ما هي الأوقات الأنسب للقيام بنشاطاتنا المختلفة علمياً بحسب ساعتنا البيولوجية؟

4 دقائق
ما هي الأوقات الأنسب للقيام بنشاطاتنا المختلفة علمياً بحسب ساعتنا البيولوجية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ kanyanat wongsa

قد يشعر العديد منا بالتعب أو النعاس خلال اليوم، أو يراودنا إحساس بأن كفاءة عملنا ليست مثالية في بعض الأوقات، وهذا طبيعي جداًَ بل خاضع بنسبة منه إلى ما ندعوه بالساعة البيولوجية للإنسان، وهي وسيلة الجسم ليحفظ الإيقاعات الحياتية المختلفة التي نعيشها يومياً لكي تكون بأفضل حالة ممكنة، ومن هنا تنشأ الحاجة للتعرف على هذه الساعة وآلية عملها والأوقات المناسبة التي نحقق فيها أكبر كفاءة في أعمالنا المختلفة.

ما هي إيقاعات الجسم الحيوية؟

كل جسم يملك إيقاعه الخاص الذي يحيا تبعاً له. وبشكلٍ أدق تمتلك كل خلية من الجسم إيقاعاً بيولوجياً خاصاً بها يخبرها متى تعمل ومتى تقف عن العمل، ومتى تسرع أو تبطئ في الفعالية بحسب حاجة الجسم المختلفة. وهذه الساعات الصغيرة التي يبلغ عددها 37.2 تريليون خلية، تعمل بشكل مشترك ومتناسق بفضل ساعة مركزية موجودة في الدماغ في منطقة تدعى النواة فوق التصالبية ضمن الوطاء.

تقوم هذه الساعة المركزية بمعايرة يقظة الشخص ونومه تبعاً لفترة الإضاءة التي يتعرض لها الإنسان، وتقسم دورتها الكبرى لفترة تناهز 24 ساعة لأننا موجودون على كوكب الأرض ونتعرض للضوء والظلام بهذا الإيقاع، ويعد الضوء الأزرق المفتاح الأساسي لضبط هذه الساعة، لذلك نرى في أجهزة الموبايل فلتر الضوء الأزرق للتقليل من الإخلال بنظام هذه الساعة ومنع إفراز الميلاتونين أو هرمون النوم.

اقرأ أيضاً: لنضبط ساعتنا البيولوجية: هرموناتنا البشرية تتغير مع فصول السنة.

ما هي الأوقات المناسبة في اليوم لأداء الوظائف المختلفة؟ 

لا توجد بالطبع ساعة محددة لعمل معين، فكل جسم وكل شخص له عمر وجنس ونظام حياة يختلف عن الآخر، لكن توجد العديد من الدراسات التي تبحث عن الوقت المثالي لأداء المهام، حيث ترصد نسب ارتفاع الهرمونات في الجسم أو زيادة نشاط الغدد المفرزة أو جهاز الهضم. وعلى أساس تلك الإحصائيات والأبحاث نعرض الأوقات التالية:

