متى يمكن أن يسبب السكر مرض السكري؟

يعتقد الكثيرون أن تناول السكر يسبب الإصابة بمرض السكري، إلّا أن تناول السكر قد يكون جزءاً من اللغز وليس كلّه. فما الدور الذي يؤديه السكر في الإصابة بمرض السكري؟ وهل يسهم بها حقاً؟

ما هو مرض السكري؟

يشير مصطلح السكر إلى السكر الطبيعي الذي نتناوله في الفاكهة والخضروات، وسكر المائدة الأبيض (السكروز) المصنوع من سكر القصب والبنجر، وسكريات العسل. تتفكك جميعها بواسطة الإنزيمات في الأمعاء إلى سكريات أحادية، ثم ينتقل معظمها إلى الكبد، إمّا لتتحول إلى غلوكوز للحصول على الطاقة وإمّا لتخزين الفائض في شكل دهون.

في الحالة الطبيعية عندما ترتفع نسبة الغلوكوز في الدم، يفرز البنكرياس هرمون الإنسولين الذي يعمل كالمفتاح المنظم لدخول الغلوكوز إلى الخلايا، حيث يتم استقلابه للحصول على الطاقة. وعند الإصابة بمرض السكري، يفقد الجسم قدرته على استخدام الطاقة التي يحصل عليها من سكر الغذاء، لأن الجسم لا ينتج كمية كافية من الإنسولين، أو لا يمكنه استخدامه بشكلٍ صحيح، فيتراكم الغلوكوز تدريجياً في الدم، ما يهدد بمشكلات صحية، مثل أمراض القلب وتلف الأعصاب ومشكلات العيون.

أنواع مرض السكري

الأنواع الرئيسية الأكثر شيوعاً لمرض السكري هي:

داء السكري من النوع 1: هو أحد أمراض المناعة الذاتية، وفيه يهاجم الجهاز المناعي الخلايا المنتجة للإنسولين في البنكرياس ويدمرها. نحو 10% من مرضى السكري مصابون بهذا النوع، ومعظمهم من الأطفال والشباب بشكلٍ رئيسي.
داء السكري من النوع 2: وهو أكثر أنواع السكري شيوعاً، وفيه لا ينتج الجسم ما يكفي من الإنسولين، أو لا يستجيب له (مقاومة الإنسولين)، يُصيب البالغين بشكلٍ رئيسي، بالإضافة لنسبة قليلة من الأطفال.
مقدمات السكري: هو النوع الذي ترتفع فيه نسبة سكر الغلوكوز في الدم لكنها لا تصل إلى مستويات كافية ليتم تشخيص الإصابة بالسكري من النوع 2. لحسن الحظ يمكن السيطرة عليه وعكسه باتخاذ بعض الخطوات الصحية.
سكري الحمل: هو نوع من مرض السكري يتطور فقط في فترة الحمل، ويؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم ما يزيد من فرص الإصابة بالسكري من النوع 2 في مراحل لاحقة.

عوامل الخطر المهددة بالإصابة بمرض السكري

لم يحدد الباحثون أسباب مرض السكري حتى الآن، إلّا أنهم أشاروا إلى وجود بعض العوامل المنذرة بخطر الإصابة بمرض السكري. فإذا كان لديك أحد هذه العوامل، عليك توخي الحذر بشأن كمية السكر المضاف التي تستهلكها في نظامك الغذائي، ومنها:

الوزن الزائد أو السمنة.
الكسل.
وجود تاريخ عائلي للإصابة بمرض السكري من النوع 2، أو أمراض القلب، أو السكتة الدماغية.
ارتفاع ضغط الدم.
انخفاض الكوليسترول عالي الكثافة (المفيد)، وارتفاع الدهون الثلاثية.
متلازمة تكيس المبايض.
الاكتئاب.
التشخيص بمقدمات السكري.
تجاوز سن الـ 45.

هل يسبب سكر المائدة مرض السكري؟

لا يمكن لأي كمية من السكر أن تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الأول، لأنه من أمراض المناعة الذاتية، ولا علاقة له بالتمثيل الغذائي. كذلك، لم تثبت الدراسات وجود ارتباط مباشر بين تناول سكر المائدة الأبيض المضاف والإصابة بأي من أنواع مرض السكري. ومع ذلك، قد يسهم السكر بزيادة عوامل الخطر المسببة لمرض السكري من النوع 2، حيث:

