تتأثر وظيفة الأعصاب المحيطية، وهي كل عصب يقع خارج الجهاز العصبي المركزي أي خارج الدماغ والنخاع الشوكي، لأسباب متنوعة، منها ما هو ناجم عن الإصابة ومنها الأمراض الاستقلابية والموروثة وعلى رأسها داء السكري. وعند تأثر وظيفة الأعصاب المحيطية، تفشل هذه الأعصاب في نقل الإشارات العصبية كما هو مطلوب منها، كما لا تنجح باستقبال المعلومات الحسية من المحيط ويحدث اعتلال الأعصاب المحيطية، ما يُشكّل مشكلة حركية وحسية معيقة للحياة عند تقدم الحالة.
اقرأ أيضاً: تحدٍ جديد للعلوم الطبية بعد إصابة يافع ذي 19 ربيعاً بداء ألزهايمر
أعراض اعتلال الأعصاب المحيطية
في البداية علينا أن نعي أن لكل عصب في الجهاز العصبي المحيطي وظيفة محددة، حيث تنقسم الأعصاب إلى:
- أعصاب حركية تتحكم في حركة العضلات.
- أعصاب حسية تستقبل الإحساس مثل درجة الحرارة أو الألم أو الاهتزاز أو اللمس من المحيط.
- أعصاب لا إرادية تتحكم في وظائف الجسم مثل ضغط الدم والتعرق ومعدل ضربات القلب والهضم ووظيفة المثانة.
قد يؤثّر اعتلال الأعصاب المحيطية في عصب واحد، عندئذ يُطلق عليه اعتلال الأعصاب الأحادية، أمّا إذا أُصيب عصبان أو أكثر في مناطق مختلفة، فإنه يُسمَّى اعتلال الأعصاب المتعدد. وعلى سبيل المثال، تعد متلازمة النفق الرسغي مثالاً على اعتلال العصب الأحادي، وفيها تتأثر وظيفة العصب الناصف عند مروره بين عظمتي الزند والكعبرة. وبالتالي، اعتماداً على العصب المصاب تتباين أعراض اعتلال الأعصاب المحيطية وتشمل ما يلي:
- بداية تدريجية للخدر أو الوخز في القدمين أو اليدين، لينتشر هذا التنميل إلى أعلى الساقين والذراعين.
- ألم حاد أو واخز أو حارق في اليدين والقدمين.
- الحساسية الشديدة للمس.
- الشعور بالألم أثناء أنشطة لم تُسبب الألم من قبل، على سبيل المثال الشكوى من الألم في القدمين لمجرد وضع وزن الملاءة عليهما.
- ضعف التنسيق الحركي والسقوط.
- الضعف العضلي.
- الشعور كما لو أنك كنت ترتدي القفازات أو الجوارب عندما لا تكون مرتدياً لها.
يتظاهر تأثر الأعصاب اللاإرادية بكل من عدم تحمل الحرارة والتعرق الزائد أو عدم القدرة على التعرق، بالإضافة إلى اضطرابات الأمعاء أو المثانة وانخفاض ضغط الدم الذي بدوره يتظاهر على شكل دوار.
ما الأمراض التي قد تؤدي إلى حدوث اعتلال أعصاب محيطي؟
تشمل الحالات الصحية التي من المحتمل أن تكون السبب وراء حدوث اعتلال الأعصاب المحيطية كلاً مما يلي:
- أمراض المناعة الذاتية: مثل الذئبة الحمامية الجهازية والتهاب المفاصل الروماتويدي ومتلازمة غيلان باريه واعتلال الأعصاب الالتهابي المزمن المزيل للميالين، كما يوجد شكل من أشكال اضطراب المناعة الذاتية مرتبط بالإصابة بالسرطان يُدعى "متلازمة الأباعد الورمية"، وفيها يزيد احتمال الإصابة باعتلال الأعصاب المحيطية.
- داء السكري والمتلازمة الاستقلابية: يعتبر داء السكري السبب الأكثر شيوعاً للإصابة باعتلال الأعصاب المحيطية، كما يصاب أكثر من نصف مرضى السكري بنوع من الاعتلال العصبي نتيجة مرضهم المزمن.
- الالتهاب: حيث تشمل بعض أنواع الالتهابات الفيروسية أو الجرثومية الإصابة باعتلال الأعصاب المحيطية، بما في ذلك داء لايم والقوباء والتهاب الكبد B وC والجذام والدفتيريا ومتلازمة نقص المناعة البشرية المكتسبة.
- الاضطرابات الوراثية: يزداد حدوث اعتلال الأعصاب المحيطية مع بعض الأمراض الموروثة التي تنتشر في العائلات مثل مرض شاركو-ماري-توث.
- السرطان: من الممكن أن يضغط نمو الأورام الحميدة والخبيثة على الأعصاب مؤثراً في وظيفتها.
- الأمراض الاستقلابية: مثل أمراض الكليتين أو أمراض الكبد وقصور الغدة الدرقية.
اقرأ أيضاً: ما هي متلازمة الشخص المتيبس التي أصابت المغنية سيلين ديون؟
في بعض الحالات لا يمكن تحديد السبب الدقيق وراء الإصابة، ويُطلق على هذه الحالة اسم "اعتلال الأعصاب المحيطية مجهول السبب"، بينما من الأسباب الأخرى لاعتلال الأعصاب المحيطية نذكر:
- اضطراب تعاطي الكحول: لما يرافقه من سوء امتصاص الفيتامينات وعلى رأسها فيتامين B1 وفيتامين B6.
