هل يؤثر الصيام المتقطع على الدورة الشهرية؟

4 دقيقة
هل يؤثر الصيام المتقطع على الدورة الشهرية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Pheelings media

بما أن الصيام المتقطع قد أصبح اليوم نمطاً شائعاً جداً في تنظيم الأوقات المتناوبة من الصيام والطعام، وخصوصاً بعد الدراسات الحديثة التي تقول إنه قد يحسّن الصحة، ويساعد في خفض الوزن، ويزيد حساسية الإنسولين وغيرها، فقد زادت شعبيته كثيراً بين الرجال النساء. لكن، وبما أن النساء يعانين من تقلبات هرمونية كل شهر، وتزداد حساسيتهنّ تجاه الإجهاد والسعرات الحرارية المقيدة بشدة، ألا يمكن إذاً أن يؤثّر الصيام المتقطع على الدورة الشهرية والهرمونات الأنثوية؟ إليك ما تقوله الدراسات الحديثة حول الموضوع.

اقرأ أيضاً: ما فوائد الصيام المتقطع لمرضى السكري؟

تأثير الصيام المتقطع على الدورة الشهرية

الصيام المتقطع هو نمط غذائي ينظّم أوقات تناول الطعام، حيث يعتمد على التناوب بين فترة محددة يُسمَح فيها بتناول الطعام، تليها فترة محددة من الصيام لا يُسمَح فيها بتناول الأطعمة الصلبة أو المحتوية على السعرات الحرارية، وإنما يُسمح فقط بتناول المشروبات الخالية من السعرات الحرارية، كالماء ومشروبات الأعشاب والقهوة الخالية من السكر.

وقد كثُرَت قصص النساء اللواتي تعرضن لانقطاع في الدورة الشهرية أو عدم انتظامها بعد اتباع الصيام المتقطع، وبالفعل تحدث مثل هذه المشكلات لأن أجسام النساء قد تكون أكثر حساسية تجاه تقييد السعرات الحرارية بسبب التقلبات الهرمونية الناتجة عن دورة الإباضة، فالهرمونات التي تنظّم الوظائف الرئيسية ك[tooltip content="هي عملية بيولوجية تحدث لدى الإناث بعد البلوغ، حيث تُطلق خلالها بويضة ناضجة من المبيض، وتتحرك من بعدها البويضة إلى أسفل قناة فالوب حيث يمكن تخصيبها." url="https://popsciarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%a8%d8%a7%d8%b6%d8%a9/" ]الإباضة[/tooltip] والتمثيل الغذائي وحتى الحالة المزاجية حساسة بشكل كبير لمدخول الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، قد تسبب هذه الحساسية الشديدة تجاه التغييرات في توازن الطاقة استجابة مبالغ فيها للتوتر.

قد يكون تأثير الصيام المتقطع على الدورة الشهرية ناتجاً عن تأثير تقييد السعرات الحرارية على منطقة الوطاء ما تحت المهاد في الدماغ، والوطاء ما تحت المهاد Hypothalamus مسؤول عن إفراز الهرمون المُطلِق لموجّهة الغدد التناسلية ( الجونادوتروبين GnRH)، وهو ما يدفع الغدة النخامية لإفراز الهرمون المنبّه لتكوين الحويصلة (FSH)، والهرمون المنبّه لتكوين الجسم الأصفر (الهرمون الملوتن LH)، التي تُحفِّز بدورها الغدد التناسلية لإنتاج الأستروجين والبروجيسترون، وهي الهرمونات التي تحتاجها النساء لإطلاق بويضة ناضجة.

عند تناول السعرات الحرارية المقيّدة بشدة، مثلما هو الحال في الصيام لفترة طويلة جداً أو بشكل متكرر، قد يتأثّر الوطاء، ما قد يؤدي إلى تعطيل إفراز الهرمون المُطلِق لموجّهة الغدد التناسلية GnRH، ما يسبب بدوره إضعاف إفراز الهرمونات التناسلية LH وFSH، وفي النهاية، تحدث تغيّرات هرمونية معقّدة تتجلى في نقص هرمون الأستروجين، بالإضافة إلى فرط كورتيزول الدم، وانخفاض مستويات الإنسولين في الدم وغيرها. بالتالي وعندما لا تتمكن الهرمونات التناسلية من التواصل مع المبايض، فهذا يعني خطر عدم انتظام الدورة الشهرية وضعف الإباضة وقد يسبب العقم، بالإضافة إلى آثار أخرى قد تطال الجهاز الهيكلي والجهاز القلبي الوعائي وبعض المشكلات العقلية وانخفاض في كثافة العظام.

اقرأ أيضاً: 7 أخطاء شائعة في الصيام المتقطع يمكن تفاديها

لا يعني ما سبق أن الصيام المتقطع يسبب بالضرورة انقطاع الطمث الثانوي، فانقطاع الطمث الناتج عن الخلل الذي يحصل في المحور الوطائي النخامي المبيضي، الذي يُسمى انقطاع الطمث الوظيفي، له 3 أنواع:

  • انقطاع الطمث المرتبط بفقدان الوزن كنتيجة العديد من الأنظمة الغذائية القاسية وغيرها.
  • انقطاع الطمث المتعلق بالتوتر والإجهاد.
  • انقطاع الطمث المرتبط بالتمارين الرياضية.