يتفكك السكر الأبيض (السكروز) إلى غلوكوز وفركتوز، ويمكن للفركتوز أن يتحول في الكبد إلى غلوكوز، أو يخزّن على شكل دهون، وقد أكدت دراسة منشورة في مجلة التحقيقات السريرية (Journal of Clinical Investigation)، أن تناول الكثير من الفركتوز المضاف يؤدي إلى:
- ترسبات دهنية في الكبد.
- مستويات غير صحية من الدهون الثلاثية في الدم.
- تطور مقاومة الإنسولين.
- زيادة دهون البطن.
أشارت الدراسة المنشورة في مجلة مايو كلينك بروسيدينغز (Mayo Clinic Proceedings) إلى أن الفركتوز قد يسبب الإصابة بالالتهابات ومقاومة الإنسولين، ويمكن لهذه العوامل أن تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2.
يحثّ تناول السكر بكميات كبيرة على الإصابة بمقدمات السكري، والتي قد تتطور إلى مرض السكري من النوع 2 في غضون 2-5 سنوات إذا بقيت دون علاج.
استنتج الباحثون في دراسة نُشرت في مجلة التحقيقات السريرية (Journal of Clinical Investigation) أن تناول المشروبات المحلاة بالسكر يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 بنسبة 25%.
وجدت الدراسة المنشورة في دورية بي إم سي للصحة العامة (BMC Public Health)، رابطاً بين البلدان ذات الاستهلاك العالي للسكر ومعدلات الإصابة بمرض السكري من النوع 2.
أشارت دراسة نُشرت في دورية تقدمات في التغذية (Advances in Nutrition)، إلى أن استهلاك السكر يعطّل الإشارات التي ينتجها هرمون اللبتين في الجسم، وهو الهرمون المنظّم للجوع من خلال إشارات بالامتلاء يرسلها إلى الدماغ. بالتالي، قد تؤدي زيادة تناول السكر إلى الإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن.
قد يسهم السكر في زيادة الوزن والدهون المخزّنة في الجسم، وذلك وفقاً للدراسة المنشورة في دورية المراجعات النقدية في علوم المختبرات السريرية (Critical Reviews in Clinical Laboratory Sciences).

هل تسبب السكريات الطبيعية مرض السكري؟

يختلف الأمر بالنسبة للسكريات الطبيعية، وهي السكريات الموجودة في الفواكه والخضروات، ولم تتم إضافتها أثناء التصنيع أو المعالجة، إذ ترتبط هذه السكريات بالألياف والماء ومضادات الأكسدة وغيرها من العناصر الغذائية، لذا تهضمها الأمعاء بشكل أبطأ، ويقل احتمال تسببها بارتفاع نسبة السكر في الدم.

بالإضافة إلى ذلك، تحتوي الفواكه والخضروات على نسبة سكر أقل من حيث الوزن مقارنة بكميات مماثلة من الأغذية المُصنّعة. على سبيل المثال، تحتوي ثمرة خوخ على 8% من وزنها سكريات، بينما يحتوي لوح من الشوكولاتة على نحو 50% من وزنه سكراً.

وقد بيّنت دراسة نُشرت في دورية بي إم جي (BMJ)، أن تناول حصة واحدة على الأقل من الفاكهة يومياً قلل من خطر الإصابة بمرض السكري بنسبة 7-13% مقارنة بعدم تناوله.

هل يسبب عصير الفاكهة الإصابة بالسكري؟

أشارت دراسة نُشرت في المجلة الأميركية لعلم الأوبئة (American Journal of Epidemiology)، إلى أنه يمكن للمحتوى المرتفع لعصير الفاكهة الطبيعي بنسبة 100% من السكريات، وانخفاض محتواه من الألياف، أن يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري، إلّا أن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد النتائج.

هل تسبب المُحليات الطبيعية الإصابة بمرض السكري؟

في معظم الأحيان، لا تتعرض المُحليات الطبيعية مثل العسل وشراب القيقب، إلى عمليات معالجة مماثلة لما تتعرض له السكريات الصناعية. ومع ذلك، تعد هذه المُحليات مصادر نقية للسكريات وتفتقر للألياف، لذا يجب التعامل معها كالسكر المضاف من حيث تأثيرها غير المباشر في السكري من النوع 2.

هل تسبب المُحليات الصناعية الإصابة بالسكري؟

المُحليات الصناعية هي مركبات كيميائية ذات مذاق حلو، لكنها تخلو من السعرات الحرارية، أي لا يمكن لجسم الإنسان استقلابها، مثل السكارين والأسبارتام.

ومع ذلك، وضّحت الدراسة المنشورة في دورية نيتشر (Nature)، أنه يمكن للمُحليات الصناعية تعطيل عمل البكتيريا المفيدة في ميكروبيوم الأمعاء، ما قد يؤدي إلى زيادة مقاومة الإنسولين والوزن وتطور الإصابة بمقدمات السكري، وهي عوامل تنذر بخطر الإصابة بالسكري من النوع 2 مستقبلاً.

اقرأ ايضاً: ما أضرار المحليات الصناعية؟

إذاً، قد يكون الاعتقاد بأن تناول السكر يسبب الإصابة بمرض السكري محض إشاعات فقط، إلّا أن ذلك لا يلغي الآثار السلبية على الصحة لزيادة تناوله. وبشكلٍ عام، يجب اتباع نمط حياة صحي يتضمن تناول الأغذية الصحية باعتدال.