على الأرجح شعرت من قبل بتشكل بقعة حارة على إصبع قدمك أو كاحلك أو كعبك؛ تبدأ عندها فقاعة بالتشكّل والتوسّع، بينما تبدأ طبقات الجلد الرقيقة بالتمزّق. هذه هي العلامات الأولى لتشكّل البثور الجلدية.
تمثّل هذه الجيوب الصغيرة المملوءة بالسوائل مصدر إزعاج متكرراً للأشخاص الذين يمارسون المشي لمسافات طويلة والعدائين والرحّالة وأي شخص ارتدى حذاءً جديداً ومشى فيه قبل أن تعتاد أقدامه عليه. لكن ثمة طرقاً تجنّبك الاضطرار إلى إنهاء رحلتك والعودة إلى المنزل بسبب البثور. يعتبر علاج هذا النوع من الجروح والوقاية منها أمراً سهلاً إذا اتخذت الإجراءات المناسبة في وقت مبكر.
كيف تتشكل البثور؟
من المفيد فهم طريقة تشكّل البثور من أجل تطبيق الطرق الصحيحة لتجنّبها وعلاجها. تقول مشرفة برنامج طب البرية في الكلية الوطنية للقيادة في الأماكن المفتوحة، روبن لارسون (Robin Larson)، إن هذه الفقاعات التي تسبب الألم تتشكل عندما تتسبب القوى الخارجية في احتكاك الجلد والعظم، ما يؤدي إلى تشكّل تمزّق تحت سطح الجلد.
على سبيل المثال، يمكن أن يتسبب الاحتكاك المستمر الناجم عن ارتداء جورب أو حذاء غير ملائم في تلف الاتصال البنيوي بين طبقات الجلد في منطقة معينة، ما يؤدي إلى انفصال بعضها عن بعض. يستجيب الجسم لذلك من خلال تعبئة الفراغات بين طبقات الجلد بالسوائل لحمايتها من التلف وتسريع شفاء المنطقة وتسهيله.
لا يكمن خطر البثور في تشكّلها بل في احتمال تمزّق طبقة الجلد التي تغطي الجرح، والتي تحمل اسم "السقف" أيضاً. إذا زالت طبقة الجلد هذه، ستتعرض طبقة الجلد المكشوفة للهواء، ما سيتطلب اتخاذ إجراءات إضافية للوقاية من تلوثها. من البديهي أن تتسبب البثور المتمزقة بآلام شديدة للغاية، إضافة إلى أنها تجعل الحركة أكثر صعوبة.
لحسن الحظ، تكون البثور في بداية تشكلها صغيرة الحجم، ولا تسبب ألماً شديداً، ولا تحتوي على كمية كبيرة من السوائل. عادة، تظهر البثور أولاً على هيئة "بقع حارة" حسب تعبير لارسون، وهي مناطق صغيرة على الأقدام تصبح حساسة أو مؤلمة ببطء. يعني ذلك أن معالجة هذه البقع مباشرة يمكن أن تقيك الكثير من الألم.
اقرأ أيضاً: كيف تتم العناية بالقدمين عند مرضى السكري؟
كيفية الوقاية من البثور على الأقدام
الوقاية هي العامل الأهم، كما هو الحال في أغلبية المشكلات الصحية التي تواجهك عند الوجود في الأماكن النائية. يعني ذلك أنك ستضطر إلى الانتباه بصورة خاصة إلى ما ترتديه في قدميك؛
إذ يزيد ارتداء الجوارب أو الأحذية الرطبة أو المشبعة بالعرق من خطر تشكل البثور. إذا كنت تخطط للمشي أو الجري لمسافات طويلة، احرص على ارتداء الجوارب المصنوعة من المواد الاصطناعية الماصة للرطوبة، فالجوارب المصنوعة من القطن أو المنسوجات الطبيعية لن تجف بسرعة كافية عند ممارسة المشي لمسافات طويلة. يجب عليك أيضاً تجنّب ارتداء الجوارب ذات المقاس الأكبر من مقاس قدمك؛ إذ إن الكمية الإضافية من القماش تتجمع وتحتكّ ببشرتك، ما يولّد شعوراً مزعجاً.
