5 أسباب تمنعك عن النوم وتجعلك ضحية الأرق

10 دقائق
أسباب تمنع عن النوم
حقوق الصورة: راوول أورياس.

على الرغم من قلقنا شبه المستمر بشأن الأرق، إلا أن الأميركيين ينامون اليوم نفس عدد الساعات التي اعتادوا عليها قبل 50 عاماً. لكن هذا لا يعني أننا ننام لعدد كافٍ من الساعات. إذ أن نحو واحد من كل 3 أميركيين بالغين لا ينام مدة 7 ساعات أو أكثر، وهي المدة التي يوصي بها المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، وذلك وفقاً لمسح أجرته «مؤسسة النوم الوطنية» في 2020. حتى بين أولئك الذين يحصلون على قسط جيد من الراحة في 6 ليالٍ على الأقل في الأسبوع، يقول ربعهم إن شعورهم بالنعاس لا يزال يتعارض بشكل منتظم مع حياتهم اليومية.

يتسبب هذا النعاس بخسارة الكثير من الوقت، ولكن عواقب الأرق المزمن يمكن أن تكون أكثر خطورة. أولئك الذين يقل متوسط عدد ساعات نومهم عن 6 ساعات يومياً هم أكثر عرضة للإصابة بالحوادث وأمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري. مع ذلك، فإن سعينا للحصول على ما يكفي من النوم يواجه العديد من العقبات المتقاطعة، من وهج شاشات أجهزتنا الإلكترونية وصولاً إلى الحمض النووي خاصتنا.

مثل الحلم الذي يتلاشى سريعاً، يصعب فهم مشكلة الأرق بشكل كامل. وعلى مدى عقود، ركزت الأبحاث على 5 عوائق رئيسية نواجهها في محاولتنا للنوم، قد يتطلّب فهم العوامل التي تمنعنا من النوم إدخال أنفسنا في حالة من السكينة على الرغم من أننا نعاني من صراعات مستمرة.

أسباب تمنع عن النوم- الأرق
تزوّدك القهوة بما تحتاجه من الميلاتونين. حقوق الصورة: راؤول أورياس.

ظروف الحياة تعترض الطريق إلى النوم المستقر

في عام 1964، تطوعت القابلة «جوزيان لورس» وصانع الأثاث «أنطوان سيني» في دراسة أجرتها وكالة ناسا حول تأثيرات العزلة التي تهدف إلى جمع معلومات تفيد مهام الفضاء المستقبلية. في شهر ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام، نزل المشاركان إلى كهفين، على بعد بضع مئات من الأمتار من بعضهم بعضاً، وبقيا داخلهما طالما استطاعا تحمّل ذلك. عندما خرجا من الكهفين (خرجت لورس بعد 88 يوماً، و سيني بعد 126 يوماً)، كانت تخميناتهما حول مقدار الوقت المنصرم خاطئة بمقدار أسابيع، وكانت ساعات نومهما مضطربة بشكل خطير. مثلاً، أصبح سيني قادراً على النوم لمدة 30 ساعة متواصلة دون أية مشكلة.

مثل أجساد جميع البشر، عملت أجساد لورس وسيني وفقاً لما يدعى بـ «النَظْم أو الإيقاع اليوماوي» (يدعى أحياناً «إيقاع الساعة البيولوجية»)، وهو بمثابة ساعة فطرية ينظّمها الدماغ مصمّمة للاستجابة لأشعة الشمس. عند الفجر، تحفّز أشعة الشمس الجسم لإنتاج كميات إضافية من هرمون «الكورتيزول»، مما يساعد على إيقاظنا وتنشيط حركتنا. مع انحسار الضوء، تبدأ الغدد في تصنيع «الميلاتونين»، وهي المادة الكيميائية التي تحفّز النعاس. ولكن بحجب أشعة الشمس بسبب تجاويف جبال الألب الفرنسية، فإن أجهزة ضبط الوقت الداخلية في جسمي لورس وسيني انفصلت عن العوامل البيئية. في غياب مثل هذه المحفزات، وجد الباحثون أنه يمكن للبشر الدخول في دورات من النوم والاستيقاظ يمكن أن تمتد حتى 48 ساعة.

قلة من الناس سيمرّون بنفس الظروف التي مر بها كل من لورس وسيني، حتى لفترة قصيرة. لكن العديد من العادات الحديثة يمكن أن تعطل بالمثل النُظم التي زوّدنا بها التطور بطرق خفية. تبعث أجهزة مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر ومصابيح الـ «الليد» ما يدعى بـ «الضوء الأزرق»، وهو طول موجي عالي الطاقة يمكنه إيقاف إنتاج الميلاتونين ويتسبب باضطراب ساعتك البيولوجية. بدلاً من أن ينام، ينخدع دماغك ويظن أن الوقت قد حان للاستيقاظ والنشاط.

