لا تُضحّي بمأكولاتك المفضّلة: هكذا يمكنك تناول الطعام الصحي بشكل مستدام

4 دقائق
تناول الطعام الصحي بشكل مستدام
حقوق الصورة: نادين بريمو عبر أنسبلاش

خصص موقع «بوبساي» شهر سبتمبر/أيلول لإعادة النظر في عادات الأكل التي نتبعها. على الرغم من أن حدسية حبّنا لتناول الطعام غريزية؛ إلا أن هناك الكثير من المعوقات التي تقف بيننا وبين عادات الأكل الصحية. هذا الشهر، سنفنّد الخرافات المتعلقة بالحميات الغذائية، ونستعرض حيلاً مفيدةً في المطبخ، ونستكشف أكثر الأفكار الخاطئة المتعلّقة بالطعام شيوعاً.

سواء كنت نباتياً، أو خُضرياً، أو نباتياً تتناول الأسماك، أو تتبّع النظام الغذائي المرن، أو نظاماً آخر، فقد تفكر كثيراً في كيفية تغيير الأطعمة التي تتناولها لكوكب الأرض؛ ولكن على عكس الأنشطة الرئيسية الأخرى المرتبطة بتغير المناخ، فإن الإجابة ليست دائماً واضحةً تماماً. يمكن أن تكون الملصقات التي تبيّن العواقب البيئية والأخلاقية لتناول الأطعمة (أو ملصقات الاستدامة) محيرة، وهناك الكثير من العوامل غير انبعاثات الكربون يجب أخذها بعين الاعتبار عندما يتعلق الأمر بالتأكد من أن خيارات طعامك أخلاقية.

كيف يمكن تناول الطعام الصحي بشكل مستدام؟

مع ذلك، فهناك بعض الطرق المؤكدة لتناول الطعام الصحي مع الحفاظ على الكوكب.

أعد النظر في استهلاكك للبروتين

يقول «شون سموكلر»؛ الأستاذ المشارك ورئيس قسم الزراعة والبيئة في أنظمة الأرض والغذاء في جامعة «بريتيش كولومبيا» إذا كنت تهتم بالكوكب (وصحتك) أي تود تناول الطعام الصحي بشكل مستدام فأكثر أمر بديهي يمكنك فعله هو تقليل كمية لحوم البقر والحملان والماعز التي تتناولها، لذا قبل أن تقرر أن تصبح نباتياً أو خضرياً تماماً، من المهم أن تعرف ما هي منتجات اللحوم الأكثر تأثيراً سلبياً على المناخ.

يقول سموكلر: «إن القرار الأهم الذي يجب اتخاذه يتعلق بتحديد مقدار اللحوم التي تريد تناولها، ويتضمن ذلك [اختيار] نوع من اللحوم أقل تأثيراً على المناخ».

المجترّات؛ وهي فصيلة الحيوانات التي تشمل الأبقار والماعز والأغنام، تجمع طعامها ومغذياتها عن طريق تخميرها بشكل أو بآخر في معدتها بميكروبات خاصة. في حين أن هذه العملية مدهشة من ناحية حيوية؛ إلا أن الأنظمة الغذائية لهذه الحيوانات تُنتج غالباً انبعاثات عاليةً من غاز الميثان. من ناحية أخرى؛ للدواجن والخنازير بصمة كربونية عالية جداً مقارنةً بالخضروات ومنتجات الحليب؛ ولكنها أصغر بكثير من البصمة الكربونية للبقر.

وفقاً لـ سموكلر؛ إن بدائل اللحوم النباتية هي خيار آخر يمكن أخذه بعين الاعتبار، على الرغم من أن تأثيراتها على البيئة ليست معروفةً بدقة إلى حد ما. يقول سموكلر: «من الواضح أن الانبعاثات الناتجة عنها أقل من تلك الناتجة عن اللحوم التي تُستبدل بها؛ ولكننا لا نعلم ما هو الفرق».

لا تزال فوائد هذه البدائل على الصحة غير معروفة أيضاً؛ لكن هناك أمر واحد يعرفه الأطباء على وجه اليقين، وهو أن الكثير من الأشخاص في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يتناولون بالفعل الكثير من البروتين، لذا فإن تقليل استهلاك اللحوم للأغراض الصحية فقط هو خيار جيّد.

المأكولات البحرية هي قضية أخرى متعلّقة بالبروتين ومثيرة للجدل. تُعتبر بعض أنواع الأسماك الصغيرة مثل الأنشوجة والرنجة والرخويات المستزرعة مستدامة بشكل عام؛ لكن الأطعمة الصحية المفضلة مثل القريدس يمكن أن تستهلك ما يصل إلى 12047 لتراً من الوقود لكل طن لسحبها من المحيط. يقول «مايكل كلارك»؛ باحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في برنامج «أوكسفورد مارتن أون ذا فيوتشر أوف فود»: «تميل الأطعمة الصحية إلى أن تكون أكثر استدامةً؛ ولكن هناك استثناءات».

