تشكّل الغدتان الكظريتان جزءاً من نظام الغدد الصم لدينا، وهي تفرز مجموعة متنوعة من الهرمونات كالكورتيزول والألدوستيرون والأدرينالين والنورأدرينالين. وكأي من أنظمة أجسامنا، تعتبر هذه الغدد معرضة للإصابة بأمراض متنوعة ومن بينها داء أديسون، وهو حالة مزمنة مناعية المنشأ، تفشل فيها الغدتان الكظريتان في إنتاج كميات طبيعية من هرموني الكورتيزول والألدوستيرون.
اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تبيّن أن الكوارث الطبيعية قد تسبب إتلاف الأنظمة الهرمونية للبشر
ما خطورة داء أديسون؟
يعتبر داء أديسون حالة صحية ذات أهمية طبية، فقصور إنتاج هرمونين أساسيين لعمل الجسم كالكورتيزول والألدوستيرون أمرٌ بالغ الأهمية؛ حيث يساعد الكورتيزول -الذي يُطلق عليه اسم هرمون الشِدّة- الجسم في الحفاظ على استتبابه في حالات الشدة كالإصابة الرضية أو الجراحة أو التوتر الشديد، والاستجابة للتوتر، أي أنه يصون ويحافظ على ضغط الدم ووظائف القلب والجهاز المناعي ومستوى سكر الدم خلال الشدة.
من جهة أخرى، للألدوستيرون دورٌ لا يقل أهمية، فهو الهرمون الذي يحافظ على توازن الصوديوم والبوتاسيوم في الدم، وهذا بدوره يتحكم في كمية البول الذي تطرحه الكليتان، والذي يؤثّر في النهاية على ضغط الدم.
وبالمقابل، من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار أن الأفراد المصابين بداء أديسون يكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المناعية الذاتية الأخرى مثل داء السكري النمط الأول وفقر الدم الوبيل والتهاب الدرق هاشيموتو والوهن العضلي الوبيل.
تظاهرات داء أديسون وأعراضه
لا تظهر أعراض داء أديسون بشكلٍ مفاجئ، وذلك يعود لأن تلف خلايا الغدد الكظرية يحدث بشكلٍ تدريجي مع مرور الوقت، أي عدد الخلايا التي تتوقف عن إنتاج الهرمونات يتراجع بشكلٍ تدريجي وليس فجأةً. حيث لا تتطور الأعراض حتى تتلف 90% من خلايا القشر الكظري والذي قد يستغرق عدة أشهر أو حتى سنوات، ومن أبرز هذه الأعراض:
- زيادة الشعور بالتعب غير المفسر.
- ظهور بقع من فرط التصبغ على الجلد، وهذا الاغمقاق في الجلد يتركز بشكلٍ خاص مكان الندبات والتجاعيد والثنيات الجلدية.
- ألم في البطن.
- غثيان وقيء.
- إسهال.
- فقدان الشهية.
- فقدان الوزن غير المقصود.
- ألم في العضلات والمفاصل.
- تجفاف.
- انخفاض في ضغط الدم يظهر على شكل دوخة ودوار مستمرين.
- تبدل في المزاج والسلوك مثل الاستثارة وضعف التركيز.
- الرغبة المستمرة في تناول الأطعمة المالحة نتيجة لانخفاض مستوى الصوديوم في الدم.
- نقص سكر الدم.
- تساقط أشعار.
- اضطراب في الدورة الشهرية عند الإناث.
- اضطرابات جنسية مثل تراجع أو فقدان الدافع الجنسي.
اقرأ أيضاً: ما هي الهرمونات الستيروئيدية؟ وكيف تؤثّر في الصحة الجنسية؟
كيف تتظاهر النوبة الحادة من داء أديسون؟
يوجد شكل حاد من داء أديسون يحدث عندما يتعرض الجسم لضغط إضافي كما يحدث في فترة ما بعد الإصابة أو المرض الشديد أو التوتر الشديد. وفي هذه الحالة تتظاهر الأعراض بشكلٍ سريع مُحدثةً حالة من "الفشل الحاد في عمل الغدة الكظرية" والذي قد يكون مهدداً للحياة إذا أُهمِل تدبيره، لهذا ينبغي دائماً التوجه لأقرب مركز رعاية صحية في حال الشك بحدوثها، ونستدل على حدوث النوبة الحادة من داء أديسون من خلال الأعراض التالية:
- الضعف الشديد.
- الشكوى من ألم مفاجئ وشديد أسفل الظهر أو في البطن.
- الشعور المفاجئ بالقلق والخوف بشكل مشابه لنوبة الذعر.
- القيء الشديد الذي قد يؤدي إلى حدوث التجفاف.
- انخفاض شديد في ضغط الدم.
- تغيم الوعي.
هل هناك سبب محدد لحدوث داء أديسون؟
يعتبر السبب المناعي الأكثر شيوعاً لحدوث داء أديسون، إلّا أن هناك مجموعة من الأسباب المسؤولة عن حدوثه أيضاً مثل التوقف المفاجئ عن تناول الأدوية الستيروئيدية كالكورتيزون. ومن الأسباب الأخرى نذكر حدوث الالتهابات المتكررة، كما يحدث لدى مرضى الإيدز أو الالتهابات الفطرية.
من جهة أخرى، يمكن للنقائل السرطانية التي تغزو خلايا الغدتين الكظريتين أن تكون سبباً وكذلك الأمر بالنسبة للداء النشواني. وبما يتعلق بالأسباب الكظرية لداء أديسون، فعلى رأس القائمة يأتي النزيف الحاد في الغدد الكظرية أو الاستئصال الجراحي للغدد.
كيف يُعالَج داء أديسون؟
حجر الأساس في علاج داء أديسون هو استبدال الهرمونات المفقودة بأدوية تعوّض عنها مدى الحياة، حيث يُستبدل الكورتيزول بالهيدروكورتيزون بينما يُستبدل الألدوستيرون بدواء فلودروكورتيزون. وهذا العلاج ينطبق على علاج الشكل الخفيف والحاد من داء أديسون والاختلاف الوحيد يكمن بتعديل الجرعات وزيادتها في الحالات الحادة، وذلك تحت إشراف مقدم الرعاية الصحية، حيث يُقيِّم الطبيب أيضاً الحاجة إلى السوائل الملحية أو لتعويض السكر وذلك يعود لطبيعة كل حالة.
اقرأ أيضاً: ما العلامات المنذرة للإصابة بالاحتشاء القلبي؟
ومن تعديلات نمط الحياة التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند العلاج بالفلودروكورتيزون زيادة تناول الملح، وخاصةً في الطقس الحار والرطب وعند ممارسة التمارين الرياضية، حيث يفقد الجسم السوائل بإفراط عند التعرق. من المهم ألّا نغفل نقطة أساسية عند العلاج بالكورتيزون وهي زيادة خطر حدوث البدانة والسكري النمط الثاني وهشاشة العظام، لهذا يُفضل الأطباء أيضاً دعم النظام الغذائي للمرضى بالكالسيوم وفيتامين د وممارسة الرياضة لتجنب حدوث زيادة غير مرغوبة في الوزن.