تلتهب الخلايا الكبدية عند ازدياد عدد الخلايا الدهنية في الكبد وعند ازدياد تراكم الدهون في الخلايا الكبدية نفسها، ما يؤدي إلى تلفها ويتظاهر ذلك في البداية على شكل تشحم بسيط في الكبد أو ما يُعرف بـ "التنكس الدهني" الذي يكون صامتاً سريرياً، ليتفاقم إلى التهاب مزمن متسبباً بحدوث تلف وتليف تدريجي في النسيج، وعندئذ تتظاهر الأعراض.
وعلى الرغم من أن التهاب الكبد الدهني غير الكحولي يُشبه التهاب الكبد الكحولي، فإن أسباب الأول بعيدة كل البعد عن الكحول ونابعة من مجموعة من العوامل المتعلقة بالصحة العامة للجسم، إليك تفاصيل ذلك وما يتعلق بكل مهم حول التهاب الكبد الدهني في هذا المقال.
اقرأ أيضاً: متى ترتفع الإنزيمات الكبدية؟ وهل يعتبر ارتفاعها خطيراً دائماً؟
ما أعراض التهاب الكبد الدهني؟
يكون التهاب الكبد الدهني صامتاً في المراحل الأولى، وتصبح الأعراض واضحة بعد إصابة أكثر من ثُلث الخلايا الكبدية، ويتظاهر ذلك من خلال الأعراض التالية:
- التعب والوهن.
- فقدان الشهية.
- خسارة الوزن غير المبررة.
- الحكة.
- اليرقان الذي يتظاهر على شكل اصفرار البشرة وصلبة العينين.
- سهولة الإصابة بالكدمات والنزيف، ما يوجّه لحدوث نقص في عدد الصفيحات الدموية.
- تراكم السوائل في التجويف البطني الذي يُعرف بـ "الحبن أو الاستسقاء البطني".
- حدوث وذمة في الساقين والقدمين.
- تضخم الكبد أو تضخم الطحال.
- تبارز الأوعية الدموية تحت الجلد خاصةً في منطقة البطن.
- حدوث دوالي المريء.
- ارتفاع توتر وريد الباب.
- ارتباك ونعاس واضطراب كلام ناجم عن الاعتلال الدماغي الكبدي.
عوامل خطر الإصابة بالتهاب الكبد الدهني
هناك نمط محدد من عوامل الخطر ذات الصلة التي تؤدي إلى حدوث التهاب الكبد الدهني وهي:
- زيادة الوزن الشديدة وازدياد مؤشر كتلة الجسم عن 25.
- الإصابة بالمتلازمة الاستقلابية.
- ارتفاع ضغط الدم.
- ارتفاع كوليسترول الدم والشحوم الثلاثية.
- ارتفاع سكر الدم والإصابة بالسكري النمط الثاني.
- مقاومة الإنسولين.
- نقصان الوزن الشديد.
- متلازمة المبيض متعدد الكيسات.
- العمر، حيث يزداد حدوثه بعد سن الأربعين.
- نقص بروتينات الدم الحاد.
من المهم التنويه بأن وجود أحد عوامل الخطر هذه لا يعني الإصابة الحتمية بالتهاب الكبد الدهني، إلّا أن اجتماع عدة عوامل لفترة طويلة وإهمال الحالة الصحية دون تدبير يُضعف النسيج الكبدي ويجعله عرضة بشكلٍ أكبر للإصابة.
اقرأ أيضاً: في اليوم العالمي لالتهاب الكبد: ماذا تعرف عن هذا المرض المميت أحياناً؟
أسباب حدوث التهاب الكبد الدهني
لا يمكن تحديد سبب حدوث التهاب الكبد الدهني على وجه الدقة، إلّا أنه يُعتقد أن مجموعة من العوامل تقف وراء حدوث ذلك، من ضمنها العامل الوراثي، لكن الأسباب المتعلقة بصحة الجسم تؤدي دوراً أكثر جوهرية عند الحديث عن الإصابة.
إذ يرتبط حدوث التهاب الكبد الدهني بشكلٍ وثيق مع ارتفاع الشحوم الثلاثية وكوليسترول الدم، كما أن 30-60% من المصابين بداء السكري حول العالم مصابون بالتهاب الكبد الدهني. وإضافة لذلك، فإن 70% من مرضى البدانة المرضية التي يتجاوز فيها مؤشر كتلة الجسم 25، مصابون بالتهاب الكبد الدهني، وهذا ما يُفسّر الازدياد الملحوظ في معدل الإصابة، فالرابطة وثيقة بين التهاب الكبد الدهني والبدانة، وكما نعلم البدانة داء هذا العصر.
