يظن بعض العلماء أن التقدم الطبي سيصبح قادراً على تشخيص الأمراض كافة وعلاجها مهما كانت مستعصية، ومن الممكن أن يقي التطور التكنولوجي الطبي حدوثها بالأساس، بينما يرى قسم آخر منهم هذه الأفكار مُبالغاً فيها، لذا يمكن توضيح التطورات الطبية المستقبلية تبعاً للأبحاث الخاصة بها التي تُجرى اليوم، فأبحاث الحاضر هي المعيار الموضوعي لمعرفة التطورات اللاحقة.
اقرأ أيضاً: ما هو الطب الشخصي وهل يغيّر وجه الطب التقليدي؟
الأمراض الأكثر انتشاراً في الوقت الحاضر
يمكن تحديد الأمراض التي سيتم التركيز على علاجها في المستقبل بناءً على عدة محاور مثل:
- عدد وفيات المرض.
- مدى انتشاره.
- عدم قابلية علاجه حالياً.
ومن أهم أسباب الوفيات المرضية الأكثر شيوعاً من قبل منظمة الصحة العالمية ما يلي:
- أمراض القلب الإقفارية: وتعد السبب المباشر لنحو 16% من الوفيات حول العالم.
- السكتات الدماغية: وتشكل نسبة 11% من مسببات الوفاة.
- الانسداد الرئوي المزمن: ويسبب وفاة 6% من سكان العالم.
- التهابات الجهاز التنفسي السفلي: وتحتل المرتبة الرابعة بين الأسباب الرئيسية للوفاة.
- أمراض الأطفال حديثي الولادة: إذ تسببت بمقتل مليوني طفل حديث الولادة عالمياً عام 2019.
- سرطانات القصبة الهوائية والشعب الهوائية والرئة: تعد مسببة لنحو 1.8 مليون حالة وفاة.
- مرض ألزهايمر وأشكال الخرف الأخرى.
- الإسهال: المسؤول عن نحو 1.5 مليون وفاة في عام 2019.
- مرض السكري: حيث حصلت زيادة بنسبة وفياته بنحو 80% منذ عام 2000.
- أمراض الكلى: قتلت 1.3 مليون شخص في عام 2019.
لذا توجد عدة أبحاث تهدف إلى علاجها، وهناك عدة أنواع أخرى من الأمراض العضال غير القابلة للعلاج التي لا تزال خاضعة للاختبارات البحثية والعلاجات التجريبية ومنها ما يلي:
- الأمراض الوراثية بمختلف أنواعها.
- الأمراض التحسسية.
- الإدمان.
- الاكتئاب.
- التهاب المفاصل.
- الصرع.
- البدانة.
- هشاشة العظام.
- [tooltip content="يعرف أيضاً بالشلل الرعاش، وهو مرض معقد يحدث عندما تضعف أو تموت خلايا عصبية مهمة في الدماغ مسؤولة عن إفراز مادة الدوبامين فتبدأ القدرة الحركية والعصبية عند المريض بالتراجع تدريجياً، ويفقد المريض القدرة على التوازن والتنسيق العصبي والعضلي." url="https://popsciarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9/%d8%af%d8%a7%d8%a1-%d8%a8%d8%a7%d8%b1%d9%83%d9%86%d8%b3%d9%88%d9%86/" ]باركنسون[/tooltip] وغيرها الكثير من الأمراض.
التقدمات المتوقعة في الرعاية الطبية لعام 2030
تعد التطورات التالية أبرز المتوقع في مجال الطب لعام 2030:
الطب الشخصي (Personalised medicine)
وهو مجال حديث في الطب يعامل كل مريض بحالته الخاصة، فيكون العلاج مفصّلاً تبعاً لجينات المريض ووزنه وطوله والخواص البيئية التي يعيش بها، وتستخدم عدة تطبيقات الطب الشخصي في علاج السرطان وتحديد جرعة أدوية المميعات لمرضى القلب والأوعية الدموية استناداً إلى ذخيرتهم الوراثية والتباينات الجينية الخاصة لدى كل واحد منهم، وغيرها من الحالات المستعصية على الطب الحديث حالياً.
ومن أهم العلوم التي تسهم في تطوير مجال الطب الشخصي نذكر ما يلي:
- علم الإحصاء الجينومي والوبائي.
- الدراسات الفوجية (Cohort studies)، وهي دراسات لمجموعة كبيرة من الأشخاص المصابين بمرض معين لفترة طويلة من الزمن.
- علم التخلق الحيوي (Epigenetics) الذي يدرس التفاعل بين البيئة والموروثات.
- البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، وهو مجال مهم يدرس بيانات الحمض النووي الضخمة، بينما يقوم الذكاء الاصطناعي بمحاكاة البيانات وفعالية أنواع علاجات معينة دون الأخرى.
- الهندسة الطبية الحيوية وأجهزة الاستشعار الحيوي، مثل الساعات الذكية التي تنقل بيانات المرضى للجان طبية متخصصة تدرس الحالة.