في إحدى التجارب التي نُشرت في عام 2015 في دورية «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» (Proceedings of the National Academy of Sciences)، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين قرؤوا كتاباً إلكترونياً على جهاز «آيباد» قبل النوم استغرقوا وقتاً أطول للغفو، وأنتجت أجسامهم مستويات أقل من الميلاتونين، كما أنهم دخلوا في مرحلة «نوم حركة العين السريعة» بنسب أقل، وكانوا أقل يقظة في صباح اليوم التالي من أولئك الذين قرؤوا كتاباً مطبوعاً.

الروتين الصباحي يمكن أن يؤثّر أيضاً على دورات النوم. عندما نستيقظ متعبين أو نشعر بالكسل في منتصف النهار، فإننا نميل إلى شرب القهوة. يمكن أن يخلّصنا هذا المشروب من الترنّح بشكل مؤقّت (إذ أن الكافيين يحفّز الجهاز العصبي المركزي)، لكنه يجعل النوم في الليلة التالية أصعب (إذ أن الكافيين يثبّط إنتاج الميلاتونين ويرتبط بمستقبلات الأدينوزين، وهو ناقل عصبي يساعد على بدء النوم). في إحدى الدراسات المنشورة في دورية «مجلة طب النوم السريري» (Journal of Clinical Sleep Medicine)، وجد الباحثون أن تناول 400 ميليغرام من الكافيين قبل النوم بـ 6 ساعات قلّل من وقت النوم بمقدار يتجاوز الساعة.

نمط الحياة الخامل لا يساعد أيضاً. يمكن أن تساعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام في الغفو وزيادة عمق النوم الذي تحصل عليه. يؤدي التمرين إلى رفع درجة حرارة الجسم الأساسية، مما يحفّز جسمك ليبقى مستيقظاً، وعندما تبدأ درجة الحرارة في الانخفاض، بعد 30 إلى 90 دقيقة من الانتهاء من التمرين، قد تبدأ في الشعور بالنعاس. لسوء الحظ، لا يمارس 80% من الأميركيين ما يكفي من النشاط البدني، والذي يقابل ممارسة التمارين المعتدلة لمدة لا تقل عن 2.5 ساعة أسبوعياً وفقاً لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية، وهو حد أدنى أصبح من الصعب الوصول إليه بعد أن اضطر العديدون للعمل من المنزل نتيجة لجائحة كوفيد-19.

اقرأ أيضاً: كيف يستيقظ الدماغ من النوم؟

أسباب تمنع عن النوم - الأرق
التحكّم في درجة الحرارة ليلاً يصبح أصعب بسبب تغيّر المناخ. حقوق الصورة: راؤول أورياس.

الأرق طبيعي حين يعاني الجميع من عدم الارتياح

تختلف ظروف النوم المفضلة لدى الناس بشكل كبير. في مقابلة في عام 2007، قالت المغنية «ماريا كيري» إنها بحاجة إلى قضاء 15 ساعة من الراحة محاطة بـ 20 جهاز ترطيب لتليين حبالها الصوتية، بينما اعتاد السباح النخبوي «مايكل فيلبس» الانعزال في غرفة مضغوطة مصممة لمحاكاة منطقة يبلغ ارتفاعها 2.7 كم لإجبار دمه على امتصاص المزيد من الأكسجين على أمل تسريع عملية تعافيه من التمارين.

قلة من الناس لديهم احتياجات تماثل احتياجات مغنية حاصلة على جائزة غرامي مثل كيري، أو بطل أولمبي مثل فيلبس. ولكن الحصول على الراحة هو جزء أساسي من النوم، وهو أمر يزداد صعوبة. الفراش المريح والوسادة المناسبة والظلام الكافي والحد من الضوضاء (سواء كانت شخير شريكك أو أصوات المدينة) هي متطلبات يسهل تحقيقها.

التحدي الأكبر هو درجة الحرارة: يجب أن يكون الهواء بارداً بدرجة كافية، أي أن تكون درجة حرارته بين 15.5 و 19.4 درجة مئوية. خلاف ذلك، قد تؤثّر درجة الحرارة على عملية التبريد الذاتي الطبيعية التي يقوم بها الجسم، والتي تهدف إلى خفض درجة حرارة القلب والدماغ ليلاً في محاولة لإبطاء عمليات الاستقلاب وتوفير الطاقة.

