علماء يحذرون من عواقب تناول الأسبرين بعد سن الستين عاماً

4 دقائق
علماء يحذرون من عواقب تناول الأسبرين بعد سن الستين عاماً
يتناول عدد كبير من كبار السن الأسبرين للوقاية من أمراض القلب، لكن ذلك يمكن أن يتغير. حقوق الصورة: إرستوديو/ديبوزيت فوتوز.

اعتاد الأطباء على مدى عقودٍ من الزمن على وصف جرعاتٍ منخفضة من الأسبرين يومياً للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً للوقاية من أمراض القلب، على غرار كيف كان أطباء الجلد يوصون باستخدام كريم الواقي الشمسي للوقاية من سرطان الجلد. لذلك شاع انتشار استخدام الأسبرين إلى حدّ كبير. في عام 2019، وجدت إحدى الدراسات الاستقصائية الوطنية أن ربع الأميركيين الذين تزيد أعمارهم عن 40 عاماً بالإضافة إلى نصف من تزيد أعمارهم عن 70 عاماً يتناولون الأسبرين يومياً للحفاظ على صحة القلب.

إعادة النظر في الأسبرين كدواء وقائي من الإصابة بأمراض القلب

لكن خبراء الصحة اتخذوا مؤخراً خطوة كبيرة نحو تغيير طريقة استخدام الدواء. فقد أوصت فرقة الخدمات الوقائية الأميركية، وهي لجنة فدرالية مستقلة تحدد متطلبات شركات التأمين الخاصة، رسمياً بأنه يجب على الغالبية العظمى من الأميركيين تناول الأسبرين في المقام الأول لعلاج أمراض القلب، وعدم تناوله للوقاية اليومية إلا عند الحاجة فقط.

تستند الإرشادات الجديدة إلى المفاضلة بين الفوائد الهامشية والمخاطر الطفيفة للعقار. فوفقاً لبحث تحقق منه فريق العمل، فإن الآثار الجانبية طويلة الأمد للعقار، بالنسبة لمعظم الناس، تفوق الفوائد الصغيرة التي يحصلون عليها منه كعلاج وقائي يومي.

يقول كيرياكي بومبوريديس، طبيب القلب في مستشفى لونغ آيلاند فالي ستريم وباحث القلب والأوعية الدموية: «نظراً لأن الأسبرين كان مستخدماً على نطاق واسع منذ أكثر من قرن، أعتقد أن الأطباء قد اعتادوا على إعطائه في معظم الحالات دون إدراك أن هناك عواقب لذلك. أعتقد أننا ندرك الآن أنه قد يكون عقاراً رائعاً، لكنه ليس للجميع».

اقرأ أيضاً: هل تناول الأسبرين ما زال آمناً للوقاية من النوبات القلبية؟

جاء القرار كجزء من إعادة تقييم أوسع للأسبرين. في وقت مبكر من عام 2014، أوصت إدارة الغذاء والدواء الأميركية بعدم استخدام الأسبرين للوقاية الأولية، وفي عام 2019، أثارت الكلية الأميركية لأمراض القلب شكوكاً حول استخدامه على نطاق واسع، مشيرة إلى أن المنظمات الطبية الأوروبية قد أوقفت هذه الممارسة.

لكن كينيث لين، الطبيب في كلية الطب بجامعة جورج تاون ونائب محرر دورية "أميريكان فاميلي ميديسن"، يقول إن مقدمي الرعاية الأولية الذين غالباً ما يصفون الأسبرين يومياً لم يواكبوا بالضرورة التطورات في المجالات المتخصصة. ويضيف: «يمكن وصف ممارسة وصف الأسبرين بأنها "منعزلة قليلاً". ولكن عادةً ما يطلع أطباء الرعاية الصحية الأولية على توصيات فرقة الخدمات الوقائية الأميركية، لذلك أعتقد أن ذلك سيؤدي إلى تقليل وصف الأسبرين».

الأسبرين: أضرار قد تفوق الفوائد أحياناً

يمنع الأسبرين تكون الجلطات الدموية التي تُعتبر سبباً شائعاً للنوبات القلبية. بالنسبة للمصاب بأمراض القلب، يساعد الدواء في منع تكوّن الترسبات في الشرايين، ويمكن أن يكون له أثر مشابه لدى الأشخاص الأصحاء. إلا أن الأسبرين يمكن أن يزيد من خطر حدوث نزيف داخلي في الجهاز الهضمي أو الدماغ.

لقد وجدت ثلاث دراسات نُشرت في السنوات الخمس الماضية أن فوائد الأسبرين كدواءٍ وقائي مبالغ فيها. يقول بومبوريديس: «لا تشكك هذه الدراسات فيما إذا كان على مرضى القلب تناول الأسبرين أم لا، فالفوائد جلية لهؤلاء الأشخاص. لكن النقطة المهمة هي أن الأسبرين لا يحدث فرقاً كبيراً بالنسبة للأشخاص الذين ليس لديهم خطر واضح للإصابة بأمراض القلب».

