لتنام بشكل أفضل، قلّد الأطفال الصغار

3 دقائق
عادات النوم
حقوق الصورة: إيغوردون بريموس/ أنسبلاش.

قبل أن تلجأ إلى الكتب أو المدونات أو مدربي النوم أو التطبيقات أو أحد المنتجات العديدة سعياً لزيادة جودة النوم، قد يكون من الحكمة أن تستشير الأطفال الصغار. لحسن الحظ، هناك الملايين من هؤلاء المستشارين الصغار، جاهزين ليكونوا أمثلة يحتذى بها على عادات النوم عالي الجودة.

لماذا نحتاج لممارسة عادات النوم السليمة؟

يعد النوم أمراً بالغ الأهمية للعديد من وظائف جسم الإنسان، وتنص الإرشادات الحالية على أن البالغين يجب أن يحصلوا على 7 ساعات على الأقل من النوم كل ليلة. أظهرت الأبحاث أن قلة النوم ترتبط بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم والإصابة بمرض السكري والسمنة والاكتئاب. ربطت الأبحاث الحديثة بين قلة النوم لدى البالغين في الخمسينيات والسبعينيات من العمر والإصابة بالخرف.

يعتبر النوم أكثر أهمية للأطفال الصغار، إذ أنهم يحتاجونه للنمو. في الواقع، ينصح أطباء الأطفال الصغار أن يحصل الأطفال على 11-14 ساعة من النوم كل 24 ساعة. إذن كيف يحصل الأطفال الصغار على كمية كافية من النوم؟ الجواب بسيط للغاية: الروتين.

اقرأ أيضاً: كيف يستيقظ الدماغ من النوم؟

أولاً، حدد موعداً للنوم

في البداية، إن تحديد موعد ثابت للنوم هو أمر بالغ الأهمية، وهناك أدلة كثيرة تبين أن انتظام مواعيد النوم يساعد على تحسين جودة نوم الطفل. هذا مهم بنفس القدر للبالغين، كما يجب أن يكون موعد النوم ثابتاً خلال أيام الأسبوع وكذلك عطلات نهاية الأسبوع.

بمجرد تحديد موعد النوم، يمكنك بناء روتين على أساسه. أظهرت الأبحاث التي أجرتها عالمة النفس «جودي ميندل» وزملاؤها من مستشفى الأطفال في فيلادلفيا كيف يمكن أن يفيد تطبيق روتين خاص بموعد النوم مكوّن من 3 خطوات بسيطة

وزّع الباحثون في الدراسة التي أجروها 199 من الأمهات وأطفالهن الصغار (الذين تتراوح أعمارهم بين 1.5 إلى 3 سنوات) بشكل عشوائي على واحدة من مجموعتين. اتبعت إحدى المجموعات روتين موعد النوم المعتاد، بينما طُلب من المجموعة الأخرى تنفيذ روتين محدد يتكون من ثلاث مراحل: الاستحمام، ودهن نوع من الكريم، والقيام بنشاط هادئ. كانت المدة بين نهاية الحمام وإطفاء الأنوار 30 دقيقة.

بعد أسبوعين، أصبح الأطفال الذين طبقت أمهاتهم الروتين ثلاثي الخطوات يغفون بسرعة أكبر، كما انخفض عدد حالات الاستيقاظ خلال الليل لديهم. ما يثير الاهتمام هو أن الباحثين وجدوا بعد تحليل سلوك الرضع الذين طبق آباؤهم نفس الروتين (والذين تتراوح أعمارهم بين 7 أشهر و1.5 سنة)، أن فوائد زيادة جودة النوم الأكبر ظهرت بعد 3 أيام فقط من تطبيق الروتين.