في الولايات المتحدة، أصبح التمتّع بدرجة الحرارة المعتدلة هذه صعباً بشكل متزايد. في إحدى الأوراق البحثية من عام 2017، تعاون 4 باحثين في علم الأعصاب وعلم النفس والعلوم السياسية لتوضيح العلاقة بين تغير المناخ والنوم، أو غياب النوم. بين عامي 2002 و 2011، ومع ارتفاع متوسط درجات الحرارة ليلاً، أفاد المشاركون في الاستطلاع عن أنهم يمرّون بعدد أكبر من الليالي التي لا ينامون فيها بشكل كافٍ. بناءً على هذه البيانات، توقّع العلماء أن يفقد الناس في الولايات المتحدة مجتمعة 23.8 مليون ليلة من النوم كل شهر بحلول عام 2050.

حتى بوجود وسائد مناسبة وتشغيل مكيف الهواء، لا يزال الكثير من الناس يكافحون للحصول على ما يكفي من النوم. يعاني نحو 50 مليون أميركي من الآلام المزمنة، ونحو ربع هؤلاء يعانون أيضاً من أحد اضطرابات النوم المُشخّصة، وذلك وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة النوم الوطنية عام 2015. بالنسبة لهؤلاء، تتسبب الآلام بالتقلب واليقظة. يؤدي هذا إلى اضطراب حالة «الاسترخاء المريح»، والتي تبدأ عندما تتوقف عيناك عن الحركة وتتباطأ موجات دماغك، وبمرور الوقت، فإنه يساهم في الإرهاق، مما يؤدي إلى المزيد من الآلام.

بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من النوم المتقطّع، لا ينصح الأطباء بالطريقة التي تطبّقها كيري أو تلك التي يطبّقها فيلبس. بدلاً من ذلك، يحث الأطباء الجميع على إنشاء روتين ليلي منتظم. تشير التجارب السريرية إلى أن التأمل يستحق التجريب، إذ أنه يساعد على تنشيط موجات ألفا الدماغية، والتي تكون أكثر وفرة عند الراحة.

اقرا أيضاً: النوم 5 ساعات أو أقل يزيد من خطر وفاة كبار السن

أسباب تمنع عن النوم - الأرق
تظهر عواقب الأرق السريري في كل أنحاء الجسم. حقوق الصورة: راؤول أورياس.

نحن لدينا مورّثات سيئة

في عام 2011، حصلت «سونيا فالاب»، وهي محامية تبلغ من العمر 27 عاماً، على نتائج اختبار وراثي: تملك فالاب طفرة في مورثة تدعى «بي آر إن بي» (PRNP)، والتي من المرجح أن تؤدي إلى الإصابة بحالة قاتلة من «الأرق العائلي»، وهي حالة نادرة تسببت بوفاة والدتها. تنتج هذه الحالة من «البريونات»، وهي بروتينات تكون مطوية بشكل غير صحيح، تتكاثر وتتجمع في المِهاد، وهو الجزء من الدماغ الذي ينظم الراحة. هذا المرض مميت دائماً تقريباً. بدون النوم، لا يمكن للقلب والأوعية الدموية ترميم نفسها، ولا يمكن للسائل النخاعي التخلّص من الفضلات، كما أن جهاز المناعة يصبح غير قادر على إعادة المعايرة، مما يؤدي إلى إضعاف الجسم بسرعة.

قررت فالاب وزوجها الالتزام في وظائف مجدداً. الآن هم علماء مخبريين يعملون على تطوير أدوية للأرق العائلي القاتل والأمراض البريونيّة الأخرى، مثل مرض «كرويتزفيلد-جاكوب» الذي يسبب الخرف السريع والموت، ومرض «غيرستمان-شتراوسلر-شينكر»، والذي يمكن أن يتطور إلى غيبوبة قاتلة. وبينما من المعروف أن بضع عشرات من العائلات فقط في العالم تحمل نفس الطفرة التي تحملها فالاب، إلا أن مجموعة متزايدة من الأدلة تشير إلى أن الكثير منا قد يكون لديه استعدادات وراثية تساهم في قلة النوم.

