لا نختلف على أن كثافة الشعر وحيويته أحد أهم معايير الجمال، إلا أنها لا تقتصر على كونها معياراً للجمال وحسب، حيث يمكن التنبؤ من خلال صحة الشعر بصحة البدن، إذ يعتبر الشعر كما الأظافر أحد ملحقات الجلد التي تتأثر بالحالة العامة الجسدية والنفسية حتى.
وفي الوقت الذي قد يُسبب القلق فيه حالة مؤقتة من تساقط الشعر، تتسبب حالات صحية أخرى بخسارة أشعار الجسم بصورة دائمة محدثةً حالة من "الحلس"، فما هذه الحالات الصحية؟
أسباب الحلس أو توقف نمو الشعر
قد يختلط الأمر قليلاً بين الحلس والصلع والثعلبة ويصعب التمييز بينها، فجميعها تشير للأمر ذاته وهو خسارة الشعر. وتوضيحاً لذلك علينا أن نعلم أن "الحلس" ليس مرضاً بحد ذاته وإنما هو النتيجة النهائية ألا وهي فقدان الشعر، بينما الصلع هو خسارة الشعر بوجود عامل وراثي، والثعلبة هي خسارة الشعر لأحد الأسباب المناعية، ولذلك نستطيع القول إن المصابين بالصلع وبالثعلبة يعانون من "الحلس" كنتيجة لحالتهم. والآن نستطيع الانتقال إلى فهم الأسباب الصحية التي قد تكلفنا شعرنا وتتسبب بتوقف نموه، ومن أبرزها نذكر:
اقرأ أيضاً: إليك نصائح تساعدك في تأخير ظهور شيب الشعر
الصلع أو فقدان الشعر لأسباب وراثية
تتحكم الوراثة والتاريخ العائلي في تساقط الشعر عند الذكور والإناث، وإذا كانت جينات الصلع تسري في العائلة فيوجد احتمال كبير بأن يحدث ذلك للأولاد والأحفاد.
وللصلع أو ما يُعرف بفقدان الشعر الوراثي نمطان؛ نمط ذكري وهو الصلع التقليدي الذي نراه عند الذكور، والصلع ذو النمط الأنثوي الذي يكون ذا شدة أخف.
توقف نمو الشعر المرافق لتقدم السن
يؤدي العمر دوراً في تساقط الشعر وتوقف نموه عند كلا الجنسين، وتعاني العديد من الإناث من ذلك بعد سن اليأس بشكل خاص وذلك نتيجة لتأرجح مستويات الهرمونات لديهن.
من جهة أخرى، تخف كثافة الشعر عند الذكور بشكل واضح بعد تجاوز سن الخمسين، إذ يعاني 85% من الذكور خسارة ملحوظة في الشعر وتوقف نموه بعد هذه السن.
أمراض الغدة الدرقية
يرافق ضعف أداء الغدة الدرقية وضعف إنتاج هرمونات الغدة الدرقية تساقط الشعر وضعف في نموه، لهذا السبب إذا وجدت نفسك تعاني تعباً مستمراً وزيادة في الوزن وعدم تحمل البرد وخسارة الشعر، فننصحك باستشارة مقدم الرعاية الصحية الخاص بك لتقييم الحالة العامة للغدة الدرقية لديك.
داء الثعلبة
يهاجم الجهاز المناعي في داء الثعلبة بصيلات الشعر، ما يتسبب بالتهابها وإضعافها وخسارتها بشكل دائم، وبينما يؤثر داء الثعلبة على أشعار الرأس والوجه بشكل رئيسي، قد يكون تساقط الشعر أكثر انتشاراً ليصيب كامل الجسم. ومن غير المفهوم لمَ يتحرض الجهاز المناعي ضد بصيلات الشعر، إلا أن العوامل الجينية والبيئية تؤدي دوراً في ذلك.
طريقة خسارة الشعر وتوقيتها تساعد في تحديد السبب
قد يصعب على الشخص تحديد سبب حدوث الحلس لديه، ولكن وقت حدوثه أو الطريقة التي يحدث بها يساعد في التوجه نحو السبب بشكل كبير، فخسارة أشعار الرأس والوجه بشكل بقعي تكون علامة على الإصابة بداء الثعلبة.
اقرأ أيضاً: إدارة الغذاء والدواء توافق على علاج جديد لتساقط الشعر لدى مرضى الثعلبة
أما إذا توقف نمو شعر نصف الرأس وبقي ينمو بشكل طبيعي في النصف الآخر فغالباً يُعزى السبب للتروية الدموية، فكل بصيلة شعر لها إمدادها الخاص بالدم ومن الممكن أن تكون التروية الدموية لأحد جانبي الرأس أفضل، هذا ما يُفسّر ضعف نمو الشعر على جانب الرأس الذي ننام عليه بشكل مستمر.