أما بالنسبة لتأثير الصيام المتقطع بحدّ ذاته على الصحة الإنجابية عند النساء والرجال، فإن الدراسات التي أجريت على البشر ما زالت قليلة جداً، ومن الصعب استخراج استنتاجات قوية في الوقت الحاضر. في حين أن الدراسات على الحيوانات قد أظهرت تأثيراً سلبياً على دورات التكاثر عندها. ففي دراسة قام بها "سوشيل كومار" (Sushil Kumar) وآخرون منشورة في دورية "بلوس وان" (PLoS One)، تبيّن أن نظام التقييد الغذائي للصيام المتقطع قد أدّى إلى زيادة نسبة استراديول المصل وانخفاض مستويات الهرمون الملوتن LH، مع حصول تغييرات سلبية في الدورة الشهرية عند إناث الجرذان.

اقرأ أيضاً: ما أسباب ثبات الوزن على الرغم من اتباع الصيام المتقطع؟

هل يؤثر الصيام المتقطع على الحالة المزاجية المرتبطة بالدورة الشهرية؟

خلال الدورة الشهرية المعتادة، تبدأ مستويات هرمون الأستروجين بالانخفاض في الأسبوع الذي يسبق بداية الدورة الشهرية، وذلك في حال لم يتم تخصيب البويضة، وانخفاض نسبة الأستروجين في الجسم يكون مرهقاً ومزعجاً للنساء، ويسبب ارتفاعاً في مستويات الكورتيزول وهو هرمون الإجهاد، بالتالي، فإن إضافة المزيد من الضغط والتوتر إلى الجسم مثل الذي يضيفه الصيام المتقطع قد يؤدي إلى آثار سلبية على الحالة المزاجية وقد يعكس النتائج المرجوّة أساساً من الصيام. بالإضافة إلى ذلك، فخلال الأيام الثلاثة الأولى من الدورة الشهرية، قد تفقد النساء الكثير من الدم، ما قد يكون مرهقاً جداً للجسم، لذلك من المفضل الانتظار ريثما تنخفض حدة النزيف ثم استئناف الصيام المتقطع.

اقرأ أيضاً: 3 طرق لاتباع حمية الصيام المتقطع بأمان

هل الصيام المتقطع آمن للنساء؟

بشكلٍ عام، فإن الصيام المتقطع آمن لمعظم النساء، إذ وبالنسبة للكثيرات، قد لا يكون انخفاض هرمون الأستروجين سبباً للتوتر، وقد يتحملن الصيام المتقطع بشكل جيد. ومع ذلك، من الضروري الانتباه إلى عدم خفض السعرات الحرارية عند اتباع الصيام المتقطع إلى أقل من 1200 سعرة حرارية يومياً تجنباً للمشكلات الصحية التي قد تحدث. أمّا بالنسبة للنساء اللواتي يعانين من عدم انتظام الدورة الشهرية، فينبغي عليهنّ التقصّي عن السبب قبل محاولة الصيام المتقطع، ومن المهم استشارة الطبيب أو أخصائي التغذية المعتمد قبل اتباع أي نظام غذائي لخفض الوزن.

بالإضافة إلى ذلك، قد لا يكون الصيام المتقطع مناسباً للجميع، وخصوصاً الحوامل والمرضعات واللواتي تحاولن الإنجاب واللواتي يعانين من اضطرابات الأكل، فقد يكون من الأفضل تجنب الصيام المتقطع وأيّ نوع آخر من الأنظمة الغذائية التي تقيّد السعرات الحرارية بشكل كبير.

يُذكر أن الصيام المتقطع قد يسبب انخفاض مستوى الأندروجين في الجسم، بالتالي قد يكون مفيداً في حالات فرط الأندروجين مثل متلازمة تكيّس المبايض. لكن وللحصول على هذه الفوائد، ينبغي اقتصار تناول الطعام على وقت مبكر من اليوم، أي ينبغي على النساء التوقف عن تناول الطعام بحلول الساعة 4 ظهراً من كل يوم.

اقرأ أيضاً: كيف يحرق الصيام المتقطع الدهون؟

ختاماً، يبدو أن الصيام المتقطع يؤثر بشكل مختلف على النساء، وبشكل عام، عند تقييد السعرات الحرارية بشكل مبالغ فيه سواء في الصيام المتقطع أو بأيّ نظام غذائي آخر، فمن المتوقع أن تحدث بعض المشكلات الصحية التي قد تؤثر على الدورة الشهرية وغيرها. لذلك، وقبل اتباع أي نظام غذائي، ينبغي استشارة الطبيب أو أخصائي التغذية المعتمد للحصول على النظام المناسب.

المحتوى محمي