بالمثل، احرص على ارتداء حذاء يناسب مقاس قدمك بصورة ملائمة. لا يجب أن يحتك داخل الحذاء بقدمك في أثناء المشي، لكن يجب أن تحتوي الأحذية في الوقت نفسه على مساحة إضافية تحسباً لتورم القدمين بعد المشي لزمن طويل. إذا اشتريت حذاءً مخصصاً للمشي لمسافات طويلة، فمن الأفضل عموماً اختيار حذاء أكبر بنصف نمرة من الأحذية التي تستخدمها عادة.
يجب عليك أيضاً ارتداء هذا الحذاء والمشي في بلدتك أو منزلك قبل النشاطات الرياضية بأيام كي تعتاد قدماك عليه. لا تنطبق القاعدة نفسها بالضرورة على الأحذية المخصصة للجري. لذلك، فالخيار الأسلم هو الذهاب إلى متجر مخصص لبيع المعدات الرياضية كي يحدد مندوب المبيعات القياس المناسب لقدمك. سيتمكن مندوب المبيعات من إرشادك في عملية اختيار الحذاء ذي الطراز والقياس الأمثل اعتماداً على شكل قدمك والمسافة التي تريد قطعها في المشي أو الجري.
اقرأ أيضاً: كيف تختار الحذاء المناسب لمنع تشوهات القدم؟
يعتبر الاعتياد على الأحذية المصنوعة من الجلد الثقيل أصعب عادة، كما أنها تزيد من احتمال تشكّل البثور؛ إذ إن هذه الأحذية ليست مرنة مثل الأحذية الأخرى، كما أنها لا تحتوي على القدر نفسه من المسام. إذا كنت تمارس الترحال أو المشي لمسافات طويلة وكنت أكثر عرضة للإصابة بالبثور، خذ في الاعتبار ارتداء الأحذية خفيفة الوزن أو تلك المخصصة للجري في البرية. إذا كنت تعرف مسبقاً بوجود نقاط في قدميك تعتبر أكثر عرضة لتشكّل البثور فيها، أو إذا شعرت بأن حذاءك ضيّق جداً في مناطق محددة، تنصح لارسون باستخدام شريط علاجي لاصق أو ضماد طبي لاصق مقاوم للماء لتغطية هذه المناطق ومنعها من التحول إلى بثور لاحقاً.
عندما تصبح جاهزاً للانطلاق في الرحلة أو ممارسة النشاطات الرياضية، تفقّد جواربك وحذاءك بحثاً عن الفتات، وأزِل القطع الصغيرة التي قد تحتك بجلدك من خلال قلب الجوارب من الداخل إلى الخارج وقلب الحذاء رأساً على عقب وضربه بالأرض.
تقول لارسون إنك إذا شعرت بتشكل البقع الحارة أو بأي إزعاج في أثناء الحركة، يجب عليك التوقف عن الحركة مباشرة بغض النظر عن الإجراءات الوقائية التي اتخذتها. خذ استراحة قصيرة وحدد موضع التهيّج. انتبه بصورة خاصة للحدود الفاصلة في الأقمشة المنسوجة، أو الفتات، أو الجوارب الأكبر من مقاس قدمك، وعالج السبب إذا تمكنت من ذلك. غطّ الجلد التالف باستخدام الضمادات المخصصة للبثور أو قطعة من الشريط العلاجي اللاصق لحماية البقعة من التهيج. تُفضّل لارسون استخدام الشريط العلاجي اللاصق لأنه مرن ويحتوي على المسام ومادة لاصقة قوية تثبته على الجلد لأيام إن استدعى الأمر.
كيفية علاج البثور
إذا أصبت بالبثور على الرغم من اتخاذ الإجراءات الوقائية، فالخيار الأسلم هو معالجتها في مرحلة مبكرة من تشكلها. لا تُزِل طبقة الجلد التي تغطي الجرح. تقول لارسون: "سيتسبب ذلك في تشكل جرح أكبر وأكثر عرضة للتلوّث".
من السهل التعامل مع البثور الصغيرة الناعمة الملمس (أي غير الممتلئة بالسوائل بالكامل)، وما عليك سوى وضع ضمادة مخصصة للبثور أو قطعة من الشريط العلاجي اللاصق عليها مباشرة. يجب أن تكون الضمادة أو قطعة الشريط العلاجي كبيرة بما يكفي لتغطي مساحة أكبر من البثرة.