اقرأ أيضًا: الأنظمة الغذائية النباتية ليست صحية دائماً

تناول الطعام الصحي بشكل مستدام ممكن مع المأكولات المُعالجة؛ ولكن بحكمة

يمكن أن تكون مسألة الأطعمة المُعالجة؛ والتي تشكل الجزء الأكبر من الأنظمة الغذائية للشعب الأميركي هذه الأيام، مثيرةً للجدل أيضاً. من الواضح بالفعل أن بعض الأنواع تضر بصحة الإنسان، كما أن المنتجات التي تحتوي على زيت النخيل والصويا لها تأثيرات «هائلة» على الكوكب.

ولكن في بعض الحالات؛ يمكن أن تكون الأطعمة المعالَجة معالجةً طفيفةً خياراً مثالياً بالنسبة للأفراد الذين يشعرون بالقلق أيضاً بشأن كمية الطعام التي يرمونها في القمامة. هناك آثار مضاعفة خطيرة لتراكم الطعام في مدافن النفايات. يمكن تخفيف 6-8% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ببساطة عن طريق تقليل نسبة نفايات الطعام.

تشير الأبحاث الحديثة التي أجراها كلارك وآخرون إلى أن التوقّف عن استهلاك الأطعمة غير الصحية والانتقال إلى تناول طعام صحي بشكل مستدام يمكن أن يكون له تأثيرات كبيرة على البيئة. قد يمثّل استخدام الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة وغيرها من المأكولات المعالَجة معالجةً طفيفةً جزءاً كبيراً من هذا الانتقال. أظهرت إحدى الدراسات الحديثة أيضاً أن الفواكه والخضروات المعالَجة معالجةً طفيفةً تكون أقل عرضة لأن تُرمى في القمامة، ما يحد من التدهور البيئي.

قال «ماركو سبرينغمان» من جامعة أكسفورد لوكالة «بي بي سي» الإخبارية أن السؤال الذي يجب أن تطرحه على نفسك هو ما إذا كان عليك استخدام الأدوات المنزلية لإعداد الطعام الذي تشتريه؛ مثل طهي الأرز أو تجميد الفاكهة لتحضير العصير. يقول سبرينغمان: «إذا قمت بمعالجة بعض الأطعمة في المنزل، فمن المحتمل أنك تستهلك المزيد من الطاقة للقيام بذلك، لأن إنجاز هذه العملية لا يكون بسهولة وكفاءة إنجازها في المصانع الكبيرة».

المغزى هو أنه إذا كان النظام الغذائي الصحي الخاص بك يتكون من الخضار الطازجة والحبوب؛ ولكنك كنت قلقاً من أنك لن تتمكن من تناول كل الكمية قبل أن تفسد، فاستبدل هذه المكوّنات بالكينوا المطبوخة مسبقاً أو رقائق البامية. تجنّب الأطعمة المعالَجة كثيراً مثل رقائق البطاطس وقطع الدجاج المقلية.

تعامل مع مورّدي الأغذية المحليين

من المواعظ التي تُكرر كثيراً والمتعلّقة بالأنظمة الغذائية الصديقة للمناخ هي معرفة من أين يأتي طعامك؛ لكن معرفة المكان الذي زُرعت فيه الطماطم التي اشتريتها بالضبط قد يكون أكثر صعوبةً من تفسير الملصقات الغذائية. إذا كنت حريصاً جداً على معرفة المصادر الدقيقة لوجباتك؛ يقترح سموكلر الانخراط في وسط الزراعة المحلّي لمعرفة ما إذا كان المزارعون يطبّقون ممارسات عضويةً أو تجديديةً.

نظام الغذاء العالمي دقيق بشكل لا يُصدق. على سبيل المثال: بعض الأطعمة التي تُنتج كميةً أقل من غازات الاحتباس الحراري قد تتطلّب الكثير من المياه لزراعتها أو تصنيعها. يوضح سموكلر: «يمكن أن يصبح هذا الأمر معقداً جداً، وهو أمر صعب بالنسبة للمستهلكين، ولهذا السبب؛ بالنسبة لي، فإن معرفة المزرعة أو المُزارع وكيفية إنتاجهما للطعام يحدث فرقاً كبيراً». إن معرفة الشخص الذي يصنع الأشياء التي تشتريها هو أعلى مستوى من الشفافية يمكنك الحصول عليه.

بالطبع؛ ليس لدى الجميع الوقت للبحث عن مزارعي اللفت والخس في منطقتهم؛ ولكن حتى المحاولات المتواضعة قبل الذهاب إلى المتجر تعتبر مفيدةً؛ مثل إجراء بحث على «جوجل» عن المَزارع المستدامة التي تطبّق آليات مثل عزل الكربون، أو الزراعة المعمّرة، أو الزراعة المدعومة من المجتمع. يمكنك أيضاً استخدام قوتك الشرائية لتوجيه النظام، فمتاجر البقالة والمطاعم تهتم بما يريده العملاء، والمطالبة بالحصول على خيارات صديقة للكواكب تمكنك من تناول الطعام الصحي بشكل مستدام  وميسورة التكلفة تُعتبر أمراً جيداً على المدى الطويل.

يقول سموكلر: «أفضل نصيحة هي محاولة اتخاذ الخيارات التي تعكس رغباتك، وإذا أجرينا بعض التغييرات الواضحة، فسنحفّز تغيير النظام بأكمله».

اقرأ أيضا: علاج حبوب القيح في الوجه.

المحتوى محمي