النظام الغذائي الصحي والمتوازن هو أفضل طريقة للحصول على الفيتامينات في الحالات معظمها بالنسبة للأشخاص الأصحاء، ومع ذلك، يلجأ الكثير إلى تناول مكملات الفيتامينات دون استشارة الطبيب، وعلى الرغم من أنها عادة ما تكون آمنة في حال التقيّد بالجرعات الموصى بها، فإن الإفراط في تناولها أو تناول جرعات زائدة منها، وهو أمر شائع كثيراً، قد يؤدي إلى مضاعفات خطرة، حتى بالنسبة لبعض الفيتامينات التي يتم طرح الزائد منها عن طريق البول.
على سبيل المثال، قد يؤدي تناول جرعات عالية من فيتامين B6 الذوّاب في الماء إلى تلف عصبي غير قابل للإصلاح، كما تسبب الجرعة العالية من فيتامين C الذوّاب في الماء أيضاً إلى اضطرابات في الجهاز الهضمي. إذاً، فلنلق نظرة إلى الآثار الجانبية لمكملات الفيتامينات والمخاطر المحتملة المرتبطة بالجرعات العالية والجرعات اليومية الموصى بها.
اقرأ أيضاً: أفضل 7 مكملات غذائية لإنقاص الوزن
ما الفرق بين الفيتامينات الذوّابة في الماء وتلك الذوّابة في الدهون؟
يتم تصنيف الفيتامينات الثلاثة عشر المعروفة إلى فئتين؛ فيتامينات ذوّابة في الماء وفيتامينات ذوّابة في الدهن، وهو ما يؤثّر في كيفية تخزينها في الجسم وطرحها منه. تشمل الفيتامينات الذوّابة في الماء كلاً من فيتامين C ومجموعة فيتامينات B، وهي فيتامين لا يتم تخزينها في الجسم، وإنما يتم طرح الكميات الزائدة منها مع البول.
ومع ذلك، قد يسبب تناول جرعات كبيرة من بعضها آثار جانبية محتملة ضارة وبعضها خطيرة، وهو ما سنوضحه فيما يلي. أما الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون، فهي A وD وE وK. وهي على عكس السابقة، تتراكم بسهولة في أنسجة الجسم، وقد تسبب ضرراً كبيراً عند تناولها بجرعات عالية وخاصة على مدى فترات طويلة.
المخاطر المحتملة المترتبة على تناول جرعات كبيرة من مكملات الفيتامينات
تختلف المخاطر والآثار الجانبية باختلاف نوع الفيتامين والجرعة. عموماً، ما سنذكره تالياً هي الآثار التي تظهر على الأشخاص الأصحاء عند تناول جرعات عالية من المكملات، وينبغي الانتباه إلى أن الأشخاص الذين يعانون مشكلات صحية معينة قد يعانون آثاراً أكثر خطورة عند تناول جرعات زائدة من الفيتامينات.
فيتامين C
يتميز فيتامين C بسمية منخفضة، ولا يسبب في الحالات معظمها آثاراً جانبية خطيرة عند تناول جرعات عالية منه؛ لكن الشكاوى الأكثر شيوعاً عند حدوث ذلك هي: الإسهال والغثيان وتشنجات البطن واضطرابات الجهاز الهضمي الأخرى، وذلك بسبب التأثير الاسموزي لفيتامين C غير الممتص في الجهاز الهضمي.
إضافة إلى ذلك، قد يسبب تناول كميات كبيرة من فيتامين C زيادة امتصاص الحديد، وعلى الرغم من أن هذا لا يمثّل مصدر قلق بالنسبة للأفراد الأصحاء، فإنه قد يفاقم امتصاص الحديد عند الأشخاص المصابين بداء ترسب الأصبغة الدموية الوراثي (اكتناز الحديد)، ما يؤدي إلى تلف الأنسجة.
عموماً، الكميات اليومية الموصى بها من فيتامين C للأشخاص الأصحاء البالغين هي 90 مليغراماً و75 مليغراماً للبالغات، أما الحد الأقصى المسموح به يومياً للأشخاص الأصحاء سواء عن طريق الغذاء أو المكملات فهو 2,000 مليغراماً، ويجب ألا يتجاوز هذا الحد إلا في حال أوصى الطبيب بخلاف ذلك.