في عام 2019، قام الباحثون بمقارنة بيانات جينومية مأخوذة من 85670 شخصاً بسجلات نشاطهم التي جُمّعت باستخدام مستشعرات الحركة القابلة للارتداء. عرض الباحثون النتائج ضمن ورقة بحثية نُشرت في دورية «نيتشر كوميونيكيشنز». بالنسبة لأولئك الذين يعانون من الأرق المزمن، لاحظ الباحثون أن لديهم بعض المورثات، وهي توجد في العضلات الهيكلية والغدد الكظرية ومناطق مختلفة من الدماغ، التي كانت أكثر نشاطاً مقارنةً بالأشخاص الذين لديهم دورات ليلية «طبيعية».

برزت إحدى المورثات كحالة مميزة، وهي معروفة باسم «بي دي إي 11 إيه» (PDE11A). بالإضافة إلى الدور المُثبت الذي تلعبه هذه المورثة في الإصابة بالاكتئاب ومرض «كوشينغ»، والذي يتسبب في زيادة إفراز الجسم لهرمون الكورتيزول، تشير البيانات الجديدة إلى أن وجودها عند الأشخاص المصابين بالأرق يمكن أن يقلل من مدة النوم وجودته.

بالنسبة لأولئك الذين يعانون من مشاكل مستمرة في النوم، غالباً ما يوصي الأطباء بإجراء اختبار يدعى «تخطيط النوم»، وهو اختبار تقوم ضمنه مجموعة من الأجهزة بمراقبة موجات الدماغ وحركات العين ومعدل ضربات القلب ونمط التنفس ونسب الأوكسجين في الدم والحركة العامة. باستخدام هذه البيانات، يستطيع الأطباء تحديد أي من أنواع اضطرابات النوم التي يتجاوز عددها الـ 80 - من تلك التي تنتج عن أسباب وراثية، مثل متلازمة اهتزاز الساق (والتي تدعى متلازمة تململ الساق أيضاً)، إلى النوم القهري (أو الخِدار) - هي التي تعيق النوم.

اقرأ أيضاً: لماذا تحتاج الأدمغة إلى النوم؟

أسباب تمنع عن النوم
تمهّد الاستعدادات الوراثية وسوء الصحة العقلية الطريق لعادات النوم السيئة. حقوق الصورة: راوول أورياس.

أدمغتنا قلقة

في ثلاثينيات القرن الماضي، قرر باحثون من جامعة جورجيا حرمان 17 طالباً من النوم لمدة 100 ساعة لتوثيق التداعيات النفسية والجسدية لليقظة المطوّلة. أصبح الطلاب مرتبكين، وواجهوا صعوبة في القراءة، وأبلغوا عن إصابتهم باختلالات بصرية. عانى بعضهم من آلام الظهر وصعوبة في التمييز بين درجات الحرارة الساخنة والباردة عن طريق اللمس. في اليوم الأخير من التجربة، تقلّب مزاج أحد المشاركين بشدة بين الاكتئاب والنشوة.

حتى فترات اليقظة الأقصر من ذلك يمكن أن تؤثر على العقل، كما أن العلاقة بين النوم والصحة العقلية عكسية، بمعنى أن يمكن لحالات مثل الاكتئاب والقلق والصدمات والاضطراب ثنائي القطب واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أن تجعل الراحة الحقيقية بعيدة المنال.

خذ بعين الاعتبار اضطراب الاكتئاب الشديد. يعتبر هذا الاضطراب أحد أكثر الأمراض العقلية شيوعاً، إذ يعاني منه نحو 16 مليون بالغ أميركي بالغ، كما أنه السبب الرئيسي للإعاقة بين السكان العاملين الأصغر سناً في الولايات المتحدة. يصاب كل من يعاني من هذا الاضطراب تقريباً بنوع من أنواع اضطراب النوم. أفاد نحو 75% من المصابين بالاكتئاب الشديد بأنهم يعانون من الأرق، مما يمنعهم من النوم والاستمرار في النوم، بينما يعاني البقية بدلاً من ذلك من فرط النوم، مما يجعلهم يشعرون بالخمول بغض النظر عن الوقت الذي يقضونه نائمين. يتقلّب الكثير من الناس بين الحالتين المتطرفتين (الأرق وفرط النوم) خلال نوبات الاكتئاب.

لقد مر ما يقرب من قرن منذ إنجاز تلك الدراسة التي أجرتها جامعة جورجيا، ولا يزال الأطباء غير متأكدين من سبب هذا الارتباط الوثيق بين النوم والصحة العقلية. لكنهم يحرزون تقدماً. ربطت مجموعة من الأوراق البحثية المنشورة عام 2019 في دورية «نيتشر جينيتكس» بين ضعف التحكم بساعات النوم والطفرات الوراثية. كما ربط الباحثون منذ فترة طويلة بعض المورّثات نفسها الموجودة عند المصابين بالأرق بالناقل العصبي «دوبامين»، والذي يمكن أن يسهم انخفاض نسبه في الإصابة بالاكتئاب واضطراب النوم.

