الكارديو أم رفع الأثقال: أيهما يجب أن تبدأ به؟

4 دقيقة
الكارديو أم رفع الأثقال: أيهما يجب أن تبدأ به؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ mialapi
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ما التمرينات التي عليك ممارستها أولاً عند الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية؟ هل عليك البدء بأجهزة المشي وتمرينات التدويس ورفع معدل ضربات قلبك في جلسة من التمرينات القلبية؟ أم عليك التوجّه نحو الأوزان الحرة وآلات تدريب القوة لممارسة تدريبات المقاومة؟

يقترح الخبراء في الكلية الأميركية للطب الرياضي ممارسة كلا النوعين من التمرينات الرياضية للاستفادة من فوائدهما الفريدة في تحسين الصحة وأداء الوظائف اليومية وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة. ولكن ما الترتيب الأمثل للحصول على أفضل النتائج؟

الجواب يعتمد على الحالة. أنا عالم في فيزيولوجيا التمرين، ودرست مع فريقي في المختبر مؤخراً آثار تركيبات مختلفة من التدريبات الهوائية وتدريبات المقاومة في تحسين اللياقة البدنية المرتبطة بالصحة، وخاصة السعة الهوائية والقوة العضلية.

اقرأ أيضاً: ما الوقت الأنسب لتناول الطعام عند ممارسة التمارين الرياضية؟

تشير الأبحاث إلى وجود بعض العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار عند تخطيط برامج التمرين؛ مثل العمر ومستوى اللياقة البدنية وتاريخ التمرين والأهداف. يجب أيضاً الأخذ في الاعتبار مدّة التمرين وشدّته؛ وهو ما يشار إليه بحجم التمرين، بالإضافة إلى تحديد موعد التدريب خلال اليوم.

فوائد التمرينات الرياضية

أولاً، خذ في الاعتبار أن إجراء أي تمرين أفضل من عدمه.

التمرينات الهوائية هي نشاطات إيقاعية تزيد معدّل ضربات القلب. وتشمل الأمثلة عليها المشي والجري والسباحة وركوب الدراجات واستخدام آلات القلب مثل جهاز التدريب البيضاوي.

تفيد التمرينات الهوائية في تحسين وظيفة القلب والجهاز التنفسي؛ أي إن أداء القلب والرئتين في توصيل الأوكسجين إلى العضلات لتوليد الطاقة اللازمة لانقباضات العضلات المستمرة سيتحسّن بمرور الوقت. يمكن أن تخفض ممارسة التمرينات الهوائية أيضاً خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة، وتزيد مقدار الطاقة التي يستهلكها الجسم وكمية الدهون التي يحرقها، علاوة على أنها تحسّن الوظائف البدنية والمعرفية.

تتضمن تدريبات المقاومة تقوية العضلات من خلال رفع الأوزان أو سحبها أو دفعها؛ ما يجبر الجسم على مواجهة المقاومة. يمكن إجراء هذا النوع من التمرينات باستخدام القضبان ذات الأوزان الحرة والثقّالات الحديدية والثقالات الجرسيّة وآلات الأثقال وحتى الأربطة المرنة.

تعزّز تمرينات المقاومة القوة العضلية والقدرة على التحمّل وتزيد قوة العضلات وحجمها، وهي ظاهرة يطلق عليها علماء الفيزيولوجيا اسم “تضخّم العضلات”. تبيّن الدراسات أن تدريبات المقاومة لها فوائد صحية أيضاً، خاصة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون مرض السكري من النمط الثاني أو المعرضين إلى خطر الإصابة به. تحسّن هذه التدريبات ضغط الدم ومستويات الغلوكوز في الدم وقدرة العضلات على استهلاك الغلوكوز للحصول على الطاقة، بالإضافة إلى أنها تساعد على الحفاظ على كتلة الجسم الخالية من الدهون وصحة العظام.

ممارسة التدريبات لتحسين الصحة

يجري العديدون تمرينات القلب والأوزان في جلسة التمرين نفسها لأنهم لا يستطيعون تخصيص الكثير من الوقت للتمرينات. يفيد هذا المزج بين التمرينات الصحة كثيراً؛ إذ تتضمن الفوائد خفض خطر الإصابة بالمشكلات القلبية والاستقلابية.

في الواقع، إجراء كلا النوعين من التمرينات معاً أفضل مقارنة بممارسة نوع واحد فقط خلال الفترة الزمنية نفسها، خاصة بالنسبة إلى الأشخاص المعرضين إلى خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.

تشير الدراسات التي نظر فيها الباحثون في ممارسة التدريبات من النوعين معاً (أو ما يُدعى “التدريب المتزامن”) إلى أن تأثير هذه التدريبات يماثل تأثير التدريبات عموماً؛ أي إنه يحسّن السعة الهوائية والقوة العضلية، بغض النظر عن الترتيب الذي أُجريت وفقه التمرينات في الجلسة. تنطبق هذه الفوائد على مجموعة واسعة من الأشخاص؛ ومنهم الأشخاص غير النشطين رياضياً والذين يمارسون النشاطات الرياضية للترفيه والشباب وكبار السن من النساء والرجال.