اقرأ أيضاً: إليك 6 من أهم المكملات الغذائية الضرورية لنمو صحي للأطفال
فيتامين B3 (النياسين)
الكمية اليومية الموصى بها من النياسين للبالغين الأصحاء هي 14 و16 مليغراماً للنساء والرجال على التوالي، أما الجرعة القصوى المسموح بها بالنسبة للأصحاء فهي 35 مليغراماً يومياً. وقد يسبب تناول جرعات تتراوح بين 30-50 مليغراماً أو أكثر من تركيبته المعروفة بحمض النيكوتينيك تحوّل لون الجلد إلى الأحمر، بسبب توسع الأوعية الدموية الصغيرة تحت الجلد، ويصاحب احمرار الجلد إحساس بالحرقان والوخز والحكة، وهي آثار مزعجة؛ لكنها ليست سامة.
ومع ذلك، يمكن أن يصاحب الاحمرار علامات وأعراض أكثر خطورة؛ مثل الصداع والطفح الجلدي والدوخة وانخفاض ضغط الدم. في حين أن تناول جرعات عالية من فيتامين B3 ما بين 1-3 غرامات يومياً قد يسبب انخفاضاً شديداً في ضغط الدم وآلام البطن وضعف البصر وتلف الكبد على مدى أشهر أو سنوات.
فيتامين B6 (البيريدوكسين)
المدخول اليومي الموصى به للأشخاص البالغين والبالغات الأصحاء هو 1.3 ملغ، أما تناوُل جرعة عالية نحو 1-6 غراماً عن طريق الفم يومياً لمدة 12-40 شهراً، فقد يسبب اعتلالاً عصبياً حسياً شديداً، إضافة إلى تهيجات جلدية مؤلمة وحساسية للضوء وغثيان وحرقة معدة. بالنسبة للحد الأقصى المسموح به يومياً من فيتامين B6 للبالغين الأصحاء هو 80 مليغراماً، لكن ذلك لا ينطبق على الأشخاص الذين يتناولونه كعلاج طبي تحت رعاية الطبيب.
فيتامين B9 (حمض الفوليك)
تناول كميات كبيرة من حمض الفوليك قد يسبب فقر الدم أو تفاقمه، ومشكلات إدراكية، وإخفاء أعراض نقص فيتامين B12، بالإضافة إلى أنه قد يزيد خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم وأنواع أُخرى من السرطانات، كما يؤثر سلباً في الجهاز المناعي.
عموماً، الكمية اليومية الموصى بها من حمض الفوليك للبالغين والبالغات الأصحاء هي 400 ميليغراماً يومياً، أما الحد الأقصى المسموح به يومياً سواء من المكملات الغذائية أو الأطعمة المدعمة هي ألف ميليغراماً بالنسبة للأصحاء؛ أي في حال لم يوصِ الطبيب بخلاف ذلك.
فيتامين A
هو فيتامين ذوّاب في الدهن كما هو مذكور آنفاً؛ لذا فإنه يسبب ضرراً كبيراً عند تناوله بجرعات عالية، خصوصاً على المدى الطويل. يحدث فرط فيتامين A المزمن نتيجة الاستهلاك المنتظم لجرعات عالية (10 أضعاف الكمية اليومية الموصى)، وأعراضه هي جفاف الجلد وألم العضلات والمفاصل والتعب والاكتئاب ونتائج اختبار كبد غير طبيعية.
في حين يحدث التسمم الحاد بفيتامين A في غضون أيام إلى أسابيع بعد تناول الشخص لجرعة واحدة أو جرعات قليلة عالية جداً، وعادة ما تكون 100 ضعف الجرعة اليومية الموصى بها، أو تزيد على 200 ميليغراماً، وتشمل الأعراض صداعاً شديداً وعدم وضوح الرؤية وغثيان ودوار وآلام العضلات، إضافة إلى ارتفاع ضغط السائل النخاعي الدماغي، ما يؤدي إلى النعاس والغيبوبة ثم الموت.
جدير بالذكر أن الحد الاقصى من المدخول اليومي المسموح به من فيتامين A للبالغين والبالغات الأصحاء هو 3,000 ميكروغراماً، في حين أن المدخول اليومي الموصى به هو من 700 إلى 900 ميكروغراماً للنساء والرجال على التوالي.
اقرأ أيضاً: إليك أهم 3 فيتامينات ومعادن لا غنى عنها بعد سن الخمسين
فيتامين D
من منا لا يتناول فيتامين D لتعويض النقص الناتج عن عدم التعرض الكافي لأشعة الشمس، لكن تناول جرعات عالية من مكملات فيتامين D يؤدي إلى ظهور أعراض خطيرة؛ مثل فقدان الشهية وفقدان الوزن وعدم انتظام ضربات القلب.
