في يناير/كانون الثاني من عام 2022، نُشرت دراسة في مجلة "نيتشر بيوتكنولوجي" (Nature Biotechnology)، تُشير إلى توصل مجموعة من الباحثين إلى طريقة فعّالة لصناعة البيرة الخالية من الكحول والتي تتمتع بمذاق البيرة العادية، وذلك من خلال تصميم خميرة قادرة على إنتاج رائحة البيرة ومذاقها اللذين يألفهما المستهلكون، فمع انتشار البيرة الخالية من الكحول في العديد من الدول الغربية المستهلكة للبيرة، كانت هناك مشكلة تواجه المستهلكين مع هذا النوع، وهو افتقارها لرائحة الجنجل، ومصدرها نبات عشبي متسلق، ويُعرف بـ "حشيشة الدينار" أو "الجنجل الشائع" يستخدم في صناعة البيرة.
كيف تُصنع البيرة الخالية من الكحول؟
غالباً ما يُزال الكحول من مشروب الشعير نتيجة الطلب المتزايد من المستهلكين على ذلك، إذ أن إزالة الكحول تمثل نهجاً صحياً يفضله الكثيرون ممن يشربون البيرة، ولكن يفضل بعضهم البيرة التي تحتوي على الكحول بسبب المذاق الذي تفتقر إليه البيرة الخالية من الكحول. ويأتي هذا المذاق من نكهة نبات حشيشة الدينار، والتي تتم إزالتها عند صنع البيرة الخالية من الكحول بطريقتين:
- التسخين: يقضي التسخين على رائحة الجنجل، ويمنعها من أن تتخلل ثنايا المشروب.
- الحد من عملية التخمر: وهذا يتسبب في ظهور رائحة سيئة لا يتحملها بعض الناس.
وفي كلتا الحالتين، نحصل على مشروب بيرة خالية من الكحول، ولكنه يفتقر إلى رائحة الجنجل. من ناحية أخرى، اتضح أنّ هذا النبات يستهلك كثيراً من المياه أثناء زراعته، ويسبب انبعاث كمية كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، أي أن زراعته تؤثر على البيئة كثيراً، من حيث المناخ وموارد المياه، وهنا كان التحدي الأكبر للباحثين، وهو كيفية إيجاد بديل للجنجل.
اقرأ أيضاً: لماذا يعاني الشخص الذي يشرب الكحول من الاحتقان؟
ما هو بديل الجنجل المُستخدم في العملية؟
ربما تبدو فكرة إضافة رائحة الجنجل في خزان التخمير رائعة! ولكن هذا مُكلف للغاية. ولأن البساطة هي الحل الأمثل للمشاكل الكبيرة، وجد الباحثون إجابة لسؤال مهم: "هل يمكننا إطلاق رائحة الجنجل الشائع من داخل الخميرة نفسها؟" وكانت الإجابة "نعم"، فقد صمم الباحثون نوعاً جديداً من خميرة خبز الطعام، واسمها العلمي "السكيراء الجعوية" (Saccharomyces cerevisiae)، بحيث تستطيع إنتاج رائحة الجنجل الشائع، وهذا بدوره سيحل مشكلة مذاق البيرة الخالية من الكحول وتصبح مستساغة أكثر.
فوائد غير محسوبة
سيتم توفير عشرة أضعاف كمية المياه المستخدمة في ري الجنجل بشكلٍ طبيعي، كما سيقل معدل انبعاث ثاني أكسيد الكربون نتيجة زراعة نبات الجنجل الشائع بمقدار 100 ضعفاً. وهذا أمر مذهل! وسيفيد في محاربة التغيرات المناخية التي تهدد سكان كوكب الأرض في ظل الظروف الراهنة.
اقرأ أيضاً: هل يؤثر الكحول على الذاكرة؟ دعوى قضائية دفعتنا إلى بحث هذا الأمر
أضرار الكحول التي نتجنبها بتناول البيرة الخالية من الكحول
تشير نتائج الدراسة إلى أنّ المستهلكين يستطيعون الحصول على مشروب الشعير أو البيرة الخالية من الكحول بعد ذلك، ما يساعدهم على الاستمتاع بالطعم المألوف دون وجود كحول ضار، فالبيرة المصنعة بالكحول تسبب العديد من الأضرار الصحية عموماً، منها:
تلف الأعضاء
اتضح أنّ للكحول دوراً بارزاً في تلف أعضاء الإنسان، بدءاً من المرئ وصولاً للكبد والبنكرياس، حيث يؤدي الإسراف في استهلاك الكحول إلى إصابة الكبد بأمراض مختلفة مثل: التهاب الكبد وتليف الكبد والكبد الدهني وغيرها، فالكبد هو العضو المستقبل للكحول وفيه يتم تخليص الجسم منه، وعندما يستهلك الشخص الكحول بغزارة، سيلحق أضراراً كبيرة بالكبد، قد تنتهي بأمراض خطيرة. علاوة على ذلك، فقد ثَبُتَ وجود علاقة بين شرب الكحول وارتفاع احتمال الإصابة بأمراض القلب، من هذه الأمراض: ارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية، كما أنه قد يتلف الجهاز الهضمي للإنسان بأكمله.
