يُعرّف الجنف بأنه انحناء جانبي غير طبيعي في العمود الفقري، فالانحناءات الطبيعية للعمود الفقري تحدث في منطقة الصدر والحوض في المستوى السهمي الذي يوازي الدروز السهمية في الجمجمة، أي يكون الانحناء إمّا للأمام وإمّا الخلف، وعلى الرغم من الانحناء يبقى الرأس واقعاً على مستوى الحوض نفسه. تعمل هذه الانحناءات الطبيعية كعامل يمتصُّ الصدمات ويوزّع الضغط الميكانيكي بشكلٍ متساوٍ في أثناء الحركة.
أمّا بالنسبة للجنف، فهو انحناء العمود الفقري في المستوى الجبهي أي الأمامي، وفيه يكون انحناء العمود الفقري جانبياً، وقد يحدث الجنف في مناطق الانحناء الطبيعية أو في أي منطقة من العمود الفقري.
اقرأ أيضاً: 8 نصائح تساعدك في التغلب على ألم الظهر
ما أسباب حدوث الجنف؟
يظهر الجنف بصورة أساسية في مرحلة الطفولة أو المراهقة المبكرة، أي بعمر 10-15 سنة بشكل متساوٍ بين الجنسين، ومع ذلك تكون الإناث أكثر عرضة بمقدار 8 أضعاف لأن يتطور الجنف لديهن بوتيرة أسرع.
يُصنّف الجنف حسب المسببات، فقد يكون مجهول السبب أو خلقياً أو عصبياً عضلياً. ونقول إن الجنف مجهول السبب عندما يتم استبعاد الأسباب الأخرى جميعها، وتبلغ نسبته 80% بين باقي أنواع الجنف، ويكون أكثر شيوعاً عند المراهقين.
أمّا الجنف الخلقي، فهو أقل شيوعاً من سابقه، ويكون ناجماً عن تشوه جنيني لفقرة واحدة أو أكثر في أي مكان من العمود الفقري، محدثاً انحناءً وتشوهات متعددة في العمود الفقري لأن إحدى مناطق العمود الفقري تطول بمعدل أبطأ من البقية. وفي هذا النوع لا يمكن التنبؤ بمعدل تقدُّم الجنف، إذ يعتمد على شكل التشوهات وموقعها.
بينما يحدث الجنف العصبي العضلي بشكل تالٍ للأمراض العصبية أو العضلية، لهذا يشتمل على الجنف المرتبط بالشلل الدماغي وإصابات الحبل الشوكي وضمور العضلات والسنسنة المشقوقة. لسوء الحظ، يتطور هذا النوع من الجنف بسرعة أكبر من الجنف مجهول السبب، ويتطلب علاجاً جراحياً في غالب الحال.
ما أعراض الجنف؟
يتظاهر الجنف بمجموعة من الأعراض الوظيفية والشكلية، والتي تشير ملاحظة واحدة أو أكثر منها إلى ضرورة استشارة مقدم الرعاية الصحية الخاص بك، وهي:
- عدم تساوي الكتفين وبروز إحداهما أكثر من الثانية.
- ميلان الجسم لإحدى الجهتين أكثر من الأخرى.
- عدم وجود الرأس في مستوى الحوض نفسه.
- ارتفاع في أحد الوركين أو ارتفاع كليهما بشكلٍ غير طبيعي.
- تباين المسافة بين أضلاع القفص الصدري.
- الخصر مائل غير مستوٍ.
- تبدلات في الجلد الذي يُغطي العمود الفقري وظهور دمامل جلدية أو بقع مشعرة أو تبدل لون الجلد.
اقرأ أيضاً: 5 علامات تشير إلى أن آلام ظهرك تحتاج استشارة الطبيب
ومن الأعراض الوظيفية للجنف نذكر ألم الظهر المزمن، واضطراب التنفس نتيجة اضطراب وظيفة الرئة، إذ تؤثر تشوهات القفص الصدري في عمل الرئتين مُضعفةً إياها.
كيف يعالج الجنف؟
يُشخص الجنف بناء على وجود انحناء إكليلي يقيس على صورة شعاعية خلفية أمامية أكثر من 10 درجات، ونقول إن الجنف متقدم إذا تجاوز الانحناء أكثر من 25-30 درجة، بينما يتطلب الجنف الذي يتجاوز 45-50 درجة علاجاً استطبابياً.
عند الأطفال تُستخدم الدعامات لحين اكتمال نموهم، لأن العمود الفقري لديهم يكون في تغيير مستمر ولم يصل بعد لمرحلة النضج الهيكلي. لا تعالج الدعامات الجنف، إلّا أنها تساعد في تجنب تقدمه، وينبغي انتقاء دعامة تناسب شدة تقدُّم الجنف لدى الطفل وارتداؤها من 16-23 ساعة في اليوم.
