات ومدة الاستخدام.

وقد ذكرت المدونة التابعة لكلية الطب في جامعة هارفارد (Harvard Medical School)، إن تناوُل الأفراد الأصحاء الذين لا يمتلكون تاريخاً من أمراض القلب لمضادات الالتهابات هذه يصيب شخصين من كل ألف شخص سنوياً بحالة من حالات أمراض القلب والأوعية الدموية (مثل النوبات القلبية أو السكتات الدماغية)، وترتفع عند مرضى القلب والأوعية الدموية إلى 7-8 أحداث قلبية وعائية من كل ألف شخص سنوياً.

ومع ذلك، تظهر هذه الآثار عند تناول هذه الأدوية لفترات طويلة (أكثر من شهر)، ويكون الخطر أعلى عند تناول جرعات عالية، في حين يقلّ خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية المرتبطة بهذه الأدوية عند استخدامها لأقصر فترة ممكنة وبأقل جرعة وتكرار ممكنين. 

اقرأ أيضاً: ما مخاطر أدوية تخفيف الوزن الرائجة؟

كيف تستخدم هذه الأدوية بأمان؟ 

ينبغي الانتباه إلى نقطة أساسية، فكون بعض الأدوية متاح دون وصفة، فهذا لا يعني التقليل من شأن تأثيراته أو التغاضي عن قراءة الملصقات أو تجاهلها. ومن المهم استشارة الطبيب قبل تناول أي أدوية حتى لو كانت متاحة دون وصفة طبية، خصوصاً في حال تناول أدوية موصوفة أخرى. ومن الضروري، مرة أخرى، استشارة الطبيب قبل تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية حتى لو كان لبضعة أيام فقط، وخصوصاً بالنسبة للأفراد الذين يعانون أي مشكلة تخص القلب والأوعية الدموية.

كما تنصح جمعية القلب الأميركية الأفراد الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم غير المنضبط أو أمراض القلب بتجنُّب تناول مضادات الاحتقان الفموية، أما بالنسبة للأشخاص الأصحاء، فتنصح باستخدام هذه الأدوية لأقصر مدة ممكنة وألا تزيد على 7 أيام دون استشارة الطبيب، أو استخدام بديل آخر مثل محلول ملحي أو مضادات الهيستامين.

ودائماً ما ينصح الأطباء إذا كانت أعراض البرد والإنفلونزا خفيفة أو متوسطة، بالحصول على قسط كبير من الراحة وشرب الكثير من السوائل؛ لأن الترطيب يساعد على تقليل آلام الجسم والتخلص من المخاط وتقليل الحاجة إلى مضادات الاحتقان. وتؤكد الباحثة في العلوم السرطانية، أصالة لمع، على أهمية الحلول غير الدوائية في علاج الزكام، وتقول إنها شخصياً تستخدم الباراسيتامول العادي الذي لم تُضاف إليه أي مواد أخرى في تسكين الألم.

اقرأ أيضاً: تعرف إلى الأدوية الحساسة للحرارة وطرق حفظها؟

أما الأعراض التي تشير إلى حدوث رد فعل سلبي ناتج عن تناول الأدوية المتاحة دون وصفة طبية، فهي: خفقان القلب، صداع، دوار، عدم وضوح الرؤية، ضيق النفس أو انزعاج في الصدر. وينبغي طلب الرعاية الطبية مباشرة في حال عانى الشخص بعد تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية ألماً في الصدر، أو ضيقاً أو صعوبة في التنفس، أو ضعفاً في جزء أو جانب من الجسم، أو تحدَّث بكلام غير واضح.

بالنسبة لأدوية الرشح والإنفلونزا التي تسكِّن الألم وتزيل الاحتقان، مثل التي تحتوي على مادتين فعالتين هما الأسيتامينوفين (الباراسيتامول) والسودوإيفيدرين، فينبغي استشارة الطبيب قبل الاستخدام، خصوصاً في الحالات التالية:

  • معاناة ارتفاع ضغط الدم أو فرط نشاط الغدة الدرقية أو تضخم البروستات أو مشكلات في القلب أو الغلوكوما (الماء الأزرق في العين).
  • وجود مشكلات في الكبد أو الكلى.
  • استهلاك الكحول.
  • وجود نقص في الوزن أو سوء التغذية.
  • تناول أي أدوية موصوفة أخرى.

يجب عدم تناول هذا الدواء لأكثر من 5 أيام ما لم يخبر الطبيب بخلاف ذلك، بالإضافة إلى ضرورة استشارة الطبيب إذا كان العمر أقل من 12 عاماً.

المحتوى محمي