اقرأ أيضاً: أضرار تناول الأسبرين بشكل يومي تفوق منافعه

بناءً على دراسة استقصائية لعدد من البحوث المنشورة، خلصت فرقة الخدمات الوقائية الأميركية إلى أن استخدام الأسبرين للوقاية بالنسبة للأشخاص الذين ليس لديهم عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب يقلل من معدل "الأحداث القلبية الوعائية"، مثل النوبات القلبية، بنحو 10% فقط، لكنه لم يقلل من الوفيات الناجمة من تلك الأحداث. بالمقابل، ازداد خطر حدوث نزيف داخلي بنسبة 30 إلى 50%.

لا يزال النزيف الداخلي نادراً، لكن المفاضلة بين الفوائد والأضرار تتغير مع تقدم العمر وعوامل الخطر الفردية. يقول بومبوريديس: «مع تقدمنا في السن، تزداد احتمالية تعرضنا لمشكلات طبية أخرى يمكن أن تزيد من خطر النزيف. لذلك بالنسبة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً وغير المعرضين لخطر الإصابة بنوبة قلبية، فإن ضرر الأسبرين قد يكون أكثر من نفعه. بالنسبة للمرضى الأكبر سناً والمعرضين لخطر النزيف، تصبح مخاطر النزيف أكبر حتى لو قلل الدواء من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية».

ووفقاً للاستطلاع، فإن نسبة المخاطر متماثلة بالنسبة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و59 عاماً من غير المعرضين لخطر الإصابة بالنوبات القلبية.

بالنسبة للأشخاص في أي عمر ممن لديهم تاريخ مرضي من القرحات المعدية أو عوامل الخطر الأخرى للنزيف الداخلي، قد يكون ضرر الأسبرين أكثر من نفعه، حتى لو كانوا معرضين لخطر الإصابة بالنوبات القلبية. تشير توصيات فرقة الخدمات الوقائية الأميركية أيضاً إلى أنه حتى الأشخاص الذين يستفيدون من الدواء يواجهون مخاطر حدوث نزيف بنسبة عالية إلى درجة أنه يجب عليهم التفكير بالتوقف عن تناول الأسبرين عند بلوغهم سن 75 عاماً.

اقرأ أيضاً: الفولتارين: الدواء الأشهر لتسكين آلام المفاصل

في الوقت الحالي، يُنصح بتناول الأسبرين كوقاية أولية فقط للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و59 عاماً ممن لديهم مخاطر مرتفعة قليلاً للإصابة بأمراض القلب وليس لديهم استعداد للنزيف، ولكن بعد استشارة الطبيب.

في الوقت نفسه، تبين أن استراتيجيات الوقاية الأولية الأخرى، مثل التحكم في الكوليسترول أو ضغط الدم بالحمية والتمارين الرياضية، أكثر فعالية من تناول الأسبرين، لذلك قد يكون الأسبرين مفيداً لبعض الأشخاص، ولكن كجزء من حزمة من التدخلات الممكنة فقط. قد يكون المريض الذي يعاني من الحساسية تجاه الستاتينات، وهي أدوية شائعة لتخفيض الكوليسترول، مؤهلاً أكثر لتناول الأسبرين.

يتفق لين وبومبورديس على أن التحدي الأكبر هو مناقشة التوصية الجديدة مع المرضى الذين يتناولون الأسبرين بالفعل. يقول لين إنه بعد الإعلان عن مسودة التوصيات في الخريف الماضي، تساءل بعض مرضاه عما إذا كان ينبغي عليهم الاستمرار في تناول الأسبرين في المقام الأول. ويضيف: «سيكون الحديث مع المريض صعباً في الواقع، لأن المريض كان يتناول الأسبرين لسنوات عديدة ولم يتعرض لأي ضرر. أعتقد أن الأمر يتلخص في أن نكون صادقين مع المريض حول طبيعة عدم اليقين المتعلقة بتأثير الأسبرين. نحن على يقين أكثر حول ما إذا كان على المريض البدء بتناول الدواء أكثر من التوقف عن تناوله».

اقرأ أيضاً: كيف يبدأ الدواء رحلته من الفكرة إلى «الروشتة»؟

قد تكون الدراسات اللاحقة أكثر تحديداً حول المجموعات المعرضة للخطر، أو تطور أدوات للتنبؤ بالحساسية تجاه الأسبرين لدى شخص ما. يقول لين: «لا أعتقد أن هذه النتائج نهائية، ولكني أعتقد بأننا لن نعود إلى وصف الأسبرين لمجموعات كبيرة من الناس بشكل روتيني كما كان عليه الحال في السابق».

المحتوى محمي