ما القاسم المشترك بين كل من شوربة العدس وطبق الدال الهندي، وصحن الحمص في العالم العربي؟ إنها أحد أشهر الأطباق وأكثرها شيوعاً من مختلف مطابخ العالم، وتشترك جميعها بمكون واحد، هو البقوليات أو بروتين الفقراء.
منذ عهود قديمة، وفي ثقافات مختلفة، كانت البقوليات جزءاً من النظام الغذائي للإنسان، إلا أنه لم يدرك أهميتها حتى فترة وجيزة. وفي سعي من منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، لتسليط الضوء على دور البقوليات في النظام الغذائي وفوائدها الصحية العديدة، أعلنت عام 2016 "السنة الدولية للبقوليات". فما أهم هذه الفوائد وما دورها في النظام الغذائي؟
البقوليات
البقوليات، هي عائلة من النباتات التي تنتمي لفصيلة الفابيسي (Fabaceae)، وهي ثالث أكبر فصيلة من كاسيات البذور، وتضم البازلاء والعدس والفول والفاصولياء، بالإضافة إلى نباتات الفاصولياء الأخرى. تحتوي البقوليات على العناصر الغذائية الرئيسية، البروتينات والدهون والكربوهيدرات، بالإضافة إلى المعادن والفيتامينات. إلا أن ما يميز البقوليات هو محتواها العالي من البروتينات، بسبب نشاط البكتيريا المثبتة للنيتروجين في العقد الجذرية للنباتات البقولية، والذي يدخل في بناء الأحماض الأمينية وهي لبنات البناء الأساسية المكونة للبروتينات. تشبه البقوليات اللحوم لكنها أقل محتوى بالحديد، ولا تحتوي على دهون مشبعة، ما يجعلها بديلاً صحياً للحوم في الأنظمة الغذائية النباتية وأقل تكلفة، ومن هنا كانت تسميتها بلحم أو بروتين الفقراء.
اقرأ أيضاً: هل النظام الغذائي النباتي أفضل للصحة؟
فوائد البقوليات
تقدم البقوليات مجموعة من الفوائد الصحية وفقاً لخبراء موقع إيفري داي هيلث (Everyday Health) بما في ذلك:
توفير العناصر الغذائية الرئيسية
تتميز البقوليات باحتوائها على معظم العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم في عمليات النمو والإصلاح، وبشكل خاص تتضمن البروتينات والألياف وفيتامينات ب والحديد وحمض الفوليك والبوتاسيوم والفوسفور والزنك، إلا أنها منخفضة المحتوى بالدهون والسعرات الحرارية.
يحتوي كل نصف كوب من البقوليات وسطياً على نحو:
- سعرات حرارية: 115 سعرة حرارية.
- دهون: 1 غرام.
- كربوهيدرات: 20 غراماً.
- بروتين: 8 غرامات.
- ألياف: 7-9 غرامات.
اقرأ أيضاً: 5 أطعمة تحتوي على العناصر الغذائية اللازمة للبقاء على قيد الحياة
مضادات الأكسدة
أشارت الدراسة المنشورة في دورية "مراجعات الزراعة المستدامة 45" (Sustainable Agriculture Reviews 45) إلى أن بذور البقوليات تحتوي على مركبات مضادة للأكسدة تمنع أو تبطئ عملية الأكسدة عن طريق منح الإلكترونات للجذور الحرة. أهم هذه المركبات هي الأحماض الفينولية، والفلافونويد، والسابونين، والتوكوفيرول، وفيتامين سي. بشكل عام، تمتلك البقوليات ذات البذور الملونة نسبة عالية من مضادات الأكسدة.
يمكن لمضادات الأكسدة منع أو تأخير تلف الخلايا، وبالتالي يكون الأشخاص الذين يتناولون نظاماً غذائياً غنياً بمضادات الأكسدة أقل عرضة للإصابة بعدة أمراض، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، والسكتة الدماغية والسرطان.
