قبل بضع سنوات، اعتمد العديد من خبراء التغذية نظاماً غذائياً لإنقاص الوزن مشابهاً لنمط صيام شهر رمضان، وهو نظام الصيام المتقطع. يقدّم صيام رمضان نموذجاً فريداً من نوعه للصيام المتقطع اليومي وعلى مدار شهر واحد، إذ يتضمن التناوب بين أوقات تناول الطعام العادي والصيام. مع ذلك، هناك بعض الاختلافات بينهما، فما أوجه التشابه بينهما وكيف يمكن تطبيق الصيام المتقطع في رمضان؟
ما هو الصيام المتقطع؟
الصيام المتقطع هو نمط غذائي يتضمن تناوب فترات من الصيام والأكل، وهو ليس نظاماً غذائياً، وإنما نمط أكل يقيد النافذة الزمنية التي تستهلك فيها الطعام. غالباً ما يوصى به من قِبل خبراء التغذية كطريقة فعّالة لفقدان الوزن وتعزيز التمثيل الغذائي. هناك عدة طرق للصيام المتقطع، بما في ذلك:
- طريقة 16/8: حيث تصوم لمدة 16 ساعة، تليها فترة سماح لمدة 8 ساعات.
- طريقة (5:2): حيث تأكل بشكلٍ طبيعي لمدة 5 أيام، وتقيد تناول السعرات الحرارية إلى 500-600 سعرة حرارية في يومين غير متتاليين.
- أكل- توقف- أكل: يتضمن الصيام لمدة 24 ساعة مرة أو مرتين في الأسبوع.
- حمية المحارب: تتضمن تناول وجبة واحدة كبيرة في الليل والصيام أثناء النهار.
اقرأ أيضاً: 3 طرق لاتباع حمية الصيام المتقطع بأمان
صيام شهر رمضان
الصيام هو ممارسة دينية يمارسها المسلمون خلال الشهر القمري التاسع، شهر رمضان المبارك. يمتنع المسلمون خلال هذه الشهر عن تناول الطعام أو شرب السوائل خلال الفترة الممتدة ما بين شروق الشمس وغروبها، وعلى مدار الشهر. يتضمن رمضان وجبتين رئيسيتين في كل يوم، وهما وجبة الإفطار عند غروب الشمس، ويتم كسر الصيام بها، ووجبة السحور قبيل الفجر، بحيث يمكن تناول أي شيء بعد الإفطار وحتى وجبة السحور التي تليه.
أي يمكن اعتبار صيام رمضان شكلاً من أشكال الصيام المتقطع لأنه يتضمن الامتناع عن الطعام والشراب خلال ساعات النهار لفترة زمنية محددة، إلا أنه يختلف عنه بالامتناع التام عن شرب السوائل.
كيفية تطبيق الصيام المتقطع في رمضان
بالنسبة لمَن يعتمد الصيام المتقطع أو يجربه لأول مرة، يمكن تطبيقه خلال شهر رمضان الكريم باتباع بعض النصائح، ومنها:
لا تفوّت وجبة السحور
قد يتخطى البعض وجبة الفجر أو السحور، لعدم وجود شهية للطعام في مثل ذلك الوقت، إلا أنه وفقاً لنظيمة قريشي (Nazima Qureshi) أخصائية التغذية ومؤلفة "دليل رمضان الصحي" (Guide to a Healthy Ramadan)، فقد تؤثّر وجبة السحور على إمداداتك من الطاقة خلال نافذة الصيام.
توصي القريشي بتناول الكربوهيدرات المعقدة، مثل تلك التي توجد في الحبوب الكاملة، لعدة أسباب، ومنها:
- توفّر السكريات البسيطة، كما في الفواكه، الطاقة على المدى القصير فقط.
- تقترن الحبوب الكاملة بالدهون والبروتينات الصحية.
ومن الوجبات التي يُنصح بها لوجبة السحور ما يلي:
- دقيق الشوفان.
- الفطائر.
- السلطات.
اقرأ أيضاً: وجبة السحور في شهر رمضان: ما يمكن تناوله وما يجب تجنبه
المحافظة على الترطيب
مع نافذة صيام تتضمن الامتناع عن شرب السوائل لفترة طويلة نسبياً، لا بُدّ من تعويض الجسم بالترطيب، حيث أشار باحثو هيلث لاين نيتوركس (Healthline Media) إلى أن الجفاف قد يسبب انخفاض مستويات الطاقة والمزاج السيئ. علاوة على ذلك، يساعد الترطيب الكافي على:
- الوقاية من بعض الحالات الصحية، مثل الصداع وحصى الكلى والإمساك وارتفاع ضغط الدم.
