ما هو نظام أورنيش الغذائي؟ وما هي فوائده الصحية؟

6 دقيقة
ما هو نظام أورنيش الغذائي؟ وما هي فوائده الصحية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Chalee2500

ملخص: تُعدّ حمية أورنيش نظاماً غذائياً متكاملاً يهدف إلى تحسين صحة القلب والوقاية من الأمراض المزمنة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم. طوّره في السبعينيات أستاذ الطب السريري الأميركي دين أورنيش  (Dean Ornish)، الذي ركّز على نمط حياة صحي يشمل اتباع نظام غذائي نباتي قليل الدهون، وممارسة الرياضة، وإدارة التوتر عبر تقنيات مثل التأمل واليوغا، وتعزيز العلاقات الصحية. يعتمد النظام على الأطعمة النباتية مثل الحبوب الكاملة والبقوليات، ويمنع تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والكوليسترول الضار. تشير بعض الأدلة العلمية إلى أن هذا النظام يمكن أن يساعد على شفاء بعض حالات أمراض القلب، ويسهم في تحسين صحة القلب، وفقدان الوزن، والوقاية من الأمراض المزمنة مثل السرطان وآلزهايمر بفضل تقليل استهلاك الدهون والسكر والاعتماد على الأطعمة المضادة للالتهابات مثل الفواكه والخضروات. ومع ذلك، توجد تحديات تتعلق بالالتزام الطويل الأمد بنظام أورنيش بسبب الامتناع عن البروتينات الحيوانية، وقد يواجه البعض مشكلات هضمية أو نقصاً في بعض العناصر الغذائية مثل الكالسيوم وفيتامين ب 12. لذا، يُنصح باتباع الحمية تحت إشراف مختص تغذية لضمان تحقيق أقصى استفادة وتجنب نقص العناصر الغذائية.

لاحظ أستاذ الطب السريري في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، دين أورنيش (Dean Ornish)، وجود علاقة بين التغذية وأمراض القلب لدى مرضاه. ومن ثَمَّ كانت بداية اهتمام أورنيش بالنظام الغذائي الذي وضعه في السبعينيات، وطوّر من خلاله نهجاً متكاملاً يرتكز على تغييرات في نمط الحياة بهدف تحسين صحة القلب والوقاية من الأمراض وحتى الشفاء منها، ما شجّع بعض شركات التأمين على تغطية تكاليف اتباع هذه الحمية، أو ما يُعرف بنظام أورنيش الغذائي الصحي، كجزء من برامج التأهيل لتعزيز صحة القلب.

في هذا المقال، نتعرف إلى نظام أورنيش الغذائي، وفوائده الصحية المحتملة، ونستكشف التحديات التي قد تواجه الأشخاص عند اتباع حمية أورنيش، إلى جانب نصائح لمساعدتك على اتخاذ القرار الأنسب قبل اتباع نظام أورنيش الغذائي.

اقرأ أيضاً: هل يمكن لفصيلة الدم أن تحدد الحمية الغذائية الأنسب لك؟ العلم يجيب

ما هي حمية أورنيش؟

تُعدّ الحمية الغذائية من أهم الأساليب التي تُستخدم لتحسين الصحة العامة والوقاية من العديد من الأمراض المزمنة. من بين هذه الحميات، تبرز حمية أورنيش، التي لا تقتصر فوائدها على تحسين صحة القلب، وخفض الوزن، وتعزيز الوقاية من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين وبعض السرطانات، بل يشير مطور النظام إلى أنه يمكن الشفاء من هذه الأمراض، وغيرها من الحالات المزمنة مثل السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم، وذلك عبر اتباع نمط حياة صحي ومتوازن ومتكامل، وليس فقط وضع خطة لتناول الطعام.

ومنذ ذلك الحين، أجرى العديد من الباحثين في الولايات المتحدة الأميركية وخارجها بحوثهم على هذه الحمية. وجدت بعض هذه الدراسات أدلة على إمكانية الشفاء من آثار أمراض القلب في بعض الحالات، ما جعلها محط اهتمام مؤسسات صحية كبرى.