اقرأ أيضاً: 10 أطعمة غنية بمضادات الأكسدة يجب أن تتناولها دائماً
تعزيز صحة القلب
يقلل استهلاك الفول والعدس والبازلاء والبقوليات الأخرى من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض القلب التاجية وارتفاع ضغط الدم، وفقاً لدراسة نُشرت في مجلة التقدم في التغذية (Advances in Nutrition). أشار مؤلفو الدراسة إلى أن البقوليات تفيد في صحة القلب والأوعية الدموية بسبب:
- محتواها العالي من الألياف والبروتينات النباتية والمغذيات الدقيقة الأخرى.
- انخفاض محتواها من الدهون.
- خلوها من الكوليسترول.
اقرأ أيضاً: بروتين نباتي أم حيواني؟ وما الفرق بينهما؟
تقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2
تعتبر البقوليات غذاءً منخفض المؤشر الجلايسيمي، أي أن مستويات السكر في الدم تزداد ببطء شديد بعد تناولها، وذلك يعود لمحتواها من نشاء الأميلوز ما يحمي المصابين بمرض السكري من النوع 2 من مخاطر ارتفاع نسبة السكر في الدم.
كما أشارت دراسة نُشرت في دورية " التغذية السريرية" (Clinical Nutrition) إلى أن الاستهلاك المنتظم للبقوليات، وخاصة العدس كجزء من حمية البحر المتوسط، أدى إلى انخفاض خطر الإصابة بالسكري بنسبة 35% بين كبار السن الذين يعانون من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
إنقاص الوزن
بالإضافة إلى كون البقوليات غذاءً منخفض السعرات الحرارية، فإنها غنية بالألياف والبروتينات ما قد يساعد على الشعور بالشبع، وتجنب تناول الوجبات الخفيفة بين الوجبات، حيث وجدت دراسة نُشرت في المجلة الأميركية للتغذية السريرية (American Journal of Clinical Nutrition)، أن اتباع نظام غذائي يحتوي على حصة واحدة من البقوليات يومياً ساعد على خفض نسبة الدهون في الجسم، وإنقاص الوزن.
الآثار الجانبية للبقوليات
على الرغم من الفوائد الصحية لتناول البقوليات، فإن هناك بعض العيوب التي قد يرغب بعض الناس في أخذها في الاعتبار عند تضمين البقوليات في النظام الغذائي. ومنها:
مضادات المغذيات البقولية
تحتوي البقوليات على مركبات مهمتها حماية النبات من أن تأكله الحيوانات أو الحشرات أو الإصابة بالعدوى، إلا أنه يمكن لهذه المركبات أن تعوق امتصاص الجسم لبعض العناصر، لذا تُعرف بمضادات التغذية. تشمل بعض مضادات التغذية في البقوليات:
- الليكتين: يعوق الليكتين امتصاص الخلايا للكالسيوم والحديد والفوسفور والزنك.
- الفيتات (حمض الفيتيك): يمكن أن يقلل الفيتات من امتصاص الحديد والزنك والمغنيزيوم والكالسيوم.
- العفص: يقلل من امتصاص الحديد.
يمكنك الحد من تأثير مضادات التغذية البقولية بتنويع مصادر الأطعمة الصحية، بالإضافة إلى أن عمليات النقع والطهي كافية للتخلص من نسبة كبيرة من هذه المواد.
الانتفاخ
تحتوي البقوليات على كربوهيدرات معقدة، تُعرف بالسكريات قليلة التعدد (قليل السكاريد)، وهي النوع الذي لا يمكن لجسمنا هضمه، لأنه لا ينتج إنزيماً قادراً على تفكيكه. تقوم بكتيريا الأمعاء بالمهمة نيابة عنه، وتنتج الغازات كناتج ثانوي، وإذا ما تحاصر هذا الغاز في الأمعاء فإنه يسبب الشعور بالانتفاخ.
اقرأ أيضاً: بشرى سارة للمصابين بحساسية الخميرة: علماء يصنعون عجينة بيتزا خالية من الخميرة
إذاً، إذا أردت اتباع النصائح الغذائية بتناول المزيد من الأطعمة النباتية الغنية بالألياف الغذائية، واختيار الطعام الطبيعي بدلاً من المعالج، والحصول على العناصر الغذائية من الأطعمة الكاملة، وليس من المكملات الغذائية، قم ببساطة بإضافة المزيد من البقوليات إلى نظامك الغذائي.