الجراحة هي الخيار العلاجي المُفضّل للحالات المتقدمة أو تلك التي تمتلك وتيرة سريعة في التقدُّم، وتهدف الجراحة إلى إيقاف تقدُّم الجنف وتقليل تشوه العمود الفقري أكثر ما يمكن. يُستطب العلاج الجراحي للجنف عندما يتجاوز الانحناء 40 درجة عند الأطفال، حيث يقوم جراح العظام بالدخول بشكل أمامي أو خلفي وذلك اعتماداً على كل حالة.
بينما يُوصى بالعمل الجراحي عند البالغين عندما يتجاوز الانحناء لديهم 50 درجة، وعادةً ما يرتبط ذلك بظهور مجموعة من الأعراض العصبية، كالخدر والتنميل أو اضطراب التحكم بالأمعاء والمثانة، لهذا يحتاج هؤلاء المرضى إلى علاج جراحي بمساعدة جراح أعصاب لتخفيف الضغط المُطبّق على العمود الفقري.
اقرأ أيضاً: كيف تُفرّق بين ألم العضلات وألم الكليتين؟
هل يساعد بعض التمارين على علاج الجنف؟
شيء من علاج الجنف يعود للعلاج الفيزيائي والتمارين الرياضية، وبالطبع هذا الخيار العلاجي ليس متاحاً للحالات المتقدمة وإنما الخفيفة التي لا يتجاوز الانحناء فيها 15 درجة وتلك التي لا تتظاهر بأي أعراض عصبية، والخبر المُفرح أن الالتزام بالتمارين على المدى الطويل قد يُقلل الحاجة للعلاج الجراحي مُستقبلاً. ومن أبرز هذه التمارين نذكر:
1. إمالة الحوض
يُساعد تمرين إمالة الحوض على شد عضلات الوركين وأسفل الظهر، وللقيام بإمالة الحوض يتوجب على الفرد الاستلقاء على ظهره ووضع قدميه على الأرض وثني ركبتيه، ومن ثم شد عضلات البطن ورفع الجسم قليلاً لمدة 5 ثوانٍ، وبعد ذلك العودة والاستلقاء من جديد.
2. رفع الذراعين والساقين
يركّز هذا التمرين على عضلات أسفل الظهر بشكلٍ رئيسي، وللقيام به يستلقي الفرد على بطنه ويمد ذراعيه للأمام أمام رأسه مع وضع الراحتين على الأرض ومد الساقين للخلف بالشكل نفسه، ومن ثم يرفع الذراعين والساقين عن الأرض عدة ثوانٍ مع المحافظة على استقامة الأطراف.
3. وضعية القط-البقرة
وضعية القط-البقرة هي إحدى وضعيات اليوغا التي تساعد في الحفاظ على العمود الفقري مرناً وخالياً من الألم. وللقيام بها على الفرد أن يسند جسمه على يديه وركبتيه مع التأكد أن الظهر مستوٍ والرأس والعنق غير مشدودين. مع أخذ الشهيق، يتم سحب عضلات البطن للداخل مع تقويس الظهر للأعلى، وأثناء الزفير يتم إرخاء العضلات وإعادة الظهر لوضع الراحة مع رفع الرأس للأعلى.
4. التدريب على وضعية الوقوف الجيدة
تقلل وضعية الوقوف الجيدة من الألم وتوتر العضلات، ويمكن لأي شخص إعادة تنظيم جسده لمساعدته على تعلم الوقوف في وضعية جيدة بشكلٍ طبيعي، ويتم ذلك عن طريق تحريك الأكتاف بحركة دائرية للأمام والأعلى والخلف، أو القيام بتمرين رفع الأكتاف بلمس الكتفين الجزء السفلي للأذنين.
اقرأ أيضاً: أيها الجالس على كرسيك: إليك بعض النصائح لتحسين وضعية جلوسك
إليك 5 عادات يومية تقلل من ألم الجنف
يمكن أن يكون الجنف مؤلماً للغاية، ويساعد اتباع النصائح التالية في تقليل الانزعاج المرتبط بالجنف، نذكر أهمها:
- القيام بتمارين التمدد كل صباح.
- الحفاظ على المفاصل دافئة.
- اتباع نظام غذائي مضاد للالتهاب غني بالفاكهة والخضار والمكسرات والأغذية الغنية بأوميغا-3.
- تناول مكملات الغذائية كفيتامين د وفيتامينات ب الشاملة وأحماض أوميغا الدهنية.
- النوم على مرتبة سرير متوسطة الصلابة، حيث تقلل من التيبس الصباحي المرافق للجنف.