مبادئ نظام أورنيش الغذائي

يعتمد نظام أورنيش بصفة أساسية على اتباع حمية غذائية نباتية قليلة الدهون، وممارسة الرياضة المعتدلة، واتباع استراتيجيات إدارة التوتر والضغوط مثل التأمل واليوغا والتنفس العميق، وتعزيز العلاقات الصحية.

ويركّز هذا النظام على المصادر النباتية، وتشمل تناول الحبوب الكاملة مثل الشوفان والكينوا، والبقوليات وتتضمن الفول والعدس والبازلاء إلى جانب منتجات الصويا مثل حليب الصويا، والخضروات المختلفة، ما يسهم في مد الجسم بالألياف والفيتامينات الضرورية.

في المقابل، يُمنع تناول الأطعمة الحيوانية الغنية بالدهون المشبعة مثل اللحوم ومنتجات الألبان كاملة الدسم والأسماك والمأكولات البحرية، التي يمكن أن تحتوي على ملوثات، وفي بعض الحالات الكوليسترول الضار. لكن يُسمح بتناول كميات محدودة جداً من المنتجات قليلة الدسم، مثل منتجات الألبان المنزوعة الدسم، وبياض البيض، وكذلك الأطعمة النباتية الغنية بالدهون، مثل الأفوكادو والزيتون وجوز الهند، وبعض المكسرات والبذور.

يُقيد هذا النظام استهلاك المشروبات المحتوية على الكافيين بحد أقصى كوب واحد من القهوة، أو كوبين من القهوة منزوعة الكافيين، أو كوبين من الشاي الأسود يومياً. ويحدُّ هذا النظام من استهلاك الكربوهيدرات المكررة مثل المصنوعة من الدقيق الأبيض، ويسمح أيضاً باستهلاك الصوديوم بمعدل يتراوح بين 200-1500 مليغرام يومياً. وتشدد الحمية على تقليل استهلاك الدهون بما لا يزيد على 10% من مجموع السعرات الحرارية اليومية.

وعلى الرغم من أن التوصيات الغذائية كانت تسمح باستهلاك الكوليسترول الغذائي بما لا يتجاوز 300 مليغرام يومياً، فإن التوجيهات الحالية تنصح بإبقاء استهلاك الكوليسترول الغذائي "منخفضاً قدر الإمكان"؛ حيث يعتمد نظام أورنيش على نحو كبير على الدهون الصحية مثل الأوميغا-3 الموجودة في بعض المصادر النباتية مثل البذور والمكسرات.

وبصفة عامة، تتكون السعرات الحرارية اليومية في نظام أورنيش الغذائي من 10% دهون صحية و20% بروتين و70% كربوهيدرات يومياً. وعلى الرغم من أن النظام الغذائي النموذجي للشخص البالغ يجب أن يحتوي على 20% من السعرات الحرارية من الدهون، من غير المحتمل أن يعاني الشخص مشكلات بسبب نقص الدهون في حمية أورنيش.

اقرأ أيضاً: ما هي حمية الأناناس؟ وهل تساعد على تخفيض الوزن؟

فوائد نظام أورنيش الغذائي الصحي

يروّج مطور هذا النظام ومؤيدوه له بصفته أسلوب حياة مستدام لا يعتمد بالضرورة على تقييد السعرات الحرارية، وليس مجرد حمية غذائية قد تؤدي في النهاية إلى تكرار رجوع الوزن المفقود. من بين فوائده المحتملة الأخرى:

  •  تحسين صحة القلب: يمكن أن يخفّض الالتزام بحمية أورنيش مستويات الكوليسترول الضار (LDL)، ويزيد مستويات الكوليسترول الجيد (HDL)، ما يقلل مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية.
  • فقدان الوزن وتحسين اللياقة البدنية: يسهم اتباع حمية أورنيش في إنقاص الوزن، ويرجع ذلك إلى تقليل استهلاك الدهون والسكريات التي تحتوي عادة على سعرات حرارية مرتفعة، ما يساعد على فقدان الوزن بفاعلية، فضلاً عن أن الحمية تحث على ممارسة الرياضة بانتظام، ما يعزز صحة الجسم العامة.
  • الوقاية من الأمراض المزمنة والشفاء منها: قد تسهم هذه الحمية أيضاً في منع تفاقم بعض أنواع السرطان وحتى الشفاء منها، إلى جانب السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم، وآلزهايمر. يمكن أن يرجع ذلك إلى تقييد استهلاك السكر المكرر والأطعمة المصنّعة في هذا النظام، ما يقلل علامات الالتهاب التي قد تزيد خطر الإصابة بهذه الأمراض، إلى جانب اعتماد النظام على الفواكه والخضروات التي تُعدّ غنية بمضادات الأكسدة مثل التوت، والتفاح، والخضروات الورقية، التي لها تأثيرات مضادة للالتهابات.

قيود اتباع نظام أورنيش الغذائي

على الرغم من الفوائد المحتملة، توجد بعض التحديات التي قد يواجهها الأشخاص الذين يرغبون في اتباع هذا النظام الغذائي، وتتضمن:

  • صعوبة الالتزام الطويل الأمد: قد يصعب على البعض الالتزام بحمية أورنيش خاصة على المدى الطويل، بسبب منع تناول البروتينات الحيوانية. تقول أخصائية التغذية، سما أسامة، في تصريحها إلى بوبيولار ساينس، إنه على الرغم من أن هذا النظام يُعدّ مفيداً بصفة خاصة لمرضى القلب، أو النباتيين عموماً، يمكن تناول البروتين الحيواني مع الحرص على أن تكون الدهون المشبعة قليلة، واختيار الأسماك وصدور الدجاج، فمن الممكن أن يتناولها الشخص، وفي الوقت نفسه يبقى بصحة جيدة حتى لو كان مريضاً بالقلب، وذلك بدلاً من أوراك الدجاج، واللحوم، مثلما تفيد أسامة.
  • مشكلات الهضم: تشير أسامة إلى أن اعتماد هذا النظام على الألياف والبقوليات مصدراً نباتياً للبروتين قد يؤدي إلى معاناة البعض مشكلات في الهضم، خاصة عند اتباع هذا النظام فترات طويلة، ما قد يضطر بعض الأشخاص إلى تناول مصادر بروتين أخرى، مثل الزبادي اليوناني، أو شراء مسحوق بروتين نباتي، الذي يُضاف إلى الأطعمة والمشروبات، لكنها غالية الثمن، ما قد يصعب الالتزام بهذا النظام، مثلما توضّح أسامة.
  • نقص العناصر الغذائية: قد يؤدي منع استهلاك البروتين الحيواني وتقييد منتجات الألبان إلى معاناة بعض الأشخاص نقص عناصر غذائية مهمة مثل الكالسيوم وفيتامين ب 12 وفيتامين د، ما قد يتطلب تناول مكملات غذائية.
  • غير مناسب لحالات صحية معينة: بسبب تقييد حمية أورنيش لاستهلاك بعض الأطعمة ومنع أخرى، قد لا يناسب هذا النظام الغذائي الأشخاص الذين لديهم تاريخ سابق في الإصابة باضطرابات الطعام، أو يعانون سوء التغذية، أو المرضعات أو النساء الحوامل، أو المصابين بالفشل الكلوي.