اقرأ أيضاً: هل يؤثّر نمط التمارين الرياضية في فقدان الوزن؟ دراسة حديثة تُجيب

تتسبب ممارسة تمرينات المقاومة قبل التمرينات الهوائية بزيادة طفيفة في القوة العضلية في الجزء السفلي من الجسم دون أن تؤثر سلباً في الفوائد الأخرى في اللياقة البدنية المرتبطة بالصحة.

لذلك؛ إذا تمثّلت أهداف التمرينات التي تريد إجراءها في الحفاظ على صحتك عموماً والحصول على الفوائد الذهنية لتحريك الجسم، قد توفّر ممارسة تدريبات المقاومة أولاً دفعة من النشاط لجسمك. تشير الأبحاث إلى أن التركيز على ترتيب التمرينات، القلبية وتمرينات الأوزان، ليس مهماً عموماً.

التدريب مع التركيز على أهداف الأداء

من ناحية أخرى، قد يكون من الأنسب التركيز أكثر على ترتيب التمرينات إذا كنت رياضياً مهتماً بالأداء وتتدرب بغرض تحسينه في رياضة معينة أو الاستعداد لمنافسة ما.

تشير الأبحاث إلى أن ممارسة التدريب المتزامن قد تقلل الزيادات في السعة الهوائية قليلاً في هذه الحالة. من المرجّح أن ذلك سيخفض التحسينات في القوة العضلية والزيادة في استطاعة الجسم؛ كما أنه يخفض معدل نمو العضلات ولكن بدرجة أقل. تحمل هذه الظاهرة اسم “تأثير التداخل”، وهي تتجلى بالقدر الأكبر بين الرياضيين الذين يمارسون الكثير من التدريبات ويمارسون التمرينات الهوائية وتمرينات المقاومة ذات الأحجام الكبيرة.

ما يزال الباحثون يدرسون ظاهرة تأثير التداخل لكشف أسبابها الخلوية. تتسبب التدريبات الهوائية وتدريبات المقاومة بتأثيرات متعارضة في المستوى الجزيئي، وهي تأثيرات تفعل فعلها في عملية التأشير الجيني وتركيب البروتينات. تكون تكيفات الجسم أكثر عمومية في بداية برنامج التمرين؛ ولكن التغييرات العضلية تزداد وتصبح أكثر اعتماداً على نوع التمرينات التي تُجرى مع الاستمرار في ممارسة التمرينات، علاوة على أن احتمال ظهور تأثير التداخل يزداد.

بطبيعة الحال، يتطلب العديد من الرياضات مزيجاً من القدرات الهوائية والعضلية. يجب على بعض الرياضيين النخبويين تحسين قدراتهم الهوائية والعضلية معاً. لذلك؛ يطرح السؤال التالي نفسه مجدداً: ما الترتيب الأمثل لممارسة نوعَي التمرين للحصول على الفوائد الأفضل في الأداء؟

تبدو ممارسة تمرينات المقاومة أولاً، أو ممارسة التدريبات التي تتوافق أكثر مع أهداف الأداء، أكثر منطقية بالنظر إلى نتائج الأبحاث حول التدريب المتزامن التي أجريت على الرياضيين الرفيعي المستوى. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الرياضيين النخبويين إراحة أجسامهم مدة 3 ساعات على الأقل بين جلسات تدريبات المقاومة والتدريبات الهوائية إذا كان ذلك ممكناً.

اقرأ أيضاً: ما مخاطر ممارسة التمارين الرياضية في موجات الحر؟ نصائح للبقاء آمناً

لا تقلق حول ترتيب التدريبات

ندرس في مختبري ما نسميه “الدورات الدقيقة” للتمرينات الهوائية وتمرينات المقاومة. ما يعنيه ذلك هو ممارسة نوعي التمرينات معاً ولكن في جولات أقصر بكثير بدلاً من تحديد نوع لتمارسه أولاً. على سبيل المثال؛ يمكن إجراء جولة واحدة من أحد تمرينات المقاومة متبوعة مباشرة بجولة مدتها 3 دقائق من المشي أو الجري، ثم تكرار هذه الدورة عدة مرات حسب الضرورة لشمل تمرينات المقاومة جميعها في جلسة التدريب.

تشير النتائج الأولية التي توصلنا إليها إلى أن هذا الأسلوب من التدريب المتزامن يؤدي إلى فوائد مشابهة في اللياقة الهوائية والقوة العضلية وكتلة العضلات الخالية من الدهون (كما أنه يبدو أسهل بالنسبة إلى الممارسين أيضاً)، وذلك عند مقارنته بالروتين المتزامن النموذجي الذي تُجرى فيه التمرينات الهوائية جميعها بعد تمرينات المقاومة دائماً.

ما تزال النصيحة التي أقدمها لأغلبية الناس هي اختيار ترتيب التمرينات بناءً على التفضيلات الشخصية وبهدف تشجيع النفس على مواظبة الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية. يستطيع الرياضيون الرفيعو المستوى تجنّب ظاهرة تأثير التداخل من خلال ممارسة تمرينات المقاومة قبل التمرينات الهوائية، أو من خلال فصل جلسات تمرينات القوة عن جلسات التمرينات الهوائية خلال يوم معين.