شارك
الرئيسية
3 دقيقة
في تقرير الطبيب الشرعي الذي بحث في أسباب وفاة الممثل الكندي ماثيو بيري، وهو نجم مسلسل فريندز، تبين وجود كميات كبيرة من مخدر الكيتامين في جسمه بشكلٍ مشابه لمستوياته في دم مريض واقع تحت تأثير التخدير العام، فهل يمكن للتأثيرات الحادة للكيتامين أن تسبب الوفاة حقاً؟
اقرأ أيضاً: العلاجات العشبية والتقليدية: هل هي فعّالة حقاً في علاج الأمراض؟
ما هو الكيتامين؟
الكيتامين هو مخدر فصامي، يُستخدم عقاراً لتحفيز التخدير العام عند القيام بالإجراءات الطبية التي لا تتطلب تحفيز استرخاء العضلات وإنما فقط استرخاء الأعصاب، بكلمات أخرى يعزز الكيتامين التخدير عن طريق تعزيز شعور الانفصال النفسي للمريض وليس الجسدي، أي يفقد المريض شعوره بالواقع والاتصال معه.
للكيتامين طيفٌ واسعٌ من الاستخدامات العلاجية؛ فهو يُستخدم في قسم الطوارئ في الحالات الشديدة الألم لتحريض تخدير وتسكين قصير الأمد لألم المريض، كما في حالات الكسور وعلاج خلع المفصل وتقطيب الجروح عند المرضى غير المتعاونين.
كما أنه عقار طبي يعالج حالات الصرع، عند وجود نوب شديدة تستمر مدة تتجاوز الخمس دقائق أو نوب متعددة خلال خمس دقائق، والذي يُدعى بالصرع المقاوم.
إلى جانب ذلك، يساعد الكيتامين على علاج القلق الاجتماعي وتخفيف الاكتئاب بوتيرة أسرع من باقي الأدوية المضادة للاكتئاب، إذ يحتاج إلى عدة ساعات فقط لتحقيق تأثير إيجابي، بينما تستغرق الأدوية الأخرى أسابيع.
وعلى مرّ السنين، استُخدِم الكيتامين مسكناً وعلاجاً بديلاً للألم والاكتئاب، ويعتبر في يومنا هذا أحد أهم التطورات العلمية الدوائية في الطب النفسي في العالم. ومع ذلك، يلتزم الأطباء باستخدام الكيتامين علاجاً للاكتئاب كخط علاجي أخير، أي لدى المرضى الذين لم يستجيبوا بشكل مُرضٍ للعلاجات الأخرى المقدمة، عندئذ يمكن للكيتامين أن يكون منقذاً لصحتهم النفسية.
إحدى النقاط المهمة التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار، أنه بالشكل نفسه الذي يؤثّر فيه الكيتامين بسرعة كبيرة، تزول آثاره الإيجابية أيضاً بسرعة؛ حيث يُقدّر نصف عمر الدواء بـ 3-4 ساعات، أي أنه يحتاج إلى هذا الزمن حتى تبدأ مستوياته في الدم بالتناقص.
وهذا ما طرح مجموعة كبيرة من التساؤلات حول وفاة بيري، فبيري نفسه كان يستخدم حقن الكيتامين لعلاج الاكتئاب والقلق، وحسب ما قيل فإن الممثل تلقى آخر حقنة له قبل أسبوع ونصف من وفاته، ما يتعارض مع نسب الدواء التي اكتُشِفت في دمه عند تشريح جثته، إذ لا تتناسب المعطيات الموجودة مع ما ينفي مسؤولية الكيتامين المُعطى قبل أسبوع ونصف عن الوفاة.
اقرأ أيضاً: ما آخر تطورات تقنيات توصيل الأدوية لعلاج الأمراض المستعصية؟
ما مخاطر الكيتامين؟
كأي دواء آخر لا شك أن للكيتامين آثاراً جانبية ترتبط باستخدامه، إلّا أنه يتسبب بآثار جانبية أكثر من غيره، فقد يستخدمه البعض للشعور بتجربة الانفصال، والتي تُوصف بـ “الخروج من الجسم”، وخوض الهلوسة لفترة قصيرة.
من المهم التنويه بأنه نادراً ما يكون للتقيد باستخدام الكيتامين حسب إرشادات الطبيب تأثيرات سلبية، إلّا أن استهلاكه بجرعات عالية غير مراقبة وغير مضبوطة يؤدي إلى ظهور مجموعة من الأعراض بما في ذلك فقدان الذاكرة أو النوبات، وقد يصل الأمر إلى حدوث غياب تام عن الوعي والذي يترافق مع بطء خطير في التنفس، ما يضع المريض تحت حالة خطيرة مهددة للحياة.
حيث يُعقّد الكيتامين من عملية التنفس ويجعلها أكثر صعوبة، كما أنه يزيد من ضغط الدم وبذلك يزيد العبء على القلب، لهذا ينبغي الحذر عند استخدامه لدى مرضى الشريان التاجي؛ إذ يمكن لذلك تسريع نبض القلب ما يضع الجهاز القلبي الوعائي تحت المزيد من الضغط، والذي يعتبر مشكلة عندما لا تملك الشرايين القدرة على التكيُّف مع زيادة المتطلبات.
من جهة أخرى، يكون الأشخاص الذين يستخدمون الكيتامين أكثر عرضة لخطر حدوث الإغماء أو السقوط، وبالشكل نفسه يزداد احتمال الوفاة الناجمة عن الغرق عند المرضى الذين يتناولون الكيتامين، ويزداد هذا الاحتمال أيضاً عند خلط الكيتامين بالكحول، إذ ينبغي ألّا يتناول أي شخص يعاني اضطراب تعاطي الكحول أو التسمم بالكحول، الكيتامين، حتى ضمن الجرعات الطبية المضبوطة، إذ يتسبب ذلك في تثبيط الجهاز العصبي المركزي بشكلٍ قوي نظراً للتأثيرات المشتركة الخطيرة.
بكلمات أخرى، يمكن تلخيص مخاطر الكيتامين بالبنود التالية:
- اضطراب وظيفة القلب والأوعية الدموية؛ نظراً لأنه يسبب ارتفاعاً مؤقتاً في ضغط الدم ومعدل ضربات القلب وعدم انتظام في النسق الطبيعي لعمل القلب.
- تثبيط الجهاز التنفسي؛ وذلك في حال تعاطي جرعة زائدة من الكيتامين.
- اضطراب في ردود الفعل وزيادة معدل حدوث الارتباك والانفعال المفرط.
- ارتفاع التوتر داخل القحف.
- أذية النسيج الكبدي.
- العجز الإدراكي وترتفع هذه المخاطر عند استخدامه لدى الأطفال.
اقرأ أيضاً: أفضل 7 مكملات غذائية لإنقاص الوزن
وعلى الرغم من وجود آثار سلبية مثبتة لاستخدام الكيتامين وبشكلٍ خاص لدى مرضى القلب والأوعية الدموية، فإنه يبقى آمناً نسبياً عندما يُعطى بحذر وتحت إشراف ممارس متخصص. والتحذير الأكبر من الكيتامين يُلخص بضرورة تجنب استخدامه عند مدمني الكحول ولأي أغراض ترفيهية لأنه قد يخلق حالة إدمان ويتسبب بآثار صحية جوهرية تُسيء إلى صحة الإنسان، وقد يصل الأمر إلى حدوث الوفاة في بعض الأحيان.