اقرأ أيضاً: الأنظمة الغذائية النباتية ليست صحية دائماً

نصائح قبل اتخاذ قرار باتباع حمية أورنيش

انتقدت المحررة المساهمة في مجلة ساينتفيك أميركان (Scientific American)، ميليندا وينر موير (MELINDA WENNER MOYER) ادعاءات أورنيش بأن الأنظمة الغذائية الغنية بالبروتين والدهون، وخاصة اللحوم الحمراء، هي سبب تفاقم مشكلات السمنة والأمراض المزمنة. حيث شككت موير في دقة دراسات أورنيش واتهمته بتجاهل أدلة علمية تُشير إلى عكس ما يدعيه.

في المقابل، يدافع أورنيش عن منهجه الغذائي مُستشهداً بتجاربه السريرية ودراسات أخرى تدعم فرضيته، ويؤكد ضرورة التفريق بين أنواع البروتينات والدهون، مُصنفاً بعضها كـ"جيد" والآخر كـ"سيئ".

بالإضافة إلى ما سبق، قد تكون العبارة التي مفادها "خير الأمور الوسط" كافية للوقاية من الأمراض، لكن يشير أورنيش إلى أن هذا المبدأ لا ينطبق على الشفاء من الأمراض التي يعانيها الشخص بالفعل. إذ يقول إن "اتباع الإرشادات الغذائية لوزارة الزراعة الأميركية، مثل تناول اللحوم والدهون المشبعة والسكر، لن يشفيك من مرضك. ومع ذلك، ترجع رغبتك في تغيير نمط حياتك إليك، لكنني أعتقد أن الناس بحاجة إلى معرفة الحقائق قبل أن يتمكنوا من اتخاذ قرار مستنير".

ومع أنه لا يوجد إجماع حول أفضل نظام غذائي، لكن يُسلّط هذا الأمر الضوء على أهمية النظر إلى جوانب الأدلة العلمية كلّها بموضوعية ودقة قبل تعميم الأحكام؛ فقد توجد فوائد غذائية وصحية محتملة من اتباع نظام أورنيش الصحي، لكن هناك حاجة إلى مزيدٍ من الأبحاث لتأكيد هذه النتائج.

وبصفة عامة، يمكن أن تساعدك الإرشادات التالية على تحقيق أقصى استفادة من نظام أورنيش الغذائي في حالة اتخاذ قرار باتباع هذا النظام:

  • نوع مصادر الغذاء: احرص على تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة لتجنب نقص العناصر الغذائية، خاصة في الأنظمة الغذائية التي تقيد استهلاك بعض الأغذية.
  • اتبع خطة غذائية مخصصة: لا توجد حمية غذائية واحدة تناسب الأشخاص جميعهم، ويعتمد نجاح الحمية في تحقيق الأهداف التغذوية والصحية على اتباع خطة غذائية تلبي احتياجاتك الخاصة. لذا، يمكن أن يساعدك مختص التغذية على إعداد نظام غذائي مخصص يناسب أهدافك.
  • غيّر عاداتك الغذائية تدريجياً: يُفضل اعتماد الحمية تدريجياً، حتى يتمكن الجسم من التكيف مع نمط الحياة الجديد دون ضغوط نفسية، ما يساعدك على الالتزام الطويل المدى.
  • مارِس الرياضة بانتظام: تُعدّ ممارسة التمارين الرياضية مدة 30 دقيقة يومياً بانتظام أحد أساسيات حمية أورنيش، سواء كان ذلك عن طريق المشي أو الأنشطة البدنية المعتدلة.

اقرأ أيضاً: هل تستعد للبدء باتباع حمية غذائية؟ إليك أفضلها حسب الخبراء

خلاصة القول، تتميز حمية أورنيش بنهجها التكاملي ووضع العوامل الأخرى مثل النشاط البدني والعلاقات الصحية في الاعتبار. ومع ذلك، قد يتطلب الالتزام بها تغييرات جذرية في نمط الحياة، وقد يتطلب الأمر تناول بعض المكملات الغذائية لتلبية احتياجات الجسم من العناصر الغذائية. لذا، يجب اتباع الحمية تحت إشراف الطبيب أو مختص التغذية.

المحتوى محمي