- يقلل من الشهية للطعام خلال فترة تقييد الطعام أي الصيام.
للحفاظ على الترطيب توصي مؤسسة حمد الطبية (Hamad Medical Corporation) باتباع النصائح التالية:
- شرب الكثير من الماء قبل وبعد ساعات الصيام، إذ يجب شرب ما لا يقل عن 12 كوباً من الماء طوال اليوم.
- تجنب المشروبات السكرية والكافيين مثل المشروبات الغازية والقهوة والشاي لأنها يمكن أن تجفف جسمك.
- شرب السوائل طوال نافذة السماح بالأكل والشرب.
- تناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الماء، مثل الفواكه والخضروات مثل البطيخ والخيار والبرتقال والطماطم خلال فترة السماح بتناول الطعام، منذ الإفطار وحتى السحور.
- تجنب الأطعمة المالحة لأنها قد تجعلك تشعر بالعطش.
- تجنب أشعة الشمس والأجواء الحارة خلال النهار.
اقرأ أيضاً: الرياضة في رمضان: كيف يحافظ الصائمون على لياقتهم؟
حدد حجم الحصص الغذائية
بعد نهار طويل من الامتناع عن الطعام والشراب، واستنفاد معظم مخازن الطاقة في الجسم، قد يكون من الشائع الإفراط في تناول الطعام، ما قد يتسبب على مدار شهر كامل بتأثير عكسي للصيام، حيث يزداد الوزن، مع شعور عام بالتعب والإرهاق. توصي القريشي في دليلها بتناول بضع حبات من التمر والفاكهة مع الماء عند الإفطار، حيث إن الفواكه تحتوي من السكريات ما يكفي لمنح الجسم شعوراً مؤقتاً بالشبع.
يمكن تناول وجبة لاحقة خلال فترة المساء، تتضمن:
- خضار أو سلطة: نصف طبق.
- الكربوهيدرات: ربع طبق، مع تجنب الكربوهيدرات المكررة كما في الحلويات والعصائر قدر الإمكان.
- البروتين: ربع طبق.
وقد تساعد بعض النصائح في تقسيم حصص الوجبات خلال شهر رمضان:
- استخدم أطباقاً أصغر للتحكم في أحجام حصصك من الأطباق.
- تناول الطعام ببطء، ما يمنحك الوقت الكافي للوصول للإحساس بالامتلاء.
- تجنب الأطعمة المصنّعة الغنية بالسعرات الحرارية الفارغة، أي فقيرة المحتوى بالمغذيات.
- اشرب الكثير من الماء، ما يساعد على الشعور بالشبع ويمنع الإفراط في تناول الطعام أثناء الإفطار والسحور.
اقرأ أيضاً: كيف أحافظ على وزني في رمضان؟
الدواء خلال رمضان
لمَن يعاني من أمراض أو حالات صحية معينة، مثل:
- الحامل.
- المرضع.
- الحائض.
- الأمراض المزمنة، مثل السكري والقلب وارتفاع ضغط الدم والسرطان.
والذين لا يمكنهم الصيام، فإن الحاجة لتناول أدوية معينة قد تلغي القدرة على الصيام في رمضان. وفقاً للدكتور وسام الصباغ الأستاذ المساعد في جامعة واترلو الكندية، يمكن متابعة تناول الأدوية أثناء رمضان، بالتخطيط لوجباتك وإجراء التعديلات الممكنة، أما إذا أثّر ذلك على الحالة الصحية، فلا يمكن الصيام.
اقرأ أيضاً: ما هو النظام الغذائي لصيام الحامل في رمضان؟
ما بعد رمضان
كثيراً ما يقع الناس ممن يصومون شهر رمضان بفخ حلويات عيد رمضان، وانتهاء فترة الصيام، فيفقدون معظم ما اكتسبه الجسم من فوائد الصيام الصحية. بينما قد يكون استئناف عادات ما قبل رمضان صعباً بالنسبة للآخرين. بجميع الأحوال، توصي القريشي بالمتابعة بأحد أنماط الصيام المتقطع، مع المحافظة على الترطيب بشكلٍ دائم.
اقرأ أيضاً: الرياضة في رمضان: كيف يحافظ الصائمون على لياقتهم؟
إذاً، يمكنك دمج الصيام المتقطع بنجاح في روتين رمضان، لكن إذا كان لديك أيّ حالات طبية أو مخاوف، فاستشر أخصائي الرعاية الصحية قبل البدء في الصيام.