شهر رمضان المبارك هو وقت لتعلُّم التأمل الروحي والانضباط الذاتي بالامتناع عن الطعام من الفجر حتى الغسق، ما قد يكون فرصة ملائمة للتخلص من العادات الغذائية السيئة وتحقيق أهداف فقدان الوزن.
فكيف نفقد الوزن خلال رمضان؟ وكيف يمكننا الموازنة بين التغذية الصحية والحفاظ على وزن صحي مع الصيام؟ لنتابع هذا المقال.
كيف يخسر الجسم الوزن خلال فترة الصيام؟
يتعرض الجسم خلال فترة الصيام الممتدة منذ الفجر؛ أي بعد وجبة السحور حتى المغرب (الإفطار)، والتي قد تصل إلى 18 ساعة، إلى تغيرات مختلفة وعلى عدة مراحل، تؤدي في نهاية نافذة الصيام إلى حرق الدهون وفقدان الوزن:
- المرحلة الابتدائية (0-4 ساعات): وهي المرحلة التي يستهلك فيها الجسم الطاقة التي حصل عليها خلال وجبة السحور (الغلوكوز).
- المرحلة التقويضية أو التحول الأيضي (4-12 ساعة): بعد الانتهاء من هضم ما تزود به الجسم من سعرات حرارية (غلوكوز) خلال وجبة السحور، يتحول الجسم إلى استهلاك الغلوكوز المخزن في الجسم، وهو الغليكوجين المخزن في الكبد والعضلات باعتباره الخيار الأول.
- مرحلة حرق الدهون (12-18 ساعة): بعد نضوب مخزون الغليكوجين، يتحول الجسم نحو الخيار الآخر للطاقة، وهو الدهون المخزنة، فتُحرق للحصول على الوقود. تُعرف هذه الحالة بالكيتوزية، وفيها تنخفض نسبة هرمون الإنسولين المنظم للغلوكوز في الدم، ما يتسبب بإطلاق الأحماض الدهنية من مخازنها. يحمل الدم الأحماض الدهنية إلى الكبد حيث تتأكسد إلى الأجسام الكيتونية (بيتا هيدروكسي بوتيرات). وبالنتيجة يحصل الجسم على طاقته من الدهون المخزنة والتي تتسبب بالوزن الزائد.
اقرأ أيضاً: بهذه الطريقة يمكنك إنزال الوزن في رمضان
كيف يتغير الوزن خلال رمضان وبعده؟
يعتقد البعض أن التقييد الصارم للطعام والشراب فترة طويلة نسبياً، من شأنه بطبيعة الحال أن يؤدي إلى فقدان الوزن، ومع ذلك قد لا يكون هذا هو الحال العام خلال رمضان، إذ بينما يفقد البعض الوزن الزائد، قد يكتسب آخرون وزناً، ويعود السبب في ذلك إلى ميزان السعرات الحرارية:
- إذا قل مدخول السعرات الحرارية خلال فترة السماح بتناول الطعام، أي منذ الغروب حتى فجر اليوم التالي، عمّا يفقده الجسم خلال فترة الصيام، يقل الوزن.
- إذا زاد مدخول السعرات الحرارية خلال فترة السماح بتناول الطعام عمّا يفقده الجسم خلال فترة الصيام، يزداد الوزن.
في دراسة نُشرت في دورية الصحة العامة والتغذية (Public Health Nutrition)، انخفض وزن المشاركين بحلول نهاية رمضان نحو 1.5 كيلوغرام عند الرجال، و0.9 كيلوغرام لدى النساء. ومع ذلك، قد استعادوا معظم الوزن المفقود في غضون أسابيع قليلة.
اقرأ أيضاً: 5 نصائح لاتباع الصيام المتقطع في رمضان
كيف تحافظ على فقدان الوزن خلال رمضان؟
للحفاظ على توازن ميزان السعرات الحرارية، يجب أن يكون المدخول منها خلال فترة السماح الممتدة من الغروب حتى السحور في الفجر، أقل مما يفقده الجسم خلال نافذة الصيام في النهار، ولا بُدَّ من الجمع بين النظام الغذائي الصحي في رمضان وبرنامج تمارين مخصص لفقدان الوزن:
ممارسة الرياضة بانتظام
- ممارسة تمارين رياضية متوسطة الشدة (الكارديو)، مثل ركوب الدراجة أو المشي نحو 30 دقيقة قبل الإفطار. وفقاً للدراسة المنشورة في المجلة الآسيوية للطب الرياضي (Asian Journal of Sports Medicine)، يمكن أن يساعد النشاط البدني الخفيف مثل المشي في الحفاظ على اللياقة في شهر رمضان، ويحمي من مشكلة البدانة.
- ممارسة التمارين الرياضية قبل وجبة الإفطار بحدود ساعتين من الزمن، لأنها تعزز إفراز هرمون النمو الذي يساعد على حرق الدهون.
- تجنب ممارسة التمارين الرياضية في الفترة المسائية قبل النوم، لأنها تسبب القلق وتمنع النوم العميق، إذ تؤدي قلة النوم إلى ارتفاع الكورتيزول، الذي يشير إلى الجسم بالتمسك بالدهون حفاظاً على الطاقة خلال ساعات الاستيقاظ.
اقرأ أيضاً: الرياضة في رمضان: كيف يحافظ الصائمون على لياقتهم؟
وجبة إفطار صحية
تنصح مختصة التغذية نظيمة قريشي في كتابها "دليل رمضان الصحي" (Guide to a Healthy Ramadan) بالآتي:
- تناول الطعام ببطء وعلى دفعات، بحيث يبدأ مع بضع حبات تمر وفاكهة.
- تجنب الأطعمة المقلية، واستبدال أسلوب الشواء بالقلي.
- تجنب الأغذية المملحة والمعالجة.
- تقليل الكربوهيدرات، وزيادة محتوى الإفطار من البروتين، مثل السمك والدجاج بالإضافة إلى البقوليات، لأنه يمنح شعوراً بالشبع فترة طويلة بعد الوجبة.
- استبدال الماء بالمشروبات السكرية مثل عصائر الفاكهة أو المشروبات الغازية، بسبب محتواها العالي من السكريات.
اقرأ أيضاً: 6 نصائح لنظام غذائي صحي بعد صيام رمضان
وجبة سحور صحية
لوجبة سحور صحية لفقدان الوزن قدّمت قريشي النصائح التالية في دليلها:
- اختر الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من البروتين، ليس لأنه يساعد على بناء الكتلة العضلية فحسب، بل أيضاً لأنه يمنح شعوراً مطولاً بالشبع خلال الصيام. من الأغذية الغنية بالبروتين لوجبة السحور: البيض والزبادي والسمك.
- استبدل الكربوهيدرات المعقدة مثل الألياف كما في الحبوب الكاملة، بالكربوهيدرات البسيطة مثل الموجودة في الخبز الأبيض والتي يستهلكها الجسم بسرعة وتسبب شعوراً بالجوع والتعب. في المقابل، يحرر الجسم الطاقة من الحبوب الكاملة ببطء ما يساعد على الشعور بالشبع فترة أطول.
- تناول الدهون الصحية حيث تمنح الدهون الصحية كما في الأفوكادو وبذر الكتان وزيت الزيتون شعوراً مطولاً بالشبع.
- تناول الخضار والفاكهة، مثل البطيخ والفراولة والخيار والخَسّ، لأنها تحتوي على نسبة عالية من الفيتامينات والمعادن الضرورية للجسم، بالإضافة إلى أنها تساعد على الترطيب لمحتواها العالي من الماء.