زيادة مخاطر الإصابة بالسرطان
ربطت العديد من الأبحاث بين شرب الكحول وأحتمال الإصابة بعدد من أنواع السرطان، منها: سرطان الكبد والثدي والقولون. فقد اتضح أنّ الكحول قد يحفز نمو الأورام السرطانية، خاصة لأولئك الذين يمتلكون تاريخاً عائلياً له علاقة بالسرطان.
هشاشة العظام
عادةً ما ترتبط هشاشة العظام بتقدم العمر، لكنها أيضاً قد ترتبط بشرب الكحول في مرحلة الشباب، ما يجعل الشباب عرضة للإصابة بها في سن تسبق بلوغهم لكتلة العظام الطبيعية التي يصل إليها الإنسان في ذروة شبابه.
اقرأ أيضاً: ما هي المخاطر المرتبطة بتناول المشروبات الكحولية؟
زيادة الوزن
قد يتسبب الكحول بشكل أو بآخر في زيادة الوزن، حيث يحتوي الكأس الواحد من النبيذ على سعرات حرارية يتراوح عددها بين 120 إلى 165 سعرة حرارية. وزيادة شرب المشروبات الكحولية قد تؤدي إلى زيادة الوزن. وهذا قد يرتبط بمخاطر أخرى مثل الإصابة بأمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها.
قد يؤثر على سلامتك
يؤثر الكحول على الجسم عموماً، لكنه قد يؤثر على مستوى الوعي وإدراك المرء، فقد يتسبب استهلاكه في فقدان التوازن والتفوه بكلمات غير واضحة وضعف القدرة على القيادة، وبالتالي زيادة احتمال التعرض لحوادث المرور العنيفة.
التسمم الكحولي
قد يؤدي ارتفاع مستوى الكحول في الدم إلى التسمم الكحولي، وهي حالة قاتلة، وهذا يحدث غالباً نتيجة الإفراط في تناول الكحول.
الإصابة بالجفاف
يتسبب الاستهلاك الكبير للكحول في إدرار البول، وبالتالي يضطر الشارب للتبول كثيراً، ما يُفقد جسمه سوائل كثيرة جداً، قد تزيد عن الحد المناسب لصحة الجسم. وفي النهاية، يُصاب الشخص بالجفاف.
صداع الكحول
عادةً ما يتعرض لهذه الحالة شاربو الكحول، وتتمثل أعراضها في:
- إعياء شديد.
- الشعور بالعطش.
- جفاف الفم.
- الصداع.
- حساسية للضوء.
- صعوبة في التركيز.
- آلام في العضلات.
- ارتفاع معدل ضربات القلب.
- الإصابة باضطرابات في المزاج، كالاكتئاب والقلق.
- آلام المعدة.
- الغثيان والقيء.
مشاكل في التغذية
قد يسبب استهلاك الكحول إلى جانب تناول كمية قليلة من المغذيات استنفاد الكثير من المعادن والفيتامينات الموجودة فعلياً في الجسم، منها: الثيامين وحمض الفوليك والمغنيزيوم، ويسبب فقدان هذه المواد ضرراً كبيراً للجسم.
خطر الإجهاض
يرتبط شرب الكحول بخطر الإجهاض أو ولادة جنين ميت، وإذا وُلد الطفل سليماً، فقد يكون عرضة للإصابة باضطرابات طيف الكحول الجنيني، الذي بدوره قد يؤثر على حياة الطفل، الذي قد يواجه صعوبات في التعلم لاحقاً، كما قد تواجهه مشاكل خاصة بالرؤية والسمع، فضلاً عن احتمالات تأخر النمو.
اقرأ أيضاً: هل يوجد ارتباط بين تعاطي الكحول والخرَف؟ الأمر معقَّد
الاكتئاب
اتضح أنّ الكحول قد يساهم في إصابة الشخص بالاكتئاب والقلق وغيرها من المشاكل المرتبطة بالاضطرابات النفسية.
يرى الباحثون أنّ نتائج هذه الدراسة ستساعد البشر في عدة جوانب، منها الحفاظ على الصحة، في نفس الوقت الحصول على المشروب المفضل لبعضهم بمذاق مألوف يحبونه والتخلص من الكحول الذي يسبب مشاكل كثيرة. إضافة إلى حماية البيئة من كمية كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون التي يسببها هذا المنتج وتوفير المياه.