كيف تحولت عبوات جلاكسي غاز إلى أداة قاتلة بسبب تيك توك؟

في 19 سبتمبر/أيلول 2024، أوقفت شركة جالاكسي غاز (Galaxy Gas) إنتاج عبواتها المتنوعة من غاز أوكسيد النيتروز المضغوط، نظراً لانتشار ترند حمل اسم الشركة ذاته "جالاكسي غاز". تشير هذه الظاهرة إلى اتجاه سائد على وسائل التواصل الاجتماعي لاستخدام غاز أوكسيد النيتروز، والمعروف بغاز الضحك، في مئات مقاطع الفيديو التي تُظهر شباباً يستنشقون الغاز للحصول على النشوة. فما هو سبب انتشار هذه الظاهرة؟ وما هي مخاطرها؟

ما هو أوكسيد النيتروز؟

أوكسيد النيتروز أو غاز الضحك، هو غاز عديم اللون وغير قابل للاشتعال، ذو رائحة وطعم حلو قليلاً. على الرغم من تسميته بغاز الضحك، فإنه لا يجعلك تضحك، لكنه يسبب مشاعر الاسترخاء والسعادة والنشوة ويقلل القلق، كما يتسم هذا الغاز بقدرته على رفع عتبة الألم، أي الحد الذي تشعر عنده بالألم، لذا يُستخدم في الإجراءات الطبية وطب الأسنان مهدئاً من خلال الاستنشاق، لكن بالنسبة للإجراءات التي قد تسبب الكثير من الألم، فقد تحتاج إلى تخدير أقوى أو إضافي على يد طبيب أو فني التخدير.

يعمل أوكسيد النيتروز من خلال عدة مسارات كما يلي:

• التأثير المخدر: يحدث بسبب تثبيط مستقبلات إن-مثيل-د-أسبارتات (NMDA) في الجهاز العصبي المركزي، والتي تسمح بالتواصل بين الخلايا العصبية.
• التأثير المسكن: يحفّز أوكسيد النيتروز إطلاق المواد الأفيونية الذاتية، أي التي تحدث بشكلٍ طبيعي في الجسم، مثل الإندورفينات. ثم ترتبط هذه المواد الأفيونية بمستقبلات الأفيون التي يستهدفها عادة المورفين والأدوية الأفيونية الأخرى، ما يساعد على منع انتقال إشارات الألم إلى الدماغ، وبالتالي تقليل الإحساس بالألم؛ أي تشبه تأثيراته المسكنة المورفين.
• التأثيرات المضادة للقلق: تحدث التأثيرات المهدئة للقلق لغاز الضحك من خلال تفعيل مستقبلات غابا أ (GABA-A)، ما يؤدي إلى تأثير مهدئ يشبه تأثير أدوية البنزوديازيبينات المهدئة.

اقرأ أيضاً: ما هو ترند «التعفن في السرير» المنتشر على تيك توك؟ وهل حقاً يضر بالصحة؟

يعود اكتشاف أوكسيد النيتروز إلى القرن الثامن عشر، حينما تمكّن الكيميائي الإنجليزي جوزيف بريستلي من تصنيعه أول مرة. شاع استخدامه خلال السنوات التالية في المجالات الطبية والترفيهية بين الطبقة العليا البريطانية، حيث كان الناس يستنشقون الغاز لتأثيراته المبهجة. وفي ستينيات القرن الماضي، بدأ الأطباء باستخدام خليط غاز الضحك مع الأوكسجين مخدراً في المعالجات السنية، وعلى نحو خاص لتسكين آلام الولادة فيما عُرف باسم إنتونوكس (Entonox)، بالإضافة إلى بعض حالات الصحة النفسية.

يقدّم الطبيب المختص الغاز في قناع بحيث يمكنه التحكم في الجرعة والكمية المستنشقة. تختلف تأثيرات الدواء اعتماداً على الكمية المستنشقة، لكنها تبدأ عامة خلال 5 دقائق من استخدام مقدم الرعاية للقناع الذي يوفّر أوكسيد النيتروز، حيث يشعر المريض فيها: 

• الهدوء.
• الاسترخاء.
• السعادة.
• التفاؤل بعض الشيء.
• وخز في الذراعين والساقين.