اقرأ أيضاً: سلسلة الشتاء: السُّبات الشتوي أو النوم الطويل دون حمل أعباء الغذاء

اجعل الاستحمام من عادات النوم لديك

كل خطوة من الروتين السابق سهلة التطبيق، وهو يبدأ بالحمام بالماء الساخن. لا يفيد الحمام الساخن الأطفال الصغار فقط، إذ وجدت دراسة شاملة نُشرت في عام 2019 نظرت في 13 دراسة مختلفة أجريت على البالغين أن الاستحمام قبل موعد النوم بساعة أو ساعتين قلل بكثير المدة التي استغرقها الغفو، حتى ولو دام الحمام 10 دقائق فقط. تنخفض درجة حرارة جسم الإنسان عادة قبل النوم أو خلاله، مما يساعد البشر على البقاء نائمين. يسرّع الاستحمام بالماء الساخن عملية التبريد هذه عن طريق توسيع الأوعية الدموية، مما يقرّبها من الطبقة الخارجية للجلد، وهو أمر يزيد تدفق الدم وانتقال الحرارة للوسط الخارجي. 

دهن الكريم

الخطوة الثانية هي دهن الكريم. في أحسن الأحوال، يفترض أن يترافق دهن الكريم مع التدليك. ثبت أن العلاج بالتدليك يزيد جودة النوم عند الأطفال والبالغين. بالإضافة إلى ذلك، في إحدى الدراسات، وُزّع 76 طفلاً على 3 مجموعات بشكل عشوائي، تلقّى أطفال المجموعة الأولى تدليكاً مع استخدام الكريم، بينما تلقّى أطفال المجموعة الثانية تدليكاً دون استخدام الكريم، ولم يتلق أطفال المجموعة الثالثة التدليك. بيّنت النتائج أن أطفال المجموعة الأولى ناموا لفترات أطول.

بما أن الحصول على تدليك من محترف كل ليلة ليس أمراً عملياً، فإن دهن الكريم وتدليك نفسك بنفسك قد يمثّل تقريباً جيداً لذلك. يُعتقد أن التدليك يفعل فعله عن طريق تنشيط مستقبلات الضغط وزيادة نشاط الجهاز العصبي نظير الودّي، وهو أمر تبين أنه يخفض معدل ضربات القلب ويساعد على الاسترخاء وفقاً لعدة دراسات.

اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب يجب أن تتدرب على النوم على ظهرك

ممارسة نشاط يبعث على الاسترخاء

أخيراً، اختتم الروتين بنشاط هادئ. في حين أن هناك العديد من الخيارات، فقد ثبت أن الأنشطة القائمة على اللغة مثل القراءة ورواية القصص فعالة للغاية. حلل بحث أجرته «لورين هيل» من كلية الطب في جامعة ستوني بروك البيانات الخاصة بالأطفال دون سن الخامسة التي وردت في دراسة «العائلات الهشة ورفاه الطفل»، وهي دراسة جماعية كبيرة تتتبّع الحالة الصحية لما يقرب من 5000 طفل أميركي أصبحوا الآن في العشرينات من العمر. 

تمت مقابلة آباء الأطفال لأول مرة بعد ولادة أطفالهم، ثم أجريت مقابلات المتابعة والزيارات المنزلية عندما بلغ الأطفال سن الثالثة. في هذه الزيارات المنزلية، جمع الباحثون معلومات محددة عن مواعيد نوم الأطفال. توقّفت هذه الإجراءات عندما بلغ الأطفال سن الخامسة. بشكل عام، وجد الباحثون أن نشاطات موعد النوم المبنية على اللغة ارتبطت بازدیاد مدة النوم خلال الليل. لاحظ الباحثون أيضاً فوائد إضافية تمثّلت في ارتفاع الدرجات التي حصل عليها الأطفال في الاختبارات المدرسية، وانخفاض في معدل المشكلات السلوكية لديهم.

ثبت أن القراءة مفيدة للبالغين أيضاً، إذ أن ممارسة القراءة لـ 30 دقيقة يمكن أن تقلل من المشاعر الموتّرة، وضغط الدم، ويمكن أن تخفض معدل ضربات القلب عند البالغين صغار السن.

يمكن أن تساعدك كل خطوة من عادات النوم السابقة على حدة في تحسين صحتك، ولكن تطبيقها معاً يمنحك وسيلة فعالة للغاية للتغلّب على مشاكل النوم. لذلك، ابدأ بتطبيقها الليلة.

المحتوى محمي