أصبحت السياحة الفضائية شائعة لدرجة أن رحلة رواد الفضاء الخاصة الثانية التابعة لشركة فيرجن غالاكتيك (Virgin Galactic) انطلقت في 8 سبتمبر/أيلول دون أن تُحدث ضجة كبيرة. على الرغم من الإعلان عن أسماء قائمة ركاب الرحلة المكونة من 3 أشخاص في إعلان صحفي مختصر، لم يذكر البيان الشحنة التاريخية الأولى لرحلة غالاكتيك 03 (Galactic 03)، المتمثلة في عظام متحجرة لاثنين من أقرب أسلاف البشرية.
عظام أقدم أسلاف البشر إلى الفضاء
وفقاً لما ورد في السيرة الذاتية لشركة فيرجن غالاكتيك حول مشاركة رجل الأعمال والمغامر الذي يدعو إلى الحفاظ على البيئة وعضو مجلس هابرد التابع للجمعية الجغرافية الوطنية (Hubbard Council of The National Geographic Society)، تيم ناش (Tim Nash)، حمل ناش معه عظام ترقوة لحفرية الإنسان البدائي من نوع أوسترالوبيثيكوس سيديبا (Australopithecus sediba) يعود تاريخها إلى نحو مليوني عام، بالإضافة إلى عظام إبهام عمرها 250 ألف عام تقريباً لإنسان هومو ناليدي (Homo naledi).
اكتُشفت هذه البقايا سابقاً داخل موقع مهد البشرية (Cradle of Humankind)، أحد مواقع التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونيسكو خارج مدينة جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا؛ إذ يُعد جنس سيبيدي (sebedi) أحد المرشحين المحتملين الذين سبقوا ظهور جنس الإنسان البشري.
يقول أحد المستكشفين المقيمين في الجمعية الجغرافية الوطنية (National Geographic Explorer in Residence) والزميل في مؤسسة كارنيغي ومدير مركز استكشاف الرحلة البشرية العميقة، لي بيرغر (Lee Berger): "كان منظمو المبادرة، بالإضافة إلى الباحثين في جامعة ويتواترسراند (University of Witwatersrand) في جوهانسبرغ، يهدفون إلى أن تكون هذه المبادرة تقديراً واحتراماً لإسهامات أسلاف البشرية في فهم تاريخ البشرية وتطورها، فلولا اختراعهم لتقنيات مثل استخدام النار وصنع الأدوات وإسهامهم في تطور العقل البشري المعاصر، لم نستطع تحقيق هذه الإنجازات الاستثنائية مثل رحلات الفضاء".
اقرأ أيضاً: مركبات تعمل بالطاقة النووية: خطوة أساسية لرحلات الفضاء مستقبلاً
إسهامات أسلاف البشر في التطور الحالي
اكتشف نجل بيرغر، ماثيو (Matthew)، ترقوة لفرد من جنس سيبيدا (sebida) في عام 2008 عندما كان عمره 9 سنوات خلال رحلة استكشافية مع والده داخل موقع مهد البشرية. سافر ماثيو بيرغر قبل الرحلة بأسبوع إلى ميناء الفضاء الأميركي التابع لشركة فيرجن غالاكتيك في ولاية نيو مكسيكو لتسليم العظام إلى ناش، أحد دعاة حماية البيئة والمشارك في أبحاث أصول البشرية. وضع المشرفون بقايا العظام داخل صندوق مصنوع من ألياف الكربون قبل رحلتهم شبه المدارية.
يقول بيرغر في بيان صدر بتاريخ 8 سبتمبر/أيلول عبر جامعة ويتواترسراند: "تمثل هذه المستحاثات أفراداً عاشوا وماتوا منذ مئات الآلاف من السنين، وعلى الرغم من ذلك، فمن المحتمل أنهم كانوا يتأملون السماء ويتساءلون عن عجائب الكون، مثلما نفعل تماماً".
يقول ناش عبر بيان جامعة ويتواترسراند: "خلال فترة الاستعداد للرحلة، استغرقتُ بعض الوقت لأدرك أهمية أني من أوائل المدنيين الذي يسافرون إلى الفضاء وأنا أحمل هذه المستحاثات الثمينة، لكنني أشعر بالتواضع والفخر لتمثيل جنوب إفريقيا والبشرية جمعاء، وأنا أحمل هذه العظام الثمينة التي تمثل أسلافنا المشتركين، في هذه الرحلة الأولى لأسلافنا القدامى إلى الفضاء".
اقرأ أيضاً: ما الذي يدعو العلماء لاعتبار الحطام الفضائي تراثاً عالميّاً؟
اشترى كل من ناش ورجل الأعمال في قطاع العقارات في مدينة لاس فيغاس، كين باكستر (Ken Baxter)، والمهندس البريطاني ومؤسس شركة سيارات السباق أدريان رينالد (Adrian Reynald)، تذاكر الرحلة التي نظمتها شركة فيرجن غالاكتيك منذ عام 2004 من مؤسس الشركة والملياردير ريتشارد برانسون (Richard Branson). تفيد التقارير أن تكلفة تذاكر تجربة انعدام الوزن في الرحلات إلى الفضاء شبه المداري لبضع دقائق، بالإضافة إلى مشاهدة منحنى الأرض تتراوح بين 250 ألف دولار و450 ألف دولار.
يقول الرئيس التنفيذي لموقع مهد البشرية، ماثيو ساتيخي (Matthew Sathekge)، عبر إعلان جامعة ويتواترسراند: "نأمل حقاً أن تسهم هذه المبادرة في زيادة الوعي بأهمية بلدنا والقارة الإفريقية لفهم رحلة البشرية، التي أدت إلى هذه اللحظة التاريخية التي أصبح فيها السفر التجاري إلى الفضاء ممكناً".