  • يعتبر الوقت ما بين الساعة 6-7 صباحاً مثالياً من أجل الاستيقاظ لدى الأشخاص فوق عمر 30 عاماً، حيث ينشط نظام الجسم قبل هذا الموعد بنصف ساعة، ويعطي الشخص الوقت الكافي للاستفادة من أكبر عدد ممكن من ساعات النهار التي تتميز بإنتاجية أعلى، بينما لمن عمرهم في العشرينيات، يفضّل أن يستيقظوا في الساعة 9.30 صباحاً.
  • من المفضل تناول وجبة فطور غنية بالعناصر الغذائية المهمة بالفترة الممتدة بين الاستيقاظ وما بعدها بنحو 90 دقيقة، أي في نحو الساعة 7- 9 صباحاً. وفي ذلك الوقت يزداد إفراز الإنسولين وينشط الجهاز الهضمي من أجل إكساب الجسم الطاقة اللازمة للعمل، ومن الممكن القيام برياضة صباحية بسيطة قبل وجبة الفطور.
  • تكون الفترة بين الساعة 10 حتى 12 مناسبة جداً للدراسة والقيام بالمهام التي تتطلب جهداً فكرياً، وتعد النافذة الزمنية الملائمة لاتخاذ القرارات المهمة لأن العقل والجسم يكون بأوج نشاطه.
  • بعد القيام بالأعمال المهمة، يحتاج الجسم إلى الغذاء مرة أخرى، لذا من المحبذ تناول وجبة الغداء بين الساعة 12- 2، عندها تفرز المعدة عصارتها الهاضمة. وبشكل عام من المفضل تناول الغداء بعد الفطور بـ 4- 5 ساعات.
  • يحتاج الجسم للراحة قليلاً، لذلك تعد الفترة بين الساعة 2- 3 جيدة للقيلولة القصيرة والاستراحة.
  • يعاود الجسم نشاطه بعد الهضم والراحة، فالوقت بين الساعة 6 - 7 مفيد في العمل والإنجاز، ويعد الغروب موعداً جميلاً للقيام بنزهة بعد إنهاء العمل.
  • بإمكاننا تناول العشاء قبل نحو 3 ساعات من النوم، لذا تعد الفترة بين الساعة 7- 8 نموذجية لتناول وجبة العشاء، والاستمتاع بمشاهدة التلفاز.
  • بحدود الساعة 9 يبدأ الجسم بإفراز الميلاتونين ويستعد للنوم، لذا تعد فترة مناسبة لقراءة كتاب أو سماع موسيقى هادئة، أو القيام بمحادثة بسيطة بعيداً عن مصادر الضوء الصناعي كالهواتف الذكية أو التلفاز التي تثبط إفراز هرمونات النوم.
  • يعد توقيت النوم بين الساعة 10- 12 مناسباً لكي يقوم الجسم بعملية الإصلاحات والتجديد الخلوي، وفي هذه الفترة تتوقف المعدة عن الهضم وترتاح أجهزة الجسم تدريجياً، وعادةً ما يحتاج الشخص لنحو 8 ساعات متواصلة من النوم.
  • في الساعة 1 بعد منتصف الليل يزداد مستوى الإبداع الفكري لدى الشخص بحسب تسجيل وظائف الدماغ فيرى الأحلام المختلفة.
  • يدخل الجسم أعمق مرحلة بالنوم بين الساعة 2 بعد منتصف الليل حتى 5 فجراً، ومن ثم ينشط تدريجياً لكي يصل لمرحلة الاستيقاظ الكامل.

ما هي الأضرار الناجمة عن الإخلال بإيقاعات الساعة البيولوجية؟

قد يؤدي الإخلال بإيقاع الجسم إلى حدوث عواقب وخيمة على المدى الطويل. فعلى الرغم من اختلاف الأجسام ونظام حياة الأشخاص، فإن هناك ضرورة لوجود انتظام في الوظائف اليومية، لأن أجسامنا تولف وظائفها تبعاً لأسلوب حياتنا، ومن الممكن أن تظهر في حالة عدم توازن الإيقاعات اليومية في النوم واليقظة والطعام الأعراض التالية:

  • الأرق والصعوبة في النوم
  • السمنة والزيادة في الوزن، ويؤكد ذلك بحث نشرته العالمة روشيل دايفيس وزملاؤها في دورية تقارير داء السكري الحالية (Current Diabetes Reports) عام 2022. 
  • انخفاض الإنتاجية في العمل.
  • تقلبات المزاج والشعور بالقلق والاكتئاب.
  • النعاس الشديد في أثناء النهار وقلة التركيز.
  • العمل في مناوبات ليلية على المدى الطويل يعد عاملاً محتملاً للتسبب بالسرطانات.

اقرأ أيضاً: كيف يستيقظ الدماغ من النوم؟

بعض النصائح للحفاظ على إيقاع يومي صحي

بإمكاننا الحفاظ على إيقاع بيولوجي يومي صحي يزيد من كفاءتنا في العمل عن طريق اتباع النصائح التالية: 

  • النوم والاستيقاظ في وقت محدد، ما يزيد من طاقة الجسم ويبرمج إيقاعاتنا البيولوجية المختلفة بشكل إيجابي.
  • القيام بنزهة أو الجلوس على شرفة لتلقي أشعة الشمس في بداية النهار.
  • الابتعاد عن الوسائل التكنولوجية في الساعات التي تسبق النوم.
  • تناول الوجبات في وقت منتظم، والابتعاد عن الوجبات الدسمة قبل النوم.
  • اختيار مكان مظلم للنوم.
  • تناول أطعمة غنية بالميلاتونين مثل الكيوي والحليب والكرز والأرز.

اقرأ أيضاً: جائزة نوبل في الطب: 3 علماء وساعة بيولوجية.

لا يمكننا الاعتماد على ساعة تخبرنا بالأوقات بشكل خاطئ، وكذلك الأمر بالنسبة للساعة البيولوجية للجسم، لكن هناك صعوبة في اتباع نظام حياتي ثابت في وسط عالمنا اليوم، ما يترك لنا المجال لإبداع طرق وأساليب وتطبيقات جديدة تساعدنا على تنظيم يومنا ومحاولة التأقلم مع حاجات جسمنا المختلفة في سبيل الحصول على صحة وإنتاجية أفضل، فكل شيء جيد يتم في وقته المناسب.

المحتوى محمي