مضاد حيوي شهير قد يساعد على علاج الإدمان

3 دقيقة
مضاد حيوي شهير قد يساعد على علاج الإدمان
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Zen Designer 1997

وفقاً لبحثٍ جديدٍ نُشر في دورية "التطور في علوم الأدوية النفسية العصبية والطب النفسي البيولوجي" (Progress in Neuro-Psychopharmacology and Biological Psychiatry) فإن الصاد الحيوي "دوكسي سايكلين" (Doxycycline) الذي يُستخدم لمحاربة جراثيم الميكوبلازما والبروسيلا، ذو دورٍ فعّالٍ في معالجة اضطرابات تعاطي المخدرات، يتجلى في تقليل التأثيرات السُمية للأدوية مثل المورفين والكوكايين، الأمر الذي يوفّر أملاً كبيراً في إيجاد تداخلات أكثر فاعلية.

اقرأ أيضاً: إليك الحالات التي ينبغي فيها تناول الأدوية المنومة لمحاربة الأرق

لمَ أُولي الكثير من الاهتمام إلى الدور العلاجي الاستثنائي للدوكسي سايكلين؟

تمثّل اضطرابات تعاطي المخدرات تحدياً كبيراً للصحة العامة على مستوى العالم، حيث تتميز هذه الاضطرابات بالاستخدام القهري للمخدرات والأدوية التي تسبب الإدمان، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث تغيرات سلوكية وعصبية شديدة، ما يشكّل تحديات كبيرة أمام العلاج.

ولأن العلاجات الحالية غير كافية ولا تُشفي من الإدمان، ثمة حاجة مُلحّة ومستمرة لإيجاد استراتيجيات علاجية جديدة. لهذا السبب شرع الباحثون في هذه الدراسة باستكشاف إمكانات الدوكسي سايكلين، وهو مضاد حيوي شائع معروف بخصائصه المضادة للالتهابات، في التخفيف من الآثار الإدمانية لبعض المخدرات مثل الكوكايين والمورفين.

قالت مؤلفة الدراسة "أماندا سيلز"، وهي حاصلة على شهادة الدكتوراة في علم العقاقير وباحثة في كلية ريبيراو بريتو الطبية بجامعة ساو باولو: "إن اهتمامنا بهذا الموضوع يرجع إلى الطبيعة المعقدة والمتكررة لاضطرابات تعاطي المخدرات، والتي تمثّل مصدرَ قلقٍ على الصحة العامة".

وأضافت سيلز بهذا الخصوص: "بالإضافة إلى أنه مضاد حيوي، يتمتع الدوكسي سايكلين بخصائص مهمة مضادة للالتهابات وواقية للأعصاب، وبما أن الآليات المناعية الالتهابية في الدماغ مرتبطة أيضاً باضطرابات تعاطي المخدرات، فقد قررنا التحقق مما إذا كان هذا الدواء مفيداً في هذه الحالة".

اقرأ أيضاً: دليلك لاستخدام الأدوية المُستهكلة الأكثر شيوعاً

كيف أثبت الباحثون الآثار الإيجابية للدوكسي سايكلين على الإدمان؟

في الدراسة التي أُجريت في جامعة ساو باولو، خضعت 302 من فئران الذكور لسلسلة من التجارب لتقييم تأثير الدوكسي سايكلين على السلوكيات المرتبطة بالإدمان، ووزعت الفئران في ظروف معملية قياسية بشكلٍ عشوائي على مجموعات مختلفة، أُعطي بعضها الصاد مع الكوكايين أو الصاد مع المورفين، للحصول على نتائج غير متحيزة وأُجري البحث وفقاً للمبادئ التوجيهية الأخلاقية لتقليل معاناة الحيوانات.

تضمنت التجارب إعطاء جرعات مختلفة من الدوكسي سايكلين والمورفين والكوكايين للفئران، كما استُخدِم اختباران أساسيان؛ أحدهما تفضيل المكان المشروط الذي يقيس تفضيل الفئران للبيئة المرتبطة بالتعرض للمخدرات، والثاني اختبار التحسس الحركي الذي يُقيِّم النشاط وزيادة الحركة الناجمة عن الكوكايين.

