بحثاً عن شباب دائم، أثبت باحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا (University of Southern California)، أنه يمكن لحمية غذائية تحاكي الصيام أن تمنحنا مظهراً أكثر شباباً، وتقلل عمرنا البيولوجي نحو 2.5 سنة. فما هذه الحمية؟ وكيف تُطبَّق؟
ما الحمية الغذائية التي تحاكي الصيام؟
في دراسة سابقة نُشِرت عام 2020 في دورية نيتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications)، صمّم مدير معهد إطالة العمر في جامعة جنوب كاليفورنيا فولتر لونغو (Valter Longo) حمية غذائية تحاكي الصيام (FMD)، كان الهدف منها هو الحصول على فوائد صيام الماء (Water-only Fast) دون الامتناع فعلاً عن تناول الطعام.
صيام الماء هو نظام غذائي يسمح بشرب الماء فقط والامتناع عن تناول الطعام خلال مدة 1-3 أيام، ما يقلّل من مستويات الغلوكوز وهرمون الإنسولين وعامل النمو شبيه الإنسولين 1 (IGF-1).
تضمّنت حمية (FMD) نظاماً غذائياً عالي المحتوى بالدهون غير المشبعة مثل المكسرات والبذور وبعض الزيوت النباتية، وكميات قليلة من البروتين والكربوهيدرات، بحيث يصل إجمالي السعرات الحرارية إلى 700-1100 سعرة حرارية يومياً مدة 3-5 أيام، يليها العودة إلى النظام الغذائي العادي والمتوازن.
اقرأ أيضاً: إليك الوجه المظلم لأشهر الحميات الغذائية: ما لم يخبرك به خبراء التغذية
مسار الدراسة: صيام 5 أيام في الشهر
في الدراسة الحديثة المنشورة في فبراير/شباط من عام 2024، في دورية نيتشر كوميونيكيشنز، درس فريق البحث فوائد الحمية الغذائية التي تحاكي الصيام على العمر البيولوجي، لذا قسّموا المشاركين والذين بلغ عددهم 100 مشارك، وتباينت أعمارهم ما بين 18-70 عاماً، إلى مجموعتين:
- المجموعة الأولى: خضعت لحمية غذائية تحاكي الصيام مدة 5 أيام، تليها 25 يوماً من النظام الغذائي العادي المتوازن، وكُرِّرت الدورة 3-4 شهور. على مدى 5 أيام، تناول المشاركون في المجموعة الأولى الحساء النباتي وألواح الطاقة والوجبات الخفيفة والشاي ومكملات غذائية للفيتامينات والمعادن والأحماض الدهنية الأساسية، وهو برنامج تغذية حاصل على براءة اختراع، يُعرف باسم (ProLon® 5-Day) من إنتاج شركة إل-نوترا (L-Nutra) المختصة في تكنولوجيا التغذية.
- المجموعة الضابطة: اعتمد المشاركون فيها نظاماً غذائياً عادياً أو مشتقاً من حمية البحر الأبيض المتوسط.
اقرأ أيضاً: لماذا الحميات لا تعمل؟ وما البديل؟
فوائد الحمية التي تحاكي الصيام
وفقاً للدراسة الحالية، توفّر الحمية الغذائية التي تحاكي الصيام الفوائد التالية:
انخفاض عوامل الخطر للإصابة بالأمراض
كانت نتائج التحاليل كما يلي:
- بيّن تحليل الدم للمشاركين انخفاض عوامل خطر مرض السكري لدى مجموعة الحمية التي تحاكي الصيام، بما في ذلك تراجع مقاومة الإنسولين ونتائج اختبار خضاب الدم السكري (HbA1c).
- كشف تحليل الرنين المغناطيسي انخفاض مستويات دهون البطن والكبد، وهو ما يرتبط مباشرة بانخفاض خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي.
- ازدادت نسبة (الليمفاوية إلى النخاع النقوي) والتي تشير إلى تجديد الجهاز المناعي ليصبح أكثر شباباً.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن لمصابي السكري من النمط الثاني اتباع حمية الكيتو؟
انخفاض العمر البيولوجي
قاس الباحثون العمر البيولوجي للمشاركين قبل وبعد 3 دورات من الحمية الغذائية التي تحاكي الصيام، وهو مقياس طوّرته جامعة ييل (Yale University) بالتعاون مع جامعة جنوب كاليفورنيا لتحديد مدى كفاءة عمل الخلايا والأنسجة، مقارنة بالعمر الزمني. بيّنت النتائج بعد انتهاء الدورة الثالثة، تحسناً ملحوظاً في الأداء الخلوي والأنسجة، وانخفاض العمر البيولوجي نحو 2.5 سنة وسطياً.
الدراسة الأولى من نوعها: التجديد البيولوجي القائم على الغذاء
تتوافق نتائج هذه الدراسة مع أبحاث سابقة قادها لونغو أشارت إلى التأثيرات المفيدة لدورات الحمية الغذائية التي تحاكي الصيام، بما في ذلك:
- تعزيز تجديد الخلايا الجذعية.
- التقليل من الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي، من خلال الحد من تلف الحمض النووي.
- تقليل علامات الخرف لدى الفئران.
- تجديد الخلايا والأعضاء القديمة وإعادة برمجتها، من خلال تنشيط الالتهام الذاتي فيها.
وبذلك تُعدُّ هذه الدراسة الأولى من نوعها والتي تعتمد على الغذاء لجعل الناس أصغر سناً من الناحية البيولوجية. حيث أظهرت أن التغيرات الغذائية التي لا تتطلب تغييراً جذرياً أو مزمناً في النظام الغذائي أو حتى في نمط الحياة، يمكن أن تقلل من عوامل خطر الشيخوخة والمرض، ما يجعلنا نبدو أصغر سناً مما نحن عليه في الواقع.
قال لونغو: "تظهر هذه الدراسة أول مرة دليلاً على خفض العمر البيولوجي من تجربتين سريريتين مختلفتين، مصحوبة بدليل على تجديد وظائف التمثيل الغذائي والمناعة".