علاوة على أنه يزيد امتصاص الكالسيوم في الجهاز الهضمي مؤدياً إلى فرط كالسيوم الدم، الذي يؤدي بدوره إلى الغثيان والقيء وضعف العضلات والاضطرابات العصبية والنفسية والألم والعطش المفرط وحصوات الكلى، وقد يسبب في الحالات القصوى الفشل الكلوي وتكلّس الأنسجة الرخوة في جميع أنحاء الجسم بما في ذلك الأوعية التاجية وصمامات القلب.
المدخول اليومي الموصى به من فيتامين D للبالغين والبالغات هو 600 وحدة دولية، أما الحد الأقصى المسموح به يومياً هو 4000 وحدة دولية بالنسبة للأشخاص الأصحاء، في حال لم يوصِ الطبيب بخلاف ذلك.
فيتامين E
يمكن أن تسبب الجرعات العالية من فيتامين E نزيفاً وتعطيل تخثر الدم، كما قد تسبب السكتة الدماغية النزفية. الكمية اليومية الموصى بها بالنسبة للذكور والإناث الأصحاء هي 15 ميليغراماً يومياً، أما الحد الأقصى المسموح به في اليوم فهو ألف ميليغراماً بالنسبة للبالغين والبالغات الأصحاء.
كيف تتجنب سمية مكملات الفيتامينات؟
من غير المرجح أن تسبب الفيتامينات الموجودة في الأطعمة أي ضرر، حتى لو تم استهلاكها بكميات كبيرة، أما الآثار السلبية، فتظهر عند تناول جرعات عالية من مكملات الفيتامينات.
وبالطبع أفضل طريقة للحصول على العناصر الغذائية هي عبر اتباع نظام غذائي متوازن، ومع ذلك، يحتاج العديد من الأشخاص إلى تناول مكملات الفيتامينات لأسباب عدة، مثل العمر والاضطرابات الوراثية والحالات الطبية ومشكلات النظام الغذائي وغيرها؛ لكن لحسن الحظ، غالباً ما تكون مكملات الفيتامينات آمنة طالما يتم تناولها بصورة مسؤولة وبعد استشارة الطبيب.
عموماً، بالنسبة للبالغين الأصحاء فينبغي عند تناول المكملات أن يتم تناولها بمستويات قريبة من المدخول اليومي الموصى به، ولا ينبغي تناول الجرعات العالية منها في حال لم يوصِ الطبيب بذلك. كما ينبغي الانتباه إلى أن مكملات فيتامينات هي علاج قصير المدى، وقد يؤدي الاستهلاك الطويل المدى لبعض الفيتامينات إلى ظهور أعراض التسمم.
علاوة على ذلك، وحتى لو تم تناول المكملات الغذائية ضمن الجرعات القريبة من المدخول اليومي الموصى به، فينبغي معرفة أن بعض مكملات الفيتامينات قد تتفاعل مع الأدوية الموصوفة والعلاجات الطبية، لذا من المهم قبل تناول أي مكملات غذائية استشارة مختص التغذية أو الطبيب من أجل الحصول على المشورة الغذائية المتعلقة بالاحتياجات الفردية والحالة الصحية الموجودة، كما ينبغي الإبلاغ عن أي مكملات يتم تناولها عند زيارة أي طبيب لأي سبب صحي كان.
متى تطلب الرعاية الطبية؟
بما أن الآثار الجانبية تختلف اعتماداً على نوع الفيتامين، فإن الأعراض الشائعة الأخرى التي تترافق مع تناول جرعات كبيرة من مكملات الفيتامينات، تشمل:
- فقدان الشهية
- غثيان
- قيء
- إسهال
- تعب
- تقلصات المعدة
- دوخة
- ألم العظام
- العطش المفرط
- كثرة التبول
- تساقط الشعر
- نزيف
- عدم انتظام الدورة الشهرية عند النساء
إذا كنت تعاني هذه الأعراض أو كنت قد تناولت جرعات كبيرة من الفيتامينات أو تتناول مكملات الفيتامينات على مدى عدة أشهر وتعاني نوبات صرع وتغيرات في المزاج، بما في ذلك الانفعال أو الارتباك، أو زيادة الصداع أو التعب أو ظهور أعراض الجهاز الهضمي مثل الإسهال أو تقلصات المعدة، فينبغي طلب العناية الطبية مباشرة.