يمكن أن تكون الضوضاء المعوية وأصوات المعدة بعد تناول الطعام أكثر من مجرد إزعاج بسيط، يمكن أن يؤثّر في حياتك الاجتماعية والشخصية، ويضعك في مواقف محرجة. لكن ما الذي يسبب أصوات المعدة بعد تناول الطعام؟ هل هو الطعام الذي تأكله أم الطريقة التي تتناوله بها أم سبب أكثر تعقيداً؟ وكيف يمكن التخلص من هذه الأصوات المحرجة؟
اقرأ أيضاً: كيف تستدل على وجود أمراض سوء الامتصاص وكيف يتم علاجها طبيعياً؟
أسباب صدور صوت للمعدة بعد تناول الطعام
تحدث أصوات المعدة بعد تناول الطعام في أثناء عملية الهضم وعادة لا تكون مدعاة للقلق، بل على العكس من ذلك، يمكن أن تكون مؤشراً على صحة عمل المعدة والأمعاء. ومع ذلك، عندما تترافق هذه الأصوات بأعراض أخرى مثل الألم والانتفاخ والانزعاج، فإنها غالباً ما تكون مؤشراً لبعض الاضطرابات والمشكلات الصحية. وتشمل أسباب أصوات المعدة بعد تناول الطعام:
عملية الهضم (التمعج)
السبب الرئيسي للصوت الذي نسمعه بعد تناول الطعام (الغرغرة) هو صوت عملية التمعج. التمعج هو سلسلة من الانقباضات العضلية الشبيهة بالموجة التي تحدث على طول نحو 9 أمتار في الجهاز الهضمي لتحريك الطعام. يمكنك التفكير في العملية كما الغسالة؛ إذ حالما يصل الطعام إلى الأمعاء الدقيقة أو الملساء، يُخلط مع العصارات الهاضمة والإنزيمات والبكتيريا المعوية، لتفكيكه وتحليله إلى مكوناته الأساسية وامتصاص العناصر الغذائية عبر جدار الأمعاء.
تواصل بقايا الطعام مسيرها إلى الأمعاء الغليظة، حيث يوجد الجزء الأكبر من الميكروبيوم المعوي، الذي يزيل الماء من بقايا الطعام ويعالج الألياف.
بعبارة أخرى، يمكن القول إن ما تسمعه هو صوت تحرك الهواء والطعام والسوائل في أثناء تقلص عضلات الأمعاء خلال عملية الهضم.
الغازات
تنتج الأحياء الدقيقة الغازات في الأمعاء خلال معالجتها للأغذية التي لا يمكن هضمها، وتشمل الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات، كما قد تنتج فقاعات الغاز عن ابتلاع الكثير من الهواء بسبب تناول الطعام بسرعة. وتتفاوت كمية الغاز التي تنتج في الأمعاء بين فرد وآخر، لكن كلما كانت كميتها أكبر كان صوت الهدير الذي تصدره بينما تشق طريقها عبر الجهاز الهضمي أعلى.
اقرأ أيضاً: ما أسباب تراكم غازات البطن وما علاجه؟
الإسهال
قد يكون صوت المعدة بعد الطعام دلالة على اضطرابات في الجهاز الهضمي مثل الإصابة بالإسهال، نظراً لوجود كمية زائدة من السوائل والغازات وسهولة حركتها.
عدم تحمل الطعام
يفتقر بعض الناس إلى الإنزيمات اللازمة لهضم نوع محدد من العناصر الغذائية، ما قد يسبب حركة غير طبيعية في الأمعاء مصحوبة بأعراض مثل الإسهال والانتفاخ وألم البطن.
على سبيل المثال، قد يعاني البعض عدم القدرة على تحمل اللاكتوز (سكر الحليب)، لأنهم لا ينتجون ما يكفي من اللاكتاز وهو الإنزيم الذي يفكك اللاكتوز. فإذا تناول هؤلاء منتجات الألبان الحاوية على اللاكتوز سيعانون أصوات المعدة مع الانزعاج في الأمعاء.
ومن حالات عدم تحمل الطعام الأخرى:
- الحساسية للغلوتين في منتجات القمح مثل البسكويت والخبز والمعكرونة.
- السكريات الكحولية مثل السوربيتول والمانيتول.
- السكريات الأحادية مثل الفركتوز.
- السكريات الثنائية مثل المالتوز والسكروز.
اقرأ ايضاً: هل تستخدم كلمة “الحساسية” بشكل خاطئ؟
عدوى في الجهاز الهضمي
يمكن أن تكون زيادة أصوات المعدة بعد تناول الطعام علامة على عدوى في الجهاز الهضمي مثل التهاب المعدة (عدوى فيروسية)، أو التسمم الغذائي الناجم عن البكتيريا؛ مثل السالمونيلا أو الإشريكية القولونية أو العطيفة.