كما شمل الاختبار جهازاً ذا حجرتين لكلٍّ منهما إشارات بصرية وملموسة مميزة، وسجّل الوقت الذي أمضته الفئران في كل حجرة قبل تناول الدواء وبعده، ما يوفّر نظرة ثاقبة حول التأثيرات المجزية للأدوية.

وجد الباحثون أن الدوكسي سايكلين قلل بشكلٍ كبير من التأثيرات الناجمة عن المورفين لدى الفئران، كما اتضح أنه يرتبط أيضاً بانخفاض تفضيلها البيئة المرتبطة بالمخدرات. والأهم من ذلك أنه لم يؤثّر في خصائص المورفين في تخفيف الألم. من جهة أخرى، خفف هذا الصاد الحيوي أيضاً من تطور سلوكيات الإدمان الناجمة عن الكوكايين والتعبير عنها.

ومن المثير للاهتمام أن إعطاء جرعة واحدة من الدوكسي سايكلين قبل الاختبار كانت كافية لتقليل التعبير عن الذاكرة المسؤولة عن توليد شعور المكافأة المرتبط بالكوكايين. بالإضافة إلى ذلك، ارتبط الدوكسي سايكلين بشكلٍ فعّال بالسلوك المفرط والحساسية النفسية التي يسببها الكوكايين عادة.

اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن الكيتامين الذي تُشير إليه أصابع الاتهام بالتسبب في وفاة بطل مسلسل فريندز؟

يشير ذلك إلى أن هذه النتائج يمكن أن تكون أداة قيّمة في علاج اضطرابات تعاطي المخدرات، وقدرة الصاد الحيوي على تعديل الذاكرة والاستجابات السلوكية المرتبطة بإدمان المخدرات دون التأثير على التأثيرات العلاجية الأولية للأدوية مثل المورفين.

ما الآفاق المستقبلية التي تترتب على هذه النتائج؟

لا شك أن هذه النتائج تُمهّد الطريق للاستخدام المحتمل لهذا الدواء المعروف بأنه مضاد للالتهاب لأغراض تخدم الصحة النفسية والعصبية، وفي علاج اضطرابات تعاطي المخدرات. إلّا أنه في الوقت نفسه، هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات لأن البحث الذي أُجري يعتبر بحثاً أولياً واقتصر على الحيوانات فقط.

من جهة أخرى، من المهم الإشارة إلى أن البحث أُجري على ذكور الفئران بشكلٍ نوعي دون الإناث، والذي يعتبر قيداً للدراسة يُثير تساؤلاً حول قابلية تطبيق النتائج على الجنسين.

علاوة على ذلك، فإن الآلية الدقيقة التي يؤثّر بها الدوكسي سايكلين في السلوكيات الإدمانية ليست مفهومة تماماً، والفرضية العلمية التي يتضمنها البحث هي أن الدوكسي سايكلين قد يكون قادراً على التأثير في البروتينات المعدنية المصفوفة التي تشارك في تسريع تفاعلات الخلايا الدماغية وتحفيز تجديدها في الدماغ، إلّا أن هناك حاجة إلى مزيدٍ من البحث لتأكيد هذه الفرضية واستكشاف آليات أخرى محتملة.

اقرأ أيضاً: أفضل 7 مكملات غذائية لإنقاص الوزن

أوضحت سيلز: "كانت دراستنا الأولى التي بحثت في آثار الدوكسي سايكلين على الاستجابات المكافئة والحركية النفسية الناجمة عن المخدرات المسببة للإدمان، على الرغم من أننا ركزنا على جرعات منخفضة مدة قصيرة في دراستنا، آخذين بعين الاعتبار أن استخدام الصادات الحيوية بما في ذلك الدوكسي سايكلين قد يؤدي إلى حدوث مقاومة الصادات".

المحتوى محمي