دعونا نتحقق من صحة معلومة شائعة يعتبرها الكثيرون من المسلمات: "إذا كان الصيف حاراً، سيكون الشتاء بارداً، والعكس صحيح". بمعنى آخر، إذا كان أحد الفصول متطرفاً، فإن الفصول التالية ستكون كذلك أيضاً.
هل هذه حقيقة علمية؟ لا نعرف ذلك بدقة، فالعلماء مختلفون حول ما إذا كانت ثمة علاقة بين درجات الحرارة في الصيف والشتاء. لنحاول في هذا المقال البحث عن إجابة عبر البحث في سجلات الطقس في السنوات الأخيرة، واستعراض حجج العلماء الذين يؤيدون والذين يرفضون فكرة وجود علاقة بين حرارة الصيف والشتاء.
اقرأ أيضاً: ارتفاع حرارة القطب الشمالي قد يجعل الشتاء أشد برودة
ما الذي تقوله سجلات الطقس في السنوات الأخيرة؟
تتمثل إحدى طرق البحث عن إجابة في إلقاء نظرة على البيانات التاريخية لدرجات الحرارة. يتم جمع هذه البيانات من مصادر مختلفة، مثل مراصد الطقس الأرضية والأقمار الصناعية والسفن وغيرها.
للأسف، هذه البيانات لا تكون دائماً متوافقة أو دقيقة، وأحياناً تكون متعارضة، السبب في ذلك هو تأثير التغييرات في طرق القياس والموقع والتوقيت والأخطاء البشرية. هذا يفسّر لماذا تكون لدى المراصد والوكالات المختلفة قياسات مختلفة قليلاً لدرجات الحرارة.
وفقاً لتقارير صادرة عن المراكز الوطنية للمعلومات البيئية في الولايات المتحدة الأميركية (NCEI) والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة الأميركية (NOAA)، كان عام 2022 هو العام السادس الأكثر دفئاً على التوالي منذ أن بدأنا بأخذ قياسات الحرارة العالمية لأول مرة عام 1880.
على الرغم من ذلك، لم تكن فصول الشتاء التي تلت فصول الصيف الحارة كلها باردة أكثر من المعتاد، فقد شهدت عدة مناطق فصول شتاء أكثر دفئاً من المعتاد، بينما شهدت مناطق أخرى فصول شتاء أكثر برودة من المعتاد. على سبيل المثال، في عام 2020، شهدت أوروبا أدفأ شتاء مسجل، بينما شهدت أجزاء من آسيا أبرد شتاء منذ عقود. لذلك، لا تظهر سجلات درجات الحرارة العالمية نمطاً واضحاً أو ثابتاً يمكن الاعتماد عليه للربط بين درجات الحرارة في الصيف والشتاء.
اقرأ أيضاً: لماذا يتغير لون البحار والمحيطات؟ وما الذي يعنيه ذلك للحياة على الأرض؟
حجج تدعم وجود علاقة بين حرارة الصيف والشتاء
يرى بعض العلماء أن هناك ارتباطاً بين درجات الحرارة في الصيف والشتاء بناءً على عدد من الحجج. إحدى أبرز هذه الحجج أن الصيف شديد الحرارة يؤثّر في حركة الرياح في الغلاف الجوي، وذلك عن طريق إحداث فرق في ضغط الهواء بين منطقة القطبين الباردة والمناطق الأخرى الدافئة. ينتج فرق الضغط هذا عن زيادة كثافة الهواء في منطقة القطبين وانخفاضها في المناطق الدافئة، والنتيجة، ينتقل الهواء من مناطق الضغط المرتفع في القطبين إلى مناطق الضغط المنخفض في المناطق الدافئة، بمعنى آخر، تتشكل تيارات هوائية قوية وباردة تتجه من القطبين إلى المناطق الدافئة، هذه التيارات تجعل فصل الشتاء أكثر برودة في أجزاء عديدة من أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا.
اقرأ أيضاً: درجات حرارة قياسية تضرب القطبين الجنوبي والشمالي
حجج ترفض وجود علاقة بين حرارة الصيف والشتاء
يرى بعض العلماء أنه لا توجد علاقة بين درجات الحرارة في الصيف والشتاء، وذلك بناءً على السجلات المأخوذة وعمليات المحاكاة المناخية، كما أن درجات الحرارة تتأثر بالكثير من العوامل الطبيعية، مثل البراكين والنشاط الشمسي وتغيرات الغلاف الجوي وغيرها. يمكن لهذه العوامل إلغاء أي تأثير محتمل لدرجات حرارة الصيف على درجات حرارة الشتاء وبالعكس. هذا يعني أن أي علاقة ملحوظة بين درجات الحرارة في الصيف والشتاء قد تكون مجرد مصادفة أو ربما قياسات خاطئة.
هؤلاء العلماء يرون أننا لا نستطيع أن نعزل أو نحدد تأثير عامل معين على آخر، وأن أي محاولة لتعميم أو تبسيط العلاقة بين درجات الحرارة في الصيف والشتاء هي محاولة مضللة وغير دقيقة.
اقرأ أيضاً: من الشمس إلى الأرض: كيف تؤثر البقع الشمسية في مناخ كوكبنا؟
النتيجة
لا توجد إجابة محددة عما إذا كان الصيف شديد الحرارة يؤدي إلى شتاء شديد البرودة، فالعلماء لديهم آراء ووجهات نظر مختلفة حول هذا الموضوع بناءً على نظريات وأدلة مختلفة، كما أن البيانات التاريخية لا تظهر نمطاً ثابتاً أو واضحاً يدعم الربط بين درجات الحرارة في الصيف والشتاء، كما أن مناخ الأرض معقد للغاية ويكاد يكون من المستحيل التنبؤ به وتحديد كيفية تأثير موسم ما على الموسم التالي.