ما هو ترند جالاكسي غاز؟ ولماذا يعتبر رائجاً؟

تشتهر شركة "جالاكسي غاز" بإنتاج غاز النيتروز في أسطوانات للكريما المخفوقة، في أحجام وأشكال وألوان مختلفة، وبنكهات مثل المانغو والفانيليا والفراولة، أي أنه مخصص لأغراض الطهي. وضّحت الشركة المصنّعة في موقعها الإلكتروني، أن منتجها عبارة عن "خرطوشة من الفولاذ المقاوم للصدأ مملوءة بغاز أوكسيد النيتروز (N2O). يساعد أوكسيد النيتروز الكريمة، بالإضافة إلى المكونات الأخرى، على التحوّل إلى حالة رغوية مخفوقة عند التوزيع. ومقارنة بالخفق التقليدي باليد، فإن أسطوانات الكريمة المخفوقة قادرة على زيادة حجم الكريمة بمقدار 4 أضعاف. تحتوي أسطوانة الكريمة المخفوقة في المتوسط ​​على 8 غرامات من أوكسيد النيتروز تحت الضغط ولا يمكن إعادة تعبئته". لكن نظراً إلى توفر المنتج بنكهات وألوان مختلفة للمنتجات يمكن أن يكون جذاباً للأطفال.

وعلى الرغم من ارتباط هذه الظاهرة باسمها، فإن "جالاكسي غاز" واحدة من بين العديد من العلامات التجارية المنتجة لأوكسيد النيتروز.

خلال السنوات الأخيرة، وخاصة خلال فترات الإغلاق بسبب كوفيد-19، انتشر استخدام هذه المنتجات بين فئات الشباب تحت مسمى ويبيت (whippets)، لما يمنحه الغاز فيها من شعور بالنشوة. 

أشار مكتب الإحصاء الوطني في المملكة المتحدة إلى أنه عام 2022، كان 3.9% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16-24 عاماً، يسيئون استخدام أوكسيد النيتروز. وقد حلّ في المرتبة الثانية من حيث إساءة الاستخدام بعد القنب.

وخلال الأشهر الأخيرة، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب وتيك توك وإكس، بمقاطع فيديو لمؤثرين ولاعبي فيديو وموسيقيين، يستخدمون أوكسيد النيتروز في محتواهم تحت وسم جالاكسي غاز (#GalaxyGas)، مع مشاهدات تجاوزت الآلاف.

اقرأ أيضاً: 6 تحديات طعام خطيرة على تيك توك ينبغي الحذر منها

مخاطر سوء استخدام غاز أوكسيد النيتروز

يستخدم مقدم الرعاية غاز أوكسيد النيتروز عادةً مع الأوكسجين لضمان سلامة المريض، وليس الغاز النقي، كما أنه يقدّمه بجرعات مدروسة. لكن ما تروّج له مقاطع الفيديو بين الشباب هو استنشاق الغاز بكميات كبيرة بحيث يحل مكان الأوكسجين في الدم ما يمنعه من الوصول إلى الأعضاء الحيوية، بما فيها الدماغ، ويؤدي إلى إتلاف خلايا المخ، وقد يسبب الموت. 

من أعراض سوء استخدام غاز أوكسيد النيتروز ما يلي:

• الصداع.
• فقدان الوعي.
• تيبس العضلات.
• ضعف الأطراف.
• مشكلات المثانة أو الأمعاء.
• الضعف الجنسي.
• النوبات القلبية.
• الشعور بالمرض.
• نقص فيتامين ب12 لدى الاستخدام المكثف والمطول لغاز الضحك، ما قد يسبب تلف الأعصاب والخدر وصعوبة المشي.
• الإدمان على التأثيرات المبهجة لأوكسيد النيتروز.

في فبراير/شباط عام 2023، توفيت الطالبة البريطانية إيلين ميرسر، إثر إصابتها بالانسداد الرئوي الثنائي، وتجلط الأوردة العميقة. وفقاً لتقرير الطب الشرعي، كانت إيلين تستخدم ما بين 2-3 عبوات كبيرة من عبوات غاز الضحك.

اقرأ أيضاً: هل تفيد الزيوت الشعر حقاً كما يُروَّج على تيك توك؟

بعد تعالي التحذيرات من سوء استخدام أوكسيد النيتروز، تم اتخاذ بعض الإجراءات للحد من انتشار مقاطع الفيديو المروجة لجالاكسي غاز أو غيرها من العلامات التجارية لغاز أوكسيد النيتروز، حيث قيدت منصة يوتيوب مقاطع الفيديو وفقاً للعمر، بينما يرسل تيك توك رسائل تحذيرية لمَن يبحث عن #GalaxyGas.

ومع ذلك، دائماً ما يجد المستخدمون طرقاً يتحايلون بها في عمليات البحث على قيود الاستخدام؛ كاستخدام كلمات مختلفة قليلاً مثل "غاز النيتروجين" (nitrous gas) أو (galaxy gass).