- التعرض للسموم والمعادن الثقيلة مثل الرصاص والزئبق.
- الأدوية: وعلى وجه الخصوص الأدوية الكيميائية المستخدمة في علاج السرطان.
- الإصابة الرضية أو الضغط على العصب: كما يحدث في حوادث السيارات أو السقوط أو الإصابات الرياضية، حيث يمكن أن تسبب أضراراً خطيرة للأعصاب الطرفية أو تتلفها. يمكن أن ينجم ضغط العصب أيضاً عن استخدام الجبيرة أو استخدام العكازات أو تكرار حركة مثل الكتابة عدة مرات.
- انخفاض مستوى فيتامينات الجسم ومعادنه: وخصوصاً فيتامينات B وفيتامين E والنحاس.
كيف يُعالج اعتلال الأعصاب المحيطية؟
يختلف علاج اعتلال الأعصاب المحيطية بشكلٍ كبير اعتماداً على سبب حدوثه، ومن الخيارات العلاجية المتاحة نذكر الأدوية، وتضم الأدوية المعززة لوظيفة الأعصاب والمكملات الغذائية التي تغذيها، والجراحة وفيها يُعاد توصيل الأعصاب المقطوعة ما يُخفف من الألم الناتج عن الأعصاب المحاصرة. كما يمكن إزالة الأعصاب التالفة أو المتأذية بشدة لمنع إشاراتها من الوصول إلى الدماغ.
من الخيارات العلاجية الأخرى استخدام المعدات الطبية الخاصة مثل الأقواس والعصا والمشايات والأحذية الطبية. فعلى الرغم من أنها لا تعالج الاعتلال العصبي بحد ذاته، فإنها تساعد على منع المضاعفات الناجمة عنه.
اقرأ أيضاً: ما أسباب حدوث شلل الوجه النصفي وبمَ يختلف عنه شلل بيل؟
كما يتضمن العلاج العناية بالقدمين والساقين وخاصةً عند مرضى السكري، إذ يؤذي الاعتلال العصبي كلاً من الأنسجة الرخوة والعظام مسبباً حدوث القروح الجلدية والالتهاب.
وإذا لم يتحسن الألم الناجم عن اعتلال الأعصاب المحيطية باتباع أساليب العلاج التقليدية، يمكن تجربة العلاج بالوخز بالإبر أو تحفيز العصب الكهربائي عبر الجلد أو الحقن أو الجراحة لزرع محفز الحبل الشوكي، إذ تُبدي هذه العلاجات نتائج واعدة في تقليل الألم الناجم عن اعتلال الأعصاب.
الوقاية من حدوث اعتلال الأعصاب المحيطية
يجد مرضى اعتلال الأعصاب المحيطية أنفسهم أمام حدوث المضاعفات في حال أهملوا تدبير حالتهم الصحية، وعلى رأس هذه المضاعفات نذكر الحروق والإصابات الجلدية والجروح في القدمين الناجمة عن الإصابات غير المقصودة نتيجةً لنقص الإحساس، إذ لا يشعر المرضى بتغيرات درجة الحرارة أو الضغط في الأجزاء المصابة.
كما يزداد شيوع الإصابة بالإنتانات في المناطق التي تفتقر إلى الإحساس، لهذا يُنصح بفحص هذه المناطق بانتظام وارتداء أحذية مناسبة وعلاج الأشكال الخفيفة من الالتهاب قبل أن تتعاظم، وخاصةً عند الإصابة بداء السكري.
ما يمكن القول عنها إنه فعّالة أكثر من العلاج هي الوقاية من حدوث اعتلال الأعصاب المحيطية بالدرجة الأولى، وتتضمن إرشادات الوقاية كلاً ما يلي:
- اتباع نظام غذائي صحي غني بالعناصر الغذائية والأطعمة الطازجة كالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتين الخالي من الدهون للحفاظ على صحة الأعصاب.
- تناول مكملات الفيتامينات والمعادن الأساسية التي تحافظ على صحة الأعصاب مثل فيتامينات B وفيتامين E والنحاس والمغنيزيوم وخاصةً عند الأفراد ذوي الخطورة العالية للإصابة، وذلك بعد استشارة الطبيب.
- التقيد بممارسة التمرين المنتظم لمدة 30 دقيقة 3 مرات في الأسبوع، مع ضرورة الابتعاد عن الإفراط في التمرين.
- الابتعاد عن العوامل التي تسبب تلف الأعصاب مثل تكرار الحركة نفسها لدرجة الإجهاد أو التعرض للمواد السامة كالرصاص والزئبق والتدخين.
- ارتداء معدات السلامة في أثناء العمل عند الحاجة نظراً لأن الإصابات تشغل مكاناً مهماً في قائمة أسباب حدوث اعتلال الأعصاب المحيطية.
- إدارة الحالات الصحية المزمنة على النحو الذي أوصى به الطبيب، كما عند مرضى السكري، حيث تحد الإدارة الجيدة للحالات الصحية من تأثيراتها السلبية وتؤخّر تفاقم الحالة.
- تجنب الإفراط في استهلاك الكحول نظراً لأنه سبب مؤكد وجوهري للإصابة باعتلال الأعصاب المحيطية.
اقرأ أيضاً: استهداف الخلايا العصبية بالموجات فوق الصوتية من أجل تثبيط الألم