اقرأ أيضاً: مستقبل الطب الجينومي: الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً
تقنية كريسبر للتعديل الجيني (CRISPR)
وهي إحدى أهم تقنيات الهندسة الوراثية، إذ جعلت علاج الأمراض الوراثية بشكل دقيق في الجسم ممكناً عن طريق استخدام آليات موجودة لدى البكتيريا تستخدمها في الدفاع عن نفسها ضد الفيروسات، ومن المتوقع أن تسهم تقنية كريسبر في المجالات التالية:
- علاج الأمراض الوراثية المستعصية.
- زيادة المقاومة للأمراض المعدية مثل نقص المناعة المكتسب والتهاب الكبد الفيروسي.
- الهندسة الوراثية لمواد غذائية تحمل العناصر الضرورية للجسم.
- تطوير تقنيات التشخيص الطبي للأمراض بشكل دقيق.
- إطالة متوسط العمر البيولوجي للشخص.
التطبيب والعمل الجراحي عن بُعد
يوجد بالعالم بعض الأطباء المختصين بحالات نادرة، وهناك عدة عمليات لا يتم إجراؤها إلا بواسطة اختصاصي جراحة معين، وفي حال كان هذا الطبيب الجراح في بلد بعيد قد لا يستطيع القدوم لبلد المريض والقيام بالجراحة، لكن هذا الأمر قد يختفي بعد بضع سنوات، إذ توجد عمليات جراحية تجرى عن بُعد بواسطة مختصين عن طريق تحكمهم بروبوتات جراحية متطورة، وذلك مذكور بشكل مفصّل في بحث إيمانويل نافارو وزملائه المنشور في دورية بروسيديا علوم الحاسوب (Procedia Computer Science) عام 2022، وقد تم إجراء عملية جراحية دماغية في الصين باتصال إنترنت الجيل الخامس من خلال هذه الطريقة.
وظهرت أيضاً في فترة حجر كوفيد-19 الاستشارات الطبية عن بُعد، وتطورت الظاهرة فأصبح بالإمكان تشخيص بعض الحالات المرضية عن بُعد دون الحاجة لزيارة الطبيب، وهناك أبحاث تربط بين الذكاء الاصطناعي وتحليل أصوات المرضى لتشخيص الأمراض من خلال الحديث عبر الهاتف أو الفيديو، وينص بحث الدكتورة غاييل بينوسان وزملائها المنشور في دورية أمراض الأذن والأنف والحنجرة وجراحة الرأس والعنق الأميركية عام 2022، أن تشخيص سرطان الحنجرة يمكن أن يتم من خلال تمييز الأصوات باستخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
وهناك تطبيقات تتطور في الوقت الحالي لاستخدام برامج الذكاء الاصطناعي في تفسير نتائج التصوير الطبقي المحوري والرنين المغناطيسي وغيرها، للمساعدة في توفير الرعاية الصحية عن بُعد في الأماكن التي لا يقيم فيها الكثير من الأطباء.
اقرأ أيضاً: نتائج واعدة لاستخدام تقنية كريسبر في علاج السرطان
زراعة الأعضاء الاصطناعية والطباعة الحيوية
ويهتم هذا النوع من التقدم الطبي بعملية تصنيع الأعضاء الحيوية مخبرياً بمواد تدعى الحبر الحيوي باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد للبوليمرات والخلايا الحية؛ عوضاً عن الحاجة إلى متبرعين يقدمون أعضاءهم للمرضى مثل الكلية وغيرها. وعلى الرغم من أن طابعات الأنسجة الحيوية الحالية تقوم بتعويض أنسجة بسيطة مثل الجلد أو الأذن والأنف، لكن من المتوقع في المستقبل تخليق عضو وظيفي متكامل في المختبر، وقد ذكر بحث جون أرينز وزملائه المنشور في دورية المواد المتقدمة عام 2022 عن حالة طباعة أنسجة قلب ثلاثية الأبعاد بواسطة خلايا جذعية عضلية متقلصة، أي قد نشهد قريباً صناعة حيوية لقلب كامل.
يفيد الوصول لمرحلة متطورة من طباعة الأنسجة والأعضاء بالخلايا الجذعية في عدة تطبيقات علاجية أهمها ما يلي:
- ترميم الجروح العميقة.
- ترميم الجلد بعد الحروق الشديدة.
- ترميم العظام المكسورة.
- علاج الشلل وإصابات الحبل الشوكي.
- صناعة الغضاريف الحيوية لمرضى المفاصل.
- علاج أمراض القلب والأوعية الدموية وتعويض أنسجتها وبشكل خاص الصمامات والأوعية الكبرى.
- علاج الأمراض المناعية.
اقرأ أيضاً: لعلاج 200 مليون حالة: نهج جديد لعلاج العمى من الخلايا الجذعية
تطول اللائحة الخاصة بالتطورات الطبية المتوقعة لعام 2030، فهناك لقاحات تجريبية تعتمد على الحمض النووي واختبارات لعلاج العقم والأمراض النفسية وغيرها في مجالات التجميل والتنحيف والطب النانوي. كل هذه الابتكارات لا تزال قيد البحث والتطوير، ومن الممكن أن نشهدها فعلياً في السنوات القليلة القادمة.