داء باركنسون هو اضطراب عصبي تنكسي يتميز بتدهور مناطق معينة من الدماغ، ما يؤدي إلى فقدان الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين؛ وهو ناقل عصبي مهم يشارك في تنظيم حركة العضلات. تشمل الأعراض الأولية للمرض ظهور رعاش يكاد لا يُلحظ في يد واحدة فقط، ثم تزداد الأعراض سوءاً بمرور الوقت. وعلى الرغم من أن داء باركنسون غير قابل للشفاء حتى الآن، فإن ثمة العديد من خيارات العلاج التي يمكن أن تساعد في إدارة الأعراض. إليك كل ما تحتاج معرفته عن هذا الداء وكيفية التعامل مع مريض باركنسون على المدى الطويل.
اقرأ أيضاً: علامات مبكرة على الخَرَف يجب الانتباه إليها
أعراض داء باركنسون
يتجلى مرض باركنسون بمجموعة من الأعراض الحركية وغير الحركية، ما يعكس الطبيعة المعقدة لهذه الحالة التنكسية العصبية. تؤثر الأعراض الحركية في المقام الأول على الحركة والتحكم في العضلات، في حين يمكن أن تشمل الأعراض غير الحركية العديد من وظائف الجسم المختلفة والعمليات المعرفية. عموماً، تختلف الأعراض من شخص إلى آخر، وغالباً ما تبدأ في أحد جانبي الجسم، وتظل أكثر حدة في هذا الجانب حتى بعد أن تمتد إلى الجانب الآخر. تشمل الأعراض ما يلي:
الأعراض الحركية
- الرعاش: يعاني نحو 80% من الأشخاص المصابين بمرض باركنسون من اهتزاز لا إرادي في العضلات، وغالباً ما يبدأ في أحد الأطراف مثل اليد أو الأصابع.
- تباطؤ الحركة: يتجلى في انخفاض تدريجي في سرعة الحركة وصعوبة بدء الحركات الطوعية.
- تيبّس العضلات: تسبب العضلات المتيبسة الشعور بالألم وتحدّ القدرة على الحركة.
- اختلال وضعية الجسم وضعف الاتزان: مع تقدم المرض، قد يتخذ الجسم وضعية منحنية، وقد تتأثر القدرة على المشي، فتتميز بخطوات قصيرة ومتثاقلة، كما قد يواجه المريض صعوبة في الاتزان والدوران وقد يتعرض للسقوط.
- انخفاض القدرة على السيطرة على الحركات اللاإرادية: مثل المشي أو رمش العين أو الابتسام أو أرجحة الذراعين في أثناء المشي. كما قد تظهر على الوجه تعبيرات شبيهة بالقناع ناجمة عن انخفاض السيطرة على عضلات الوجه.
- انخفاض القدرة على الكتابة اليدوية: ويصبح الخط صغيراً وضيقاً.
- سيلان اللعاب: يمكن أن يؤدي فقدان السيطرة على عضلات الوجه إلى سيلان اللعاب.
- صعوبة في البلع: انخفاض السيطرة على عضلات الحلق يمكن أن تؤدي إلى صعوبة في البلع، ما يفاقم خطر حدوث الاختناق.
- تغيرات في الكلام: التحدث بهدوء أو بسرعة أو التلعثم أو التحدث بنبرة رتيبة وعدم اتباع أنماط الكلام المعتادة.
اقرأ أيضاً: 5 مهن تزيد خطر الإصابة بالخرف
الأعراض غير الحركية
- أعراض الجهاز العصبي اللاإرادي: تشمل انخفاض ضغط الدم الانتصابي (انخفاض ضغط الدم عند الوقوف)، والإمساك، ومشكلات الجهاز الهضمي، وسلس البول.
- اضطرابات مزاجية: قد يعاني الأشخاص المصابون بمرض باركنسون من اضطرابات مزاجية مثل الاكتئاب أو القلق، وقد يعانون من الهلوسة أو الذهان.
- فقدان حاسة الشم: يعد ضعف وظيفة الشم من الأعراض غير الحركية الشائعة.
- مشكلات النوم: مثل متلازمة تململ الساقين، أو الاستيقاظ المتكرر ليلاً، أو الاستيقاظ المبكر، أو النوم في أثناء النهار.
- الخرف المرتبط بمرض باركنسون: مع تقدم المرض، قد تتراجع الوظائف الإدراكية، ما يؤدي إلى أعراض تشبه الخَرف.
اقرأ أيضاً: دليلك الشامل عن حالات الإغماء وأسباب حدوثه
أسباب داء باركنسون
السبب الدقيق لمرض باركنسون غير معروف حتى اليوم، ولكن يُعتقد أن مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية؛ مثل التعرض لبعض السموم أو إصابات الرأس قد تسهم في حدوثه. تعد الشيخوخة عامل خطر كبيراً؛ إذ تزداد احتمالية الإصابة مع تقدم العمر. كما قد رُبِط بعض الطفرات الجينية بزيادة خطر الإصابة بالمرض.
العلاج
على الرغم من عدم وجود علاج لمرض باركنسون، فثمة مجموعة من خيارات العلاج التي تهدف إلى إدارة الأعراض وتحسين نوعية حياة المريض؛ مثل:
- الأدوية: يمكن استخدام مجموعة من الأدوية المختلفة في إدارة الأعراض؛ مثل ليفودوبا (Levodopa)، وهو العلاج الأكثر شيوعاً حيث يعمل على تخفيف الأعراض الحركية عن طريق تجديد مستويات الدوبامين في الدماغ. بالإضافة إلى إمكانية استخدام منبهات الدوبامين التي تقلِّد عمل الدوبامين في الدماغ، ومضادات الكولين للمساعدة في حالات الرعاش والتيبّس، وغيرها من الأدوية.