كيف يُشخَّص التهاب الكبد الدهني؟
يبدأ مقدم الرعاية الصحية بالفحص البدني باحثاً عن أعراض التهاب الكبد الدهني، وعند وجود عوامل خطر للإصابة وازدياد التوجه نحو الإصابة بالتهاب الكبد الدهني، يشرع الطبيب بإجراء الاختبارات التشخيصية التالية:
- تحليل الدم: للتحقق من نسبة إنزيمات الكبد والشحوم الثلاثية والكوليسترول والسكر في الدم.
- التصوير الشعاعي باستخدام الأمواج فوق الصوتية: للبحث عن أي ضخامة كبدية أو طحالية ولمعاينة تجانس النسيج الكبدي أو وجود سائل في البطن.
- التصوير المقطعي: ويعتبر أكثر دقة لمعاينة النسيج الكبدي.
- اختبارات قياس الصلابة الكبدية: وهي اختبارات تصوير معدّلة تساعد على قياس مستوى الصلابة والتليف في الكبد، وتشمل "فايبرو سكان" (FibroScan)؛ وهو جهاز أمواج فوق صوتية متخصص في قياس أنسجة الكبد والخلايا الدهنية فيه، كما يوجد نوع آخر يجمع بين الأمواج فوق الصوتية والتصوير بالرنين المغناطيسي لإنشاء خريطة مرئية تظهر وجود تليف الكبد بدقة.
- خزع الكبد: والتي تعتبر الاختبار الذهبي لتشخيص التهاب الكبد الدهني.
اقرأ أيضاً: لمَ ترتفع إنزيمات الكبد عند الإصابة بالسرطان؟
ما المضاعفات المحتملة لالتهاب الكبد الدهني؟
عند الإصابة بالتهاب الكبد الدهني يُخشى من حدوث "تليف الكبد"، إذ يعتبر المضاعفة الرئيسية التي تحدث عند 5-12% من المصابين بالتهاب الكبد الدهني، وتليف الكبد بدوره يرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الكبد.
من جهةٍ أخرى، يزداد خطر حدوث أمراض القلب والأوعية الدموية مع الإصابة بالتهاب الكبد الكحولي، مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض الصمام التاجي، كما يزداد خطر الإصابة بالسكري النمط الثاني، الأمر الذي يبدو كطريق ثنائي الاتجاه، فالإصابة بالتهاب الكبد الدهني ناجمة عن هذه الأمراض وخطر الإصابة بهذه الأمراض يزداد أيضاً في ظل الإصابة بالتهاب الكبد الدهني.
علاج التهاب الكبد الدهني وتدبيره
لسوء الحظ لا يوجد في الوقت الراهن أي أدوية تُعالج التهاب الكبد الدهني، ويعتبر فقدان الوزن وتعديل نمط الحياة حجر أساس العلاج والتدبير. الخبر السار أن الإصابة الخفيفة أو المتوسطة يمكن معاكستها وإيقاف تفاقمها من خلال الالتزام بمجموعة من الإرشادات الصحية العامة، أمّا عند حدوث تلف أنسجة الكبد وتندبها وتليفها، تضعف إمدادات الدم للأنسجة الكبدية وتتضرر بشكلٍ لا عودة فيه.
تتضمن الإرشادات الصحية التي تساعد على معاكسة تقدم الحالات الخفيفة ومتوسطة الشدة من التهاب الكبد الدهني كلاً مما يلي:
- خسارة الوزن: حيث إن فقدان 3-5% من الوزن كفيل بتقليل نسبة الدهون في الكبد، بينما يقلل فقدان 5-10% من الوزن من وتيرة وشدة الالتهاب في الخلايا الكبدية.
- ضبط سكر الدم: وخاصةً عند الإصابة بالسكري النمط الثاني.
- الحفاظ على نظام غذائي صحي: يُحسّن اتباع نظام غذائي متوازن وصحي منخفض الدهون المشبعة وغني بالدهون الأحادية غير المشبعة كتلك الموجودة في النباتات والمأكولات البحرية من صحة الكبد، كما تعتبر حمية البحر الأبيض المتوسط خياراً ممتازاً لمرضى التهاب الكبد الدهني.
- ممارسة الرياضة بانتظام: تساعد ممارسة الرياضة على إنقاص الوزن، كما أنها تقلل من التوتر الذي بدوره يؤثّر سلباً في صحة الكبد، وتحقق ممارسة 30 دقيقة من التمارين 3 مرات في الأسبوع فقط الفوائد المرجوة هذه.
- الابتعاد عن الأدوية التي تؤثّر سلباً في صحة الكبد: على رأسها السيتامول، فشيوع استخدامه قد يجعله يبدو آمناً بالنسبة لنا، لهذا من الضروري عدم تجاوز مناقشة هذا البند مع مقدم الرعاية الصحية.