من جهة أخرى، يوجه وقت حدوث تساقط الشعر وتوقف نموه نحو التشخيص، فإن حدث ذلك بعد حدث صادم أو إجهاد شديد أو بعد نوبة قلق وذعر، فهذا يضع تساقط الشعر الكربي أعلى قائمة التشاخيص المحتملة، كما يحدث بعد العمليات الجراحية الكبيرة والولادات وحتى بعد فقدان أحد أفراد العائلة.
علاج الحلس: ما العلاجات الطبيعية لتوقف نمو الشعر؟
تفضّل نسبة من المصابين تطبيق العلاجات المنزلية قبل اللجوء إلى التدابير الدوائية والجراحية. وعلى الرغم من أن إعادة نمو الشعر الذي فقد كنتيجة للصلع أو لقصور الغدة الدرقية غير المعالج أو نتيجة الإصابة بداء الثعلبة صعب نسبياً، فإن الإجراءات التالية قد ترفع من نسب النجاح. وإليك أبرز العلاجات المنزلية التي تغذّي الشعر وتساعد في إعادة إنمائه:
- تدليك فروة الرأس: الأمر الذي يُحسّن تدفق الدم إلى فروة الرأس ويُحسّن بذلك من تغذية بصيلات الشعر.
- تطبيق خلاصة الصبار: يُلطّف الصبار فروة الرأس ويُنعم الشعر ويقوي جذوره.
- تطبيق زيت إكليل الجبل وزيت المسك: يحفّز زيت إكليل الجبل نمو أشعار جديدة، الأمر الذي يعتبر مهماً في حالات فقدان الشعر نتيجة لداء الثعلبة. من جهة أخرى، يُحسّن زيت المسك من الدورة الدموية ويُكثّف الشعر، إلا أن الأبحاث غير كافية حول ذلك.
- تناول مكملات البيوتين: لا شك أن البيوتين يساعد في نمو الشعر، إلا أنه يكون فعّالاً بالشكل الأكبر كعلاجٍ لتوقف نمو الشعر عندما يكون نقص بيوتين الجسم الأساسي هو السبب في حدوث توقف نمو الشعر بالدرجة الأولى.
- تعديل النظام الغذائي: يساعد تناول الغذاء الصحي المحتوي على العناصر الغذائية الأساسية في نمو الشعر، وتشمل هذه الأغذية كلاً من البيض والسمك والتوت والسبانخ.
- مستخلص شجرة نخيل القزم أو "ساو بالميتو" (Saw Palmetto): يثبّط هذا المركب النباتي من عمل إنزيم "5-ألفا ريدوكتاز" الذي يحول التستوستيرون إلى دي هيدروتستوستيرون، وبذلك يحافظ على مستويات التستوستيرون، ما يقلل تساقط الشعر المُحدث جراء نقص هرمون الذكورة.
اقرأ أيضاً: 6 أمثلة لتداخلات غذائية دوائية يجب تجنبها
العلاجات الطبية الدوائية والجراحية لتوقف نمو الشعر
هناك المزيد من الخيارات لمَن يرغب بعلاج توقف نمو الشعر، وتشمل خيارات العلاج السريري الدوائية "مينوكسيديل"، وهو دواء موسع للأوعية يُحسّن من التروية الدموية لبصيلات الشعر وبذلك يوفر الظروف المناسبة لنمو شعر أقوى وأكثر كثافة. كما يوجد صنف دوائي آخر يُدعى "فيناسترايد" والذي يثبّط عمل إنزيم "5-ألفا ريدوكتاز"، وبذلك يزيد من نمو الشعر بالطريقة نفسها التي يقوم بها مركب ساو بالميتو.
تعتبر زراعة الشعر خياراً محتملاً جيداً للأشخاص الذين لا يستجيبون للعلاجات المنزلية أو الدوائية، وهو يعتبر إجراءً جراحيّاً يتضمن تنظيف الفروة بالكامل وإجراء ثقوب توافق مسام خروج الأشعار، وذلك لزرع بصيلة شعرية في عمق كل منها.
وأحد الإجراءات الطبية التجميلية الأخرى هي صبغ فروة الرأس المجهري، أي إجراء وشم على شكل شعيرات يخلق الوهم بوجود شعر حقيقي، ويعتبر هذا الإجراء مفضلاً عند الأشخاص الذين يعانون فقدان الشعر البقعي وليس المنتشر، فهو لا يعالج المشكلة وإنما يقدم حلاً للمشكلة الجمالية المرافقة لتساقط الشعر فقط.