- العلاج الطبيعي: يمكن للتمارين الرياضية المخصصة لتحسين المرونة والتوازن وقوة العضلات أن تعزز القدرة على الحركة وتقلل خطر السقوط، كما يمكن للنظام الغذائي المتوازن أن يخفِّف بعض الأعراض.
- التدخلات الجراحية: تتضمن زرع أقطاب كهربائية في مناطق معينة من الدماغ لتنظيم الإشارات العصبية غير الطبيعية وتخفيف الأعراض.
اقرأ أيضاً: ما هي البريونات؟ وكيف تسبب الأمراض مثل جنون البقر؟
رعاية مريض باركنسون
تتطلب رعاية شخص مصاب بمرض باركنسون اتباع نهج شامل لتلبية الاحتياجات الجسدية والعاطفية، وإليك أهم النصائح التي ستساعدك على ذلك:
- التعرف إلى الأعراض: غالباً ما يكون الأصدقاء والعائلة أول من يلاحظون التغيرات، وقد يتم الخلط بينها وبين الشيخوخة الطبيعية، لذلك فإن التعرف إلى الأعراض مبكراً قد يحسن نوعية حياة المريض. لذلك؛ حاوِل فهم مرض باركنسون، واستكشف المواد التعليمية من مصادر حسنة السمعة لفهم مدى تعقيد المرض واختلافه من فرد إلى آخر.
- تقديم الرعاية الطبية: التأكد من تناول الأدوية على النحو الموصوف، ومراقبة أي آثار جانبية أو تغيرات في الأعراض. يمكن استخدام التذكيرات عبر الهاتف الذكي أو التقويم المرئي، لضمان تناول الدواء على نحو ثابت.
- الحضور في المواعيد: رافق مَن تحب إلى المواعيد الطبية. اطرح الأسئلة، ودوِّن الملاحظات، وشارك الأفكار حول الأعراض. احتفظ بتقويم لتتبع المواعيد والأدوية ولاحظ أي تغييرات قد تطرأ.
- التشجيع على تغيير نمط الحياة والالتزام به: شجعه على ممارسة النشاط البدني المنتظم للحفاظ على المرونة والقوة والتوازن. بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي متوازن يدعم الصحة العامة. قد يعاني بعض الأشخاص المصابين بداء باركنسون من فقدان الوزن، لذلك من الضروري مراقبة المدخول الغذائي.
- مراقبة الأعراض بدقة: راقب التغيرات الطفيفة في الأعراض والقدرات والحالات المزاجية. كن يقظاً، خصوصاً بعد تناول الأدوية أو تعديلات العلاج، واطلب المشورة من المتخصصين بشأن مواجهة التحديات المتطورة.
- تقديم الرعاية العملية: نفِّذ تدابير عملية لمنع السقوط؛ مثل تأمين السلالم، وتأمين الأرضيات ضد الانزلاق، وضمان الإضاءة الكافية، واستشارة المختصين المهنيين للحصول على اقتراحات متخصصة.
اقرأ أيضاً: 5 أعراض لانقطاع التنفس في أثناء النوم وعلاجه
- تقديم الرعاية العاطفية: استخدم لغة متعاطفة، وخطط لتنفيذ الأنشطة التي يستمتع بها، والأنشطة الاجتماعية المحببة مع الأصدقاء والعائلة، وحافِظ على تفاعلات ودية. بالإضافة إلى ذلك، شجعه على العلاج والانخراط في مجموعات الدعم.
- التحلي بالمرونة: يمكن أن تختلف أعراض مرض باركنسون وتتفاقم مع الوقت، ما يتطلب الصبر والقدرة على التكيف. لذلك؛ كُن مرناً في تعديل الخطط لتلائم قدرات المريض المتغيرة.
- تعديل خطوات الرعاية حسب اقتضاء الضرورة: أعد تقييم استراتيجيات تقديم الرعاية وتعديلها بانتظام بالتشاور مع متخصصي الرعاية الصحية للحصول على الدعم المستمر.
- الالتزام بالفحوصات الطبية المنتظمة: حافظ على مواعيد منتظمة مع أخصائيي الرعاية الصحية لمراقبة تطور المرض وتعديل خطط العلاج وفقاً لذلك.
- تنظيم الأنشطة اليومية: واجه التحديات في الأنشطة اليومية من خلال التخطيط المسبق وتبسيطها قدر الإمكان. كما يجب تجنُب تغيير الروتين والبيئة المحيطة على نحو مفاجئ، وتجنب معاملته بنفاد صبر، وتجنب إرباكه ومقاطعته خلال التحدث. التزم بالروتين واستخدم التواصل البسيط والتعاطف.
ينبغي لك بوصفك مقدم الرعاية ألا تنسى نفسك وأن تمنح نفسك الوقت اللازم لمعالجة مشاعرك، كما ينبغي أن تدرك حدود ما يمكنك أن تقدمه واضعاً أهدافاً واقعية لنفسك، وأن تتسامح مع العيوب في حال لم تتم الأمور كما تخطط لها. وتذكر أنه وعلى الرغم من أن مرض باركنسون يعد تحدياً كبيراً، فإن الحفاظ على نظرة إيجابية ونمط حياة نشط يمكن أن يعزز نوعية حياة المريض على نحو كبير.