تسبب هذه الالتهابات تهيجاً في الأمعاء، ما يؤدي إلى زيادة حركة الغازات والسوائل، وبالتالي زيادة الأصوات. قد تشمل الأعراض الأخرى للعدوى الإسهال والغثيان والقيء والحمى.
متلازمة القولون العصبي
القولون العصبي هو اضطراب وظيفي في الجهاز الهضمي؛ أي يؤثّر في عمل الأمعاء والمعدة، ويسبب الآلام والغازات والانتفاخ والإسهال أو الإمساك. يمكن أن تسهم بعض العوامل في الإصابة بالقولون العصبي مثل:
- عدم تحمل الطعام أو الحساسية له.
- فرط نمو البكتيريا المعوية الصغيرة (SIBO).
- العدوى البكتيرية في الجهاز الهضمي.
- حالات الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب.
انسداد الأمعاء
انسداد الأمعاء هو ما يحدث عندما يمر الطعام والسوائل في جزء ضيق أو مسدود من الأمعاء. يمكن أن يسبب انسداد الأمعاء أصواتاً عالية، يرافقها ألم وغثيان وقيء وانقباضات، وعدم القدرة على إخراج الغازات.
داء كرون
داء كرون هو مرض مناعي يتعرّف فيه الجهاز المناعي على بطانة الأمعاء باعتبارها جسماً غريباً فيهاجمها مسبباً حالة من الالتهاب والتقرّحات. قد تشمل علامات المرض الغرغرة وصوت المعدة بالإضافة إلى آلام أسفل البطن والإسهال وفقدان الوزن والتعب والحمى والغثيان والقيء وفقر الدم.
اقرأ أيضاً: كل ما يجب أن تعرفه عن مرض القولون العصبي أشيع الأمراض الهضمية وأسلمها
كيف تتخلص من أصوات المعدة بعد تناول الطعام؟
يمكن لبعض الاستراتيجيات أن تخفف من حدة أصوات المعدة بعد تناول الطعام، مثل:
تجنب بعض الأطعمة والمشروبات
تزيد بعض الأطعمة من الغازات في الأمعاء، وقد يساعد التخفيف منها على خفض كمية الغازات التي تسبب الضجيج في الأمعاء، ومنها:
- منتجات الألبان: بالنسبة لمَن يعاني حساسية اللاكتوز.
- الفاصولياء: تحتوي الفاصولياء على سكريات ألفا غالاكتوزيدات، وهي سكريات تنتمي إلى مجموعة من الكربوهيدرات تُسمَّى فودماب (FODMAPs). الفودماب عبارة عن كربوهيدرات قصيرة السلسلة تفلت من عملية الهضم، حيث تخمرها بكتيريا الأمعاء في القولون، فتطلق الغازات. ومع ذلك، يمكن أن يساعد نقع الحبوب أو إنباتها أو طبخها على تقليل هذه التأثيرات.
- الخضروات الصليبية: تحتوي هذه الخضروات مثل الملفوف والبروكلي والقرنبيط واللفت على الألياف والكبريت بكميات كبيرة، ما قد يسهم بزيادة إنتاج الغاز.
- المشروبات الغازية: تزيد المشروبات الغازية من محتوى الهواء في الأمعاء.
- الفركتوز: من السكريات التي تسبب اضطراب في حركة الأمعاء، ويوجد طبيعياً في بعض الفواكه والخضروات والقمح.
- السوربيتول: من السكريات الكحولية التي توجد في بعض الفواكه طبيعياً، كما قد يضيفه مصنّعو الغذاء إلى المواد الغذائية للتحلية، لكنه يسبب اضطراباً في حركة الأمعاء.
العلاجات الطبيعية
لبعض الأعشاب والعلاجات الطبيعية تأثير مهدئ في عضلات الأمعاء، مثل:
- الزنجبيل.
- النعناع.
- الشمرة.
- القرفة.
اقرأ أيضاً: إليك أكثر النصائح فاعلية للتخلص من الانتفاخ المزعج
التغييرات في نمط الحياة والغذاء
وتشمل:
- تناول الطعام ببطء.
- تناول وجبات أصغر.
- البقاء رطباً، لكن لا تشرب الماء مع الطعام أو بعده مباشرة، بل بين الوجبات حتى لا يخفف من العصارة الهضمية.
- ممارسة التمارين الرياضية عامة، والمشي الخفيف بعد تناول الطعام، لتحسين حركة الأمعاء.