على الرغم من أنه لا يزال أمامنا الكثير لنتعلمه، التغيرات السلوكية البسيطة يمكن أن تساعد. الامتناع عن استهلاك المنشطات مثل النيكوتين والكافيين، والتي تثير الجهاز العصبي المركزي، يمكن أن يجعل النوم أكثر سهولة. نفس الأمر ينطبق على تناول المشروبات الكحولية في الليل. إذ أنه على الرغم من أن الكحول يجعلك تغفو بشكل أسرع، إلا أنه وجد أحد التحليلات التلويّة لـ 20 دراسة، والذي أجري في عام 2013، أن تناول كميات معتدلة إلى كبيرة من الكحول تعيق مرحلة نوم حركة العين السريعة الترميمي وتقلل مدة هذه المرحلة بشكل عام. كلما شربت كمية أكبر من الكحول، أصبحت التأثيرات أكثر وضوحاً.

اقرأ أيضاً: كيف تساعدنا الضوضاء البيضاء على الاسترخاء والنوم؟

أسباب تمنع عن النوم - الأرق
الأدوات المساعدة على النوم يمكن أن تعيق أكثر من أن تساعد أحياناً. حقوق الصورة: راوول أورياس.

التمني وحده لن يساعدك

مجتمعة، حولّت المنتجات التي لا غنى عنها مثل البطانيات الموزونة، والأدوية المنومة، وتطبيقات التأمل حاجتنا إلى الحصول على ما يكفي من النوم إلى صناعة عالمية قُدّرت بقيمة 80 مليار دولار في عام 2020. مع ذلك، فإن جودة نومنا لا تتحسن.

قد تكمن المشكلة في هوسنا نفسه، إذ أننا نريد الحصول على الراحة بشدة مما يمنعنا من الوصول إليها. في إحدى الدراسات الكلاسيكية، قسّم الباحثون من جامعة أكسفورد في إنجلترا الأشخاص المصابين بالأرق إلى 3 مجموعات، ومنحوا أول مجموعتين تعليمات مختلفة حول كيفية النوم، بينما لم يتلق أفراد المجموعة الثالثة أية توجيهات. تشير النتائج، والتي نُشرت في عام 2002، إلى أن طريقة عَد الأغنام لم يكن لها التأثير المطلوب، بل إنها أبقت المشاركين مستيقظين لفترة أطول قليلاً من تخيل مشاهد مهدّئة من اختيارهم، مثل رحلة إلى الشاطئ أو نزهة خلابة إلى شلال. افترض الباحثون أن عَد حيوانات المزرعة كان ببساطة أمراً مملاً للغاية ليتغلّب على القلق الناتج عن المهمة التي يحاول المشاركون القيام بها.

إن ميلنا إلى التفكير المفرط في النوم يؤدي إلى مفاقمة الأرق. كلما فكّرنا أكثر بحاجتنا للراحة، سيصبح الحصول عليها أمراً أكثر صعوبة. في عام 2017، الباحثون في جامعة «نورث وسترن» وكلية الطب في جامعة «رَش» أطلقوا على هذه الظاهرة اسم «الهوس بالنوم»، أي الرغبة في الحصول على نوم مثالي واستخدام الأجهزة المساعدة القابلة للارتداء لتحقيق ذلك. في إحدى دراسات الحالة الثلاث التي أجراها الباحثون، وصف المؤلفون رجلاً جاء إلى المختبر لأنه ربط أعراضاً مثل التهيج وضعف الانتباه بالليالي التي أبلغ جهاز تعقب اللياقة خاصته فيها عن أن نومه كان دون المستوى الأمثل.

لقد شعر بالقلق لأنه كان يرغب في الوصول إلى 8 ساعات من النوم، على الرغم من أن متوسط عدد ساعات نومه بلغ اقل من 8 ساعات بـ 15 دقيقة فقط. نصحه الباحثون بالخضوع للعلاج وتطبيق تغييرات في نمط الحياة للتعامل مع هذا التوتر، لكن المريض كان متشككاً، ولم يعد للمراجعة مطلقاً. استنتج الباحثون أنه في حين أن جمع البيانات يمكن أن يكون مفيداً، إلا أن التركيز على الإحصائيات الخاطئة يمكن أن يمنعنا من قبول الحلول البسيطة.

المحتوى محمي