اقرأ أيضاً: كيف تحدث إصابة وتر أخيل عند لاعبي كرة القدم وما أساليب الوقاية منها؟
ولكن إذا كان محيط البثرة أكبر من نحو 20 ميليمتراً، أو كانت ممتلئة بالسوائل ومن المرجح أن تنفجر، فيجب عليك إزالة السوائل منها بحذر أولاً. اغسل يديك جيداً وعقّم الجلد حول البثرة بالصابون ومياه الشرب النظيفة أو باستخدام ضمادة كحولية. بعد ذلك، طهّر دبوساً بضمادة كحولية مختلفة. إذا لم يتوفر الكحول، يمكنك تسخين الدبوس بالولاعة حتى يصبح رأسه أحمر اللون. امنح المعدن وقتاً كافياً ليبرد ثم استخدمه لتشكيل ثقب صغير أسفل البثرة المملوءة بالسوائل (أي تقريباً على مستوى الجلد). اضغط برفق على البثرة لتفريغها تماماً وضع ضمادة لها شكل دائري أو ضمادة لاصقة مخصصة للبثور حول الحافة الخارجية للجرح، سيمنع ذلك الحذاء من الضغط بصورة مباشرة على المنطقة الحساسة.
إذا انفجرت البثرة أو أُزيلت طبقة الجلد التي تغطي الجرح لسبب ما، يجب عليك اتخاذ خطوات خاصة لوقاية الجرح من التلوث. اغسل يديك ونظف المنطقة جيداً قبل وضع ضمادة دائرية الشكل حول الجرح، ثم غطّ المنطقة بضمادة كبيرة. إذا كانت الأنسجة تحت الجلد مكشوفة، أي إذا زالت الطبقة التي تغطي الجرح منذ فترة طويلة وأدى ذلك إلى احتكاك الحذاء أو الجورب بالجرح، فاستخدم ضمادة غروانية مائية.
توصي لارسون أيضاً بصنع ضمادة دائرية مفرغة من الوسط (تدعى أحياناً ضمادة حلوى الدونَت): استخدم ضمادة دائرية مصنوعة من قماش الخلد (سمي بهذا الاسم لأنه ناعم مثل فرو الخلد) وغطّ البثرة المتفجرة باستخدام ما يدعى رُقعة الجلد الثاني، وهي قطعة مربعة على هيئة غشاء هلامي القوام يحمي البشرة ويرطبها لتحفيز التئام الجرح. وأخيراً، غطّ المنطقة بالكامل باستخدام قطعة من الشريط العلاجي اللاصق أو الضماد اللاصق.
عند التعامل مع الجروح المفتوحة مثل البثور التي أزيلت طبقة الجلد التي تغطيها، فإن الوقاية من تلوث الجرح هي أولويتك الأهم، لكن لا توصي لارسون عادة باستخدام المراهم المضادة الحيوية، إذ إنها تتسبب بالتصاق الأوساخ التي تنجذب لها، وتعيق ثبات الضمادات في مكانها.
اقرأ أيضاً: 9 أسباب محتملة لآلام المفاصل والكسور القديمة في برد الشتاء
نصائح وحيل لمعالجة البثور
يفضل الاحتفاظ بعدد من الضمادات المخصصة للبثور في عدة الإسعافات الأولية، ولكن لا تقلق إذا لم تجد أياً منها حين تتشكل البثور في رحلتك القادمة إلى البرية. استخدمت لارسون من قبل العديد من العلاجات غير التقليدية للبثور، وشاهدت الآخرين يطبقونها أيضاً، من الشريط العلاجي المرن الجيد التهوية إلى الشريط اللاصق المنزلي العادي.
على الرغم من أنها لا تفضل استخدام هذا الأخير، إلا أنه فعال في المواقف الحرجة، وخصوصاً إذا تمكنت من تغطية البثرة بقطعة مطوية على نفسها (بطريقة تغطي الجانب اللاصق) وأكبر بقليل من محيط الجرح ثم تغطية المنطقة بأكملها بقطعة أكبر. سيمنع ذلك المادة اللاصقة من التلامس المباشر مع الجلد الحساس المصاب.
تفضل لارسون استخدام الضمادات الغروانية المائية التي يمكن شراؤها من الصيدليات المحلية. واحذر من الضمادات اللاصقة التقليدية لأنها تنزلق عن الجرح بفعل العرق والرطوبة. تقترح لارسون أيضاً تجربة المنتجات المختلفة لتحديد النوع الذي يناسبك، ولكنها توصي بالاحتفاظ دائماً بشريط لاصق وزوج من الضمادات الكحولية ودبوس للاحتياط.